رواية "سفر مريم" وأحلام المستقبل
صدرت رواية "سفر مريم" للكاتب المقدسيّ مهند الصباح بداية هذا العام 2019، عن مكتبة كل شيء الحيفاويّة، وتقع الرّوايّة التي صمّمها شربل إلياس في 188 صفحة من الحجم المتوسّط.
ومهنّد الصّباح روائيّ شابّ من مواليد العام 1979، صدرت له عام 2017 روايته الأولى "قلبي هناك" عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس.
بنى كاتبنا روايته "سفر مريم" على الخيال، وإن كانت أحداثها تدور على أرض الواقع من خلال معرفة الكاتب بواقع مجتمعنا الذي يعيش فيه، وضمن نطاق تخصّصه في دراسته الجامعيّة "خدمة اجتماعيّة وعلم نفس".
بنى الكاتب روايته من واقعه الاجتماعيّ، وهنا لا بدّ من ذكر أنّ الكاتب ينحدر من أسرة لاجئة، كانت تعيش في قرية قالونيا المهجّرة غرب القدس، ومثله مثل بقيّة اللاجئين الفلسطينيّين الذين شرّدوا من ديارهم وأراضيهم، لكنّهم لم ينسوا الفردوس المفقود، لا يزالون على قناعة بأنّهم سيعودون يوما ما إلى ديارهم، وفي تقديري أنّ الكاتب لو لم يكن لاجئا، لما وردت له فكرة الرّواية على بال. فالرّواية تقوم فكرتها على حلم العودة، من خلال تطبيق قرار رقم 181 الصادر عن الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة الصّادر في 29 نوفمبر 1947. ومن هنا جاء اسم الرّواية، حيث جاء على لسان مريم:" لست مريضة أو مصابة بالحمّى، ةلكنّني كنت في المستقبل، ......أقسم لك، وقد شاهدت أحداثا كثيرة وسأقصّها عليك...................وتبدأ مريم برواية ما شاهدته في سفرها من أحداث المستقبل." ص186.
وهكذا تحقّق حلم عودة مجموعة من اللاجئين، إلى قريتهم المتخيّلة" كفر النّخلة". ومع ذلك فقد دبّت الخلافات بينهم على تقسيم أراضي القرية بينهم، وعلى إرث النّساء، وحدثت صراعات بين العائلات على عضوية إدارة المجلس المحلي، لكنّها كلّها في النّهاية حلّت.
وكأنّي بأحداث الرّواية تشي بأنّ العودة إلى الدّيار في الفردوس المفقود، لن تنهي الصّراعات الاجتماعيّة التي تحدث في المخيّمات وفي القرى والمدن الأخرى، فطبيعة الحياة تقوم على الصّراع.
الرّواية والمرأة: لفت انتباهي انحياز الكاتب للمرأة، فقد جرت خلافات حول حقّ النّساء في الإرث، وحسم الخلاف لصالح توريث النّساء، كما أن رئاسة المجلس المحليّ تولّتها امرأة، كما لاحظنا الأدوار الإيجابيّة للنّساء سواء كانت المرأة ابنة أو زوجة أو أمّا.
الأسلوب: اعتمد الكاتب على أسلوب السّرد الرّوائيّ، وطرح أحداثا وحكايات كثيرة، استطاع ربط أحداثها ببعضها البعض، لنحصل على رواية لا ينقصها عنصر التّشويق، وفي تقديري وحسب معرفتي المتواضعة فإنّ موضوعها غير مسبوق.
وسوم: العدد 806