قدس أقداس الرجال

رمضان زيدان

أكرِم بموقعهم مآبا

أحيا توقدهم شبابا

الآخذون من العدا

أسرى بأيديهم غلابا

شَدوا وثاق زنودهم

وتملّكوا فيهم رقابا

للركب عزمٌ سابقٌ

مستلهماً همماً صِلابا

الواثبوان لدى النهارِ

إلى جهادٍ مستطابا

وبالليالي الساكناتِ

الناسكون بها ثوابا

القارئون من الكتابِ

أنفـالَ مُثريةٌ كتابـا

ثلثٌ بليلٍ غاسقٍ

بلغوا به نُسْكاً نِصابا

العازفون عن الهوى

لم يعرفوا أبداً دُعابا

لم يسلكوا درب الخنا

قد عفَّ قولهمُ السبابا

لم يغفلوا عن موطنٍ

لم يجنحوا نحو الرَتابا

لم يعزفوا فوق الغواني

على كمنجة أو ربابا

جعلوا الاباء بنُصْبهم

وإلى توثبهـم مــآبــا

ألِــقَ انتصـارٌ بــارعٌ

أوفى انقضاضهمُ سلابا

لاقوا الشموخ بربوةٍ

شـمّــاء ولّتهم شِعابا

هزّوا العرين بزأرةٍ

أعلتْ أماكنهم إيابا

عمدوا عمادة تُـرْبـِهم

نفضوا عن العقل وشابا

طبعوا الفداء نفوسَهم

فانجذبوا للقمم انجذابا

سلكوا الوعور مدججين

بفكـرهم عدْواً ذهـابـا

دفعوا الجموع لنصرةٍ

والهيجا تحسبهم حسابا

قهر البغاةَ صمودُهم

لا لم يسجلهم غيابا

والأرض نُصب عيونهم

لم تشهد الأرض اغترابا

مـجدٌ ترصّع بالفدا

هم خائضون له صعابا

هم هَدْيُ ليلٍ بالسما

من قادهم وأد اضطرابا

هم وقْد عزمٍ شاعلٍ

بالروح تصميمٌ أجابا

وهم البُناة حصونهم

والرافعون يداً غضابا

وهم الجحافل أمطروا

بسواعدٍ رمياً نِشابا

وهم اليقين بحقهم

لم يرمقوا أبداً سرابا

سَبَقَ الأُبـاة لـموقعٍ

دفعوا من السيل عُبابا

جلَّ الحماة بأرضها

يا ويل من ينوِ اقترابا

صدحوا بأبواق الخروجِ

إلى جهادهمُ ارتقـابـا

وإلى الشهادة أمعنوا

سبقوا لـموقعها وثـابـا

وتحشّدوا أرض الـمضا

عرفوا لمن سبق اكتسابا

فابن التراب قد ارتقى

خُلقاً مُـجلِّياً التـرابا

قـد جـاء بطلاً ثائـراً

محقتْ بطولتُه النكابا

شعـب الجبـابـرة همُ

من أضرموا بالوقد غابا

شعب البسالة قد سمى

مضمون فكرته إجابا

شعب الإرادة راسخٌ

كالطود مرتقياً هضابا

شعب الصمود مشيداً

من وقْع شكمته أصابا

يوم الـمروءة قد بدا

لتعود سطوته اصطلابا

دفع الكتائب للوغى

ومرسّخاً بهم انتسابا

وانقض قسورة وثوبا

مُكشـراً فــاهً ونــابــا

دعتْ الربوع من افتدوا

من صوّبوا حقاً صوابا

دربٌ سَـمـيٌّ يُــرتـجي

أبوا على مكانته مُعابا

ولهم هنالك أمهات

قاموا بواجبهم نَجابا

الصابرات الـمؤمنات

من احتسبن لدى الـمُصابا

القـانتـات لـربـهن

من القنوت فتحن بابا

جعلوا الفضيلة نهجها

نزعوا من النفس ارتيابا

فالنصر قادم لا مُحالا

هو اليقين ولن يُشابا

عند البكور تنسُّمٌ

أمضى عزائمهم صلابا

غسلوا المآقي بالندى

فاستشرفوا منها شبابا

دفعوا بفلذات الحشا

أكباد وجدهمُ استذابا

ولقبة الـخُلد قـوى

طافوا بساحتها رحابا

دفعوا زنوداً للوطيسِ

إذ الوغى أضحى اقترابا

فاليوم يومك يا أبيُّ

اجعل له فصلاً خطابا

والرامي بَسْمَلَ حينها

بين العدا غرس الحرابا

مغوارُ طاف بساحها

من عاهـد الجبــار آبــا

قد جاء قيماً بالتفانِ

معانقاً زمراً صحابا

طالع هناك لترتقي

عدْواً يناورهم خُبابا

تلك العزيمة أمعنتْ

وتوغّلتْ فيهم مثابا

ولكل من أسر العدا

قد على صوتاً جوابا

يا ومضة المجد أراكي

على شواطئها شهابا

يا نفرة الأحرار قومي

أبيةً تـمحو صعابا

يا من رمقتَ بأرضها

طالع ترى عجباً عُجابا

طالع توحّد صفهم

فلا ملام ولا عتابا

فعُرى الأخوة نهجهم

قيمٌ تُجمّعهم صبابا

قاموا هناك تلاحماً

قدِموا بجهدهم احتسابا

في كل ضاحيةٍ ردى

وبرغمه وثبوا اكتسابا

لا لم يبالوا بالشرى

أو خطب بينهمُ أصابا

أُسْدٌ برغم ملمةٍ

وكفاح ركبهمُ أنابا

من قدس أقداس الرجال

تأهّبوا فتحاً مُـجابا

عرفوا الطريق لحقهم

فلتُأخذ الأرض غلابا

وسوم: العدد 1118