قصة آدم ... بين القرآن وسفر التكوين (1)
مركز نون للدراسات القرآنية
بينما يؤكد القرآن الكريم ربانية مصدره، تكرر العديد من الجهات ما بين المستشرقين والمستغربين والمهتمين بالدراسات الإنسانية والدراسات الأسطورية، على أن القرآن قد ورث عن الكتاب المقدس- بعهديه- قصصه وأبطاله، وعقائده وأخلاقه، وتعاليمه وتشريعاته، وأن الكتاب المقدس قد أخذ عن الحضارات السابقة وأبرزها منطقة ما بين النهرين الكثير من محتوياته.
والدين نفسه عند كثير من هؤلاء ليس أكثر من نتاج بشري، وعناصر التشابه بين الأديان مرجعها غالباً أخذ اللاحق عن السابق، أو تشابه التجربة البشرية؛ بمعنى وحدة المثيرات التي أنتجت وحدة الاستجابات.
واللافت أن القرآن الكريم قد نبه إلى أن بعض معتقدات أهل الكتاب؛ وتحديدا، القول: بأن لله ولداً، هي من تقليدهم للسابقين:﴿ وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل﴾[ سورة التوبة: 30]، والمعنى واضح في تعبير "المضاهاة" التي تعني التقليد والمتابعة والمشابهة، وقد أفاض المفسرون، والذين كتبوا في مقارنة الأديان، من قديم، في تفصيل ذلك، كما فعل ابن حزم وغيره.
ولكن النظرية القرآنية – إن صح التعبير- لتاريخ الدين ونشأته، لها منطق غير الذي في الأديان السابقة، وغير الذي يدعيه المستشرقون، وإن تقاطعت معها أو تلاقت في نقاط عديدة، وهذه النظرية ترى أن أصل الدين الإلهي واحد، وأن الأمم عبر التاريخ تنكبت صراط الله المستقيم، وضيعت هداية الله تعالى إليها، حتى كانت رسالة محمد المحفوظة، وهي القرآن، وشرحه القولي والعملي ممثلاً بالسنة النبوية.
أولاً: الجانب الشكلي للقصة
لعل مما لا ينبغي تجاهله عند التفريق بين القصص القرآني والقصص في العهد القديم، الناحية الشكلية قبل الخوض في المضامين والموضوعات.
الجانب الأول في ذلك ناحية الحجم؛ فبينما يتسم القصص في العهد القديم بالطول المفرط، يتميز النص القرآني بالاختصار والتركيز الشديد، وبينما يغرق العهد القديم في تفاصيل الزمان والمكان والأشخاص والأنساب والأحداث، يتجه القصص القرآني إلى تجاوز غالبية تلك التفاصيل إلا ما يدعو إليه الغرض المسوق لأجله القصة، وحيث يتبع النص التوراتي التسلسل الزمني التاريخ، نجد النص القرآني يعرض أجزاء من القصة الواحدة في مواضع شتى، كل جزء منها يؤدي وظيفة خاصة في السياق الذي جاء فيه، والزمن الذي نزل فيه.
الجانب الآخر الذي ينبغي الوقوف عنده وبتمعن، هو ملاحظة المتكلم والمخاطب في القرآن والعهد القديم، ففي العهد القديم يظهر جلياً أن المتحدث أو الراوي هو شخص – وربما أشخاص- على مدى أزمنة متعددة، يروون أحداثاً في الماضي، حتى عن قصة موسى نفسه، فيما يفترض أنه هو الذي أخبر به، لا بل إن في العهد القديم إخباراً عن وفاة موسى!!.
ويعترف، حتى آباء الكنيسة المعاصرون، بأن سفر التكوين لم يؤلف دفعة واحدة وذلك في قولهم في مدخل سفر التكوين: " ولا بد من التذكر بأن سفر التكوين لم يؤلف دفعة واحدة، بل جاء نتيجة عمل أدبي استمر عدة أجيال"[1]، وقولهم في السياق نفسه، بأن الكتاب المقدس قد تكوّن من (كتابات متتالية).
أما في القرآن الكريم فدور الرسول محمد واضح في كونه مخاطَباً متلقياً للقصص، والمتكلم هو الرب ، كما يتضح من النص، في عشرات المرات التي ترد فيها القصص، ومن أمثلة ذلك:
- قوله تعالى: ﴿ نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن﴾[ سورة يوسف: 3].
- وقوله سبحانه: ﴿ وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين﴾[ سورة هود: 120].
- وقوله تعالى:﴿ واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون﴾[ سورة يس: 13].
- وقوله سبحانه: ﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقيا﴾[ سورة مريم: 16].
- وقوله: ﴿ أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً﴾[ سورة الكهف:9].
- وقوله سبحانه:﴿ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾ [ سورة البقرة: 30].
فالمخاطب وهو الرسول المتلقي يظهر في كل النصوص السابقة مرة من خلال فعل الأمر: (واضرب، واذكر)، ومرة من خلال ضمير المخاطب الكاف أو التاء: (عليك، ربك، فؤادك، حسبتَ).
والمتكلم مع الرسول يأمره بأن يذكر، وأن يضرب مثلاً، ويتحدث عن ذاته بصيغة التعظيم، ويؤكد له أن الغاية مما يوحي إليه من القصص هي تثبيت فؤاده وتحقييق الموعظة والذكرى للمؤمنين، فضلاً عن أن ما جاءه به هو الحق، ويصوّب للرسول ما يمكن أن يتسلل إلى نفسه من حُسبان.
والجانب الثالث، وهو متصل بالجانب السابق، هو جانب الخاتمة التي تتضمن التعليق على القصة ويشمل التأكيد على أن محمداً لم يكن شاهداً على ذلك الحدث لا هو ولا قومه، وذلك في مثل قوله تعالى ﴿ ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنتَ لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ﴾[ سورة آل عمران: 44] و ﴿ تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين﴾[ سورة هود: 49]، أو تنتهي القصة أو مجموعة القصص المتتابعة في سورة لتتحدث عن العبرة ﴿ إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ﴾[ سورة الشعراء: 8].
ثانياً: أوجه المقارنة بالنسبة للمضمون
1) غاية خلق الإنسان
النص القرآني واضح في أن آدم وذريته قد خلقوا للخلافة في الأرض، ﴿ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾ [ سورة البقرة:30 ]، مع ما يتضمنه ذلك من عمارتها المادية، ﴿ هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها﴾، وإقامة الدين والحكم بالحق والعدل وعدم اتباع الهوى، ﴿ يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله﴾ [ سورة ص: 26]، والأرض ليست دار خلود بل هي دار اختبار وامتحان، وقد كان ذلك معروفا حتى لإبليس حين طلب من الله تعالى أن يؤخره إلى يوم بعث البشر﴿ قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ﴾[ سورة ص: 79]، وكذلك بعد إخراج آدم وزوجه من الجنة وإسكانهما الأرض ﴿ قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ [سورة البقرة: 38، 39].
