حوارٌ في التطرف
1- تعريف التطرف: التطرف لغةً: حَدِّ الشَّيْءِ وَحَرْفُهِ، والخروج عن المألوف ومجاوزة الحَدِّ، والبُعد عما عليه الجماعة. التطرّفُ اجتماعاً: الشدة في الشيء أو الإفراط فيه أو في موقف معين ،والتحوّلُ اقصى الاتجاه أو النهاية والطرف .
من مفهوم التطرف: أولا: الغلوّ: الارتفاع في الشيء، ومجاوزة الحد فيه، ومنه قوله جل وعز: {لا تغلوا في دينكم}[النساء: 171]، أي لا تجاوزوا المقدار. وأصل الغلاء: الارتفاع ومجاوزة القدر في كل شيء، يقال: غالى الشيءَ وبالشيء، وغلوت فيه إذا جاوزت فيه الحد. ثانيا: التعصب التعصب لغة عدم قبول الحق عن ظهور الدليل بناء على ميل إلى جهة أو طرف أو جماعة أو مذهب أو فكر سياسي أو طائفة والتعصب: ارتباط الشخص بفكر أو مجموعة والتشدد غير المنطقي في نشرها والدفاع عنها.
قد يؤدي إلى التطرف والهلاك والخراب بسبب التشدد وعدم الانفتاح وعدم التسامح آيا كان نوع التعصب ومهما كان شكله أو مصدرهُ. التطرف حالة مرضية: على المستوى العقلي أو المعرفي، العاطفي والوجداني، والسلوكي. فعلى المستوى العقلي يتسم المتطرف بانعدام القدرة على التأمل والتفكير وإعمال العقل بطريقة مبدعة وبناءة،
وعلى المستوى الوجداني أو العاطفي يتسم المتطرف بالاندفاعية الوجدانية وبشدة الاندفاع والمبالغة فيه.
إنَّ الكراهية المطلقة للمخالفة في الرأي أو للمعارضة الشديدة، هي كراهيةٌ مدمرة،
1- لماذا كثر الحديث عن التطرف في هذا الوقت ؟
لأن التطرف سمة مكروهة بشكل عام يَتهم به أعداءُ الإسلامِ معتنقيه الحقيقيين:
أ- ليجدوا المسوّغ في إخراج الإسلام من المعادلة السياسية والعسكرية والحضارية.
ب- ليخوّفوا المسلمين البسطاء من حمله والدعوة له .
ت- ليجدوا سبباً في حرب الإسلام وأهله.
ث- ليبعدوا عامة المسلمين عن الإسلاميين( الحاضنة)
ج- ولاننسَ أن الغرب والشرق عملوا على مرِّ التاريخِ بدَاَبٍ ليحرفوا المسلمين عن دينهم فتحرك المارد المخيف،فأقضَّ مضاجعهم.
2- ماهي اثار التطرف السلبية على ديننا الاسلامي ؟
أ- ينشئ العدُوُّ بأساليبة الخبيثة فرقة أو أكثرَ تسيء إلى الإسلام وتعطي صورة سلبية عنه.
ب- هذه الممجموعات المتطرفة تعمل على تقزيم الإسلام سياسياً ودعوياً وحضارياً.
ت- وتخيفُ الأقليات الدينية في بلاد المسلمين وتؤصل عداوتها لهم.
ث- تجعل الأقليات عامل هدم للمجتمع إذ تعطي هذه الاقلياتُ ولاءها لمن يتظاهر بالدفاع عنها واحتضانها لتكون خنجراً في جسم الأمة.
3- ما المطلوب منا لمعالجة هذه الافة في مجتمعنا الإسلامي؟
لعل التطرف قام على أسباب كثيرة منها:
- الجهل بالإسلام ، فالجهل أساسُ التطرف.
- تسنّمُ الجهلة ( مناصبَ القيادة ) من أهل الإفراط التفريط. وكل يسعى بالطرق الفجة أن يفرض قانونه ومفاهيمه.
فعلى العلماء والدعاة والوجهاء ذوي الفكر الوسطي ( الإسلام الحقيقي هو الوسط) أن يكون لهم دور إيجابي في :
أ- نشرِ الوعي في المجتمع المسلم
ب- توظيفِ السيرة المطهرة في تأصيل الإسلام بين المسلمين
ت- معاملةِ الأقليات كما كان السلف يعاملهم بالرحمة والعدل.
