تحليل الدم وتحليل الأفكار
لاحظت ومن خلال بعض المؤشرات الصحية أن صحتي لم تكن على أحسن مايتمناه المرء. إتّجهت إلى طبيبي وبعد الفحص نصحني بإجراء جملة من التحاليل. عدت إليه بعد ظهور نتائج التحليل فلم تعجبه النتائج وأوصاني أن أزور طبيب مختص آخر. زرت الطبيب المختص وأنا أحمل معي نتائج التحليل التي لم تعجبه هو أيضا، فما كان إلا أن أضاف في جرعة الدواء، وطلب مني أن أزور طبيب مختص في أمر بعينه له علاقة بما أشكو منه وجملة من التحاليل وأن أعود إليه بعد الانتهاء من أخذ الدواء أي بعد 6 أشهر.
وأنا الآن ومنذ شهر أتابع نصائح الطبيب المختص، وقد لمست لحد الآن تحسنا ملحوظا وبارزا، ونسأل الله الصحة والعافية للجميع.
هذه المقدمة دفعت صاحب الأسطر إلى أن ينتقل من تحليل الدماء إلى تحليل الأفكار لأخذ العبرة في الرفع من مستوى المجتمع من خلال الأفكار.
الأفكار كالصحة تظهر عليها علامات الصحة والمرض، فإذا ما رأى صاحبها خللا في إحدى مؤشراتها استشار عالم الأفكار ومن لهم دراية بعالم الأفكار.
إذا رأى مايدل على سلامة الأفكار وفاعليتها اطمئن وزادها رسوخا وثباتا، وإذا لمس بعض المؤشرات الدالة على مرض أو عدة أمراض إنتقل إلى من هو أعلم من الأول وأدرى بأسرار عالم الأفكار.
وتحليل الأفكار يحتاج لقراءة الكتب والدراسات ومتابعة المستجدات بنظرة نقدية ثاقبة لاتتعصب لأحد ولا لطائفة ولا لشخص، والفكرة تحترم إن كانت فاعلة مهما كان صاحبها والجهة التي من ورائها.
وما يطيل مرض الأفكار ويعمّق الداء ويطيل في عمر العفن هو الطاعة العمياء للشيوخ وقادة الفكر وكأنهم معصومون منزّهون عن الأخطاء، وعدم مناقشتهم في أفكارهم ومواقفهم السّياسية ونظرتهم للدين وكأنّها دين لايجب الخروج عنه، وكذا الطاعة العمياء لهذه الدولة وتلك باسم الدين تارة وباسم الجغرافيا والتاريخ وقداسة الأشخاص تارة أخرى، حتى أن المريض فكريا في هذه الحالة يجد نفسه يعادي مجتمعه ويحارب رموزه ويفضّل عدو وطنه ودينه وتاريخه على وطنه ودينه وتاريخه، ويبيع خيرات وطنه بأبخس الأثمان، ويتّهم كل غيور على أرضه وعرضه ويصفه بما ليس فيه ولا منه.
إذا كانت تحاليل الدم في وقت معلوم ولمدة محدّدة ويمكن تحديد علاماته وعلاج آثاره، فإن تحليل الأفكار في كل وقت وحين لأنه يصعب تحديد علاماته خاصة إذا طال عليه الأمد وصعب حينها إيجاد العلاج وتخفيف من حدّة خسائر الأفكار التي لحقت بصاحبها، لأنه يعامل يومها معاملة المريض المصاب بمرض مزمن الذي ويحتاج إلى شدّة وقساوة في العلاج للوصول إلى النتائج الحسنة المرجوة.
وقت ظهور نتائج تحليل الدم قصير جدا لذلك يمكن تدارك الخلل، أما ظهور نتائج تحليل الأفكار يحتاج إلى وقت طويل وجهد شاق لذلك وجبت المتابعة المسترة واليقظة الدائمة والمراجعة الشامله.
إذا كان تحليل الدم يحتاج لمراقبة للوقوف على الخلل في حينه ومعالجته بأقل الخسائر وأدنى النفقات، فإن تحليل الأفكار يحتاج إلى مراقبة ذاتية مستمرة ومتابعتها في جميع المواقف والأحوال حتّى إن أصابها خلل رأي أو موقف من المواقف أمكن لصاحب الفكرة توقيف الأعراض في حينها واستبدالها أو تصحيحها بما يناسب ويلائم صحة وفاعلية الأفكار.
وسوم: العدد 729