على المعبر

سميح الجعبري - القدس الشريف

[email protected]

تصطفّ السيّارات كالعربيد

يلمع ظهره المعدني

تحت وهج الشمس المتلثّمة بالجدار

وعلى المعبر

تحتل عربة البائع مسلكاً

من الشارع المتخنّق الأزمة

وما الضير من فقير يطعم أطفاله

من عربة فيها (بابور) قديم

تتصاعد من جنباتها رائحة ذرة تغلي بهدوء ؟

طويلٌ على المعبر الانتظار

والسائق في السيارة المجاورة

يتفحصّك بنظرات احترامٍ أولي

فلربما تتجاذب معه أطراف الحديث

أو يكون غليظاً يحاول سرقة دورك متعسّرِ الولادة

فيطول على المعبر الانتظار

على المعبر

تجاهلت أم جميل حذاء ابنها

الذي سقط أثناء التزاحم على الباب الدوّار

وأنا أراقبها وقد شَحّ ترددها بالعودة

فساعة عمل أخرى تفقدها في الطابور

أغلى من ثمن حذاء من الصين

تفقده على بابٍ دوّارٍ في المعبر

ومن المعبر تتوالى الأخبار

عن إغلاق محتمل

وهمساتٌ تتسرب من دخان سجائر

لسائقين متكئين على الأبواب

لعلك الآن قد آلفتهم

ووقعت معهم اتفاق احترام أدوار

وقد يطول على المعبر الانتظار

وبائع العلكة في الصف السادس

يرمقك بنظرات أديبة

لتشتري منه

فللتوِّ حاول خِدَعاً أخرى

نجحت مع غرباء غيرك

حين يأتي الفرج وتدخل عنق الزجاجة

تغريك كثرة المسالك المغلقة

ترتب حركة الأرض

من فوقها ...

ومن تحتها يمتد مريء عربيد أجوف

يَبطُنُ الجبل الذي يعقب الخروج

فغريب كيف ينتظم السرب

قبل عدة أمتار من الحدود

حتى بائع العلكة

لن يروقه الاقتراب

من زيٍّ يتغيرُ كل ثماني ساعات... صاحبُه

بينما هو لم يذهب اليوم إلى المدرسة

والساعة الآن التاسعة بعد آذان العشاء

على المعبر

دوّن ابن خلدون فصلاً

في سذاجة تأثر الشعوب

من صبيّ يخبز رغيفه

في طابون غلايين السيارات

إلى عسكري يأكل شطيرة

من الطبق التقليدي المزعوم

في غرفة زجاجية

يراقبك من الأعلى وأنت تغادر

مولاي شهريار

هذا غريبُ خبرِ قومٍ

وجودُهم أساس المشكلة

فعلى المعبر يموت أناسٌ

ويحيا على المعبر أناسٌ أُخر