المتآمرون على الحرية وبكاء التماسيح!
من أعاجيب خصوم الإسلام في بلدنا ادعاؤهم الدائم أنهم يطالبون بالحرية والديمقراطية والكرامة، وفي الوقت نفسه لا يكفون عن التآمر عليها والمساعدة على قتلها!
لن أعدد اسماء الذين وقفوا إلى جانب العسكر في انقلاب يونيو 2013 أو من استدعوهم بصراحة وفجاجة للقضاء على الحرية والديمقراطية والكرامة نكاية في خصومهم الإسلاميين الذين استطاعوا أن يحصلوا بصندوق الاقتراع على ثقة الشعب في الانتخابات النيابية والرئاسية والدستور. أكتفي بالوقوف عند أحدهم وهو الدكتور محمد أبو الغار، الطبيب المشهور الفائق في الطب، الفاشل في السياسة، وحواره مع المصري اليوم بعددها الصادر ٦/ ٢/ ٢٠١٧ الذي كان عنوانه:
(الكاتب والمفكر الكبير الدكتور محمد أبو الغار في حوار لـ«المصري اليوم»: «كبت» الحريات في مصلحة «الإخوان».. والغضب المكتوم آخرته «غمّ» ).
اعتراف الرجل بكبت الحريات يؤكد فشله في المجال السياسي وإخفاقه في اختيار العسكر بديلا للديمقراطية وليس الإخوان، فالشعب الذي جاء بالإخوان في الانتخابات، يستطيع أن يخلعهم بالانتخابات أيضا إذا أراد، ولكن أبو الغار يتصور أن الإخوان والإسلاميين أعداء للوطن وليسوا جزءا أساسيا منه، مع أنهم يمثلون70% على الأقل من جموع الشعب المصري. أي إنه يرى أن الحرية محرمة على أغلبية الشعب المصري، ويجب أن تمنح للأقلية المعادية للإسلام ( الكنيسة، الشيوعيون، الناصريون، الليبراليون، المرتزقة في كل العصور، اللصوص الكبار وصبيانهم).
الدكتور أبو الغار مثل جبهة الإنقاذ الذي كان قياديا بها يؤمن بالديمقراطية الانتقائية أو المختارة لأقلية معينة من الشعب، فهو لا يؤمن بها لكل الشعب لأنه يعلم أن الفريق العلماني المعادي للإسلام لا شعبية له في أرض الواقع ولا وجود، ولذا يلح على امتداد الحوار في التعبير عن عدوانيته ضد الإخوان دون أن يقدم دليلا حقيقيا واحدا ضدهم، بل إنه يقع في تناقض عظيم حين يقرر أن المستفيد من «كبت الحريات» هو جماعة الإخوان، وأن الدول الكبرى قامت على الديمقراطيات، واصفا «الغضب المكتوم» بأن «آخرته غم». وإذا كان يعترف بالتقدم على أساس الديمقراطية فإنه لا يخجل من الفصل العنصري بين الديمقراطية والإخوان ( يقصد المسلمين عموما)، مع أن الدول الكبرى، بل الكيان الصهيوني؛ تسمح للإخوان والمسلمين بعضوية المجالس النيابية والكنيست والنشاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ولا تعدهم إرهابيين!
لاشك أن الدكتور أبو الغار وهو يشكو من الإجراءات الاقتصادية القاسية التي اتخذتها السلطة الانقلابية مؤخرا ويعزوها لغياب ثقافة الأولويات وانسداد الأفق أمام الأحزاب والقوى السياسية العاجزة عن مواجهة الإسلاميين؛ يتجاهل بدهية يعرفها المبتدئون في الفقه السياسي، وهي أن الحكم العسكري الفاشي في أية دولة في العالم لا يقود البلاد إلى خير أبدا، ولن أضرب مثلا بالبكباشي النرجسي الحقود الذي خرب مصر ووضع أنفها في الرغام وجعلها تتعرض لهزائم مذلة وقاتلة على يد العصابات الصهيونية في أقل من عقدين من الزمان، ولكني أوجه نظره إلى ديكتاتوريات البرتغال وإسبانيا وتركيا الكمالية والعراق وسورية واليمن السعيد والجزائر وليبيا والسودان الشقيق وإثيوبيا منجستو وإريتريا وكوريا الشمالية، وجمهوريات الموز في أميركا اللاتينية التي لم تخط خطوة واحدة إلى الأمام إلا بعد أن عاد العساكر إلى ثكناتهم ليؤدوا واجبهم الطبيعي في حماية بلادهم من الأخطار الخارجية وليس قتل شعوبهم!
