تغاريد راحلة
هاشم منقذ الأميري
أنا الراحل على أجنحة الشوق والحنين .. إلى ديار كل العناوين فيها باكية .. حيث ضاعت الدروب .. والأزقة افتقاد .. والطرقات خواء .. ونبض المدينة رتيب .. والأيام شكاة ...
أين المنازل ؟ وتستيقظ الذكرى .. فيدفعني خفقي .. يقذف بي ... يشدني .. يذكّرني أفراح البساتين .. وأشواق المساء .. وأمضي وقد أورثت عيون الماء بعدي تشرين البكاء ...
طال الرحيل .. والترانيم أنغام معذّبة .. آهات .. وقصيد حزين ..
أيها الصامت .. الشاهد .. همسي .. أحاديثي هناك .. من يقرأ الذكريات ؟ من يعرف الأسرار ؟ أناديك .. أنا الحلم الذي طار .. تغاريد البلابل والهزار .. ليتني قرب تلك الديار .. لأقرأ صفحاتي الماضيات .. وأُبقي جديدها لديك ...
وتبعدني الخطوات .. والقمر الفضّي بكاء المحبين .. والنجوم حزانى .. وأُمعن في الصمت متكئاً على الأيام .. وأغفو والذكريات تحجّرت .. لهفي عليها .. لهفي على القلب الذي علّم الدنيا كيف تكون ثورة النار في الموقد ..
سمع الشاطئ قولي فتهادى إليه الموج حتى استكان .. صائحاً بي : أيها الراحل المسافر .. بعدك العيون حيارى .. تِهْتَ عن المورد .. وأرهقتك المسيرات عبر الصحارى .. وأنت غضّ ندي .. والزروق طاف بك المجهول .. فاسأل الصبح في غد .. هل في غدك سرّ ذاك الموعد ؟!