حين يطغى ليلُها
(السيل قد بلغ الزبى)
بلغ الذرى والمنتهى
عانت قلوب الخلق
من تلك الخطوب على المدى
شاهت وجوه القوم
حين تشوّهتْ
زهرة الحب الجميل
ويوم لاقت حتفها
وترقّبت عيني قناديل الأزقة
بينما اندثرت أشعة نورها
نضب السراج من السنا
حتى توارى خلفه الإشراق
في وجهٍ عبوسٍ
منذ كبَّل في الليالي فجرها
في إثرها
جفّتْ غصونٌ للمودة والعُرى
وتأجّجتْ نيران حقدٍ
في العشيرة والورى
يا ويلها .. يا ويل رقعتنا المنيعة
والحصينة قد هوت كثبانها
وهناك مجدٌ بات يُتلى
في صحائف للقدامى وانتهى
وتراجع الإنسان
منتكساً عن الفكر الذي
قد كان يعلن عن هويته التي
فُجِعت لأرضٍ
قد نفت فرسانها
مدنيةٌ تطغى على الأحياء
في كتل الجماد
كي تعتلي في موكبٍ للناطحات
الذاهبات إلى السماء
وتمتطي متن البراعة
حين أقصت أهلها
وهنا يتوق لوجدها
إعمال فكرٍ
بين ساحات الحياة
وروضة غنّاء
في مُثل الكرام
بأُلفةٍ ومحبةٍ
وتعاون للخير
في نشر السلام
فهكذا خُلق الأنام لأجلها
فـــ لِمَ العناء ولِمَ التدافع
والقتال على البقاء ؟
والركب محتوم الفناء
تلك النوازل
قد تمخّضت ابتلاء
والدم القاني ملطخةٌ
به جُدر الحمى
وعلى جثامين الثكالى بغتةً
ذرفتْ عيونٌ دمعَها
هطلتْ به ديم السما
ويطوف من فوق المرابع
كل يومٍ بالبراعم قد لهى
ركب المنون
وجاء يحصد كل شئ حولها
الزهرة البيضاء بين حدائقٍ
وبراءة الأشياء بين خلائقٍ
وقوافل الأحياء تتشح السواد
وترتدي ثوب الحداد
على أماني قلبها
وتأجج الغليان
في تلك المراجل
بين قيعان البحور
وقد تبدّى للشواطئ موجها
في وثبةٍ تُبدي دوياً
بالنفير وشجْب ترياق النمير
وحزن فوّاح العبير لقهرها
بشرية الإنسان ضلّتْ
كل دربٍ للوصول وللخلاص
ما عاد في مخزونها شيءٌ يضاف
لكي يجدد في عزائمها المراس
وقد توقّد ألف لهبٍ
حينما طل أبو لهب جديدٍ عندها
وتقهقر الوثّاب
في يومٍ تعثّرت الخُطى
عن وثبة الإقدام زحفاً للأمام
قد اكفهرت للربوع ملامحٌ
كي يعتلي قسماتها وجه الغمام
ولكي يصير إلى قتامٍ ومْضها
الكائن البشري
يطوي في سجلات الحياة
محدّثاً في نفسه
عن شرودٍ بين أفكار النُهى
وكأنه خِلٌ يحدّث خِلّه
حينما ضاقت به سبل البراح
على رحابة أرضها
يمضي الهوينا مسرعاً
أو صامتاً فمحدّثاً
مثرثراً متسرّعا
وكأنه المحموم في وادي الشرى
بين ريحٍ سافيات
قد أثارت حنقها
أبديةٌ تعدو بنا نحو الصراع
هل يا تُرى
تغدو بنا
تلك الحياة
إلى شواطئ للنجاة
أم أنها حتماً
تؤوب إلى الضياع
وتقطّع الترياق
والإمداد والمتاع
لينزوي وجه الصباح
حين يطغى ليلُها
وسوم: العدد 1107