لذا فإن أبو الغار حين يتملق الجنرال بطريقة لا تليق بطبيب شهير وأستاذ جامعي، ويدعي أنه يحسب له «انحيازه للملايين في ٣٠ يونيو ومنعه حربا أهلية كانت محققة».. يقترف خطيئة لا تغتفر؛ فإذا كانت هناك ملايين فرضا خرجت في يوم النكبة هذا؛ فهناك عشرات الملايين تؤمن بإسلامها وبالحرية والشورى التي تسمى الديمقراطية وتحرص على مشاركة الشعب كله في اختيار مصيره وتقوية جيشه ليؤدي وظيفته الأساسية في ردع الأعداء وتأمين موارد الغذاء والمياه والشواطئ والحدود وتحرير ما اغتصبه الأعداء من أراض مصرية وبسط السيطرة الكاملة على كل أراضينا التي جعلتها اتفاقيات الإذعان ناقصة السيادة!
أبو الغار يقنعنا أنه لولا الانقلاب العسكري لكانت هناك حرب أهلية في مصر! ونسأله : بين من؟ وهل كان الحكم الديمقراطي يدخل في حرب عبثية مثل تلك التي تجري في سيناء مع مواطنيها من ناحية ومع جماعات إرهابية غامضة من ناحية أخرى؟ وهل معالجة الخلافات الداخلية تتم بحسم السلاح أو بالتفاوض والسياسة؟
أبو الغار للأسف يردد ما تقوله الأذرع الإعلامية الجاهلة مما يؤكد أن الحكم العسكري لا يقيم ديمقراطية ولا يسمح بحرية ولا يحافظ على كرامة ولا يصنع تقدما .. ثم إنه ليس لديه عزيز. فاهم يا مولانا؟ (ولاّ تحبّ أفكّرك بمن داس عليهم بالبيادة من رفاقك، ولن يكون آخرهم مخرج الفوتوشوب؟).
من المعيب على رجل مثل أبو الغار أن يردد مقولة "أن ما يسمى نظام الإخوان" خطف الثورة وحاول تطويعها لمصالحه الشخصية وقفز على ثورة يناير وخطفها بعيدا عن آمال وطموحات المصريين. فأولا- لم يكن هناك نظام اسمه نظام الإخوان. هو موجود في أذهان الفاشلين وحدهم، لأن ما كان موجودا هو نظام الشعب الذي وقف في الطوابير ساعات طويلة ليدلي بصوته ويعبر عن اختياره – على العكس ممن كانوا يستجدون الناخبين ليصوتوا أو يهددونهم بالغرامات الثقيلة!، وثانيا- لم يُقْصِ نظام الإخوان المزعوم أحدا من العمل والمشاركة ولكن قوة الأجهزة الانقلابية عملت بكل جهد لإفشال نظام الشعب وتخريب المؤسسات وإشعال الحرائق والكنائس واستخدموا البلطجية والبلاك بلوك والكذبة والمنافقين وسلفيي الأمن فضلا عن الكنيسة المتمردة والمعادية للإسلام والمسلمين؛ لإطفاء فرحة الشعب المصري بالثورة الوحيدة التي جعلته يشعر بالحرية والكرامة والأمل. ثالثا - كان نظام الشعب يعمل للاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء والسلاح ، وهو مالم يخط فيه الانقلاب خطوة واحدة ذات قيمة مع أن ضجيج الفناكيش غلب كل شيء. حتى كرة القدم فشل فيها. رابعا - إن الذي خطف الثورة هو الانقلاب العسكري الدموي الفاشي الذي استحل لأول مرة دماء الآلاف من المصريين الأبرياء في رابعة وأخواتها، وهو الذي جعل أذرعه المأجورة تصف الثورة بالعملية والنكسة والفوضى والمؤامرة!
يحزن أبو الغار على الأعداد الكبيرة من الشباب داخل السجون والتضييق على النقد والمعارضة وكأن الأجهزة الأمنية تعاقب الشعب لثورته على الأنظمة الفاسدة، ويعتقد كما قال أن ما يسمى قرار المصالحة مع الإخوان مرهون بإرادة الشعب ولا دخل للدولة به، وهل الحرية يا عزيزي توهب من العسكر؟ هيا نجرب صندوق الاقتراع الحقيقي وليس المزيف!
الله مولانا. اللهم فرّج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!
وسوم: العدد 710