اللطف المفقود و الذوق المنشود
( وإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ) . 86 النساء.
ما أجمل دين الإسلام الحنيف حين علمّنا أدب اللقاء والمقابلة والمعاملة حتى تزيد المودة والمحبة بين العباد وتستمر الروابط لا تنقطع .
قال ابن كثير: قوله- تعالى- وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها .. أى: إذا سلّم عليكم المسلم فردوا عليه بأفضل مما سلّم، أو ردّوا عليه بمثل ما سلم.
خلاصة أخلاقية :
إذا كان لطف المعاملة والذوق في السلوك أمرا أخلاقيا مفروضا فإن الزيادة فيه أمرا مندوبا .
قال ابن القيم:.
فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك , إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته , وإما صاحب وحبيب فتستديم مودته , وإما عدو ومبغض فتطفىء بلطفك جمرته وتستكفى شرَّه.
نظرات في الذوق المفقود :.
أليس من ظُلمِك لأحدهم أن يلتزم نحوك باللطف والمحبة واللين والشهامة و التودد والرحمة بل ويبرع ويتفنن بما يحمله قلبه وما تملكه روحه تجاهك بإبعادك عن كل أذى و محاولة إنقاذك من كل ألم , ثم لا ينجو منك رغم كل ذلك من خيبة في تعاملك أو حسرةِ قد تحبطه من جفاء قلبك ؟؟؟ أليس من ظلمك لأحدهم أن يسأل عنك و يتفقدك ويقف بجوارك في محنتك ويخفف عنك ثم لا ينجو رغم ذلك من خيبة تؤلمه حين لا يجد منك مثل ما وجدته أنت منه . أليس من ظلمك لأحدهم أن يلقى عليك السلام بحرارة ثم لا ينجو من خيبتك بعدم ردك أو بردٍّ منك قد يطفىء في السلام كل حرارة . أليس من ظُلمك لأحدهم أن يبشَّ في وجهك ويبتسم ثم لا ينجو من عبوسك في وجهه و تكبرك عليه أو إعراضك . أليس من ظٌلمك لأحدهم أن يرقص فرحا سعيدا لخبر جميل أصابك ثم لا ينجو منك من عدم مبالاتك و تبلدك نحوه . أليس من ظٌلمك لأحدهم أن يتفنن في قربه و تقربه منك ثم لا ينجو من إبتعادك عنه وذهابك دونه . أليس من ظُلمك لأحدهم أن يذكرك بين الناس بخير ثم لا ينجو من تشويهك له و ايذائك بذكر عيوبه وستر حسناته . أليس من ظُلمك لأحدهم أن يرغب فيك ثم لا ينجو من إنصرافك عنه و إعراضك . أليس من ظُلمك لأحدهم أن تجده عندك دون أن تطلب ثم لا ينجو من عدم وجودك معه حين يحتاجك أو يطلب .
لا تفوّت عليك الخير:.
فحُسن الخلق يوجب التحاب والتآلف، وسوء الخلق يُثمر التباغض والتحاسد والتدابر.
ثم أنظر معى إلى توجيهات النبى المصطفى سيدنا محمد صلَّ الله عليه وسلم :.
( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم [ رواه أحمد .
وقد حث النبي صلى اللّه عليه وسلم على حسن الخلق، والتمسك به، وجمع بين التقوى وحسن
الخلق، فقال عليه الصلاة والسلام: أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى اللّه وحسن الخلق . [رواه
الترمذي والحاكم .
اللهم ارزقنا لطف المعاملة و الذوق المنشود ولا تفوّت علينا فرص الخير واجعلنا ممن يدركون
بحسن خلقهم درجة الصائم القائم .
وسوم: العدد 791