همسات القمر (11)
خديجة وليد قاسم ( إكليل الغار )
* هكذا هي الحياة .. تمضي بنا في دروبها و طرقاتها .. تأخذنا في دوّاماتها و أحلامها ، بل و أوهامها .. فحينا تمر بنا في حدائق غنّاء .. و رياض ذات بهجة و عطاء .. و أحيانا تلقي بنا في عمق الصحراء .. و تخنق أنفاسنا و تشرذمها في أراض مقفرة جرداء .. و في كل الأحوال قد نخطئ التقدير ، أي درب هو درب السعادة الذي سيجعلنا نتنفس أخيرا الصعداء .. فيا لتقلبات الحياة .. و يا لدروبها التي تؤرجحنا بين سعادة ولأواء .
* رأيت صورته قبل قليل ..و كل يوم أرى صورته إن لم يكن بناظري ، فبقلبي المتعطش إلى لقائه و الصلاة في محرابه .. أخذتني الحسرة المكتومة و انسلّت من نفسي آهة محبوسة ترزح بقيد الأسى والشجن على مسرى نبينا الذي بالكاد نذكره أو نعرف ما يجري فيه يوميا من تدنيسات و انتهاكات من أنجس خلق الله و أسفلهم .. سرحت و حدقت في سماء أفكاري أتساءل : هل سأنال شرف تقبيل ترابه ؟ هل سأكون ممن يلبون نداءاته التي تستصرخنا كل يوم و نصم آذاننا عنها ضعفا و هوانا و عجزا ؟ هل سأدرك اليوم الذي سأراه يرفل بثوب عزته و شموخه و نصره ؟ أتراني سأكحل عينيّ بمرآك أيها الحبيب قبل أن تعلن شمسي رحيلها و تغيب ؟؟ متى اللقاء ؟ ومتى سنقرع طبول زحفنا مرتلين أعذب و أعظم نداء ؟ متى ستعلو سماؤك صيحة الله أكبر لتختلط بهنافات النصر المظفر ؟ متى يا أقصانا الحبيب ؟
* أسير في شوارعك العتيقة ، أجوب دروبك الضيقة .. أبحث عن بقايا روح تخاطب روحي و تُسْكن جروحي
أمضي في طريقي و أمضي .. و في كل خطوة يتصاعد نبضي
تزداد دقات القلب سراعا .. و العين ترقب من البدر شعاعا
أيها البدر الساكن في الفؤاد .. لا تدعني أكمل سيري وحدي
كن لي خير رفيق .. فلأنت أفضل و أروع صديق.
* عندما تشتاق الروح لهم ولا تلقاهم .. و عندما يهتف القلب باسمهم يناديهم ولا يلبون
وعندما تبحث الأحداق عنهم لتقتبس منهم نورها الذي به ترى ماحولها ثم لا تجدهم
تتكاثف المدامع في العيون .. و تنساب في انكسار من بين الجفون
و تعتصر النفس أشواقها و تحاول كبت جمارها في محاولة لتجنب لظى سعارها.
* تخنقني خيوط الشوق
تغتالني ..
تعتصر الفؤاد مني
تتلاعب بي..
تقهقه على وقع رقصي الأليم
تشد خيوطها لتغتال الروح مني
تنزع الحياة من قلبي السقيم .
* من نسج أوهامي ارتديت
في ظل آلامي غفوت
و مشيت نحو الجدول
الممزوج من بحر العنا
كوبا من الأشجان
قد أترعته
حتى ارتويت
* أسبلت إزار الحزن من فوق ركام آهاتي
و امتطيت صهوة خلجات دفقاتي .. أحكمت الخناق على دقاتي
حملت أحزاني و أشجاني في سلة البؤس الكئيبة
صممت أن ألقيها في متاهات غريبة
فهناك .. ستتلوع من غربتها و ستضجر
و على شاطئ مرساها ستذوي و تتبعثر.