واستمطرت لؤلؤا من نرجس
مصطفى أحمد البيطار
تَرقرقتْ دموعُها في أهدابِها بفقدِ أليفها في أول الطريق...
وترنحتْ بها الآمالُ حتى هوتْ في وادي الحزنِ السَحيق....
بعد أن فارقتْ عشها الذي درجتْ منهُ....
فعَصفتْ الرياحُ الُهوجُ في صحراءٍ تشعبتْ مساربُها...
وتحركتْ كثبانُها ...
فلم تجدْ سِوى دموعٍ حرَّى... تسَّاقطُ منْ مُقلتيَها...
لعلها تطفئُ جذوةَ جمرٍ تتقدُ في حشاها..
سمعتُ في غسقِ الدُّجى بكاءً
يبعثُ الأسَى ويُثيرُ....
منْ فتاةٍ كوردة على غصن ٍنضر....
قُطِفتْ من غُصنِها.... وفارقتْهُ
إنَّ الفراق مريرُ..
بعدَ أن أصبحتْ أمَّاً لبرعمِ وردٍ
لمْ يتفتحْ زهره...
وبومض برقً...
َتَلفَّتتْ مذعورةً... كظَبيٍ تحَسَّسَ
صوتَ صَيادٍ ...
وأيَقنَ أنَّه مأسورُ....
فقلتُ: يا درتي...
إنِّي أبو الفتى...
فقدتُ حُسامي ...
في المنام...
ورَحى الموت في بغدادَ
تدورُ ....
فتحيرتْ منْ مَحاجِرها دمعةٌ ....
أتهْمي ؟ أم تغورُ ؟....
وقالتْ: عَمَّاهُ أني أرى
كلَّ شيءٍ في ناظري...
اعتراهُ الفتورُ...
حتى كأن الأرضَ ساكنةٌ...
ليستْ تدور.ُ.
فحوقلت وقالت :
أنتَ أبو الشهيدِ....
علَّمتَنا الصَّبرَ, وأنا زَوجهُ..
وأمُّه الثَكْلى يَطفحُ
من وجْهِها النُّورُ....
بلمحِ البرقِ
تموتُ وتنقضَي أحلامُنا
وآمالنا...
وكلُّ شيء إلى الترابِ
يَصيرُ....
و كانت أحلامنا بها الآمالُ....
ترقصُ طرباً ....
فاليومَ أصبحَ السرورُ يبابا..
أمسيت أرملةً
و الجناحِ مكسورُ....
فأجبتُها:
بُنيتي.. لا تجزعي
لفقد حبيبٍ..
إنْ احتسبتِ , وصبرت.. ظفرت..
سيكونُ في الجنانِ
قصورُ.....
فبدا الرِّضا في إشرقةِ وجْهِها...
كصبحٍ تنفسَ....
وشعَّ منه النُّورُ.....
فكلي أملٌ أنْ تَحْفظي وصيته
بِتَحفيظِ علا...
كتابَ اللهِ وفهْمهِ..
هي مُهجُ القلوبِ
ومزعُ الأكبادِ جميعاً
فيها الذكاءُ...
وصورة منْ رحلَ عَنا...
نور يتسامى...
و يتهادى عَبيرُ..