مع البحر!
جُمان يوسف النتشة
كلية الطب - جامعة القدس/ فلسطين
أنثر دموعي في مائه.. دموعي المحترقة جداً.. والملتهبة جداً..
أرميها.. وأقذفها.. ثم ألوّح بيدي.. وأودع بقلبي أطيافاً وأياماً.. وذكريات!
عشتُ.. أتأمّل.. فلما انقطع الأمل بكيتُ.. لكنّي بعد البكاء سأحيا!
أنا ظننتُ أنّ الناس يحملون الخير فأحببتهم، رسمتُ لهم في نفسي صوراً.. لكنهم لطموني!
القدس الحزينة تستصرخ..
القدس تموت!
ولقد كنت أظنها ستصبر ثم تصمد.. ثم تبقى!
لكني الآن أعلم تماماً أن ضياعها حقّ لها، وأنّ بقاءها عذاب!
ليهدموا القدس.. وليهدموا الأقصى..
لتتكسر حجاراتها البيضاء!
لتنتثر حبات رمالها منها كما انتثرت في البحر دموعي..
لتختفي!
فلعلّهم يتوجعون!.. ولعلهم مع الوجع ينتفضونَ.. ثم يعودون!
بل لا!
لا نريدهم!.. لا نريد الضعاف!.. لا نريد المسلم الهش!..
المسلم الذي ينكسر مع هبات النسيم ويتعثر بوريقات الشجر!
فليرحل إلى موطنه البعيد عنا..
إلى انتمائه الآخر.. وبلده الآخر..وحبه الآخر..
ولنكن نحن هنا!
بإسلامنا!..
إسلامنا الذي هو هو.. هنا.. وهناكَ.. وهناك!
لتكوني قوية يا أنا!
لتكوني قوية بقلبك وقرآنك.. ولا يغرّنك الطيبون قالباً.. فإن القلبَ يَخفى.. والله إنه يَخفى!
ولا تغرنك العيون!.. فإن للعيون ستائر سوداء.. إنها ستائر الوحوش.. ستائر الكذب.. ستائر العتمة الموغلة في الظلام!
يا رب..
يا سامع الشكوى.. يا كاشف البلوى.. يا قريباً غير بعيد!
أشكو إليك أموراً أنت تعلمها.. ما لي على حملها صبرٌ ولا جلدُ!