مكة المكرمة

د. حامد بن أحمد الرفاعي

مَدِينَةٌ رَبَّانِيَّةٌ مُقْدَّسَةٌ تَعَبُديَّةٌ..ذَاتُ خُصُوصِياتٍ اسْتِثْنَائِيَّةٍ عَنْ غَيْرِهَا مِنْ بِقَاعِ الأرْضِ..طُاهِرَةٌ مُطَهَرَةٌ مِنَ الشِرْكِ والمُشْرِكين..نَظِيفَةٌ نَقِيَّةٌ مِنَ الرِجْسِ والدْنَسِ..آمِنَةٌ مَأمُونَةٌ مُؤمِّنَةٌ لِغيرِهَا..لا يَخَافُ أهْلُها وَلَا يَجُوعون..مَصُونَةٌ مَحْرُوسٌةٌ فَهِي بَيْتُ اللهِ وَحَرَمُهُ..صِنَاعتُهَا وتِجَارَتُها وَاسْتِثْمَارَاتُها في خدمة ضُيوفِ اللهِ مِنْ حُجَّاجِ وَعُمَّارِ وَزُوَّارِ بَيتِهِ الحَرَامِ..ومِنْ أبرَزِ خُصوصِياتِها أنْ تتَكيفَ النظُمُ والقُواعِدُ والسْلُوكِياتُ والتَصْرُفَاتُ والعَادَاتُ والتقاليدُ والأزياءُ فِهَا..لتكونَ وفْقَاً وَطِبْقَاً لِهُويّتِها الدِنيَّةِ والثَقَافيَّةِ وما اختَصْهَا رَبُها وَرَبُ النّاسِ بِهِ مِنْ خَصَائِصَ وَسِمَاتٍ وَقَدَاسَاتٍ..حَتى وَإنْ تَعَارضَ ذَلِكَ مَعَ المعاييرِ البشريَّة في تَحْقِيقِ المَصَالِحِ..فالحقُ أحقُ أنْ يُتْبَع..والقَاعِدَةُ الرَبَّانِيَّةُ المُحْكَمَةُ تُقرِرُ ذَلِكَ وَتُؤكِدُه كَمَا فِي قَولِه تَعالَى:"وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"وَمِنْ تَعْظِمِ بَيتِ اللهِ الحَرَمِ أنْ تَكونَ لُغَةُ القُرآنِ الكَرِيمِ هِي لُغَةُ التَخاطبِ الرَسْميَّةِ الأسَاسِ بَيْنَ القَائِمين عَلَى خَدَمَاتِ النَّاسِ..مَعَ الأخْذِ بِإتْقَاِن جَمِيعِ اللُغَاتِ البَشَرِيَّةِ لأنَّ التَنّوعَ اللُغَويَّ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللهِ الكُبرى..وَسِمَةٌ مِنْ سِمَاتِ الحَجِ وِرِسَالَتِه الرَبَّانِيَّةِ الإنْسَانِيَّةِ الحَضَارِيَّةِ الرَاشِدَةِ..وَإنَّه لَمِنْ حُسْنِ الأداءِ وَتَعْظِيمِ المَكَانِ أنْ يَكُونَ للعَامِلين فِي مَرافِقِ الخَدَمَاتِ لِضُيوفِ البَيتِ الحَرِامِ زيَّاً مُوحدَاً يَعْكِسُ أصَالَةَ الهُويَّةِ الدْينِيَّةِ والقُوميَّةِ وَالتُرَاثِيَّةِ السُعودِيَّةِ والعَرَبِيَّةِ والإسْلامِيَّةِ..وَمِمَا تَجْدُرُ الإشَارةُ إليهِ والإشَادَةُ بِهِ..مَا يُؤكِدُ عَلَيهِ بِاسْتِمرَارٍ صَاحِبُ السُموِ المَلَكِيِّ الأميرُ خالد الفيصل/مُستَشارُ خَادِمِ الحَرَمينِ الشْرِيفينِ وأميرُ مَنْطِقَةِ مَكَةَ المُكَرَّمَةَ:أنْنَّا نَعْمَلُ وَنُصِرُ أنْ يَكُونَ لِمَكَةَ هُويتُها وَطَابَعُها الدِينِيِّ وَالثَقَافِيِّ الذي يُميِّزُها عِنْ غَيْرِها مِنَ المُدنِ مَحَليَّاً وَعَرَبِيَّاً وَإسْلَامِيَّاً بل وَعَالَمِيَّاً..وَسَنَعْمَلُ عَلَى تَحْقِيقِ مِثَلَ ذَلِكَ لِمَدينتي جَدة والطَاِئف بِمَا يُبْرِزُ مَكَانَتَهُما وَتَارِيخَهُما الحَضَارِيِّ العَرِيقِ..وَيُؤكِدُ سُموه- سلمه الله تعالى- قَائِلاً:"إنَّ تَحَدِيَاتِنَا في تَأصيِّلِ وتَأكيدِ هُويَّتِنِا الدِنِيَّةِ وَالثَقَافِيَّةِ والحضَارِيَّةِ لأمْرٌ عَظِيمٌ وجَلَلٌ..وَنَحْنُ السُعودِيين(على الأخص)نُواجِهُ اليُومَ أعْنَفَ وَأشْرَسَ وَأخْطَرَ هَجْمَةٍ عُدْوَانِيَّةٍ اسْتِئْصَالِيَّةٍ إقليميَّاً وعَالَمِيَّاً..أجل يا سُمو الأمِيرِ..إنَّ الأمَّةَ العَرَبِيَّةَ والإسْلامِيَّةَ بل والأمنَ والسْلامَ العَالَميَّ في خطرٍ مُدَمِّرٍ..مَا دَامَت السْعُودِيَّةُ دَولَةُ الحَرَمينِ الشَرِيفينِ..وكَعْبَةُ المُسْلِمين..وَمَهْبِطُ نُورِ اللهِ للنَّاسِ أجمعين في خَطر..وَحَسْبُنَا حيَالَ ذَلِكَ أنْ نَقُولَ مَا قَالَ سَيْدنا وَسَيْدُ الخَلْقِ أجْمَعين نَبِيُنَا وَرَسُولُنَا محمد صلى الله عليه وسلم عِنْدَمَا تَكَالَبَ الأشْرَارُ عَلَيهِ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وَصَوبٍ يُريدُونَ الأذَى بِهِ والنَيْلَ مَنَ الإسْلَامِ وَدَولَتِهِ إذْاك.. كَمَا هُو في قَولِهِ تَعَالَى:"الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيم"أجل..حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

وسوم: العدد 721