إما غالبان معاً وإما مغلوبان معاً
حقيقة غائبة عن كثير من الأزواج والزوجات؛ هذه الحقيقة هي أنه لايمكن لأي زوجين إلا أن يكونا غالبين معاً، أو يكونا مغلوبين معاً، أي أنه لايمكن لأحدهما أن يكون غالباً ويكون الآخر مغلوباً.
وأَعْلم أن بعض من يقرأ هذا سيخالفني فيه لاعتقاده أن كثيراً من الأزواج والزوجات في خلافاتهم يمكن لأحدهم أن يكون غالباً وأن يكون صاحبه الآخر مغلوباً، أو أن يكون هو مغلوباً لصاحبه الغالب.
لكني متمسك بصحة ما ذكرتُ من أن كِلا الزوجين لابد أن يكونا معاً غالبَيْن أو أن يكونا معاً مغلوبَيْن.
وبيان ذلك في أن ما بين الزوجين من قُرب ومودَّة ورحمة يجعلهما أشبه بالواحد، والواحد لايمكن أن يكون مغلوباً وغالباً في الوقت نفسه؛ فلا يمكن لإنسان يشتكي ألماً في عضو من أعضاء جسده أن يرى الراحة في التخلص من هذا العضو أو الانتصار عليه؛ لأنه جزء منه، وشفاءُ عضوِه شفاءٌ لجسده كله.
وخير من أَوضَح هذا المعنى النبي (صلى الله عليه وسلم) في حديثه الذي مثَّل فيه مابين المؤمنين من مودَّة ورحمة بالجسد الواحد فقال: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثَل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». متفق عليه.
وليس هناك قُرب بين اثنين أكبر ممّا بين الزوجين اللذين وَصَف الله قربهما الشديد بقوله سبحانه: «هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ».
إن ما يظهر من أن أحد الزوجين غَلَب الآخر ليس حقيقيَّاً، لأنه عَانَى كثيراً كما عَانَى صاحبه، ومن ثَمّ فإنهما مغلوبان معاً.
أمّا حين ينجح الزوجان في اتفاقهما، وتوادِّهما، وتراحمهما، ويسعدان في حياتهما، وينجحان في زواجهما، فإنهما معاً غالبان، غَلَبَا الشيطان، وغلبا النزاع الذي سعى إبليس لإيقاعه بينهما، وغلبا الصِّعاب التي واجهتهما معاً.
لهذا أرجو من الزوجين معاً أن يتذاكرا هذه الحقيقة بين حين وآخر، كأن يقول أحدهما لصاحبه: أرجو ألا ننسى أننا أسرة واحدة؛ أهدافنا مشتركة، ومصلحتنا في اتفاقنا، وخسارتنا في نزاعاتنا، يُساير أحدنا الآخر مرة، ويسايره الآخر مرة، فنتسامح ونتجاوز ونتغافر.
كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه لزوجته: «إذا رأيتُكِ غضبتِ فأترضاكِ وإذا وجدتِني غضبتُ فترضِّيني وإلا لم نصطحب».