عزف الكمنجات الهائمة
خذي ما تشائين سيدتي
من فيض نهر الشوق..
وممشاي على الرمل
ودعي سحر عطرك هائما..
منسابا على الأرصفة والأزقة
انسياب عبير الياسمين ساعة الغروب
حتى إذا ما ضاق بي الوقت كسجين
وهدني الحنين ملت إليك
كما يميل الغصن إلى بركة الماء
خذي ما تشائين من سحر الكهنة وسحرك
وسحر هذا الليل الليلكي المطل على البحر
واتركي نظراتك مابين الجراح
وشرايين القلب منثورة
كما ينثر الحب للعصافير الجائعة
حتى إذا ما اشتد بي الجوع لعسل عينيك
وأفياء نخيلك..
وأشجار غاباتك..
وقسى علي الوقت كجلاد
مشيت خفيفا.. شفيفا خلف خطاك
كمريد شرده الذكر والعطر والظل
وشوق الحبيب مشيت خلفك
خذي سيدتي كل شيء..هداياك
وما رسمتيه من شغف الطفولة
على شط البحر
واتركي مرآتك المعلقة على جدارغرفتنا
لوحة ونافذة مشرعة على الريح
حتى إذا ما وقفت قبالتها عاريا
كأشجار الخريف هزتني بعنف
وكسرت أغصاني وأضلاعي
وشردت ما تبقى من أوراقي وأزهاري
أنا هاهنا سيدتي على صخرة سيزيف
أقف وحيدا
كمصباح معلق على ناصية الدرب
يعشق المطروالسفر
ورذاذ البحر..
أو كفنار على رصيف ميناء مهجور
يعبث به الموج كل مساء
أو كمركب تائه بلاقمر مضيء
وبلابوصلة وبلا شاطئ وبلا أغنية
أنا هاهنا هلين أرقب عودتك
كما يرقب اللاجئ المنكسرعند حدود الغرباء
عودة الأهل والوطن
وهويعرف أن الوطن مزقته الحروب
فلم يعد غير أثر وخبر
وعزف حنين على وتر الكمنجات.
وسوم: العدد 877