الدستور الإيراني .. يؤصل للمشروع الفارسي
المقدمة
إن الدستور هو قانون أساسي أعلى .. يتضمن أهداف الدولة .. وشكل نظامها السياسي وتنظيم الحياة السياسية وتحديد الحقوق والواجبات والمسؤوليات .. ووضع ضوابط الممارسة السياسية .. وحدود العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية فالدستور وثيقة رئيسة يحمل معالم خارطة القوة والنهج في المجتمع ، وتأتي أهمية الدستور ( من كونه الدليل والمرشد للسلطة السياسية ، والشعب في كيفية ممارسة السلطة ) فهو قانون يسمو على كل القوانين ، وواجب الالتزام به من قبل الجميع .. سيما وأنه صادر من قبل الشعب مباشرة عبر الاستفتاء الشعبي أو من السلطة التشريعية أو من قبل السلطة الحاكمة أو من خلال التشاور والتعاون بين الأفراد والجماعات السياسية في الدولة والمجتمع .. فهو بذلك يمثل السيادة الشعبية للمجتمع.
شغل المشروع الإيراني مفكري الأمة العربية والإسلامية منذ صرح الخميني بعيد انتصاره ثورته على الشاه ونظامه .. حيث قال بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لانتصار ثورته عام 1980م : ( إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالَم ) ولتحقيق هذه الغاية تم تشكيل المنظمات الداخلية والخارجية التي قامت بانتهاكاتٍ وأعمال عنفٍ في بعض البلدان .. كالكويت ، والسعودية ، ولبنان ... فعقيدة ( تصدير الثورة ) نابعة من العقيدة الشيعية الإمامية .. التي تعتبر أهل السنة (نواصب - كفاراً ) ينبغي قتالهم وقَتلهم .. أو تغيير دينهم إلى الشيعة الإمامية .
وعندما نشبت الحرب بين ( العراق ، وإيران ) توقف مشروع تصدير ( الثورة الخمينية ) مدة من الزمن .. ولكن خليفة الخميني وأركان نظامه .. لم ينسوا تصريح إمامهم .. بل بذلوا جهودهم في بلورة مشروعهم ، وقدموا أقصى ما لديهم من إمكانات مادية ودينية من أجل غزو الوطن العربي ، والعالم الإسلامي بذلك المشروع .
وقف مفكري العالم الإسلامي أما هذا المشروع الفارسي .. الذي يزيد خطورة عن المشروع الصهيوني .. مع اشتراكهما في عدائهما ( للعروبة ، والإسلام ، وحضارتهما ) إلا أن المشروع الصهيوني بات مكشوفا لعامة أبناء هذه الأمة .. ولكن المشروع الإيراني الفارسي استطاع أن يخدع الناس برهة من الزمن ( بعمامة وعباءة الدين ) وبحب مزعوم لآل بيت رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وبأن مشروعهم الفارسي يسعى إلى تحرير فلسطين .. ومقاومة الشيطان الأكبر ( أمريكا ) .. وانطلقوا يجاهرون به ويعملون على تحقيق الهدف الاستراتيجي الرئيسي وهو : إخراج أهل السنة من دينهم ونشر خزعبلات ( الشيعة الإمامية الصفوية الفارسية ) للسيطرة التامة على أمة الإسلام وأوطانها وشعوبها ، ومقدراتها .. بهدف إعادة أمجاد ( الإمبراطورية الفارسية ) الآفلة على أيدي العرب والمسلمين منذ صدور الإسلام ... وعليه فيعتبر الدستور الإيراني الدليل والمرشد للنهج الذي يجب أن يسيروا عليه .. لتحقيق أهدافهم الإستراتيجية .
مشكلة البحث
إن البحث هنا يهدف إلى التعرف عن قرب ، ومن خلال ( نصوص الدستور الإيراني ) على حقيقة وخطورة ( المشروع الإيراني الفارسي التوسعي ) و ( العمامة الشيعية المخادعة ) !! حيث نشهد حاليا ، وبكل وضوح تنفيذ ( المشروع الإيراني الفارسي التوسعي ) الخبيث .. بكل دقة ، وكفاءة في بعض بلاد العرب والمسلمين .. مثل : العراق والكويت ، والبحرين ، واليمن ، وسورية ، ولبنان ، والأردن والسودان.. وغيرها وارتكابهم لأفظع الجرائم وأشدها خسة ونذالة في بلاد الرافدين .. ما أدى لتعبئة الرأي العام العربي والإسلامي ضدهم .. بعد انكشاف نواياهم ، وعقائدهم ، وخلفيات سلوكهم المشين البشع ضد الشعوب المسلمة.. ففي سورية مثلا ينفذون خطتهم الخبيثة بكل تفاصيلها .. من خلال الحماية والدعم الكامل بل والتدخل الوقح المعلن والميداني التي يقدمونها لنصرة حليفهم الديني والسياسي ( النظام النصيري المجرم ) ضد سورية وشعبها .
الأسئلة الفرعية
1. هل الدستور الإيراني يحرض ويخطط على استمرارية ثورته المزعومة داخل إيران وخارجها ؟ وهل هدفها استعادة الإمبراطورية الفارسية البائدة ؟2. هل يسعى الدستور الإيراني للقضاء على كل مخالفيه ( دينيا ، وفكريا ، واجتماعيا واقتصاديا ) ؟3. هل يؤكد الدستور الإيراني على مطامع الثورة الإيرانية الإقليمية والعالمية ؟4. هل الدين الرسمي لإيران هو الإسلام الحق ( شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ..؟ أم أنه شيء آخر ..؟ ) .
فروض البحث
1. التغلغل الإيراني في بلداننا ( اقتصاديا ، واجتماعيا ، وأمنيا وسياسيا وعسكريا وثقافيا ومذهبيا ) وينتظرون الفرصة السانحة لتفجير مجتمعاتنا من داخلها .. بعد توفير كل عوامل التناقضات فيها .. ومن ثم الانقضاض عليها لجني المكاسب والتقدم باتجاه تحقيق الهدف القومي الإيراني .. المحكوم بأحلام إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية.2. قدرة إيران على اختراق مجتمعاتنا ، وإضعاف المواطنة .. تحت ستار ( المذهب والدين ومزاعم المقاومة ، والدعوة الإسلامية ) واستخدام قناع ( الإسلام ، والدين وأكاذيب حب آل البيت ) ثم بناء المرتكزات الموالية ( لولي الفقيه ) القابع في قم وطهران .. وتحويل كل ذلك إلى أدواتٍ فعالة تأتمر بأمره .. وتنفِذ سياساته وتتحرك ضد مصلحة الوطن الأصلي .. وذلك هو أشد معالم الخطر الذي يتهددنا!..3. المشروع الإيراني الشعوبي يجتاحنا من داخلنا .. ويقوض بنيتنا الاجتماعية والثقافية والعقدية والتربوية ، والإسلامية ، والأخلاقية .. ويهدد استقرارنا الداخلي والأمني ويستخدم أدواته المتعددة والمتلونة .. فهو قاتل مجرم سفاح في العراق .. وكريم سخي في الإرهاب .. ودبلوماسي مفسد خبيث .. يتحرك تحت عمامة مزيفة ينسبها لآل البيت في سورية وغيرها.. ومتآمر مخرب خادع يرفع الشعارات البراقة المزيفة في لبنان .. ووقح متحفز في دول الخليج العربي .
