صغيران !!!!!
خلدون جاويد
" اذا اردت ان تزيد من نبالتك ، ضع رجاءا هذه القصيدة قرب وسادتك لتذكرك بهما ومن قبل ان يغيبا ! اما اذا غابا فضع وردتين وشمعتين لذكراهما ولاتنسَ منديل الدموع ".
ننظر لهما باعتبارهما صغيرين
الجسدان ذاويان
الأكتاف هابطة ...
الهامتان منحيتان
الشحوب على السحنتين
والإعياء .
الوجهان كسيران من اثر التقادم
وكدمات الأيام
احاديثهما مملة
احاديث ايام زمان
وقصص الماضي البائد
حتى ادواتهما في منزلهما الصغير
منقرضة
حائلة الألوان
الصور لأجداد مبهمي الأحساب
والأنساب
حتى الجدران صفراء
ماأوحش المكان
وما أصغر هذين الكائنين
المنبوذين
غير الجديرين بالزيارة
ولو مرة كل عام
هنا اليباس
والغياب التام
كم هما صغيران
ربما عكس الانطباع الأول
أيام طفولتنا
حيث كنا صغارا
وكانا شاهقي الطول
غضارة على وجهيهما
نضارة في ملابسهما
موسيقى عذبة في صوتيهما
كل شيء جديد
حتى اصابعهما كانتا
بعطر البنفسج
كانا كأيام العيد بهجة
والصباحات الندية
كانا كبيرين وصغرا
مع الزمن
كنا صغارا وكبرنا
هبطا...
طلعنا ...
تهاويا
ارتقينا
تدهورا في عدهما العكسي
حلقنا الى الأعالي
أقبلنا
أدبرا
نهضنا بفتوة
انهارت اقدامهما
اكتملنا صحة ً
مرضا
تألقنا صمودا
تقهقرا
واليوم هما قميئآن
بعد ان رفعا هاماتنا
قصيران بعدما
أطال صبرهما قاماتنا
أنارا الطريق
وأظلما
أشعلا كل الشموع لخطانا
جف بريق العمر عندهما
حملا الكون لنا
ذوت عظامهما من شدة الأثقال
ضمرا مع الوقت
ضويا
تناهبتهما الأسقام
انزويا بعيدا
ينتظران بكل صبر
زيارة ولو زيارة
من الأبناء .
ما أنبلهما
نتصور اننا كبار
وهما الصغيران
بينما كل شيء
من صنع يديهما
كل هذه الحياة وهذه الأجيال
الحافلة بالضوء
والضفاف والأزاهر
ما اصغرنا مهما كبرنا
امام عملاقين
في الزمن
الاُم تاج الوجود
والأب وسام الأرض
وكلاهما الشمس والقمر .