ث- مقارعةِ التشدد بـ( الحجة والمنطق)
4- من المتطرفون؟ أ- المتطرف المشحون بصبغة تعصبية غالباً ما ينعزل عن الفكر السائد، خاصة في الحالات التي تحكمُ فيها الأقليةُ الأغلبية. وفي كل بلدان العالم تحكم الأكثرية الوطنَ وتعتني بالأقلية إلّا في بلاد المسلمين فإن العدوّ (المستعمر) سلّم الحكم للأقليات وربط مصيرهم به
ب- وقد يصل التطرف إلى نهاية مقياس الاعتدال، إما بسبب شطط في الأفكار أو السلوك، أو بسبب أساليب قمعية يقوم بها نظام الاقليات مع معتنقي هذا الفكر. ويتحول المتطرف من فكر أو سلوك مظهري إلى عمل سياسي، وعسكري ويلجأ إلى استخدام العنف في تحقيق المبادئ التي يؤمن بها الفرد و مجموعته،
ت- وقد يلجأ المتطرفون حين يحققون بعض الانتصارات، أو يملكون وسائل العنف والقوة؛على المستوى الفردي أو المجتمعي أو الدولي – إلى استخدام الإرهاب الفكري أو النفسي أو المادي ضد كل من يقف عقبة أمام تحقيق أهدافها.
5- أسباب التطرف: أ- الجهلُ بقواعد الإسلام وآدابه وسلوكه، فينشأ الغُلُوّ.
ب- تقصير أكثرُ أهل العلم في القيام بواجب النصح والإرشاد والتوجيه
ت- اعتماد الشباب بعضهم على بعضٍ دون الرجوع إلى العلماء: يقول ابن مسعود رضي الله عنه : «لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمَنائهم وعلمائهم، فإذا أخذوه عن صغارهم وشرارهم هلكوا»
ث- حب الظهور والشهرة؛ حيث يكون الشخص غيرَ مؤهلٍ فيبحث عما يؤهله باطلًا، ولو بالتخريب والقتل والتدمير.
ج- الإحباط: أحد أسباب الخروج على الوسطية هو الإحباط وشعورٌ الشخص بخيبة أمل في نيل حقه أو الحصول على ما يصلحه ويشفي صدره.
ح- الفشلُ في الحياة الأسرية من أهم الأسباب المؤدية إلى جنوح الأفراد واكتسابهم بعض الصفات السيئة. الفشل في التعليم الذي يعد صمام الأمان في الضبط الاجتماعي ومحاربة الجنوح الفكري والأخلاقي لدى الفرد، والفشلُ في الحياة يُكَّونان لدى الإنسان شعورًا بالنقص وعدم تقبل المجتمع له. وقد يكون هذا الإحساس دافعًا للإنسان لإثبات وجوده من خلال مواقع أخرى، فإن لم يتمكن دفعه ذلك إلى التطرف؛ لأنه وسيلة سهلة لإثبات الذات ولو أدى به ذلك إلى ارتكاب جرائم إرهابية. الإخفاق الحياتي، والفشل المعيشي، وقد يكون إخفاقًا في الحياة العلمية أو المسيرة الاجتماعية، أو النواحي الوظيفية، أو التجارب العاطفية، فيجد في هذه الفرق الضالة، والجماعات التائهة ما يغطي به إخفاقه- أو يظن ذلك- ويُنسّيه فشله، ويستعيد به نجاحه.!
خ- عدم الانسجام بين ما يتعلمه المرء من أدب وأخلاق ورحمة ، وما يُمارس حوله من فساد وجنوح وظلم.
د- تفكك المجتمع وعدم ترابطه يولد حالة التذمر والجنوح والثورة ،
ذ- الفراغ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة، والفراغ» فهاتان نعمتان كثيرًا ما يغبن فيها الإنسان، فإن الفراغ مفسدة للمرء وداء مهلك ومتلف للدين، ونفسك إن لم تشغلها شغلتك، فإن لم تشغل النفس بما ينفع شغلتك هي بما لا ينفع، والفراغ النفسي والعقلي أرض خصبة لقبول كل فكر هدام وغلو وتطرف، فتتغلل الأفكار، وتغزو القلوب،قال الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجِدَة ...مفسَدةٌ للمرء أيَّ مفسدة
ر- غياب القدوة الناصحة المخلصة وضعف التربية تعود على الأمم بالتخبط وعدم وجود المرجعية الصالحة والأسوة الحسنة . وغياب القدوة من عوامل التفكك والانحطاط والتخلف.
ز- انتشار البطالة في المجتمع والفقر يفتحان أبوابًا من الخطر على مصارعها، من امتهان الإرهاب والجريمة والمخدرات والاعتداء والسرقة، وما إلى ذلك.
س-الغلظة في التعامل والخشونة في الأسلوب والفظاظة في الدعوة.
ش-ولا ننسَ أن أشد أسباب التطرفِ السعيُ الحثيث للعدو إلى تدمير الأمة وزرع الفتن وإنشاء جماعات ظاهرها الإسلام وباطنها معاداته ومحاربته باسم الإسلام.
وسوم: العدد 744