وأهمية ذلك أن سُكنى الأرض ليست من باب العقوبة بقدر ما هي من باب التكريم والإقرار بالكفاءة، ويكفي التذكير بأن هذه المنزلة تمنتها الملائكة، وحنق بسببها إبليس على آدم وذريته، وسكنى الجنة أقرب ما تكون إلى الدورة التدريبية لآدم ومَن بعده، قبل مباشرة وظيفتهم في الأرض مزودين بالخبرات اللازمة، ومتعرفين على جبهة الأصدقاء وجبهة الأعداء، حيث إن آدم وزوجه قد نزلا إلى الأرض، حتى من الناحية الدينية، أفضل من حالهما الذي كانا عليه في الجنة ﴿ وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى﴾ [ سورة طه: 121، 122].
أما في سفر التكوين فقد ورد في الإصحاح الأول: ( وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء، وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض)، وورد في الإصحاح الثاني ( وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها).
إن التسلط على سمك البحر وطير السماء والأرض وما فيه، يقابله في القرآن الكلام عن تسخير ما في السماوات وما في الأرض للإنسان، وهذا التسخير ليس غاية الخلق، بل هو من مقتضيات الخلافة، حيث لا يتوقع أن يكون خليفة فيها ثم لا تطلق يده فيها ولا يعطى من المؤهلات والإمكانيات ما يعينه عليها.
والقرآن بخلاف سفر التكوين لا يتحدث عن الجنة التي سكنها آدم، بأنه طلب منه حفظها والعمل بها، بل إنها إضافة إلى وجود الاختبار والتجربة فيها، كانت لأجل سكنه واستمتاعه دون حصول أي مشقة؛ ﴿ إن لك فيها ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى﴾ [ سورة طه: 118، 119].
2) الخلق بين الإحسان والاستحسان
في الإصحاح الأول من من سفر التكوين حديث عن خلق السماوات والأرض وما فيهما يتكرر فيه نمط واحد ينتهي بذات اللازمة: ( وقال الله ليكن كذا فكان كذا، ورأى الله كذا أنه حسن).
- (وقال الله ليكن نور فكان نور، ورأى الله النور أنه حسن(.
- )وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد، ولتظهر اليابسة وكان كذلك، ودعا الله اليابسة أرضاً، ومجتمع المياه دعاه بحاراً، ورأى الله ذلك أنه حسن)،
- )وقال لتنبت الأرض عشباً وبقلاً يبزر بزراً، وشجراً ذا ثمر يعمل ثمراً كجنسه، ورأى الله ذلك أنه حسن)،
ويتكرر المشهد، ويبدأ ب( وقال الله) فيكون ما قال الله، وينظر فيما خلق فيرى (أنه حسن)، ثم يكون صباح ومساء يوم جديد، حتى تمر أيام ستة، ( ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جداً وكان مساء وكان صباحٌ يوماً جديداً).
من الواضح هنا أن النص يخلط بين ما هو إلهي حيث يخلق الرب كل ما يخلق بكلمة ( كن)، ثم ينتكس النص فإذا الخالق- بحسب تصوير الكَتَبة- ينظر إلى ما خلقه فيستحسنه، وذلك كما يفعل أي صانع ينظر إلى صنعته مراجعاً عمله، فيستحسن أو يعدّل!!
وأما في السياق القرآني فالملاحظ: أن التعبير عن عملية إعداد الأرض للإنسان يأتي موجزاً مركزاً كما يليق بالخالق من غير إسقاطات النفس البشرية:
في مثل قوله تعالى: ﴿ الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين﴾[ سورة السجدة: 7]
وقوله:﴿ وخلق كل شيء فقدره تقديراً﴾، وقوله:﴿ من كل شيء موزون﴾.
3) حقيقة أيام الخلق
أيام الخلق الستة التي في العهد القديم، كما يوحي السياق، هي أيامنا الأرضية، " وكان صباح وكان مساء، يوماً ثانياً...، يوماً ثالثاً...، يوماً رابعاً....، يوماً خامساً....، يوماً سادساً". ثم انتهى الكلام ليتحدث عن يوم السبت ليؤكد أن المقصود هو أيام الأسبوع الأرضية.
أما حديث القرآ ن الكريم عن الأيام الستة فمطلق وليس فيه ما يشبر إلى أيام الأرض، لا بل إن في القرآن الكريم آيات تتحدث أن اليوم في القرآن ليس دائماً يساوي فترة زمانية واحدة، بل إنه شيء نسبي يختلف بحسب ما ينسب إليه.
ففي القرآن مثلاً: ﴿ وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون﴾[ سورة الحج: 47]، وفيه أيضا: ﴿ تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة﴾ [المعارج:4].
4) مباركة السبت يوم الراحة
ثم يعود السياق في سفر التكوين، لينتكس فإذا الرب الخالق يبلغ به التعب كل مبلغ بعد هذا العمل الشاق فيستريح في اليوم السابع، كما يذكر الإصحاح الثاني:" فأكملت السماوات والأرض وكل جندها، وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل، وبارك الله اليوم السابع وقدسه لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً".
فالخلق الذي حدث بقول: ( ليكن)، يرهق الخالق فيحتاج إلى الراحة!! بينما يؤكد القرآن الكريم أن الله تعالى قد خلق السماوات والأرض وما بينهما دون أن يمسه أي إجهاد أو تعب، ﴿ ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب﴾ [ سورة ق: 38]. وأكد في موطن آخر: ﴿ ولم يعْيَ بخلقهن﴾ [ الأحقاف: 33].
واللافت في الموضوع أن بركة السبت في العهد القديم جاءت مرتبطة بالاستراحة، حيث إن معنى الإسبات مرتبط بالتوقف والانقطاع. ومعلوم مدى تشدد اليهود – ولو من الناحية النظرية على الأقل- في التوقف عن كافة النشاطات، يوم السبت.
بينما أهمية يوم الجمعة كيوم ذي خصوصية للمسلمين تكمن في الاجتماع على الصلاة وذكر الله، الذي يسبقه العمل الدنيوي، ثم يُستأنف هذا العمل مباشرة بعد الصلاة، كما يتضح ذلك في آيتي الجمعة: ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم لعلكم تفلحون﴾ [ سورة الجمعة: 9، 10] .
5) متى خلق الإنسان
يتحدث القرآن أن الله تعالى أحسن خلق كل شيء ثم بدأ خلق الإنسان،﴿ الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين﴾ [ سورة السجدة: 7].
ويتفق سفر التكوين مع الإطار العام للفكرة، في أن الإنسان متأخر في الخلق والوجود عن الأرض وما فيها، لكن اللافت للنظر أن رواية الإصحاح الثاني للخلق تختلف عن رواية الإصحاح الأول، من حيث تحديد زمان خلق الإنسان، ومن حيث تأخر خلق حواء عن خلق آدم في الإصحاح الثاني، إذ يظهر من الإصحاح الأول عدم وجود فارق زمني بين خلق الرجل والمرأة.
