الشاهد
الشاهد
محمد المهدي السقال
القنيطرة / المغرب
مطر صلت من أجله واجفة جموع كثيرة ،
هل منهمرا كأن بئرا انقلب على وجهه فوق رؤوس الظماء،
كان الفرح وكان الرواء،
و لولا أن الفرحة بعد حين تحولت إلى بكاء،
كان العام يكون أحسن عام ،
خصبا في الأتربة وخصبا في النفوس،
زاد المطر عنيدا يتفجر من غضب على زمن الرعاة،
إذ نسوا أحزانهم فجأة ،
رغم التراكم نصف قرن، بين يدي آلهة من قصب،
استيقظ الناس بعد صمت تلفه ملاءة الليل الطويل،
كان الماء يحاصرهم والجوع والعطش،
و كانوا أكثر عريا من ذي قبل ،
الحرث والنسل و الخيام،
كل يسبح في صفيحة الفيضان ،
وفوق رؤوسهم أزيز منشغل بالتقاط الصور،
شيئا فشيئا تأخذ الأصوات في الارتفاع منتهكة حرمة الخط الأحمر،
و شيئا فشيئا تأخذ العصي في النزول من السماء،
قال طفل سحبوا منه أمه غضبى تلعن القدر و أهل الحضر:
كانت أمي جالسة فوق صخرة غرقى في الماء،
ترفع عقيرتها في وجه الإهمال،
حين جاءها رجل يسعى كالضفدع.
قبلها اقتيد أبي و إخوتي خارج الدوار،
تماما كما كانت تحكي جدتي،
جاء الزبانية ذات ليلة،
اقتادوا عمي الشيخ إلى مكان مجهول ،
حكت أنه خرج ولم يعد ،
وكان الجو مطيرا بوابل من الرصاص .