صعلوكُ الرحمةِ أنا والحُبّ

حمّودان عبدالواحد

صعلوكُ الرحمةِ أنا والحُبّ...!

حمّودان عبدالواحد / فرنسا

كنتِ الجسدْ

ياسلطانه

فنجانَ قهوَه...

وكان شهوَه

يؤرّقهُ الزمنْ

فيحْتسيكِ

رشفة تلو رشفه...

يخشى نهايَةً تفنيهْ ،

فتعتريهِ فجأةَ نزوَه

تريدكِ نهايةً تفنيكْ...

هكذا بكل قسوَه

ياقهوَه... !

*******

وكنتُ الحبّ !

ذرّاتِ ربيع

وبُراقَ رحْله ،

هذه الشعابَ وتلك الدروبْ !

هذه الرياحَ وتلك الحُبوبْ !

هذه المياهَ وهذه التربه

هذا النسيمَ ودفءَ الجنوبْ...

وكلّ القرى الدافنة رأسها

في رَحِم السماء ،

تحتها الغيومُ

وفوقها تمْتدّ عذراءَ زُرْقه

صامتة بيضاءْ

صفحة خوفٍ وقلق وانتظارْ !

*******

أنظلّ ندورُ هاهُنا

كأسطوانة السلطانْ

في فراغ ؟

من يُغلي الماءَ

ويملأ الفنجانْ

بالنظرة والحنانْ

والزبدة والعسلْ ؟

*******

وكنتُ الحُلم !

حليبَ ترابٍ

وملحَ نهضه

أطلّ عليكما

من فوق ربْوه ،

يدايَ كفّتانِ

وأصْغرَيّ ميزانْ...

جذوة من جودٍ

وأيّ جذوَه...

نغمة من عودٍ

وأيّ نِعمه...

زهرة من آمالٍ

وأيّ بسمه...

حلماتِ نهودٍ

وورودَا

رمشاتِ وعودٍ

وعهودَا...

*******

ورأيتماني من بعيدٍ ،

وأنتما في وَرْطه

تسجدان للشفق والغروب

تنبَطِحان في غباء

تشربان الذهول

وتنفثان الخمول...

وقلتما في لحظه :

هذه هفوَه

تحسب نفسَها ثورَه ،

وصحتما : لِتحْيَ الشهوَه

في ظل الثروَه !

*******

أغلقتما أبوابَ القدر !

شرّعتما اجترارَ الأمسْ !

فرارٌ في تكرارْ

شجارٌ مع الأحياءِ

والتاريخ والخيالْ...

وسُمِعَ صراخُكما في وادٍ سحيق

من الويلْ...

أهو احتقارُ الإنسانِ لنفسهِ

أمِ انتحارْ ؟

*******

ونظرتُ إليكما بلهيبٍ من حسرَه

وأنتما تلعبان بالغدِ

في نشوَه

في غفله

وقلت لكما : أنا لست غيْرَه

أنا دمْعَه ، أنا... ، أنا حيْرَه !

وأقسمْتُ لكما... لستُ فِتنه ،

أنا رغبَةٌ

في خيمَه

مأوى الجياعْ

وملجأ المهمّشين وسقفَ العراة...

بسمة ولمسة وقبله

لكل مظلوم وعجوز وصغير...

أنا هذه الأمّ وهذا الطفل ،

أنا هذا الصوتُ هذا القلب ،

أنا هذه الإرادة هذا الشعب ،

أنا يقضانُ بن حيّ العربي  !

*******

أنا كِلمةٌ

حبلى بالجمارْ

أنا رحمةٌ

مُمَرّغةٌ بالرّمادْ

أنا المفاجأةُ أنا الفتُوّه

أنا احْذرا منّي

صعلوكٌ من سُلالة عُرْوَه !