أهداف البحث
1. محاولة دراسة النظام السياسي الإيراني من خلال دستور البلاد .2. محاولة تفسير خبايا ( الثورة الإسلامية المزعومة في إيران ) .3. محاولة التعرف على أسباب النهج العدواني في سلوك الإيرانيين اتجاه العرب والمسلمين .4. توضيح الإستراتيجية التي تنتهجها إيران لتصدير ثورتها ، واستعادة إمبراطوريتها الفارسية تحت ( قيادة الإمام المزعوم المنتظر ) .
أهمية البحث
بدأت السياسة الإيرانية تقدم نفسها على أنها تحررت من مبدأ ( التقية ) ، وانطلقت في المجال الرحب لمنطقتنا العربية والإسلامية .. حيث تركز على هدفين أساسيين : غرس بذور الفتنة الطائفية داخل مجتمعاتنا .. والدفع باتجاه تقسيم الكيانات السياسية العربية والإسلامية القائمة أو إضعافها .
وهذا كله من أجل تحقيق هدف أسمى لديها ألا وهو : الهيمنة الإيرانية على المنطقة وكسب أكبر كم ممكنٍ من النفوذ .. إلى درجةٍ بدأ التحالف ( الأميركي- الصهيوني ) يشعرون بأن إيران هي الدولة الوحيدة التي يمكنها أن تكون الشريك الاستراتيجي الفاعل الأمر الذي دفعهم إلى فتح الطريق أمام انتزاع اعترافٍ إقليميٍ ودوليٍ باللاعب الإيراني الجديد (1) .. الذي سيتوجب إشراكه في تحديد معالم المنطقة وصياغة مستقبلها الآني والمستقبلي .. بعيداً عن مصالح أهلها وشعوبها .. وهذا ما يهدف البحث إلى توضيحه .
منهج البحث : المنهج الوصفي ( أسلوب تحليل المستوى ) : ويعتمد هذا الأسلوب على وصف ، وتحليل ( منظم ، ودقيق ) لمحتوى نصوص الدستور الإيراني المكتوب فقط دون الحاجة لمصادر أخرى للمعلومات.
حدود البحث الزمانية : تاريخ المصادقة على الدستور الإيراني : في 28 / 07 / 1989 م الموافق 06 / 05 / 1368 هـ
حدود البحث المكانية : جمهورية إيران
هيكل البحث
تم تحيد البحث على خمس مراحل :
( المرحلة الأولى ) : تعليق على مسمى ( دستور الجمهورية الإسلامية في إيران ) من حيث غرابة الصياغة ، والمغزى من ذلك . ( المرحلة الثانية ) : تتحدث عن مقتطفات مختارة بعناية من مقدمة دستور الجمهورية الإسلامية في إيران .. والتي تؤكد على مطامع إيران العالمية والإقليمية .. وتأكيدهم على ولاية الفقيه . ( المرحلة الثالثة ) : تحت الفصل الأول من الدستور ) الأصول العامة ) تم التركيز على بعض المواد المهمة ، والتي تم اختيارها لحساسيتها في معانيها ومدلولاتها والتي تخرجهم من الملة . ( الرحلة الرابعة ) : دراسة وتحليل بعض مواد الدستور المندرجة تحت عنوان الفصل الثاني اللغة والكتابة والتاريخ ، والعلم الرسمي للبلاد ) ومنها الإشارة إلى ( رمز ) الجمهورية الإسلامية . ( المرحلة الخامسة ) : دراسة وتحليل بعض مواد الدستور المندرجة تحت عنوان الفصل السادس ) السلطة التشريعية ) الذي يؤكد أن واضعي الدستور يتعاملون مع أتباع المذاهب الفقهية الأخرى من مذاهب أهل السنة والجماعة على أنهم أقليات دينية لا اعتبار لها في الدستور الإيراني مثلها مثل اليهود والنصارى وغيرهم . ( المرحلة السادسة ) : دراسة وتحليل بعض مواد الدستور المندرجة تحت عنوان الفصل التاسع ) السلطة التنفيذية ) والتي تؤكد أن " المذهب الجعفري " هو ( دين الدولة ) . وأخيرا : النتائج والتوصيات
أولا : تعليق على مسمى ( دستور الجمهورية الإسلامية في إيران )
إن المتأمل لعبارة ( دستور الجمهورية الإسلامية في إيران ) يجد أن أنها تغاير ما تعارف عليه دولياً بما يخص تسمية دساتير الدول..وبحثت عن عناوين الدساتير الأخرى لدول العالم..فلم أجد لها مثيل من حيث الصياغة .. فلماذا لم يكتب دستور ( الجمهورية الإسلامية الإيرانية ) كما هو جاري في كل الدساتير الأخرى..فما هو القصد من نحت عبارة(دستور الجمهورية الإسلامية في إيران ؟ أليس عبارة في إيران تعني أن هناك أماكن أخرى يحكمها هذا الدستور او مرشحة لمثل ذلك..؟ ورحت أتأمل هذا الإشكال وألتمس له دلالة وبين يدي ذلك عمدت على استحضار التعريفات التالية :
1. ( تعريف الدولة ) : وهي شعب مستقر على إقليم معين ، وخاضع لسلطة سياسية معينة ، وهذا التعريف يحتوي على العناصر الرئيسة لمقومات الدولة .. وهي ( الشعب ، والإقليم ، والسلطة ) وكما هو معلوم لا يكفي ( لقيام الدولة ) وجود شعب معين على إقليم معين .. فلا بد من قيام ( حكومة ) تباشر السلطات باسم الدولة ، وركن ( الحكومة أو السلطة ) هو الذي يميز ( الدولة ) عن ( الأمة ) ( فالأمة ) تتفق مع الدولة في ركني ( الشعب ، والإقليم ) ولكنها تختلف عنهما في ركن ( السلطة السياسية ) ، وإذا ما تيسر لأمة ما أن تقيم حكومة تخضع لسلطانها فإنها تصبح دولة... ويلحق بركن ( السلطة ) ركن آخر هو ( السيادة ) وهو مثار لجدل بين فقهاء القانون .. فهناك ( النظرية الألمانية ) التي لا تشترط لقيام الدولة .. أن توجد حكومة ذات سيادة ، وأن العبرة في قيام الدولة .. هي بوجود الحكومة التي تملك سلطة إصداره أوامر ملزمة في قدر معين من الشؤون المتصلة بالحكم ، ولو لم تكن لها السيادة بالمعنى المطلق في تلك الشؤون كافة ... فهل هذه النظرية .. تفسر لنا الهيمنة الفارسية في (سورية ، ولبنان ، والعراق ) ؟ وهل ( وصية الخميني ) () تدعم ذلك حين قال : ( عندما تنتهي الحرب مع العراق علينا أن نبدأ حربا أخرى .. إلى أن قال : وأحلم أن يرفرف علمنا فوق عمان والرياض ، ودمشق ، والقاهرة ، والكويت ) ... وهل يقصد بذلك قيام ( الجمهورية الإسلامية في عمّان ، الجمهورية الإسلامية في الرياض ، الجمهورية الإسلامية في دمشق ..وذلك إنسجاماً واتزاناً مع عبارة (دستور الجمهورية الإسلامية في إيران) ) في إطار المشروع الفارسي الكبير ( الإمبراطورية الفارسية ) .2. نظام الحكم في إيران هو (الجمهورية الإسلامية): وكما هو معروف أن أشكال أنظمة الحكم في العالم اليوم هي ( النظام الملكي ، النظام الإمبراطوري ، النظام الجمهوري النظام الجماهيري ، النظام الاتحادي .. وغيره ) فهل هذا يعني أن ( دولة إيران ) هي إحدى جمهوريات (الإمبراطورية الفارسية).3. ( الجيش العقائدي ) وهذا المسمى جاء بمقدمة الدستور : في مجال بناء القوات المسلحة للبلاد وتجهيزها .. يتركز الاهتمام على جعل الإيمان والعقيدة أساساً وقاعدة لذلك وهكذا يصار إلى جعل بنية ( جيش الجمهورية الإسلامية ) و ( قوات حرس الثورة ) على أساس الهدف المذكور .. ولا تلتزم هذه القوات المسلحة بمسؤولية الحماية وحراسة الحدود فحسب .. بل تحمل أيضاً أعباء رسالتها الإلهية ، وهي الجهاد في سبيل الله والنضال من أجل بسط حاكمية القانون الإلهي في العالم ... اذاً فهذا النص ( الجيش العقائدي ) يؤكد ما نرمي إليه .. ( فالجيش ( بتقسيمه الثنائي ) عقائدي ، وليس وطني ) ويحمل مهمة محددة وواضحة ؟؟ وهذا ما يؤكده البحث الثاني من الدستور تحت عنوان ( الجيش ) و ( قوات حرس الثورة الإسلامية ) : فالمادة الثالثة والأربعون بعد المائة تقول : يتولى ( جيش جمهورية إيران الإسلامية ) مسئولية الدفاع عن استقلال البلاد ووحدة أراضيها وعن ( نظام الجمهورية الإسلامية فيها ) . والمادة الرابعة والأربعون بعد المائة تقول : يجب أن يكون (جيش جمهورية إيران الإسلامية ) جيشًا إسلاميًا، وذلك بأن يكون ( جيشًا عقائديًا وشعبيًا ) وأن يضم أفرادًا لائقين، مؤمنين بأهداف الثورة الإسلامية، ومضحين بأنفسهم من أجل تحقيقها.
إذا فالجيش العقائدي حسب الدستور ( بمقدمته ، ومواده ) يتكون من وحدتين متكاملتين وهما ( جيش الجمهورية الإسلامية ) و ( قوات حرس الثورة ) فالأول (عقائدي وشعبي) مهمته الدفاع عن استقلال البلاد ووحدة أراضيها وعن ( نظام الجمهورية الإسلامية فيها ) والثاني ( عقائدي ) مهمته الجهاد في سبيل الله ، والنضال من أجل بسط حاكمية القانون الإلهي في العالم ... من اجل تحقيق ( الوحدة السياسية والاقتصادية، والثقافية ، في العالم الإسلامي .. حسب نص المادة الحادية عشر من الدستور ... فهل تتحقق ( الوحدة السياسية ) دون قيادة مهيمنة ومسيطرة ؟
وعليه فإن إيران قادمة إلى المنطقة والعالم ( بمشروع فارسي ) تحت غطاء ( عمامة شيعية مخادعة ) وتحت شعار بسط حاكمية القانون الإلهي في الأرض.. وذلك مدخلاً لبسط سيادتها واستعادة أمجادها الإمبراطورية الفارسية التاريخية … وسوف نحاول في بحثنا هذا استكشاف المزيد .. عن طريق تحليل نصوص الدستور الإيراني .. ومشروعة التوسعي الفارسي .
ثانيا : مقتطفات من مقدمة دستور الجمهورية الإسلامية في إيران
مما يلفت النظر في مقدمة الدستور النصوص التالية
§ تحت عنوان ( أسلوب الحكم في الإسلام – ص 12 ) جاء النص التالي الذي تحته خط :
ومع الالتفات لمحتوي الثورة الإسلامية في إيران – التي كانت حركة تستهدف النصر لجميع المستضعفين على المستكبرين – فإن الدستور يعدّ الظروف لاستمراريّة هذه الثورة داخل البلاد وخارجها ، خصوصاً بالنسبة لتوسيع العلائق الدولية مع سائر الحركات الإسلامية والشعبيّة حيث يسعي إلى بناء الأمة الواحدة في العالم ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) ويعمل على مواصلة الجهاد لإنقاذ الشعوب المحرومة والمضطهدة في جميع أنحاء العالم .
وفي هذا النص نلاحظ .. إصرار وتأكيد ( الثورة الإسلامية ) على مطامعها العالمية والإقليمية عبر الحركات الإسلامية والشعبية .. ( لبناء الأمة الواحدة في العالم ) .
§ وتحت عنوان ( ولاية الفقيه العادل – ص 14 ) جاء النص التالي الذي تحته خط :
اعتماداً على استمرار ولاية الأمر والإمامة ، يقوم الدستور بإعداد الظروف المناسبة لتحقيق قيادة الفقيه جامع الشرائط والذي يعترف به الناس باعتباره قائداً لهم ( مجاري الأمور بيد العلماء بالله ، الأمناء على حلاله وحرامه )، وبذلك يضمن الدستور صيانة الأجهزة المختلفة من الانحراف عن وظائفها الإسلامية الأصيلة .
يلاحظ في هذا النص التأكيد على ( قيادة ولاية الفقيه ) الذي يجب على الناس الاعتراف بقيادته .
