اتّقاءً لأذى "الشمولية" لجأت إلى فنّ الفانتازيا في قصصي!
في مقابلة صحفية، نشرت الأحد الماضي 27-3-2016 في الملحق الثقافي لجريدة "الوطن" العُمانية (في ملحقها "أشرعة") أجراه الكاتب السوري "وليد تاجا"، حدّثته بأني ابتدأت كتابة القصة القصيرة منذ ما قبل عام 1950، وبعد عشر سنين تحولت إلى كتابة الرواية (ثريا، ثم أزهر الحزن، الظمأ والينبوع، رياح كانون)، فسألني: «ولكنك عدت إلى كتابة القصة القصيرة!»، فقلت:
- - - - - - - - - -
أجل... ولا بدّ هنا من وقفة.
في أوائل الستينات تغيّر نظام الحكم, أصبح هناك حزبٌ واحد يحكم البلاد باسم الجماهير الكادحة وتحت شعار التقدمية والوطنية. ورأيت، في هذه المرحلة التاريخية, أنّ "صوتاً واحداً" هو الذي بات يسود وأن لا صوت آخر يوازيه أو يدانيه. وكان عليّ أن أتابع الخطاب القصصي دون أن أغادر موقفي من الفقراء والمضطهدين.. وهكذا نحوت, منذ عام 1967 منحًى في السرد أقول فيه ما أريد بإسلوب يتوسّل بالرمز وبالتحليق بعيدًا في عوالم من الخيال.
وهنا كانت ولادة قصصي التي ضمّ كتابي "حزن حتى الموت" (بيروت: 1975، 80، 83، ودمشق 2002، وباريس بالفرنسية 2002) بعضَها مما كتبت بين 1967 و1973.
ثمّ أنني زاوجت , في هذه المرحلة من عمري الأدبي, بين هذا اللون من القصص الهادف النافد الرمزي, وبين ألوان أخرى:
القصة التربوية: "رحلة حنان".
والقصة المرحة: "الابتسام في الأيام الصعبة".
والقصة الطافحة بالمرارة: "الألم على نار هادئة".
في قصصي "المسيّسة"، تلك التي أتصدّى فيها لممارسات القهر والفساد - وهي تأخذ حيِّزًا في مجموع نِتاجي القصصي عبر ستين عامًا من الكتابة - توسّلتُ غالبًا بـ"فنّ الفانتازيا" (الخيال الغرائبي) أسلوبًا للمعالجة القصصية، فيه أُجرّد الحوادث من مكانٍ تقع فيه وزمانٍ تسري في فضائه، ولا أسمّي أبطالها بسوى حرف من الحروف الهجائية، إمعانًا مني في الابتعاد عن الواقع المعيش... يَحدوني في ذا ظنٌّ بأني أُمتِِع قرائي وأمنََع عن نفسي أن تمتدّ إليّ يد الأنظمة الشموليّة بالأذيّة، وبدا لي أني كثيرا ما أفلحتُ!
وسوم: العدد 714