فبينما يتحدث الإصحاح الأول عن خلق الإنسان ذكراً وأنثى في اليوم السادس من عملية الخلق، يتحدث الإصحاح الثاني أن هذا الخلق وبالذات خلق المرأة، تم بعد استراحة اليوم السابع.
ففي الإصحاح الأول:" وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر، وعلى طير السماء، وعلى البهائم وعلى كل الأرض، وعلى جميع الدبابات التي تدب اعلى الأرض، فخلق الله الإنسان، على صورة الله خلقه، ذكراً وأنثى خلقهم، وباركهم الله وقال لهم: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض.... ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جداً، وكان مساءٌ وكان صباحٌ يوماً سادساً".
لكن في الإصحاح الثاني، وبعدما تحدث عن استراحة الرب في اليوم السابع، ثم أخذه آدم إلى جنة عدن، ووصيته له بعدم الأكل من شجرة معرفة الخير والشر كيلا يموت، " وقال الرب الإله ليس جيداً أن يكون آدم وحده، فأصنع له معينا نظيره، وجبل الرب الإله من الأرض كل حيوانات البرية وكل طيور السماء، فأحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها، وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها، فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية، وأما لنفسه فلم يجد معيناً نظيره،فأوقع الرب الإله سباتاً على آدم فنام، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحماً، وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأ وأحضرها إلى آدم".
والإصحاح الثاني يتحدث عن اكتشاف نقص، وهو عدم وجود مؤنس لآدم، وتُعرض عليه جميع البهائم وطيور السماء وحيوانات البرية فلم يجد من بينها ما يصلح مؤنساً، ثم يكون قرار خلق حواء من ضلع، بل هناك ما يوحي في النص بأن طيور السماء والبهائم وحيوانات البرية قد جُبلت من الأرض في الفترة بين خلق آدم وحواء، في حين يؤكد الإصحاح الأول أن الأنسان قد خلق بعد هذه جميعها.
6) خلق المرأة
وعودة إلى الإصحاح الثاني: " فأوقع الرب الإله سباتاً على آدم فنام، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحماً، وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأ وأحضرها إلى آدم فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي، هذه تدعى امرأة لأنها من امرئ أخذت لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً".
وبحسب جيمس فريزر في كتابه ( الفولكلور في العهد القديم)، فإن " هذا التناقض البين بين القصتين يفسره ببساطة أن القصتين قد استمدهما الكاتب من مصدرين مختلفين ومستقلين أصلاً، ثم جمع بينهما في كتاب واحد ونقلهما معاً، دون أن يجهد نفسه في أن يخفف من حدة التناقض فيهما أو يوائم بينهما"، ويتابع بأن ( الفنان) – يقصد كاتب الرواية الثانية التي تتضمن تأخر خلق المرأة- لم يستطع أن يخفي احتقاره الشديد للمرأة، " كما يتضح من تأخر خلقها، فضلاً عن الطريقة الشاذة غير المشرفة التي خُلقت بها؛ إذ شكّلها الإله من جزء من سيدها آدم، بعد أن خُلقت صنوف الحيوان بصورة طبيعية لائقة، كل هذا يشير إشارة كافية إلى رأيه في حقارة شأن المرأة"[2].
- الملاحظة الأولى: أن الحديث القرآني عن المرأة جلء بوصفها ( زوجاً) لآدم، وليس باسمها الذي لم يرد في القرآن جميعه، قال تعالى: ﴿ وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة﴾ [سورة البقرة: 35].
والزوج هو كل ما يقترن بآخر مماثلاً له أو مقابلاً، ومعنى ذلك أن الطرفين بمثابة كائن واحد لا غنى لأحدهما عن الآخر، وبينهما علاقة تكامل، وفيما لا تتحدث الرواية القرآنية عن فاصل زمني بين خلق الرجل والمرأة، أو خلق مستقل لكل منهما، فإن سفر التكوين يُظهر الرب كما لو أنه تنبه إلى نواقص أو اكتشف احتياجات لهذا الإنسان، ثم حاول تكميلها من خلال الكائنات الأخرى، وأخيراً، قرر خلق المرأة.
- الملاحظة الثانية: تتضمن الرواية التوراتية، وفي أكثر من مكان، تعليقات الكُتاب، أو تفسيراتهم لبعض النصوص، بحيث تندرج وتندمج معها في سياق واحد، ويظهر كما لو كان النص جميعه من الرب، وذلك في مثل:" ولذلك يترك الرجل أباه وأمه، ويتحد بامرأته، فيصيران جسداً واحداً"، فإن هذه العبارة تعليق متأخر من الملاحظة البشرية والخبرة الإنسانية، لا بل إن اشتقاق لفظة ( امرأة) من ( امرئ)، وإن جاءت في النص على لسان آدم، فإنها تفسير لغوي، لغير أبناء اللغة الأصلية للنص، وهذا من مقتضيات الترجمة والتفسير، كما يظهر، وليس من أصل النص، ولا أستبعد أن يكون هذا الجزء خاصاً بالترجمة العربية.
- الملاحظة الثالثة: فيما يتعلق بالعملية الجراحية التي استؤصل فيها ضلع آدم- بحسب سفر التكوين- والتي استدعت القيام "بتخديره" أولاَ عن طريق إلقاء السُبات العميق عليه، فإن المفروض بناء على ذلك أن يخبرنا علماء وظائف الأعضاء بأنه كان الأفضل أن يكون للإنسان تلك الضلع في ذلك المكان، وأن عدم وجودها فيه عامل نقص ومؤشر خلل وضعف لدى الإنسان، حيث الرواية التوراتية تتحدث عن انتزاع الضلع من آدم، بينما ولكن الحديث النبوي – كما سيأتي- يتحدث عن أخذ جزء لم يؤد إلى زوال الضلع، أو الانتقاص منه، أو التغيير في شكله أو وظيفته.
-
- الملاحظة الرابعة: لم يرد في القرآن أن المرأة خلقت من ضلع آدم، ولكن ورد في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، قوله عليه السلام: ( استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خُلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً)[3]. ويلاحظ أولاً أن هذا الخبر عن خلق المرأة من ضلع لم يأت في سياق تأريخ حادثة الخلق، وإنما جاء في سياق التوصية بالنساء والتلطف بهن وعدم الشدة عليهن مراعاة لطبيعتهن الخاصة، كيلا يصل الأمر إلى الطلاق حيث ورد في بعض روايات الحديث أن كسرها طلاقها.
- وقد ذكر جيمس فريزر عدة قصص لقبائل وأمم مختلفة عن خلق الإنسان تتضمن أن المرأة قد خلقت من ضلع الرجل، الأمر الذي يرجح أن الفكرة قد نزلت على الأمم السابقة أيضاً، ولكن في سياق توصية الطرف القوي الذي هو الرجل، للمحافظة على الركن الآخر للأسرة وهو المرأة، ومراعاة طبيعتها العاطفية الانفعالية، حيث الرجل يطالب المرأة بأن تكون مطابقة له.