" ( فالجمهورية الإسلامية ) كما حددها آية الله الخميني ( تكون في ظل ولاية الفقيه ) لتصبح بذلك السلطة ( السياسية ، والدينية ) في يد ( الفقيه ) و بما أن الإسلام يشمل الجانب السياسي والروحي فإنه لا يتوقف على الجانب الفقهي فقط .. فجزء كبير من الفقه يتعلق بكل ما هو سياسي و اجتماعي ... لهذا الغرض جمع الخميني بين السلطتين " (1) .
" توصل ( الخميني ) إلى هذه الخلاصة غير المألوفة من المقدمات المنطقية الشيعية : إن الله قد بعث الأنبياء والأئمة لتوجيه المجتمع ، وأن هؤلاء الأنبياء والأئمة قد تركوا وراءهم الشريعة لإبقاء المجتمع على الصراط المستقيم ، وأنه باختفاء الإمام الثاني عشر ، يصبح وكلاؤه في العالم ، المجتهدون الكبار هم حراس الشريعة ، واستخدم العلماء التقليديون مصطلح ( ولاية الفقيه ) للإشارة إلى ولاية الفقيه على المؤسسات الدينية ، وعلى هؤلاء الذين في حاجة ماسة إلى الهداية والإرشاد وتحديدا القصر ، والأرامل ، والمعاقين ذهنيا .. غير أن ( الخميني ) وسع المصطلح ليتضمن الشعب كله ، وكما اعترف أحد أتباع الخميني لاحقا ( لم يكن لهذا التوسع في معنى ولاية الفقيه سابقة في القرآن ، ولا في الشريعة ، ولا في تعاليم الأئمة الإثني عشر " (2)
§ أما تحت عنوان ( النواب - مجلس الخبراء - 19 ) جاء النص التالي الذي تحته خط :
لقد أتم مجلس الخبراء المؤلف من ممثلي الشعب تدوين هذا الدستور على أساس مشروع الدستور المقترح من قبل الحكومة ، والمقترحات المقدمة من مختلف الفئات الشعبية في اثني عشر فصلا ً، والذي يشتمل على مئة وخمس وسبعين مادة في مستهل القرن الخامس عشر لهجرة الرسول الأكرم مؤسس الدين الإسلامي المحرر للبشرية ، على أساس الأهداف والدوافع التي سبق ذكرها .
على أمل أن يكون هذا القرن قرن تحقق الحكومة العالمية للمستضعفين وهزيمة المستكبرين كافة.
يلاحظ في هذا النص .. عدم ذكر اسم الرسول الأكرم " محمد بن عبد الله ".. الذي لم يرد ذكره عليه الصلاة والسلام ولو مرة واحدة في هذا الدستور ..؟ ثم يوصف هذا الرسول المجهول ب" مؤسس " الدين الإسلامي ..؟ (1)
ثالثا : تحت الفصل الأول ) الأصول العامة )
1- المادة الأولى ( ص 23 ) ورد في هذه المادة النص التالي الذي تحته خط :
نظام الحكم في إيران هو الجمهورية الإسلامية التي صوّت عليها الشعب الإيراني بالإيجاب بأكثرية 98.2% ممن كان لهم الحق في التصويت ، خلال الاستفتاء العام الذي جرى في العاشر والحادي عشر من شهر ( فروردين ) سنة ألف وثلاثمائة وثمان وخمسين هجرية شمسية ، الموافق للأول والثاني من جمادى الأولى سنة ألف وثلاثمائة وتسع وتسعين هجرية قمرية .
ولقد شارك الشعب في هذا الاستفتاء العام انطلاقًا من إيمانه الأصيل بحكومة القرآن العادلة الحقة وذلك بعد ثورته الإسلامية المظفرة بقيادة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الإمام الخميني قدس سره .
يلاحظ أن هذا النص يؤكد على " قداسة سر الخميني "؟ المنسوبة إلى مجهول "قدّسّ" فمن الذي قدّسَ سرّهَ ..؟ وما المقصود بهذا السر ..؟ " منحت المواد التي أتت في المقدمة ( الخميني ) ألقابا مثل الفقيه الأعلى ، القائد الأعلى ، مرشد الثورة ، مؤسس الجمهورية الإسلامية ، ملهم المستضعفين ، والأكثر قوة من كل هذا ( إمام الأمة الإسلامية ) – لم يسبق للشيعة من قبل أبدا أن منحوا شخصا على قيد الحياة هذا اللقب ( المقدس ) بتضميناته حول المعصومية " (2)
2- المادة الثانية ( ص 24 ) ورد في هذه المادة النص التالي الذي تحته خط :
يقوم نظام الجمهورية على أساس :
الإيمان بالله الأحد ( لا إله إلا الله ) وتفرده بالحاكمية والتشريع ، ولزوم التسليم لأمره. الإيمان بالوحي الإلهي ودوره الأساس في بيان القوانين. الإيمان بالمعاد ودورة الخلاق في مسيرة الإنسان التكاملية نحو الله. الإيمان بعدل الله في الخلق والتشريع. الإيمان بالإمامة والقيادة المستمرة ، ودورها الأساس في استمرار الثورة التي أحدثها الإسلام. الإيمان بكرامة الإنسان وقيمته الرفيعة ، وحريته الملازمة لمسؤوليته أمام الله.
وهو نظام يؤمّن القسط والعدالة ، والاستقلال السياسي ، والاقتصادي ، والاجتماعي والثقافي ، والتلاحم الوطني عن طريق ما يلي :
أ- الاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشرائط ، على أساس الكتاب وسنة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين.
ب- الاستفادة من العلوم والفنون والتجارب المقدمة لدى البشرية ، والسعي من أجل تقدمها.
ج- محو الظلم والقهر مطلقًا ورفض الخضوع لهما.
يلاحظ في هذه المادة " المادة الثانية " التي تشكل الأساس العقدي والإيماني لواضعي الدستور أنها تتجاهل ما يلي :
1- الإيمان ب( محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
2- الإيمان بسنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .
وتستبدل ذلك بما يلي :
1- " الإيمان بالإمامة والقيادة المستمرة " " في التشيع سمة رئيسية مميزة هي مفهوم الإمامة .. فالشيعة يعتقدون أن الخلافة كان يجب أن تنتقل من النبي إلى علي ومن بعده إلى نسل علي " (1)
2- " الإيمان بسنة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين " " في وسط أزمنة سياسية صعبة كتب الخميني رسالة إلى خامنئي ومجلس الأوصياء أعلن فيها : أن سلطة الفقيه كانت مطلقة وواجبة الحفاظ على الجمهورية الإسلامية .. لقد شرح الإمام أن الدولة ( المجسدة كليا في الفقيه ) كان الله يمدها بالقوة للقيام بأي فعل ضروري لصون الجمهورية الإسلامية .. حتى لو كان هذا يعني المضي عكسا للشرع الديني الراسخ أو لاعتراضات رجال الدين المرموقين والفقهاء .. في الحقيقة أوضح ( الخميني ) أن دولة الفقيه تنسخ حتى أركان الإسلام الخمسة الواردة في القرآن " (2)
3- المادة الثانية عشر ( ص 31 ) ورد في هذه المادة النص التالي الذي تحته خط :
الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الإثني عشري ، وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير .. وأما المذاهب الإسلامية الأخرى ، والتي تضم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي فإنها تتمتع باحترام كامل ، وأتباع هذه المذاهب أحرار في أداء مراسمهم المذهبية حسب فقههم ، ولهذه المذاهب الاعتبار الرسمي في مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والإرث والوصية)، وما يتعلق بها من دعاوى المحاكم .
