حروب الشطرنج - 30 (اللغز المتنامي)
وصلتني رسالة يقول صاحبها: بروفيسور الرفاعي .. من فضلك دعني أعرِّفُ بنفسي .. أنا بروفيسور جون بارك شاركت معكم في ملتقى القيادات الدينية في جامعة هارفارد عام2004م ويومها أعربت لي عن سرورك لكوني أتقن العربية .. وأنا أتابع قراءة رسائلك (في الفهم الاستراتيجي) وعلى الأخص رسائلك التي تكتبها تحت عنوان(حروب الشطرنج) إنَّها بحق رسائل عميقة المغزى والمحتوى .. وتوجه رسائل دقيقة المعاني للساسة والمفكرين.. ومن خلال تأملها ومجموعة من الباحثين معي والربط بين كل ما ورد فيها من إشارات وبيان ..أحسسنا أن لديك ما تخفيه من معاني وألغاز فيما سميتها :(حروب الشطرنج) فكلَّفني زملائي أن أكتب إليكم ملتمساً الإجابة عن تساؤلاتنا إن لم يكن لديكم حرج .. هل ما جاء في رسائلكم من رؤى مصدرها بحثي معلوماتي..؟ أم هي خلاصات تحليل واستنتاج..؟ ألا ترى أن من حق الأجيال أن تعرف ماذا يُراد بحاضرها ومستقبلها..؟ ألا توافق إن قلت : أنَّ امتناع المفكرين والباحثين الكبار من أمثالكم عن تنوير عقول الأجيال سيسهل مهمة غايات أئمة حروب الشطرنج كما سميتهم..؟ أرجو ألا أكون قد تجاوزت حدود الأدب واللياقة في مخاطبة مفكر كبير جليل مثلكم .. وجواباً عن هذه التساؤلات المقدرة أقول: أولاً أشكر وأقدر لكم ولزملائكم من الباحثين اهتمامكم ومتابعتكم لما أكتب.. وأفيدكم ثانياً : أنَّ ما تساءلتم عنه سبقكم إليه عدد كبير من الساسة والمفكرين والباحثين ..وهي تساؤلات موضوعية وعلمية مقدرة تؤكد أن الرسائل لامست عقولاً نيرة ..أما مصدر مادتها فمنها معلوماتي معرفي بحثي .. ومنها تحليلي استنتاجي ثمرة للمتابعة اليوميَّة والتأمل والتحليل لخارطة الأحداث المحلية والعالمية .. أما الإفصاح عن ألغاز حروب الشطرنج وحق الأجيال بمعرفتها..؟ أتفق معكم تماماً وقد رفعتُ اللثام عن بعض ما لدي من معلومات بحثية وتحليلية في ثنايا عدد من الرسائل وعلى الأخص الأخيرة منها.. وأحسب أن القدر الذي أفصحت عنه أو ألمحت إليه لكافٍ في هذه المرحلة .. لا سيما وأن هذه الحروب مفتوحة وطويلة الأمد كما يؤكد أئمتها وأصحاب قراراتها ..وأن أهدافها الحقيقة غير ما هو معلن ومشاهد .. وأنها لا تزال في مراحلها الأولى من ترتيب آلياتها ومساراتها الدقيقة.. وحسبي من الإفصاح: أنها حروب تسعى لإعادة تشكيل المشهد الكوني لصالح جهات أشرت إليها بأسمائها.. وأنَّ حجارتها وأدواتها صُنعت بإتقان ومهارة .. وأنَّ من هم وراءها ماضون بالطبخ المتقن وعلى نار هادئة وبنفس طويل .. وقد جيّشوا لها قوى متعددة ولا تزال عملية الحشد ماضية وفق متطلبات الزمان والمكان وردود الأفعال ..والباحثون والدارسون والمفكرون ماضون في المتابعة والتحليل والاستنتاج .. ومن ثمَّ الإفصاح والتنويه عما هو متاح وممكن ..وبعد فلكم ولزملائكم ولكل من سبقوكم بطرح مثل هذه التساؤلات الذكية خالص التحية والتقدير.. حقاً إنها تساؤلات تنمُ عن حجم قلق الأجيال تجاه ما يُخطط ويُطبخ لها ولمستقبلها.
وسوم: العدد 799