الغضب البوسني على فيلم يسيء للإسلام والمسلمين البوسنيين!

د. عبد السلام البسيوني

بعد أن قرأت الخبر التالي عرفت لماذا صرّح الأقرع أبو زنة علقمي أفغانستان حميد كرزاي بعد توليه السلطة مباشرة عن وجوب مراعاة الأقليات والشواذ جنسياً، وعرفت لماذا ركز علاقمة العراق، بعد توليهم السلطة مباشرة، أيام سيئ الذكر، بريمر عن وجوب مراعاة الأقليات والشواذ جنسياً، فتأمل:

ضمن (أخبار آسيا) جاء في 13 ذو القعدة 1426ه الموافق 15 من ديسمبر الحالي أن الاحتجاجات الإسلامية في البوسنة تواصلت على فيلم "نحو الغرب" الذي يناقش فكرة السلام بين المسلمين والصرب، من خلال علاقة شاذة بين رجلين، أحدهما صربي والآخر بوسني مسلم، وصدرت بيانات منددة بالفيلم باعتباره يمثل "إهانة للمسلمين لتعارضه مع تعاليم الإسلام". فقد وجه "الاتحاد الإسلامي بالبوسنة" نداء إلى مسلمي هذا البلد، حثهم خلاله على ضرورة مقاطعة الفيلم، وعدم الذهاب لدور السينما التي تقوم بعرضه.

ويعرض الفيلم - الذي ناقش قضية الشذوذ الجنسي لأول مرة - منذ أواخر شهر نوفمبر 2005 في عدد من دور العرض بالعاصمة سراييفو!

وانتقد الاتحاد الإسلامي في ندائه ترحيب بعض الأوساط الفنية العالمية بهذا الفيلم، قائلاً: "يجبروننا على قبول سلوكيات غير أخلاقية لا يقبلها مجتمعنا البوسني". ورأى الموقع من جانبه أنه "كان الأولى التركيز على معاناة المسلمين من حملات إبادة وتطهير عرقي، قام بها الصرب في حقهم؛ خاصة خلال مذبحة سربرنيتشا - شمال شرقي البوسنة - والتي راح ضحيتها أكثر من 8000 مسلم".

وندد كثير من النقاد والمفكرين والصحفيين بالفيلم، واعتبروه تهجماً على الأديان كافة، مؤكدين أن استغلال الفن لعرض مثل هذه الأعمال غير الأخلاقية أسلوب لا يقبله المجتمع البوسني.

لم يواجه الفيلم انتقادات من القيادات الدينية الإسلامية البوسنية فقط، بل أيضاً من الأرثوذكسية الصربية والكاثوليكية الكرواتية، من الذين أعربوا عن رفضهم التام لمحتوى فيلم "نحو الغرب" شكلاً وموضوعاً.

وكان تقرير سابق للمنظمة البحثية الدولية "معهد الحرب والسلم" قد حذر قبل عرض الفيلم من الانتقادات والصخب الواسعين، اللذين سيثيرهما الفيلم. ونقل التقرير رد فعل أحد مواطن بوسني قال: "لا أريد لابني أن يشاهد هذا الفيلم غير الأخلاقي.. إنه يعطي تصوراً خاطئاً للأجيال الجديدة بالبوسنة، عن حقيقة الصراع الذي دار بالبوسنة في أوائل التسعينيات من القرن الماضي". كما نقل التقرير وصف مدير تحرير المجلة البوسنية "آلتر" للفيلم بأنه "هجوم وسب للأديان".

ويروي "نحو الغرب" وهو من إنتاج وإخراج المسلم أحمد إيماموفيتش! قصة حب وعلاقة جنسية شاذة بين رجلين، أحدهما صربي والآخر بوسني، خلال سنوات حرب البوسنة والهرسك.

ويبرز الفيلم الذي دارت أحداثه في سراييفو دور الرجل الصربي في إخفاء عشيقه البوسني! عن أعين الشرطة الصربية، خلال محاولتهما الهرب من الحرب، مستخدماً في ذلك بعض الحيل، مثل تقديمه عند نقاط التفتيش على أنه خطيبته، وأنهما ذاهبان لجنوب البوسنة لإتمام الزواج هناك.

ودافع "إماموفيتش!" الذي ولد بالبوسنة في عام 1971 الذي تخرج في أكاديمية سراييفو للفنون التمثيلية عام 2002 ودرس بعض الوقت بالولايات المتحدة - عن فيلمه قائلاً: أردت توضيح أن الصرب بشر مثلنا، وأنهم عانوا من الحرب مثلما عانى المسلمون!

وفاز إيماموفيتش عام 2002 بجائزة دولية عن أفضل فيلم قصير كانت مدته 10 دقائق عن البوسنة، وأصبح اسمه من ألمع الأسماء في الأوساط الفنية بالبوسنة.

يشار إلى أن الدستور البوسني ينص على ضمان مطلق الحريات، ولم يتعرض لمشكلة العلاقات الشاذة صراحة في المناطق المسلمة من البوسنة؛ بينما في المقاطعات الصربية بالبوسنة اعتبر القانون المحلي أي مس بالأخلاق العامة بالمجتمع جرماً يعاقب عليه فاعله.

وأعطى اتفاق دايتون سنة 1995 الذي أنهى حرب البوسنة – 1992/1995 - المسلمين والكروات 51% من مساحة البوسنة، ومنح صرب البوسنة 49% من المساحة. وقد أوجب الغرب معايير علمانية واحتراماً للحرية الشخصية كشرط لتقديم المعونات بعد استقلال البوسنة رسمياً عقب اتفاق دايتون.

وسوم: العدد 704