وفي كل منطقة يتمتع أتباع أحد هذه المذاهب بالأكثرية ، فإن الأحكام المحلية لتلك المنطقة ـ في حدود صلاحيات مجالس الشورى المحلية ـ تكون وفق ذلك المذهب ، هذا مع الحفاظ على حقوق أتباع المذاهب الأخرى .
يلاحظ في نص هذا المادة :
أ- إعطاء المذهب الجعفري صفة "الدين" وأنه من الثوابت التي لا تقبل التغيير إلى الأبد .. " معظم الإيرانيين اثني عشريون ، ويشكل هؤلاء التيار الرئيسي في الشيعة .. فكما يعني اسمهم يؤمن هؤلاء أن هناء 12 إماما ( علي ثم ولديه الحسن والحسين يضاف إليهم تسعة آخرون من ذرية علي ) أما الإمام الثاني عشر فقد مضى إلى مكمن كي يحميه من أعداء الشيعة عندما كان طفلا صغيرا ، وفي مرحلة لاحقة تم الإعلان انه دخل في غيبة ، وأنه سوف يعود ذات يوم في موعد متأخر أكثر من موعد الطريقة المسينية كصاحب الزمان – المهدي – الذي سيجلب معه عهد عدل يتلوه الحساب الأخير لجميع البشر " (3)
ب- معاملة المذاهب الإسلامية لأهل السنة والجماعة بما تعامل به الأقليات غير المسلمة كما تنص المادة الثالثة عشر " فهي أي المذاهب الإسلامية ( تتمتع بالإحترام الكامل - حرية أداء المراسم المذهبية حسب فقههم - لهم الاعتبار الرسمي في مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والإرث) وبما يتعلق بها من دعاوي في المحاكم .
ج- لكل مذهب إذا حقق الأكثرية في منطقة ما .. وهذا مستحيل .. ( لأن كل مذهب بمفرده في أي منطقة لا يحقق الأكثرية .. مقارنة بأتباع المذهب الجعفري ) وعلاوة على ذلك قيدت هذه الأكثرية " إن تحققت " لتمارس أداءها في إطار المجالس الشورية المحلية .. الملتزمة حسب الدستور بالمذهب الجعفري .
وهذا تماما ما أعطاه الدستور .. لأتباع الأديان الأخرى الزرادشت ، واليهود ، والمسيحيين .. في ( المادة الثالثة عشرة ) فهم ( يتمتعون بالإعتراف الرسمي " مع مراعاة أن الإعتراف هنا أقوى من الإحترام الذي أعطي للمذاهب الإسلامية " - حرية أداء مراسمهم الدينية ضمن نطاق القانون - لها حرية التعامل مع قواعدها في الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية ) ... فهم بذلك سواء بسواء مع المذاهب الإسلامية من أهل السنة والجماعة فجميعهم يعاملون كأقليات دينية (1) .
رابعا : تحت الفصل الثاني ) اللغة والكتابة والتاريخ والعلم الرسمي للبلاد )
1. المادة السادسة عشرة ( ص 35 ) ورد في هذه المادة النص التالي الذي تحته خط :
بما أن لغة القرآن والعلوم والمعارف الإسلامية هي العربية ، وأن الأدب الفارسي ممتزج معها بشكل كامل ، لذا يجب تدريس هذه اللغة بعد المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية في جميع الصفوف والاختصاصات الدراسية .
يلاحظ أن نص هذه المادة قد حجبت اللغة العربية عن الأجيال الإيرانية .. فحصر تعلمها فقط بالمرحلة الإعدادية والثانوية وأقصيت عن :
أ- المرحلة الإبتدائية والمنزلية التي هي مرحلة التأسيس الإيماني والعقدي وتعلم العبادات والآداب الإسلامية وتعلم القرآن الكريم , فإقصاء تعلم اللغة العربية هو إقصاء لتعلم القرآن وأسس الإيمان والعبادات .
ب- المرحلة الجامعية وهي مرحلة البحث العلمي وتأصيل الأحكام والعلوم الشرعية والثقافية التي لا تستقيم بدون اللغة العربية , مما يجعل الأجيال الإيرانية تربى على ثقافات غربية عن ثقافة القرآن والعلوم الشرعية الإسلامية ومعزولة عن القيم والمبادئ الإسلامية بعامة .
2. المادة الثامنة عشرة ( ص 36 ) ورد في هذه المادة النص التالي الذي تحته خط :
يتألف العلم الرسمي لإيران من الألوان : الأخضر والأبيض والأحمر مع رمز الجمهورية الإسلامية وشعار ( الله أكبر ) .
تشير هذه المادة إلى ( رمز ) الجمهورية الإسلامية وهو شكل هندسي رسموه بطريقة فنية فلسفية من غير تفسير لدلالته .. أما لماذا هذه الرمزية المعقدة والمجهولة الدلالة ..؟ فليس هناك جواب رسمي وقد سكت الدستور عن تفسير هذا الرمز .
وإذا سئل أحد من العارفين عن تفسير الرمز لا يستطيع الإجابة , إلا أن بعضهم يفسره على أنه ( لفظ الجلالة ) فإذا قيل لماذا لفظ الجلالة فقط ..؟ قال إنه مكتوب بطريقة يمكن تحليله إلى ( لا إله إلا الله ) فإذا قيل له وأين ( محمد رسول الله ) التي هي شطر ركن الإسلام لاذ بالصمت .. ولكن أحد المهتمين بقراءة الرموز يقول : هذا الرمز يوهم من حيث المظهر بلفظ الجلالة .. إلا أنه في حقيقة الأمر يماثل من جهة أخرى وبشكل واضح رمز جهة دينية أخرى على شكل شوكة بسبع نهايات , ورمز الثورة الإيرانية إذا أخذ بعين الإعتبار نهايات علامة الشدة ( ّ ) التي وضعت فوق الرمز يصبح مكون من سبع نهايات لا شك أن الأمر محير ولكنه عالم الألغاز ؟؟؟؟
خامسا : تحت الفصل السادس) السلطة التشريعية)
1. المادة السابعة والستون ( ص 69 ) ورد في هذه المادة النص التالي الذي تحته خط :
على النواب أن يؤدوا اليمين التالية في أول اجتماع للمجلس ، ويوقعوا على ورقة القسم :
بسم الله الرحمن الرحيم
"أقسم أمام القرآن الكريم بالله القادر المتعال ، وألتزم بشرفي أن أكون مدافعًا عن حريم الإسلام ، حاميًا لمكاسب ثورة شعب إيران الإسلامية ، ولأسس الجمهورية الإسلامية ، وأن أحفظ الأمانة التي أودعها الشعب لدينا باعتباري أمينًا ، وعادلا، وأن أراعي الأمانة والتقوى في تأدية مسؤوليات النيابة ، وأن أكون ـ دائمًا ـ ملتزمًا باستقلال الوطن ورفعته ، وحفظ حقوق الشعب ، وخدمة الناس ، وأن أدافع عن الدستور ، وأن أستهدف في تصريحاتي وكتاباتي وإبداء وجهات نظري ضمان استقلال البلاد وحرية الناس وتأمين مصالحهم ".
