نعم صبأت!
ما هو الوصف الدقيق لليبرالية التي تسمح لحكومة ما بشن حرب، يعترف رئيسها أنها حرب صليبية؟
بوش الذي وصف غزو العراق بأنه حملة صليبية، هو نفسه بوش الذي كان من الممكن أن تشاهده يتحدث عن حرية التعبير والمجتمع الحر .. إلى آخر تلك المفردات الليبرالية البراقة.
حسنا، ما هي الأيديولوجية السياسية، التعددية من الخارج، الصليبية في مضمونها؟
ما نوع الليبرالية التي تشن حربا على غزة بعد انتخاب حماس، وتدبر انقلابا عسكريا في مصر، ويلمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتورطها في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا ضد رئيس منتخب من الشعب؟
عروستي !!
أفيدونا يا أهل التنظير السياسي
أفيضوا علينا من علمكم يا جهابذة الحزبولوجيا.
كيف تعرِّفون هذا النوع من (الليبرالية)؟
هل نسميها (الليبرالية الصليبية)؟
ليبرالية العصور الوسطى ؟
هذا تناقض معتاد ستجده في كل دول أوروبا وأمريكا، منبع الوحي الليبرالي.
وهو تناقض لم ينتبه إليه من تلقوا الوحي الليبرالي من أوروبا ونقلوه إلى بلادنا.
ولكن، دعك من أمريكا قبلة الليبرالية وألق نظرة على الليبراليين العرب.
في مصر، بعيدا عن الأمثلة التي قد تشين هؤلاء الذين يقدمون أنفسهم كليبراليين، سترى هؤلاء الليبراليين يهرولون خلف أحذية العسكر الانقلابيين، ويلحسون ليبراليتهم حين أتت الانتخابات بمن لا تهوى أنفسهم.
آخرون منهم بدوا مستريحين للانقلاب يرغبون في البناء على نتائجه، ويبدون في أحاديثهم متغافلين عن وجود رئيس منتخب لمصر حجب العسكر صوته خلف جدران زجاجية.
وربما يقول قائل، إن الليبراليين العرب وأساتذتهم الأوربيين لم يرتفعوا لمستوى الأيديولوجية، ولم يطبقوهها حق التطبيق.
وهي أقوال شبيهة بما قاله إخوانهم الشيوعيون بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
وهو قول مضحك يريد أصحابه أن يقولوا أن يد التحريف البشري امتدت للوحي الليبرالي بعد نزوله من مبتدعيه، الذين لا يأتيهم الباطل من بين يديهم ولا من خلفهم، وأن المشكلة فقط في التطبيق!
حاشا لله بل هو فكر بشري عقيم يخالف الإسلام.
في الماضي القريب (حتى ما بعد الانقلاب بقليل)، كنت أصنف نفسي في السابق كليبرالية، وها أنذا أعترف بلا خجل أنني كنت جاهلة.
نعم كنت جاهلة.
فكرة ترك الحرية للجميع لاعتناق ما يريدون هي في حد ذاتها تبدو من الخارج براقة لامعة، ولكن اقترب منها قليلا واسأل نفسك:
كيف يتفق اعتقاد المسلم مع أيديولوجية تسمح حتى بحرية التعبير الكاملة دون ضوابط؟
أي إن تطبيق هذا المبدأ على إطلاقه، يسمح بسب الأنبياء وإبداء الآراء في العقيدة السماوية، حتى لو خالفت تلك الآراء صميم الدين.
بل تسمح للبعض بإنكار وجود الله، ألا يتعارض هذا مع الدين؟
ألا تصطدم فكرة الحكومة العلمانية التي يدعو إليها الفكر الليبرالي تصادما صريحا مع الدين؟
النقاش حول الليبرالية يطول.
ويمكني القول إن أول ضربة معول في قناعاتي السابقة، كانت موقف الليبراليين العرب من الرئيس مرسي وتحزبهم للعسكر.
في حين لم ألتفت إلى ما يسمى بالناصرية، فهي مسمى مضحك لمجموعة من الحنجوريات والهزائم، ومحاولة منح وصف سياسي لتلك النعكشات وحملة التخريب الممنهجة التي قام بها المقبور عبد الناصر، ووصف الناصرية في حد ذاته يشبه وصف البعض، أدوار عبد المنعم مدبولي (رحمه الله) بالمدبوليزم، وهي محاولة مضحكة لإضفاء هالة من الجدية على تهريج!
وفي حين تجعل الشيوعية رسالتها هي المساواة المزعومة بين البشر وحق العمال وامتلاك الدولة لأدوات الإنتاج، وتعتبر بائع الخضروات إقطاعيا، وتسطح الحياة وتجعلها تبدو بلا هدف، كما لو كان الهدف من خلق الإنسان هو الوقوف في طابور جمعية، وتجعل من الحياة كفاحا فئويا من أجل لقمة العيش، كما لو كان هذا هو منتهى رسالة الإنسان التي خلقه الله من أجلها.
تجد على الجانب الآخر الليبرالية توغل في تعظيم الحرية الفردية، حتى تبيح حرية الشذوذ والكفر وحرية العقيدة، حتى لو اختار بعضهم أن يعبد شطائر الشاورما ويقيم لها المعابد.
ولهذا صبأت مبكرا وكفرت بكل هذا.
نعم أنا صابئة كافرة بتلك الأصنام والأسماء التي سميتموها أنتم وآباؤكم.
كفرت بهذه الأصنام مبكرا ولله الحمد
ومن الطريف، أن انتخاب ترامب سيكون سببا في كفر الكثيرين بتلك الأيديولوجيات الغربية، التي استوردها بعضنا في فترة التيه وبشر بها في بلادنا.
من الطريف أن يكون عدو الإسلام ترامب سببا في عودة الكثيرين إلى الإسلام، كما رصدت في تعليقات الكثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وسوم: العدد 694