- وأنه لم يرد في أيٍ من روايات الحديث أنها خلقت من ضلع آدم، بل من ضلع دون إضافة ولا تقييد، وهذا شبيه ما ورد في القرآن عن خلق الإنسان من عجل أو من ضعف، مثل قوله تعالى: ﴿ خلق الإنسان من عجل﴾[ سورة الأنبياء: 37] أي أن طبيعته العجلة، وقال ابن عاشور في تفسيره:" والعَجَل : السرعة. وخَلْق الإنسان منه استعارة لتمكّن هذا الوصف من جِبلّة الإنسانية؛ شُبهت شدة ملازمة الوصف بكونه مادة لتكوين موصوفه"[4].
- المعتاد أن الضعيف تسقط عليه كل العيوب ويحمل كل الخطايا، ولكن هنا يظهر مراعاة طبيعة الضعيف، وحين يتحدث القرآن أن المرأة ( خُلقت من ضلع)، فهي غير مسؤولة عن هذا الخلق ولا ما يترتب عليه لأن الله تعالى لا يحاسب الناس على ما ليسوا بمسؤولين عنه، كما في الحديث: ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)[5]. والضلع الحقيقي بالرغم من اعوجاجه، بل بسبب هذا الاعوجاج، فإنه يقوم بدور مهم في حماية القلب وغيره من الأعضاء الداخلية، وكذلك المرأة في طبيعتها العاطفية تشكل حاضنة للبيت والأسرة، وراعية للأطفال، لا يقدر الرجال الذين هم أقل اعوجاجاً على تأدية هذا الدور[6].
-
7) سكنى الجنة والشجرة المحرمة
قال تعالى: ﴿ وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين﴾[سورة البقرة: 35].
وورد في الإصحاح الثاني من سفر التكوين:" وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقاً، وأسكن هناك آدم الذي جبله، وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل المأكل، وشجرة الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر.... وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها، وأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً وأما شجرة معرفة الخير والشر، فلا تأكل منها؛ لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت".
- يحدد سفر التكوين مكان الجنة في عدن شرقاً، وأما في القرآن فإن مكانها غير محدد، على عادة القرآن في كثير من قصصه، ولذلك اختلف المفسرون هل هي جنة الخلد في السماء، أم جنة أرضية، ولكل أدلته، ثم يؤكد العديد منهم أنه لا طائل من وراء هذا البحث، وأن الله تعالى لو علم في تحديد مكانها خيراً لنا لحدده.
- وبينما تحدد التوراة الشجرة بأنها شجرة معرفة الخير والشر، فإن القرآن الكريم، لا يحدد لها اسماً، بل إن النصوص القرآنية على عكس التوراة، تتحدث عن اختصاص آدم بعلوم ومعارف لم يعطها الله تعالى حتى لملائكته، وكانت من أسباب تكليف آدم بالخلافة دون الملائكة، ﴿ وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين﴾، [ سورة البقرة: 31].
- حديث التوراة عن شجرة معرفة الخير والشر، يوحي بأن الرب خائف من امتلاك آدم للمعرفة، وهو ما يذكره السياق التالي، بعد أكل آدم من الشجرة:" وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن"، كما في الإصحاح الثالث، وهذا إسقاط للصفات البشرية على الذات الإلهية، فالبشر وبخاصة الكبار منهم يحتكرون المعرفة بأنواعها؛ لأن المعرفة قوة[7]. ويقلقون من تسرب المعلومات الأمنية، وأسرار المهن، والمخترعات، وكل ما يُضعف الذات وينفع الخصوم، لكن كيف يخاف الرب من المخلوقين؟
- من الواضح أن تلك الشجرة المحرمة هي شجرة حقيقية وليست رمزية، وأن ذاك التحريم يتعلق بظرف الزمان والمكان السابقين لخروج آدم منها للقيام بمهمة الخلافة في الأرض، ولكن لا يمنع الاستفادة من رمزية تحريم شجرة واحدة من بين جميع أشجار الجنة، بأن القاعدة في الدين كما أنزله الله تعالى على البشر، أن الأصل في الأشياء الإباحة- كما يقول علماء الشريعة-، وأن المحظورات والمحرمات هي الاستثناء من ذلك الأصل وتلك القاعدة.
- ثمة تناقض واضح بين ما ورد في سفر التكوين على لسان الرب أنه خلق آدم (على صورتنا كشبهنا)، ثم قلقه بعد الأكل من الشجرة في قوله (هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر)، خاصة في إمكانية تشكيل المخلوق خطراً على الخالق، وخروجه عن السيطرة!
قصة آدم عليه السلام
بين القرآن وسفر التكوين (2)
8) الشيطان / الحية، والأكل من الشجرة
يذكر سفر التكوين في بداية الإصحاح الثالث عن الحية التي قامت بإغواء حواء التي أغوت بدورها آدم وأكلا من الشجرة: ( وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله، فقالت للمرأة: أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟ فقالت المرأة للحية: من ثمر شجرة الجنة نأكل، وأما من ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا، فقالت الحية للمرأة: لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر، فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل، فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر).
الرواية التوراتية تتحدث عن الحية التي هي أحيل الحيوانات، والتي أغوت حواء للأكل من الشجرة، لكنها لا تذكر سبباً يدفع الحية للقيام بهذه المهمة الشريرة- بل الخيرة كما سنلاحظ- وهل بينها وبين آدم عداوة خاصة- أو صداقة خاصة- وهل لها مشكلة مع الرب حتى تشجع على عصيان أمره؟ وما المصلحة التي كانت تسعى لتحقيقها جراء ذلك؟
- لكن في الرواية القرآنية فإن دور الإغواء يقوم به إبليس/ الشيطان، مدفوعاً بالحسد من آدم الذي جعله الله خليفة، وطلب منه ومن الملائكة السجود له تحيةً له واحتراماً، واعترافاً بسيادته على الأرض، حيث رفض إبليس من منطلق عنصري بغيض يتمثل في رؤيته نفسه أفضل من آدم بسبب أصل خلقه ﴿ قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين﴾ [ سورة الأعراف: 12]، ولذلك أخذ على نفسه أن يعمل على إغواء بني آدم، كي يدخلهم معه في النار، ﴿ قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين﴾ [ سورة ص: 82، 83]. وفي مكان آخر تعهد الشيطان أن يأتي بني آدم من جميع الاتجاهات، بمعنى استخدام كل الوسائل من أجل إغوائهم: ﴿ قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين﴾ [ سورة الأعراف: 16، 17]، وهذا المشهد ليس في سفر التكوين.
- وصف الحية بصيغة التفضيل ( أحيل)، لا نجد مصداقه في حديث الحية لحواء، إلا من خلال سؤالها- الاستنكاري أو التعجبي ربما- للمرأة: ( أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟)، كي تستدرجها إلى التصويب والتحدث عن الشجرة التي وسط الجنة، وهذا لا يستدعي وصف الحية بأنها الأحيل.
