في عَصرِ كُتاب المَواشي سقط القلم

الباحث: محمد عبيد الله

محاضر سابق بكلية اللغات جامعة وليم باترسن

نيويورك

[email protected]

مناسبة القصيدة

 قبل أيام نشر الدكتور إبراهيم عوض أستاذ النقد الادبي في جامعة عين شمس مقالاً بعنوان   العمامة والقبعة  ,   وحيث أني مقيم في أمريكا , كنت أتصور أني سوف أعيش مع قصة ممتعة عن حياة البدو و نبل أخلاقهم وتجمعاتهم القبلية , وكرمهم ونقاء نفوسهم , وصدق مشاعرهم , وما تحمله عباءة البادية من كل ذكر حسن 

أما أصحاب القبعات فأنا أعلم بهم وبأحوالهم ,  فكنت أنوي أن أقفز عن الفقرة ألتي تخصهم ولكن الخيبة وقعت عندما تعمقت في قراءة المقال

فتبين لي أن البدو والعجم حتى الغنم , براء مما جاء في المقالوأن من هاجمهم الناقد الأدبي بقلمه ليسوا بحاجة الى أديب وأستاذ جامعي ليصدهم عن كفرهم وعبثهم في عقول أبناء مجتمعهم , بل كانوا بحاجة إلى مدفعية وراجمة صواريخ وكاسحة الغام

  يقول الدكتور إبراهيم عوض في مقاله

وهذه قطعة صغيرة من مقال طويل تحتاج إلى إجازة حتى تكمله

 يقول

وهو يقصد كُتاب الدعارة من الجنسين الذكور والاناث 

وإلى القارئ مثالا من رواية لإحدى أولئك المنتميات لعالم القلم رغم أن مكانهن المناسب ليس هو دنيا الكتابة، بل الكباريهات التى تؤدَّى فيها رقصات "الإستربتيز" حيث تتجرد الراقصة العاهرة من ملابسها كلها وتعرض على الحاضرين سوأتها كاملة ينهشونها بعيونهن على راحتهم، زاعمات هن والقوادون الذين يلتقطونهن من زوايا الطريق ويشجعونهن على هذا أنهن فنانات. بل إن هؤلاء الراقصات لأفضل منهن ألف مرة، إذ هن يؤدين رقصاتهن فى مكان مغلق لا يرتاده إلا القليلون، كما أنهن يكتفين بتعرية سوآتهن دون أن يباشرن الجنس ولا يصفنه بتفصيلاته وألفاظه العارية أمام الدنيا كلها.

 تقول واحدة من كاتبات الإستربتيز وممارسات الجماع على الورق، ونحن ننقل ما ننقله هنا عن "الدنف"، ونستميح القراء الكرام أن يعذرونا فى نقل مثل هذا العفن، فناقل الكفر ليس بكافر، فضلا عن أننى أريد أن يعرف القراء مع أى صنف دنس من الكائنات نتعامل. ثم إن هذا الصنف لم يستر على نفسه، فهل نستر نحن عليه؟

 تقول المحترقة نقلا عن "الدَّنَف": "كنت أصل إليه مبلّلة، وأول ما يفعله هو أن يمد إصبعه بين ساقيَّ، يتفقد العسل كما كان يسميه، يذوقه ويقبّلني ويوغل عميقا في فمي".

 لكنْ لشديد الأسف والأسى لم تشرح لنا الكاتبة المقصود بقولها عن نفسها إنها كانت تصل لعشيقها مبللة، وإن كان المعروف أن ذلك التعبير يعنى أن الشخص قد تبول على نفسه: هكذا هو فى العربية والإنجليزية والفرنسية: "to wet one's pants or oneself, mouiller sa culotte; faire pipi dans sa culotte". بارك الله فيها، وأدام ذواق عشيقها لعسلها، ولطحينتها أيضا النابعة من ناحيتها الأخرى حتى يكون طعامه عسلا بالطحينة، فيشرب ويأكل ملء فمه وبطنه هنيئا مريئا

