جمعية النساء اللعوبات
أظن أن المرأة أجل وأعظم قيمة من أن نختزلها في مجرد جسد، أو سهرة متعة، أو دقائق شهوة، وأظن أن الذي يركز علي هذا كائن غبي، يهين الأنثى، ويمسح بها الأرض، فإنها تمثل أمهاته وبناته وأخواته ونساء العالمين!
وأظن أن من يتآمر على الأنوثة والإناث؛ لصناعة صورة نمطية لهن، تصبّ في هذا الاتجاه هو إنسان عدو للمرأة، وللقيم، والأديان، والآدمية، والشرف، وكل حاجة حلوة غير مرغوب فيها في أزمان العولمة السعيدة، مهما ادعى أنه حلو، ومستنير، ومفتح، ومدردح، وابن حنْت، وحريص خالص على النص الحلو.
وأظن أيضاً أن هناك فريقاً شديد الغباء، شديد التجني على المرأة، شديد الإهانة لها، رغم أنه ينبري للدفاع عنها في كل منبر، وكل موقف، وكل مناسبة، وهو فريق الصحفيين والإعلاميين المتخصصين في الصحافة النسائية، والقنوات الجديدة بتاعة الموضة والرشاقة والأسرة، الذين نبت (لحم اكتافهم) من المزايدة بالمرأة، وقضاياها، وحقوقها!
وحتى أحمي نفسي من ألسنة هؤلاء، تعالوا معي نتأمل الواقع في الصحافة النسائية، التي تصدر في أشكال بهيجة، وألوان خلابة، وأحجام محيرة، وأسعار تدعو للتساؤل:
كيف يتسنى توزيع مطبوعة كبيرة الحجم، من ثلاثمائة صفحة أحياناً، مطبوعة بخمسة ألوان، ورق ما اعرفشي إيه، وغلاف (متكلف الشيء الفلاني) وربما كان معها هدية شريط كاسيت أو سي دي، أو غير ذلك، ويكون ثمنها ستة أو سبعة أو عشرة ريالات؟ كيف ذلك وطباعتها فقط تتكلف نحو 40 ريالاً على الأقل؟ من وراء ذلك؟ وماذا وراءه؟
هذه واحدة، وأما الثانية، فهي المحتوى: أرجوكم اجمعوا هذه المجلات كلها، واعملوا تحليلاً لمحتوياتها، وأخبروني ماذا ستجدون؟!
ولن أفاجأ إطلاقاً إذا أخبرتموني أن هذه المجلات النسائية المستنيرة في مجملها تعامل المرأة بخيانة لا لبس فيها؛ فهي فيها مجرد جسد جموح، أو دمية بلا روح، أو كائن أبله تافه سطحي
مرح وبحبوح، بلا عقل ولا منطق ولا وعي ولا أي حاجة!
وأتحدى أيها السادة.. أيتها السيدات أن تتجولوا في هذه المجلات، وتخرجوا لي بشيء يرضي عاقلاً كلها.. فهي كلها بلا استثناء، المحلية منها والخليجية، والعربية، والشرق أوسطية، والثالث عشرية: كلها تحدثك أيتها الحسناء عن:
ملابسك الداخلية: ضرورة أم ترف؟/ طول تنورتك يكشف عن شخصيتك/ موضة قمصان الأورجانزا الشفتشي تعود بقوة/ نساء المجمع المخملي في جلابية بارتي أقامته النجمة لولاّ ساروخ!
مكياجك آخر صيحة: موضة الرموش المنتوفة والحواجب المحلوقة!/ أظفارك التكنيلكَلَر تجعلك وحشية ومثيرة/ كيف تكتسبين اللون البرونزي، ليناسب شعرك الفوشيا/ شركة هَجْص شاختور تطلق بالونة جديدة لنفخ الصدر، وتغليظ الشفايف..