- من الواضح أن إدخال الحية في القصة، هو من قبيل وضع الرمزي المجازي مكان الحقيقي، فالحية هي رمز للعداوة مع المكر والحيلة، وفيها نعومة الملمس التي بها تخدع ثم تلدغ، وهذا كثير في الأدب الشعبي وحتى غير الشعبي.
- الرواية القرآنية تتحدث أن الله تعالى قد حذر آدم وزوجه بأكثر من صيغة عن عداوة الشيطان، الذي يريد أن يخرجه من الجنة، حيث لا يجوع فيها ولا يعرى وحيث الخروج منها سبب الشقاء؛ ﴿ فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى، إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى﴾[ سورة طه: 117-119]، ومقتضى ما سبق أن قوانين الحياة في تلك الجنة غيرها في الأرض، وأن آدم وزوجه كانا يرتديان ثياباً وكانا يعرفان مفهوم العري، وأن المتضرر من الأكل من الشجرة هو آدم وزوجه ولا ضرر في ذلك على الله تعالى، كما يظهر أن آدم قد تعرف على مفاهيم وحقائق الجوع والظمأ والعري في الأرض، أي أنه مكث فيها مدة- قصيرة أو طويلة- قبل دخوله الجنة.
- بينما تؤكد الرواية القرآنية أن آدم لم يكن عرياناً في الجنة، كما سبق الحديث عند الآية ﴿ إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى﴾[ سورة طه: 117]، وكما يأتي التصريح بذلك عند مخاطبة بني آدم في سورة الأعراف كي يعتبروا مما جرى لأبويهم ﴿ يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما﴾[ سورة الأعراف: 27]، تتحدث الرواية التوراتية أن آدم وحواء كانا عريانين ولم يكونا يشعران بالخجل حتى أكلا من شجرة المعرفة؛ ففي نهاية الإصحاح الثاني: ( وكانا كلاهما عريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان)، وفي الإصحاح الثالث: ( فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل، فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان، فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر)، وربما فهم العديدون من رواية سفر التكوين، أن الشيطان – مشكوراً!!- قد دل البشرية على العلاقة الجنسية، وما يرافقها من المتعة واللذة، وما ينتج عنها من التوالد والتكاثر وبقاء النوع. وهذا الفهم يعززه في سفر التكوين أن كلمة ( المعرفة) تكررت بمعنى العلاقة الجنسية بين الرجل وامرأته، كما في الإصحاح الرابع: " وعرف آدم امرأته فحبلت" و" وعرف قايين امرأته فحبلت"، ولا ننسى أن المعرفة يسبقها جهالة في العادة.
وهذا المعنى يتناقض مع السياق القرآني الذي تحدث من البداية أن الإنسان مخلوق للخلافة في الأرض، والخلافة لا يقوم بها اثنان فقط، لا بل إن حديث سفر التكوين عن تكثير ذرية آدم وملء الأرض منهم، منذ لحظة الخلق يعني ضمناً وقوع العلاقة الجنسية، حيث جاء في الإصحاح الأول: ( ذكراً وأنثى خلقهم، وباركهم الله وقال لهم: أثمروا واكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها).
- إن اكتشاف آدم وحواء بأنهما كانا عريانين، بحسب سفر التكوين، يحمل من الإيجابية والخير لهما أكثر من الشر والسلبية، فهو من جهة، أثر عن الأكل من شجرة معرفة الخير والشر، ومقارن لكونهما أصبحا بالأكل كالله عارفين الخير والشر!!، فضلاً عن انتقالهما من مرحلة أشبه ببراءة الطفولة وسذاجتها إلى مرحلة التطور والوعي اللذين يقتضيان ارتداء الثياب وستر العورات.
لكن الرواية القرآنية تتحدث عن (سوءات)، والاشتقاق من السوء والشر، ما يعني أن انكشاف العورات يضر أصحابه ويصيبهم بالسوء، كما أنه يسوؤهم لما يترتب عليه من الضرر النفسي والمادي والاجتماعي، ولذلك بادرا إلى ورق الجنة يلزقانها على جسديهما ﴿ فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ﴾ [ سورة الأعراف: 22]، كما يتحدث القرآن أن الشيطان وسوس لهما وهو يريد أن يبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما: ﴿ فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملَكين أو تكونا من الخالدين ﴾ [ سورة الأعراف: 20].
ومن ثم يأتي التحذير القرآني لبني آدم﴿ يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما﴾[ سورة الأعراف: 27]، ليعزز قضية هامة أن تعرية الإنسان من أخطر ما يمكن أن يفعله ضده أعداؤه من الشياطين، ولاحظ تعبير ( ينزع) ﴿ ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما﴾، ثم تعبير ( ليريهما سوءاتهما) وما يمكن أن يتحدث عنه علماء النفس والتربية وغيرهم عن آثار انكشاف العورات. ومن الملاحظ أن السوءات جاءت بصيغة الجمع لا بصيغة المثنى، بمعنى أنها لا تنحصر في العضوين التناسليين.
كما يستفاد من إلزاق الزوجين ورق الجنة على أجسامهما أن الفطرة البشرية تأبى التعري، وأن الإنسان العادي - ولو كان منفرداً – فإنه لا يتعرى، وحتى الأزواج – كما لاحظنا آدم وزوجه، وكما هو الغالب في الواقع البشري- فإنهم ولو كانوا وحدهم لا يمكثون عريانين، وأن كشف العورات للإنسان السوي لا يكون إلى للحاجات الطبيعية أو الضرورية، وبعيداً عن عيون الآخرين، ولذلك فعن قصد وحكمة جرى تورية وتغطية سوءات آدم وزوجه من الله تعالى، وعن تخطيط وتعمد حرص الشيطان على كشفها لهما: ( فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما)، وكذلك فإن عبارة ( ليريهما سوءاتهما)، وعبارة: ( بدت لهما سوءاتهما)، توحيان بأن غاية الشيطان هي أن يرى كل منهما سوآت صاحبه وسوءات نفسه، وليس فقط سوءات الطرف الآخر.