يلاحظ في نص هذه المادة إدخال عبارة ( شرفي ) لتصبح جزءا من القسم إلى جانب إسم الله تعالى وهذا يتعارض مع إفراد الله تعالى بالتوحيد .
" كان ( علي شريعتي ) اسما معروفا في البلاد آنذاك .. وقد بث ( شريعتي ) معاني راديكالية في المصطلحات القرآنية .. فقد ترجم كلمة ( امة ) لتعني مجتمعا ديناميكيا في ثورة دائمة ، و( التوحيد ) بالتضامن الاجتماعي ، و( الإمامة ) بالقيادة الكاريزمية و( الجهاد ) بالنضال من أجل التحرر ، و ( المجتهد ) بالمناضل الثوري ، والشهيد ) بالبطل الثوري ، و ( المؤمن ) بالمناضل الحقيقي ... " (1)
2. المادة الثانية والسبعون ( ص 73 ) ورد في هذه المادة النص التالي الذي تحته خط :
لا يحق لمجلس الشورى الإسلامي أن يسن القوانين المغايرة لأصول وأحكام المذهب الرسمي للبلاد أو المغايرة للدستور . . ويتولى مجلس صيانة الدستور مهمة البت في هذا الأمر طبقا للمادة السادسة والتسعين من الدستور .
يلاحظ أن هذه المادة تكرس المرجعية الدينية المطلقة للمذهب الجعفري باعتباره دين وليس مذهب فقهي كغيره من المذاهب الفقهية في الإسلام .
وهذا ما يؤكد توجه واضعي الدستور بالتعامل مع أتباع المذاهب الفقهية الأخرى من مذاهب أهل السنة والجماعة على أنهم أقليات دينية لا اعتبار لها في الدستور الإيراني مثلها مثل اليهود والنصارى وغيرهم .
" أن الكثيرون ينسبون الى ( شريعتي ) فضل تحويل الإسلام من دين ومذهب الى أيديولوجية سياسية تعرف في الغرب بمصطلحات مختلفة كالإسلاموية ، الإسلام السياسي ، أو الإسلام الراديكالي .. وفي تأويله المختلف جذريا للإسلام .. لم يكن شريعتي يخشى من إدانة العلماء المحافظين الذين لا يتدخلون في الشأن السياسي .. فقد اتهمهم باستخدام الدين ( أفيونا للجماهير ) . " (2)
سادسا : تحت الفصل التاسع ) السلطة التنفيذية )
1. المادة الخامسة عشرة بعد المئة ( ص 104 ) ورد في هذه المادة النص الذي تحته خط :
ينتخب رئيس الجمهورية من بين الرجال المتدينين السياسيين الذين تتوفر فيهم الشروط التالية:
أن يكون إيراني الأصل ، ويحمل الجنسية الإيرانية . قديرًا في مجالس الإدارة والتدبير. ذا ماضٍ جيد. تتوفر فيه الأمانة والتقوى. مؤمنا ومعتقدًا بمبادئ جمهورية إيران الإسلامية والمذهب الرسمي للبلاد.
يلاحظ أن هذا الشرط فيمن ينتخب رئيسا للجمهورية الإيرانية قد حصر الأمر فقط بأتباع المذهب الجعفري ويؤكد بأنه لا يحق دينا لأي من أتباع المذاهب الإسلامية الأحناف الشافعية المالكية الحنابلة الزيدية أن يرشح لرئاسة البلاد شأنه في ذلك شأن ( الزرادشت واليهود ، والنصارى ) وأنهم سواء ( كأقليات دينية ) يتعامل معها من خارج دين الدولة الرسمي .
2. المادة الخامسة عشرة بعد المئة ( ص 107 ) ورد في هذه المادة النص التالي الذي تحته خط :
يؤدي رئيس الجمهورية اليمين التالية ، ويوقِّع على ورقة القسم ، في مجلس الشورى الإسلامي في جلسة يحضرها رئيس السلطة القضائية وأعضاء مجلس صيانة الدستور :
بسم الله الرحمن الرحيم
)إنني باعتباري رئيسًا للجمهورية أقسم بالله القادر المتعال في حضرة القرآن الكريم وأمام الشعب الإيراني أن أكون حاميًا للمذهب الرسمي ، ولنظام الجمهورية الإسلامية وللدستور ، وأن أستخدم مواهبي وإمكانياتي كافة في سبيل أداء المسؤوليات التي في عهدتي ، وأن أجعل نفسي وقفًا على خدمة الشعب ورفعة البلاد ، ونشر الدين والأخلاق ومساندة الحق وبسط العدالة ، وأن أحترز عن أي شكل من أشكال الدكتاتورية ، وأن أدافع عن حرية الأشخاص وحرماتهم ، والحقوق التي ضمنها الدستور للشعب ، ولا أقصر في بذل أي جهد في سبيل حراسة الحدود ، والاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي للبلاد وأن أعمل كالأمين المضحي على صيانة السلطة التي أودعها الشعب عندي وديعة مقدسة مستعينًا بالله ومتبعًا لنبي الإسلام والأئمة الأطهار عليهم السلام وأن أسلمها لمن ينتخبه الشعب من بعدي ) .
يلاحظ أن هذه الفقرة من قسم رئيس الجمهورية الإيرانية تنص بالتحديد على أنه مسؤول فقط عن حراسة المذهب الجعفري ( باعتباره دين الدولة ) وأن غيره من مذاهب المسلمين غير مشمولة بهذه الحراسة شأنها في ذلك شأن الزرادشت واليهود والنصارى باعتبارهم أقليات لا يشملهم دين الدولة الرسمي .. كما تتجاهل ذكر اسم نبي الإسلام وبالمناسبة لم يُذكر في الدستور اسم نبينا محمد صريحاً على الإطلاق.