  وتمضى الكاتبة حسبما يخبرنا "الدَّنَف" قائلة: "كنت أذهب إليه في الصباح قبل العمل. أصعد الدرج ركضا، أدق الجرس رنة خفيفة، فيفتح الباب فورا، وكأنه كان ينتظرني وراءه، نصف نائم. أرمي ملابسي وأدخل السرير ملتهبة، ألتصق به، وأبدأ في تشممه. يرفع الغطاء، وتمر يده على تفاصيل جسمي ببطء شديد، يتذوق عسلي بجدية راضية، وأتفقد بشفتي كل موضع من جسده، عيناي مفتوحتان وجسدي أيضا. بين تسرعي المتلهف، وتمهله المتلذذ، نجد إيقاعنا. يمر الوقت ولا نفترق، لا نتوقف: تحته، فوقه، إلى لا تنتهي، وأنا أحب أفكاره وفلسفتجانبه، منبطحة على بطني، راكعة على ركبتي. بين كل وضعية وأخرى، كان يردد جملة يقولها دائما: عندي فكرة. كانت أفكاره لا تنتهي".  ،

 أنتهت الفقرة ألتي نقلتها عن مقال الدكتور إبراهيم عوض , و في المقال فقرات كثيرة مثل هذه الفقرة وأشنع , وحيث أن المقال طويل ومتمدد

قُلت أختصر المقال بقصيدة نثرية  فقد جاءت الدفقة الشعرية

 في عصر كُتاب المَواشي سَقط َالقلم

للباحث / محمد عبيد الله

أسفي على قومي

حزني على مجدها الضائع

فقد سقط القلم

في عصر كُتاب المواشي

سقط القلم 

للساقطات مخالب

وللساقطين حوافر

وللنابغين قلم

 سقط القلم

العِلمُ صار حبل نشارة

والبَحثُ صار نَبش َوخَم

فَسَدَ القلم

 لو تعلمون قَدره

مع أي قوم التحم

لسَبكتموهُ ذهبا

وسقيتموهُ دما

فَسَدَ القلم

اللهُ أعزَّ مكانه

بعلومِه أجرى القلم

والأنبياءُ من بعده

حشدوا الوفود لعلمِه

وبَنوا القِيم

حتى غَزانا كُتّاب المَواشي

من فاسدين وفاسدات

 سقطَ القلم

فالساقطات خطفنه بمخالب

خطف النسور من الدِمن

 فأسلن منه قذارة

ونجاسة أسلن منه عَفَن

وللساقطين حوافر

كحوافر الثيران فوق صغارها

من وقعهن نَزَزْنَ دما 

فكيف لكاتب أو كاتبة

بحوافر ومخالب مسك القلم

 أسفي على عقل ابن أدم

مَسَخوك كُتّاب المواشي

نَحروك بطرفِ القلم

نسخوا منك الطهارة

نسخوا منك القيم

أنذالٌ من قومٍ جياعٍ

  ارتدوا عن نُبل القِيم

نَبذتهم الأوطان يوم تخلفوا

فتقنعوا خلف القلم

أنذال من قوم جياع

رضعوا السفالة والعَفن

أرزاقهم خمر الصحافة

سميته حيض القلم 

وعمادةُ التعليم

أنام فؤادها وأسكر عقلها

نضح الدِمن

تراها مبتهجه بقدومهم

بوزارة وعَلَم 

أثملوها كتاب المواشي

 من كأس الدِمن

عصر تهاوت خَيله

عصر المواشي والبَهم

كُتّابه قوم البَعير  

حُرّاسه         في سُكر وشَمْ

              

تعريفات

1-1- الدِّمَن: هو مكان تجمع أبوال وأبعار وروث المواشي ، خليط مركز تنبت علية الأعشاب . وفي الأثر :* إياكم وخضراء الدِمن*  قالوا : وما خضراء الدمن يا رسول الله ؟ قال : المرأة الحسناء في المنبت السَّوْء .

2- الوَخم : من نفس فصيل الدِمن ؛ لكن أقل درجة .

3- الثمل : درجة من درجات السكر .

4- الساقطون والساقطات : هم كتاب المواشي الذين يسمّمون أفكار قومهم بأقلامهم الخبيثة الرخيصة  

5- البَهم : صغار الماعز . والبعير : هو الجَمل.