هبة
زياد علي خليل الطويسي
إلى من تمارس طقوسها الغجرية حينما يغط من حولها في سباتهم مستذكرة أمجاد أمتنا العريقة، إلى من تبكي على صدام كلما مسكت مشطها المزخرف وبدأت تسرح شعرها المجنون.. إلى أول إنسانة قرأت هذه القصيدة، إلى الصحفية المبدعة المجيدة.. إلى هبة..
بكت بغداد على ديمة
وما زالت بالدمع مُجيدة
نسيتِ الجرحَ أم لم تنسيه
فجرحك يا بغداد لم يعد مصيبة
حتى جرحك يا قُدس..
زيفه شعبك المغرور
بعيون الثوريين المجيدة..
فغدت آمالنا نساء
يوم للبنى ويوم لسميرة
وبيعت أشرافهم بالمزاد
بأرخص الأثمان بخيسة
رجالنا نساء..
نسائنا فاجرات..
وقادتنا يلعبون النرد تحت الخميلة
بكت بغداد على ديمة
فلماذا البكاء يا بغداد..
كل نساء الكون يمارسن الرذيلة
كل نساء الكون يحترقن..
كلما ولدت باسم الرب شريفة
حتى العجائز يحترقن..
كلما نطقت آمال الماضي الدفينة
حتى ديمة يا بغداد
رأيتها ذات مساء
تمارس تحت شجر الخروب الرذيلة
* * *
عذراً يا هبة
باعوا النساء..
فبقيتِ في أرض الأحرار وحيدة
رفعوا الضرائب
وتمردت الأرض..
فبقيتِ رغم الجوع شريفة
هبة..
يا أعظم قصر بناه الرب في الشام
لا زالت صورتك التي رسمتها
على جدران الحب مضيئة
ولا زالت حروف حبك في القلب
كما كانت يا أميرة..
يا من هزيت عروش الشرق
دون أن يجرئ وغد في الكون
على النيل منك يا صغيرة
يا من حفرت اسمها
على أحجار عقد الفيروز الثمينة
يا من نحت اسمها الأول
في سيق البتراء..
في صخرها الوردي..
وعلى تاج أعجوبة الكون الجديدة
كل هذا لعينيك..
يا أجمل قافية في القصيدة
* * *
قد يبكيك الحال مرات كثيرة
لا تحزني..
فكل اللواتي يحتسين الخمر
مهاجرات غير أردنيات..
وكل اللواتي يمارسن الجنس في الحضيرة
حتى اللواتي يتنقلن..
في سيارات أهل الخليج الثمينة
بكت بغداد على ديمة
فمنيت بعد السقوط هزيمة
لعن بعدها البغداديون لعنةً
كتبت عنها في الصباح كل صحيفة
وغدت هبة تسرح شعرها المجنون
تبكي على صدام..
وتنال مع كل دمعة قصيدة
لا تحزني..
فكل ما يجري في الكون من نزاع
لا يسوى قطرة
من روج شفتيك الأسيرة..
وكل ما يجري في غزة من قتل وحصار
لا يسوى نقطة سوداء
من مسكارة عينيك الجميلة..
عذراً يا من سرق المهاجرون عتادها
وبقت خناجرها للدماء مسيلة
* * *
هبة
يا أبنة الخائن
وهل تؤثم ابنة الخائن
إن كانت شريفة..
بكت بغداد على ديمة
فلماذا البكاء يا أميرة
غداً ستبكي دمشق
غداً ستبكي طهران
وستبقين يا هبة
رغم الدمع عزيزة
*أخصائي في الإعلام