أنين التراب وجيوش الخراب ... بين حصاة وليم بليك والأرض اليباب لإليوت

زهير سالم*
zuhair@asharqalarabi.org.uk

أخي هل سمعت أنين التراب

تدك حصاه جيوش الخراب

وتصفعه وهو صلب عنيد .........سيد قطب

وأنين التراب هو أنين اللحم الحي تحت سياط الجلادين ، أو أنين الروح تحت معاول الهدامين ، أو تثاقل المتثاقلين ، وعجز العاجزين ..

التراب هو هذا الجسد الإنساني بضعفه ، بمراكز مستقبلات الألم فيه ، وسيالته العصبية العجيبة ، وما يوازيها من سيالات شعورية ونفسية ، يكون منها صبح أمل وظلمة يأس وقنوط ،

 حصاه : هي قلاع الصبر والمصابرة ، ومفاصل الشمم والإباء ، هي العظم الذي لا ينكسر ، والإرادة التي لا تلين .حصاه هي معتصمه عند قوم كانوا يحصون ذكرهم لله بالحصا ، فإذا ذكروه غابوا عن الألم وهم حضور....

وجيوش الخراب : هي جيوش ، وليست جيشا ..

هي مشخصات مكر الليل والنهار .. عدادها من شياطين الإنس في مواجهة التراب الخصب ، حصاه الصلب ، وشياطين الجن منا وفينا، وفي دواخلنا نغشاها وتغشانا فتزين لنا وتزيف علينا ، وتوحي إلينا كثيرا من زخرف القول غرورا  ..

 جيوش الخراب : جيوش نعاينها ونراها ، ونحتاط ونحذر منها ، وأخرى ترانا ولا نراها ، وثالثة نعتدها وهي تعد لنا ، ورابعة تتقمصنا فتشلنا ، وتقعد بنا ، تخطف أعيننا عن الحق ، تزين لنا القعود ، تلسع أجسادنا بخدر لذيذ يسمونه النوم إلى العذر ، والقناعة بالعجز ، والرضا بالمهانة والقبول بالدون ،  وأننا لم نخلق إلا لنكون قبضة طين ، تطؤها الشياه ، كما قرر من قبل وليم بليك ..

جيوش الخراب :  تنطلق من كل القواعد ، تمتطي السياط ، والصواريخ ، والطائرات ، والدبابات ، و تيارات الكهرباء، وأسلاكها ، والجراد المسعور يجرد كل نبت أخضر ، والغربان تنعق بالكراهية والطائفية والعداوة والبغضاء ..

جيوش الخراب : أطباق من دوامات العجز تفرض نفسها على من حولها طبقا عن طبق ، تحاصر المريد ، وتُقعد القادر ، وتكمم الناطق ، وتشل يد الفاعل ..لتكمل كل ما عجزت عنه أسرابها الأولى  ..

جيوش الخراب : أعدى العدو ، وأعدى العدو نفس بين جنبين ، تفحّ  ذلة وقعودا وتثاقلا وإثقالا ، تلفّع ذلك برضا وغرور وعجب وكبر فتداهم النفوس الحية فتحيلها كما يقول ( ت . اس. إليوت ) إلى الأرض اليباب ..

وتصفعنا جيوش الخراب ، تطؤنا أظلاف الشياه كما قبضة الطين لتحولنا مرة أخرى إلى الأرض اليباب ، ولتجعل عوالمنا الداخلية مراحا للبوم والعناكب والغراب  

تصفعنا ، فتصمد فينا حصا ذكر الله ؛ فإذا كل واحد منا صلب عنيد ..

إلى كل الثائرين على ظلم الآخرين لكم ... ثوروا على تخاذلكم وضعفكم وتغيبيكم ، ارفضوا العجز والوهن فهي والله الوهم الذي يستعين به طاغية أو يستكين إليه قليل حيلة يظن أنه لا أكثر من الألف يكون ..

وتصفعه وهو صلب عنيد ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 718