- بحسب سفر التكوين فإن الحية قدمت خدمة لآدم والبشرية من بعده، لأنها دلته وزوجه على الشجرة التي يصيران بعد الأكل منها ( كالله عارفين الخير والشر)، ولن يموتا أو يصيبهما الضرر، ثم كانت النتيجة باعتراف الرب نفسه:( وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر)، والغريب بالتالي أن يأتي نص يقول إنه من الرب ثم يخبرنا بأن عدو الرب يعمل لصالح البشر، فيما الرب حريص على تجهيلهم، وهل هذا النص بمنطوقه ومفهومه يدعو البشر إلى التزام أوامر الرب أم يدعو إلى عصيانها ومخالفتها؟ وهل تكون الحية رمز الشيطان بعد ذلك صديقاً أم عدواً للإنسان؟. وهل كان هذا النص من الأسباب التي جعلت ماركس يقول بأن الدين أفيون الشعوب؟
- قصة الحية التي أسدت معروفاً لبني الإنسان، بدعوته إلى الأكل من شجرة المعرفة، لا تختلف كثيراً عن قصة بروميثيوس في الأسطورة اليونانية الذي سرق شعلة النار من جبل الأولمب، وجاء بها إلى البشر، التي تعني النور والمعرفة والدفء، قام بسرقتها من الآلهة وإعطائها للبشر، وجزاء لبروميثيوس وتجاوزاته، عاقبه زيوس- رب الأرباب عند اليونان- بأن قيده بالسلاسل إلى صخرة كبيرة في القوقاز ... وسلط عليه نسرا جارحا ينهش كبده كل يوم ... ثم ينمو الكبد مجددا في الليل، إلى ان أتى هيراكليس وخلصه.[8] وهل يمكننا القول إن الحضارة الغربية، في موقفها من الدين، يرتكز بشكل أساسي على قصة بروميثيوس سارق النار من الآلهة للبشر، وقصة الحية التي دلت آدم على شجرة المعرفة بخلاف أمر الرب؟وعمل بروميثيوس على خداع زيوس بأساليب مختلفة فحاول الأخير معاقبته، فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.
9) بين تحمل المسؤولية أو البحث عن كبش فداء
في القرآن الكريم جرى تحذير آدم وزوجه: ﴿ ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين﴾ [ سورة البقرة: 35]، وعندما أكلا من الشجرة ﴿ وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين﴾ [ سورة الأعراف: 22]، كان الجواب أنهما: ﴿ قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين﴾ [ سورة الأعراف: 23].
وأما في سفر التكوين فقد ورد:" وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة ، فندى الرب الإله آدم وقال له أين أنت؟ فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت، فقال من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك ألا تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي التي أعطتني من الشجرة فأكلت، فقال الرب الإله للمرأة: ما هذا الذي فعلت؟ فقالت المرأة: الحية غرتني فأكلت، فقال الرب الإله للحية: لأنك فعلت فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم، ومن جميع وحوش البرية، على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسكِ وأنتِ تسحقين عقبه، وقال للمرأة: تكثيراً أكثر أتعاب حبلك؛ بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك، وقال لآدم: لأنك سمعت لقول امرأتك، وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً لا تأكل منها؛ ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكاً وحسكا تنبت لك، وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أُخذت منها، لأنك تراب وإلى تراب تعود.
" ودعا آدم امرأته حواء لأنها أم كل حي، وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما.
" وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً، ويأكل منها ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها، فطرد الإنسان وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة" نهاية الإصحاح الثالث.
- الرب في سفر التكوين يمشي في الجنة وتسمع أصوات قدميه، ويختبئ منه آدم وسط الأشجار فلا يراه، " ويستنتج" استنتاجاً أن آدم قد أكل من الشجرة، بينما يأتي النداء الإلهي لآدم وزوجه فور أكلهما من الجنة يعاتبهما فيما فعلا.
- في سفر التكوين يلقي الرجل بالمسؤولية على المرأة، والتي تلقيها بدورها على الحية، بل إن كلام آدم حتى وهو يلقي باللائمة على المرأة فإنه يُشتمُّ من كلامه رائحة إلقاء اللوم على الرب نفسه وهو يخاطبه بالقول :( المرأة التي جعلتها معي هي التي أعطتني من الشجرة فأكلت)، بل إن العملية كلها ليست فيها أية جريمة سوى أن الحية دلت الإنسان على ما فيه خيره، وهو بدوره سعى لذلك الخير، ومقتضى ذلك أن العقوبات التي طالت الرجل والمرأة والحية ظلم من الرب عليهم دون ذنب منهم.
بينما في القرآن الكريم يعترف آدم وزوجه بخطئهما، ويقران أنهما اللذان أوقعا الظلم على نفسيهما، ويستغفران الله ويطلبان رحمته، فيتوب عليهما، بل لا يلقيان باللائمة حتى على الشيطان الذي لا يخفى دوره في إغوائهما، وفي رأيي فإن هذا الموقف من الصعب أن يختاره غالب البشر ولا بد له من توجيه علوي، وفقد فهم كثير من المفسرين قوله تعالى: ﴿ فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم﴾[ سورة البقرة: 37]، أن الله قد علّم آدم كيف يعتذر ويسغفر، فتلقى آدم ذلك بالقبول ونفذه، وكذلك فإن الاعتذار والاعتراف بالخطأ عو سلوك الكبار والحكماء، وهذا يتناغم مع حقيقة تميز آدم وأفضليته.
- بعد الأكل من الشجرة يراجع الرب في سفر التكوين كلاً من آدم وامرأته، لكن لا يراجع الحية، بينما يراجع الله تعالى إبليس بأكثر من صيغة لمَ لمْ يسجد لآدم، علماً بأن قصة أمر الملائكة وإبليس بالسجود لآدم لا وجود لها في سفر التكوين، وفي حين يظهر إبليس – في القرآن- متكبراً عنصرياً، عنيداً، كافراً بالله وعدواً للإنسان، فإن الحية التي وُصفت في سفر التكوين بأنها أحيل الحيوانات، ليست أكثر من ( فاعلة خير!)، وإن كان لها من مشكلة، فهي مع الرب وليس مع الإنسان، بينما في القرآن يظهر دور / إبليس الشيطان في حرف بني آدم عن الصراط المستقيم وجرهم معه إلى النار.
بل لقد لاحظ مختصون بالأديان بأنه لا يبرز الشيطان بشكل واضح في عدد من أسفار العهد القديم، وربما يكون السبب، في رأيي، أن الأدوار الشريرة التي تنيطها الأديان بالشياطين ورموز الشر عندها، قد نسبها كُتاب العهد القديم إلى أنبيائهم وقادتهم وأبناء الشعب المختار نفسه، فلم يبق بعدها دور يمكن أن يلعبه الشيطان!!.
- إن دور إبليس في الرواية الإسلامية ليس أكثر من الدعوة، وليس له سلطان قهري على الناس، والمسؤول أولاً وأخيراً هو الإنسان الذي استجاب للدعوة، ولذلك يعرض القرآن مشهداً مستقبلياً من مشاهد يوم القيامة، يتحدث فيه إبليس إلى الناس الذين أضلهم أنهم هم الملومون، لأنهم استجابوا لدعوته، وأنه لم يكن له عليهم أي سلطان، ﴿ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم، وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم.. ﴾ [ سورة إبراهيم: 22]، في حين يتضخم دوره في بعض الأديان والأساطير حتى يغدو إلهاً أو شبه إله، كما في حالة بروميثيوس في أساطير الإغريق، أو حالة إله الظلام ( أهريمان)، المقابل لإله النور ( أهورامازدا) في الزرادشتية.
