همسات القمر 88

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*للفرح والحزن في قلوبنا حكايا 

والروح والنفس الحائرة بينهما.. هما المطايا

نحزن.. فترتسم بسمة هي الأقرب إلى الانكسار.. ورغم ذلك هي بسمة.. وكأنها رسالة لفرح غائب تدعوه ليملأ قلبا طواه الكرب تحت جناحي ألمه، وشردّه الهم في منافي الضياع والشتات..

نفرح.. ويأبى الحزن أن لا يكون شريكا لنا.. يتسلل من هنا، يراوغ من هناك.. وكلما طردناه ، عاد بثوب مغاير يقتنص لحظات فرحنا ويملأ قارب سعدنا ثقوبا تلقيه إلى سحيق بحر عميق ...

هو التضاد الذي نحياه بكل تفاصيله..

أو لربما هي المعركة التي لا تستسلم لنوم ولا تصافح يد هدوء ..

ينتصر الحزن حينا.. ويكسب الفرح جولة أخرى

وبينهما .. نبقى ما بين مد وجزر.. ولا نملك فرارا من هذا الأسر.

*على بعد خطوات من حلم يعشش في حنايا روحي

أفترش ترابا تتطاير ذراته أمام بواباته

أنتظر إذن الدخول إليه..

أسلي نفسي بلحن استعرته من طير لطيف

أعطّر روحي بعبير زهرة منحتني قبلتها الدافئة صباح همسة ندية تبادلناها ..

أتسربل ثوبا بديعا نسجته شمس حنون من دفء ذاتها

أكلل رأسي تاجا بديعا توجّني إياه صديقي القمر ...

أتجمل ببسمة خجولة جعلت ثغري مأواها الدائم ..

تترقب عيناي بنظرات دافئة ممتلئة بالتفاؤل ..

ولازلت أنتظر ....

*نتمنى أحيانا أن نعود إلى نقطة البداية..أو خاتمة الرواية ..

وكأن البداية والنهاية يشتركان في نقطة واحدة

كل واحدة منهما تعبر عنه بطريقة مغايرة

فكم من المرات التي كانت تلك النقطة هي فرحة البداية وحزن النهاية

وكم من المرات كانت فرحة النهاية.. وحزن البداية

هي نقطة واحدة، محطة إقلاع ومهبط وصول.. 

وجهان لعملة واحدة..

*كنشّالة متشردة أمد يدي في جيب الحياة المنتفخ 

ترتجف أصابعي وأنا أعبث بمحتويات جيبه الكثيرة.. 

أتنقل بسرعة بين كنوزه ودرره وجواهره التي لا تستهويني

تصطدم أناملي برقة زهرة تكاد تسحق أوراقها بين ازدحام كنوزه الصلبة القاسية..

أخطفها بحذر خوف تمزّقها من خشونة لا تليق بها..

أهرب إلى زقاق مجاور سعيدة بكنزي الثمين..

أجلس على حجر متشرد مثلي على قارعة الطريق..

أحتضن زهرتي وأملأ صدري اللاهث بعبيرها العذب ..

أرتاح قليلا ثم أمضي بسعادة وأنا أدندن بلحن يجعلني أتقافز كطير أهوج عرف طعم الحرية والانعتاق من قفصه منذ لحظات قليلة..

ليت الحياة زهرة وشذا.. لحن هادئ وطير يحلق بحرية إلى أبعد مدى ..

ليت ..

*سارحة في عالمي الخاص

يأخذني الخيال إلى ما جعله الواقع أصعب المحال..

أبتسم، تغمرني نشوة حالمة لا تلبث أن تستحيل سرابا حين تصفعني الحياة لأعود إلى أحضان واقعها الأليم!

*ما الذي يجمع المتناقضات ويصهرها في بوتقة يصعب عليها تمزيق شرنقتها والانسلاخ عنها؟

*صامتة

وهذا عالمي الذي أدمنته وغرقت في بحاره بلا طوق نجاة

لكن قلمي ثرثار..

كلما أمرته بالصمت تماشيا مع عالمي

عصاني وانبرى يحرّض حرفي الذي ما يكاد يسمع نداءه.. إلا ويصمّ أذنيه عن ندائي ويتراكض بين يديه رشيقا ممتلئا حيوية ونشاطا!

وسوم: العدد 679