النتائج والتوصيات :
إن المتمعن بما سبق من نصوص الدستور ودلالاتها العقدية والفكرية والسياسية .. يجد نفسه بكل وضوح أنه أمام نهج شمولي متكامل , يسعى لترسيخ وتأكيد أن المفاهيم العقدية والتصورات الدينية للمذهب الجعفري الإثني عشري هي الحقيقة المطلقة لدين الإسلام , وأن أئمة المذهب بدءا من الإمام "المؤسس ؟!" إلى الإمام الغائب يتصفون بصفة العصمة التي تعطي لأقوالهم وأفعالهم وآثارهم العلمية قيمة الحقيقة الدينية المطلقة المنزهة عن الخطأ , وأن لهم مرتبة لم يبلغها نبي مرسل ولا ملك مقرب كما جاء في رسائل " الإمام الخميني " ..
ويبنى على هذا الاعتقاد بأن كل إمامة أو قيادة في أي مجتمع مسلم , على غير سبيل ومنهج الأئمة المعصومين ( بنظر واضعي الدستور ) هي قيادة باغية .. ينبغي العمل والجهاد والنضال لتحرير الشعوب المسلمة منها ومن بغيها وطغيانها .. وأن الثورة الإسلامية الإيرانية تتحمل هذه المسؤولية الدينية داخل البلاد وخارجها وفي العالم أجمع , ويبدو أن هذا الاعتقاد هو الأساس الذي بموجبه ترسم الاستراتيجيات الدائمة والخطط المرحلية , وتستخدم على أساسه المعايير والوسائل اللازمة لكل مرحلة وفق ظروف الزمان والمكان بما يحقق الأهداف والغايات المرحلية والإستراتيجية ويبدو أن تبادل الأدوار وتنوع الطرح الفكري ، والسياسي ، والثقافي على المستوى ( الإقليمي والعالمي ) يأتي في سياق ( التكتيك ) المرحلي باتجاه الأهداف الإستراتيجية التي تبقى ملتزمة بالثوابت العقدية التي حددها وأكدها هذا الدستور .
ويمكن الإشارة هنا على أمرين تتبناها الثورة الإيرانية اليوم .. وفق خططها التكتيكية باتجاه أهدافها الإستراتيجية بموجب هذا الدستور وهما :
1- الدعوة الملحة إلى التقريب بين المذاهب .
2- الانفتاح على دول الجوار وطمأنتهم تجاه عدم تصدير الثورة .
أولا: أما بخصوص الموضوع الأول " التقريب بين المذاهب "...
فإن ما جاء في الدستور من تأكيد على أبدية المذهب الجعفري الإثني عشري وأنه دين الدولة الرسمي , يجعل تبني الجمهورية الإيرانية للدعوة إلى التقريب بين المذاهب يفتقر إلى الجدية والمصداقية للإعتبارات التالية :
1- تجاهل إيران لدعوة التقريب بين المذاهب داخل إيران .. بل أنها تؤكد في دستورها على اعتبار أتباع المذاهب .. لعملت على تحقيق ذلك داخل إيران ليكون النموذج المشجع على مستوى العالم الإسلامي بينما الحقيقة والواقع يتناقض مع ذلك تماما .
2- إن من ابسط مقتضيات الجدية والمصداقية في الدعوة للتقريب بين المذاهب توفر الاستعداد لقبول احتمالية الخطأ في المذهب أو الرأي على قاعدة " رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب " وهذا الاستعداد منتفي وفق الدستور بحق إتباع المذهب الجعفري فهو مذهب المعصومين وأنه من الثوابت الأبدية التي لا تقبل التغيير والتبديل .
أما لماذا تصر إيران اليوم على تبني الدعوة إلى التقريب بين المذاهب ..؟
احسب أن هذا الإصرار يأتي في سياق الخطط ( التكتيكية ) باتجاه إنجاز خططها الإستراتجية في تحقيق الهيمنة الكاملة للمذهب الجعفري وتحقيق الولاء الكامل لإمامة الثورة الإيرانية على امتداد العالم الإسلامي .
ولكن كيف يمكنهم توظيف دعوة التقرب لهذا الهدف ..؟
فإنه من المعلوم انه أتباع مذاهب أهل السنة والجماعة " الأحناف . الشافعية . المالكية الحنابلة " تعرضوا للأسف في تاريخهم القريب إلى فتنة صراع مذهبي بغيض ترك أثارا سيئة ومنكرة على وحدة كلمة الأمة وتلاحم صفها وبفضل من الله تعالى وبجهود مباركة من العلماء المخلصين تجاوزت الأمة هذه المحنه واستقر أمرها على الاعتراف بهذا التنوع الاجتهادي وعلى انه إثراء لكفاءة الأمة وقدراتها في التعامل بيسر مع متطلبات الحياة ومتغيرات الزمان والمكان على مستوى الفرد والجماعة والأمة .. مما جعل اهتمام فعاليات الأمة العلمية والفكرية والثقافية تتجه نحو العناية بهمومها الكبيرة وهذا الواقع الإيجابي لحالة الأمة أصبح يشكل مصدر قلق لكل من يتربص بهذا الأمة وأمنها واستقرارها مما يحملهم على تحين الفرص وافتعال الأسباب والدوافع للنيل من استقرار الأمة ووحدة صفها وإحياء فتنة الخلاف المذهبي وإثارة حرائق تعصبها البغيض هي من أمضى الأسلحة وأفتكها في ضرب وحدة كلمة الأمة وتمزيق صفها وهذا ما تسعى إليه غيران من خلال تبنيها لدعوة التقريب بين المذهب حيث أن إثارة التقريب هو من جهة أخرى إحياء الذاكرة باتجاه الخلاف المذهبي من جديد بين إتباع مذاهب أهل السنة والجماعة وتسليط الضوء على قضايا فرعية بينهم تجاوزها الزمن بوعي الأمة ومن ثم العمل على تغذية بعض لنزوات التعصبية التي لا يخلوا منها غالب المجتمعات الإسلامية لتكون الشرارة لإشعال حرائق فتنة التعصب المذهبي من جديد ومن ثم فرقة أهل السنة والجماعة لصالح الثورة الإيرانية وأهدافها .
ثانيا : بخصوص الموضوع الثاني " الإنفتاح على دول الجوار .. وطمأنتهم بعدم تصدير الثورة .."