- العقوبات التي أوقعها الرب على الثلاثة ومعهم الأرض، بحسب رواية سفر التكوين، من جهة، تتضمن التفسير الأسطوري لبعض الأحداث والوقائع، فمشي الحية على بطنها، والذي يفترض أنه من أصل الخلقة، يصبح هنا عقوبة لها على جريرتها، وكونها تلدغ العقب، وكون الإنسان يحرص على سحق رأسها، ليس عقوبة لأي منهما بل هي تفعله غريزة لكون العقب أقرب الأعضاء إليها – على فرض صحة الفكرة - وهو يفعله لأن الرأس مقتلها لا غيره، ولأن سمها وخطرها فيه، ومثل ذلك الكلام عن آلام الحمل والولادة؛ فالمفترض أن هذا الألم اقتضته الحكمة الإلهية منذ البداية، ولا علاقة له بالعقوبة، وفي القرآن الكريم، فإن آلام الولادة منقبة للوالدة وليست منقصة، وقد تكرر التذكير به عند دعوة الأبناء إلى البر بالآباء والإحسان إليهم كما في قوله تعالى: ﴿ ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ﴾[ سورة الأحقاف:15]، ﴿ ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن﴾[ سورة لقمان: 14].
لكن أخطر ما في هذه العقوبات التي يسطّرها كَتَبة العهد القديم، أنها تجعل أي ألم أو ضعف أو مصيبة، أو إعاقة، أو انخفاض منزلة تقتضيه الطبيعة الاجتماعية أو الظروف السياسية والإدارية، هو بالضرورة عقوبة ربانية على جريرة معينة، أو حتى بدون جريرة، حيث جعل سفر التكوين سيادة الرجل في الأسرة من ضمن العقوبة الربانية لها. ويمكننا أن نفهم بناء على هذا أن الرب ساخط على العبيد راضٍ على السادة، ومع أرباب المصانع ضد العمال، ومع الحكام ضد المحكومين، ومع الستعمِرين ضد المستعمَرين.
وهو ما نلاحظه في عقوبة المرأة في سفر التكوين، بجعل الرجل سيدا عليها: ( وهو يسود عليك)، بينما القوامة في كما يقررها القرآن تكليف وواجب وهي عبء أكثر منها كرامة، ويبدو أن التصوير الكتابي للقوامة، وإشعار المرأة بالنقص كان من أسباب قيام الحركات النسوية ضد هذا التصور وما ينبني عليه من واقع، فثارت ضد سيادة الرجل وحاولت التحرر من الحمل والولادة التي هي بنص كتابهم عقوبات من الرب!!
10) الخطيئة الأصلية
خلافاً لما في سفر التكوين، فإن السكن في الأرض هو للقيام بوظيفة الخلافة وليس عقوبة، وكان مقرراً من قبل، فضلاً عن أن الله تعالى قد غفر لآدم وزوجه بعد استغفارهما.
لئن صح، ولو من باب المشاكلة اللفظية، ولأجل الموازنة والمقارنة، البحث عن ( الخطيئة الأصلية) في الإسلام، فإننا واجدون الخطأ جزءاً من التركيبة البشرية التي لا ينفك منها. ففي الحديث الشريف ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، ومفهوم هذا الحديث أن الخطأ متوارث طبيعة، والأمر مختلف عن توارث الخطيئة، بمعنى انتقال إثمها وضررها على الأبناء، ولقد تكرر في القرآن الكريم أنه لا ﴿ تزر وازرة وزر أخرى﴾[9]، بل لقد بين القرآن الكريم في رده على المعتقدات الفاسدة أن الله تعالى قد قرر هذا المبدأ فيما أنزله على إبراهيم وموسى عليهما السلام؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿ أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفّى ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾[ سورة النجم: 36 – 39].
إن الإنسان يولد بلا خطايا، وقد جاء في الحديث أن ( من حج فلم يرفث ولم يصخب رجع كيوم ولدته أمه)، وقال عليه السلام أيضاً ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم آخرين يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم) ( صحيح مسلم: 2749). ومقتضى هذا الحديث الأخير، أنه ليس المطلوب للخلافة مخلوق ملائكي معصوم، بل آدمي كثير الخطأ لكنه كثير التوبة أيضاً، وذلك سبيل التطور والتقدم، ولذلك كان اختيار الإنسان حتى مع كونه يفسد ويسفك الدماء على الملائكة.
11) بين الآخرة وشجرة الخلود
في القرآن الكريم ومع إخراج آدم وزوجه، وإهباطهم إلى الأرض، جاء التأكيد أن بقاءهم في الأرض مؤقت، وأن الله لن يتركهم دون إمدادهم بالهدى، الذي سينقسم الناس بناء على موقفهم منه في الآخرة: ﴿ قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾[ سورة البقرة: 38، 39]، ﴿ قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين، قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون﴾[ سورة الأعراف: 24، 25].
لكن في أواخر الإصحاح الثالث من سفر التكوين فإن الأرض هي النهاية، وليس بعدها إلا الفناء :"بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكاً وحسكا تنبت لك، وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أُخذت منها، لأنك تراب وإلى تراب تعود".
" وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً، ويأكل منها ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها، فطرد الإنسان وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة".
ومن الواضح أن فكرة الآخرة والحساب والجزاء بعد الحياة الدنيا، لا وجود لها فيما مرّ من سفر التكوين، وهذا مفصل ومفترق هام فيما بين الكتابين والقصتين، قصة ترى الموت هو أعظم الشرور وهو النهاية، بينما هو في القصة الأخرى مرحلة انتقالية، بين دار العمل والاختبار، ودار الحساب والجزاء.
وحيث يخاف الرب في سفر التكوين، من أن يأكل الإنسان من شجرة الحياة، فيعيش إلى الأبد، فإنه يخرجه من جنة عدن، ويجعل على طريق شجرة الحياة (الكروبيم) أي ملائكة[10]، ومعهم لهيب سيف متقلب!!.
12) الرب الذي لا يخاف
بعدما رفض إبليس السجود لآدم وأبى أشد الإباء، وأهبطه الله من المنزلة التي كان فيها، طلب من الله أن يؤخره إلى يوم يبعث الناس، فأخبره سبحانه أنه سيكون من المؤجَلين، وذلك مع علمه بأن إبليس يريد هذه المهلة لإغواء بني آدم: ﴿ قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون، قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم﴾[ سورة الحجر:36-38]، من جهة فإن الرب غير خائف لا من آدم ولا من الشيطان، وما سيفعله الشيطان ليس عامل قلق حتى على آدم وذريته، لا بل إن وجود الشيطان يشكل عامل تحدٍ وله دور إيجابي في تحقيق وظيفة الإنسان على الأرض، يشير إلى ذلك قوله تعالى: وعمل بروميثيوس على خداع زيوس بأساليب مختلفة فحاول الأخير معاقبته، فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.﴿فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو﴾[ سورة البقرة:36].