أحدث تمارين شد الجلد، وتحريك الأذنين/ مشكلاتك الجنسية.. عندنا كل الحلول!/ كيف تصلن إلى الكلايمكس مع سبع البرمبةخلال 90 دقيقة!/ سوسو تصرخ: أعمل إيه في جوزي؟ أصله خلاص.. بح!
من قصص النساء الحراميات: سمسمة المكلبظة تقول: تخصصي الأغنياء بس! الاستشارية أم سوسو في باب مشكلتي: أنا خطافة رجالة!
الفلكية أم جلمبو: أنت والنجوم: مواليد برج السرطان: عاطفيات ولعوبات، ويصبن بالصلع بعد الثانية والثلاثين!
الأديبة عطيات سد الحنَك تحاور الفنانة الحالمة لولا أُبّح: الإغراء مش عيب ولا حرام.. أنا سكسي ومثيرة جداً بس باحترم نفسي!/ الدكتورة عالة الشرشوحة: وفيها إيه لو تيجي نرقص!
سلي نفسك مع الكلمات المتقاطعة والكلمات الكاروهات/ خاطرة فوق السحاب:
الدكتورة كاتي شلهوب الصلىفيح: كوني حرة: لا تغلقي الشبابيك أثناء تغيير ثيابك.. ليه تقفلها!؟
الصفحة الدينية: البصارة عطاف نبين زين تكشف لك البخت، وتقرأ كفك وفنجانك، وتفتح لك الكوتشينة/ الشيخ زعبلة يخرج عفاريت الدنيا من جتتك، ويفسر لك مناماتك السعيدة إن شاء الله..
في السياسة: زوجة سفير دولة شرم برم تحكي عن الطبق الرئيسي في بلادها..
ملف العدد: كواليس الحياة الشخصية لراقصات البيلي دانس وعلاقاتهن الشخصية..
مطبخك سر تحضرك: كيف تعدين محشي ورق البقدونس/ كيكة الزربيح بالصوص الأبيض/ طبق أم علي بالشطة وبودرة التلك، هاتاكلي صوابعك وراه!
موضوعات - كما ترى حضرتك - في قمة الأهمية الحضارية، والارتفاع بالمرأة العصرية إلى مستوى: الزبالة!
وربما حاولت هذه المجلات (النصب) على الستات، والتمادي في مخادعتهن، من أجل تحقيق نسب أعلى من المصداقية الكذوب، ومن التوزيع، والإعلانات، فهي تخترع شهادات ومؤهلات لضيوفها الأفذاذ، وتأتي بألقاب غريبة لهم، من فصيلة:
* الأستاذ الدكتور شحيبر الهجاص استشاري جمعية نبين زين، ورئيس مؤسسات ارمي بياضك يا شابة الدولية!
* البروفسور شحاته الأقرع الخبير العالمي في الاتصال بالأرواح والأشباح!
* الباحث الدولي جون بطيخي خبير أكلان الكفّ !
* المزين الحاصل على الإيزو: جوني زيزو!
* السيدة حلاوتهم فرط الرمان خبيرة تقشير البصل في مطابخ فنادق درب العيوش الدولية!
ويستمر مسلسل النصب، والتسطيح، والهيافة، واللعب بقلوب وعقول شقائق الرجال و(نصف الدين) في محاولة لتحويلهن جمعاوات إلى كائنات لا مؤاخذة: بلا عقول، ولا قلوب، ولا وعي حضاري، ولا ارتباط بدين، ولا انتباه لخوازيق تعمل لهن، حتى يصلن في النهاية إلى أن يكُن مجرد مباصق، أو صفايح زبالة، يستخدمها كل مزنوق!
ويومها يفرح شياطين الإنس والجن بالإنجاز العظيم،الذي يريد أن يجعل الأرض كلها مؤسسة للنساء اللعوبات..هل قرأت عن هذه الجمعية قارئي الحبيب؟
وسوم: العدد 708