فإن هذا النهج "التكتيكي" يأتي في سياق الخطة الإستراتيجية للمرحلة الثالثة للثورة الإيرانية بعد مرحلتي "الإنتصار والتمكين الداخلي ,وهي "مرحلة التمكين الإقليمي" بين يدي "مرحلة الإنتشار والتمكين الدولي" ,ولا يخفى أن مرحلة التمكين الإقليمي ومرحلة الإنتشار والتمكين الدولي رسمت لها أربعة دوائر " الخليجية , العربية , الإسلامية , الدولية " مع مراعاة المشترك والمتداخل بين هذه الدوائر الأربعة , وأن أهم هذه الدوائر وأشدها إلحاحا في سلم الأولويات الإستراتيجية الإيرانية هي الدائرة الخليجية للإعتبارات التالية :
1- الخليج الموحد " الخليج الفارسي " تحت سيادة الثورة الإيرانية هو عامل أساس واستراتيجي في استكمال مرحلة التمكين الداخلي .
2- الخليج ممر مائي إقليمي ودولي استراتيجي , فالهيمنة عليه عامل أساس لتحقيق مرحلة التمكين الإقليمي ومرحلة الإنتشار والتمكين الدولي للثورة الإيرانية .
3- الشطر الشرقي للخليج "جغرافياً ومذهبياً" منطلق أساس واستراتيجي للتحرك باتجاه تحقيق عملية التمكين للثورة الإيرانية في الدائرة العربية .
4- الهيمنة على الخليج يوفر للثورة الإيرانية عامل ضغط استراتيجي بين يدي مرحلة الإنتشار والتمكين الدولي .
لكن هذه الاعتبارات الإستراتيجية .. هي نفسها التي تشكل حيثيات الحذر والتحفز الشديد عند دول الخليج وعند القوى العالمية , التي يعتبر هذا الحلم الإيراني بالنسبة لها هاجسا أمنيا يهدد مصالحها الإستراتيجية السياسية والاقتصادية والثقافية , وفي المقابل يدرك الإيرانيون حقيقة وجدية الاستعداد والتحفز المضاد لأطماعهم وخططهم الإستراتيجية باتجاه تحقيقها , بعد أن أدركوا أن منهجية الصدام المباشر مع الآخر إقليميا ودوليا باتجاه تحقيق أهدافهم غير مجدية بل ارتدت عليهم بنتائج سلبية , ومضره , كلفتهم فاتورة باهضة الثمن بشريا واقتصاديا وسياسيا , والرقم الأصعب في تلك الفاتورة هي العزلة الخانقة إقليميا وعربيا ودوليا ومحاولة منهم لتجميل خططهم .. لذلك بدأ العقلاء والحكماء منهم يحركون المدارك والإفهام باتجاه التحول من منهجية الصدام المباشر مع الأخر إلى إستراتيجية الإنفتاح والاستيعاب وفق محورين أثنين هما :
1- محور الانفتاح وحسن الجوار مع الأخر الإقليمي .
2- محور الحوار والتعايش مع الآخر الدولي .
المصادر :
1. دستور الجمهورية الإسلامية في إيران – تاريخ الطبعة ( 1418 هـ - 1997 م ) الناشر : رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية - مديرية النشر والترجمة العنوان : ص.ب 6187 – طهران 141552. كتاب ( اللغز الفارسي - كينث بولاك - ترجمة محمد الجورا – الطبعة الأولى 2005) دار الفرات للنشر والتوزيع ص.ب 133/6435 بيروت – لبنان
(The PERSIAN PUZZLE – By Kenneth M. Pollack) .
3. كتاب ( تاريخ إيران الحديثة – أروند إبراهيميان - ترجمة مجدي صبحي – 2014 ) سلسلة عالم المعرفة 409 فبراير 2014
( - Cambridge University Press, NY 2008 A History of Modern Iran – By Ervand Abrahamian ) .
4. نجاة أبركان ( العلاقات الإيرانية العربية، من تغيرات السبعينيات إلى ضغوط العولمة ) ( كلية الحقوق - قسم العلوم السياسية - جامعة باتنة 2002- 2003) .
( 1) سال الصحافي ( جيفري قولدبرغ ) ممثل ( وكالة بلومبيرغ ) الرئيس الأمريكي باراك أوباما : ( أيهما الأكثر خطرا التطرف السني أم التطرف الشيعي .. ؟ ) فأجاب : أنه إذا ما نظرت إلى السلوك الإيراني فإنهم إستراتيجيون ، وغير مندفعين ، ولديهم رؤية للعالم ، ويراعون مصالحهم .. إلى أن قال : ( إنها دولة كبيرة ترى لنفسها دورا مهما كبيرا دوليا ) .... أما عن الشق الآخر المتعلق بالتطرف السني : ( صمت ) وهذا الصمت يخفي وراءه رؤية غير حسنة لاتخفى حقيقتها عن أولى الألباب ( جريدة الشرق الأوسط – العدد 12880 تاريخ 5 / 3 / 2014 – صفحة 16 ) .
( 1 ) كما جاء في مقابلة الخميني في مجلة ( الدستور – اللندنية ) بتاريخ 1 أغسطس 1983م العدد ( 297 ) الصفحات ( 16 – 18 ) .
( 1 ) نجاة أبركان ( العلاقات الإيرانية العربية، من تغيرات السبعينيات إلى ضغوط العولمة ) ( كلية الحقوق - قسم العلوم السياسية - جامعة باتنة 2002- 2003) ص 26
( 2 ) كتاب ( تاريخ إيران الحديثة – أروند إبراهيميان - ترجمة مجدي صبحي – 2014 – صفحة 202 ) سلسلة عالم المعرفة 409 - فبراير 2014 ( - Cambridge University Press, NY 2008 A History of Modern Iran – By Ervand Abrahamian ) .
( 1 ) لم أجد في البحوث والدراسات السابقة من تطرق لنفس الموضوع .
( 2 ) كتاب ( تاريخ إيران الحديثة – أروند إبراهيميان - ترجمة مجدي صبحي – 2014 – صفحة 224 ) سلسلة عالم المعرفة 409 - فبراير 2014 ( - Cambridge University Press, NY 2008 A History of Modern Iran – By Ervand Abrahamian ) .
( 1 ) كتاب ( اللغز الفارسي - كينث بولاك - ترجمة محمد الجورا – الطبعة الأولى 2005 – صفحة 33 ) دار الفرات للنشر والتوزيع ص.ب 133/6435 بيروت – لبنان (The PERSIAN PUZZLE – Kenneth M. Pollack) .
( 2 ) المصدر السابق – ص 348 .
( 3 ) المصدر السابق – ص 33 .
( 1 ) لم أجد في البحوث والدراسات السابقة من يتطرق الى نفس الموضوع .
( 1 ) كتاب ( تاريخ إيران الحديثة – أروند إبراهيميان - ترجمة مجدي صبحي – 2014 – صفحة 200 ) سلسلة عالم المعرفة 409 - فبراير 2014 ( - Cambridge University Press, NY 2008 A History of Modern Iran – By Ervand Abrahamian ) .
( 2 ) المصدر السابق – ص 201 .
وسوم: العدد 706