ومن جهة أخرى فإن سائر مبادئ الإسلام ومسيرته التاريخية، تستوعب الآخر المخالف، ولا تمانع في التعايش معه ما لم يقم بأعمال عدوانية مادية، وشعار الإسلام الكبير ﴿لا إكراه في الدين﴾[ سورة البقرة:256]، فيما المسيرة التاريخية للمؤمنين بسفر التكوين تكشف عن عدوانية كبيرة ضد الآخر، وأعمال إبادة استئصالية ربما يكون أبرز دوافعها القلق على الذات والمصير.وعمل بروميثيوس على خداع زيوس بأساليب مختلفة فحاول الأخير معاقبته، فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر،
الخلاصة
قصة آدم في القرآن، تختلف شكلاً ومضموناً، عنها في سفر التكوين، وبالرغم من نقاط الالتقاء العديدة والهيكل العام الذي يوهم، بالتشابه، فإن الخلاف بين القصتين اختلاف جوهري وعميق، وهناك العديد من النقاط في ذلك:
غاية الوجود في القرآن الكريم جلية واضحة بأنها خلافة الأرض وإعمارها، لكنها فترة ابتلاء واختبار، وهي دار ممر لا دار مقر، أما غاية الوجود في الجنة أو في الأرض بالنسبة للعهد القديم فهي مضطربة مشوشة. ويتفرع عن ذلك أننا لا نكاد نجد ذكراً للآخرة في قصة آدم في العهد القديم، بينما الآخرة في القرآن الكريم حاضرة وبقوة بدءاً من نهاية قصة آدم التي تؤكد مرحلية الحياة الدنيا وكونها اختباراً كما في سورة الأعراف:﴿ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (24) ﴾ ،وأن هناك يوم قيامة وحساب كما في سورة طه: ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124) ﴾[ سورة طه]، وفي سورة البقرة: ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)﴾. بينما يثبت القرآن الكريم وقصصه صفات الكمال لله تعالى، وينزهه عن كل نقص، ووتجلى في حقيقة التوحيد في أبهى صوره، نجد الأمر على العكس من ذلك في سفر التكوين والعهد القديم عموماً، فالرب يحتاج للراحة بعد الخلق، ويعيد النظر فيما يخلق فيستحسن أو يعدّل، يكذب على آدم بقوله إنه سيموت إذا أكل من شجرة المعرفة، وعمل بروميثيوس على خداع زيوس بأساليب مختلفة فحاول الأخير معاقبته، فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.فخلق المرأة باندورا Pandora وزودها بصندوق الشرور والأوبئة، ودفعها للزواج من بروميثيوس الذي لم تنطل عليه المكيدة فرفض الزواج، لكن شقيقه ابمثيوس تزوجها وفتح الصندوق فخرجت منه الشرور والأمراض وانتشرت ولم يبق فيه سوى الأمل. وتذكر الرواية أن زيوس انتزع النار من البشر وجعلهم يعيشون في البرد والظلام نكاية بهم وبحاميهم بروميثيوس، فكان رد الأخير سرقة النار من جبل الأولمب وتقديمها للبشر، فغضب زيوس وعاقبه بنفيه إلى جبال القفقاس[ر] وكلف ابنه هرمس Hermes اقتياده إلى تلك الجبال وتقييده بأصفاد حديدية إلى صخرة فيها، وأوكل به نسراً يلتهم كبده في النهار ليعود فينمو في الليل. ودام عذاب بروميثيوس اليومي هذا ثلاثين ألف عام، حتى قام البطل هرقل Herkules بقتل النسر وتحرير بروميثيوس من قيوده وإعادة شعلة النار إلى بني البشر.الخلاصةويختبئ منه آدم وحواء فيسألهما أين أنتما، ويشعر بالقلق بعد أكل آدم من الشجرة، قائلاً: " هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر"، وتعبير ( كواحد منا)، يشير إلى وجود مجموعة من الآلهة، أو أشباههم، ولا ننسى أن العهد القديم في الأصل تستخدم بعض نسخه لفظة (يهوا)، أو لفظة ( إلوهيم)، وليس لفظ الجلالة ( الله) كما في الترجمة العربية، والتعبير ب( إلوهيم) يفيد الجمع لا الإفراد؛ لأن الياء والميم في العبرية هو المقطع الذي يلحق أواخر الكلمات المذكرة المفردة فيحولها إلى الجمع، وحتى لو كانت لها دلالة أخرى غير الجمع فإن فمن الصعب تصنيف العهد القديم كنص توحيدي مثل القرآن الكريم. لا يمكن للقرآن أن يكون اعتمد على العهد القديم، لسمو القرآن الكريم لغة ومضمونا وخلوه عن الاضطراب، خلافاً للعهد القديم، والبشر مهما حاولوا فليس بمكنتهم الإيتاء بمثل القرآن، ويدل على ذلك أمران، أولهما أنه قد توافر على الكتاب المقدس بعهديه، عشرات آلاف اللاهوتيين والعقول ( الكبيرة) التي درست ونقحت وقامت بالكثير منذ أكثر من ألف عام ولم يخرجوا لنا نسخة بصفاء القرآن الكريم لا في لغته ولا في مضمونه، وكذلك فقد توفر للقرآن الكريم الكثير من المفسرين، لكن هذه الجهود على كثرتها وأهميتها حين نقارنها بنص القرآن الذي تفسره، فإنها تظل دونه بكثير، وتظل قابلة للزيادة والتصويب، ولو كان القرآن عملاً بشرياً لكان متوقعاً أن تكون جهود اللاحقين مطورة ومعدلة ومحسنة للنص الأصلي.
[1] ) الكتاب المقدس، دار المشرق، بيروت، 1991م.
[2] فريزر، جيمس، الفولكلور في العهد القديم، ص 28ترجمة نبيلة إبراهيم، دار المعارف، القاهرة.
[3] ) صحيح البخاري، حديث رقم: 3331، وصحيح مسلم، حديث رقم: 1468.
[4] ) ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، دار سحنون للنشر،
[5] ) صحيح مسلم، حديث رقم: 2564.
[6] ) وهذا يذكرنا بخلق المرأة ناقصة (عقل ودين)، البخاري رقم 293، ومسلم: 114، كما في حديث آخر، فنقصان عقلها لغلبة العاطفة عليها، ونقصان دينها لما جعلها الخالق تحيض فتتوقف عن الصلاة وذاك أمر ليس بإرادتها، فالحيض( أمر كتبه الله على بنات آدم) كما ورد في الحديث البخاري، حديث رقم: 290، ومسلم، حديث رقم: 2121، فلا هي مؤاخذة بحيضها، ولا بتخفيف الصلاة عنها في الحيض، فضلاً عن أن سياق الحديث لم يجئ في سياق التنديد، بل في سياق ملاطفة مجموعة من النسوة في يوم عيد، وتنبيههن إلى أن لديهن عناصر قوة حتى مع وجود خصائص الضعف والنقصان.
[7] ) والتعبير الأجنبي المشهور هوKnowledge is power.
[8] ( http://ar.wikipedia.org
[9] ) وذلك في سور: الأنعام، والإسراء، وفاطر، والنجم.
[10] ) كما في قاموس الكتاب المقدس http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/Kamous-Al-Engeel-index.html
وسوم: العدد 850