أنيسة درويش في اليوم السابع
القدس: 5-12-2019 ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية في مركز يبوس الثقافي في القدس كتاب" أنيسة درويش- الشعر-الحب-الحياة للدكتورة سناء العطاري"للدكتورة سناء العطاري صدر الكتاب الذي قدّم له علي الجريري عام 2019 وصمّم غلافه عبدالكريم العجرمي في 94 صفحة من الحجم المتوسط.
افتح الأمسية ابراهيم جوهر وممّا قاله:
تبادر الكاتبة سناء العطاري لكتابة السيرة الغيرية لشاعرة امتازت بغزارة الإنتاج والجرأة والغزل هي الشاعرة أنيسة درويش.
سناء تكتب عن أنيسة من مدخل السيرة الغيرية إنصافا لها واهتماما بالأدب النسوي في بلادنا، مع أنّ هذا المصطلح -الأدب النسوي- له من يعارضه ومن يؤيده.
جاءت جهود سناء في هذا الكتاب (أنيسة درويش: الشعر، الحب، الحياة) كمقدمة لدراسة أكثر شمولا وتحليلا لما أنتجته الشاعرة أنيسة، وكأنّي بها تقول: ها أنا قد فتحت الباب أمام الباحثين ودارسي أدب المرأة في جامعاتنا وأمام طلبتنا، وما عليكم إلا البحث والتّعمق.
لقد أحسنت الكاتبة في كتابها بتوثيق جزء من سيرة أنيسة، فانتقت صورا فوتوغرافية دالّة، وأجرت لقاءات وحوارات وحلّلت مستنتجة عددا من خصائص شعر أنيسة ومميّزاته.
لم يعجبني في الكتاب هذا الاستشهاد الطويل الممتد بقصائد الشاعرة وهو يأخذ مساحة من الصفحات على حساب البحث والتنظير والاستنتاج، وكنت أتمنى لو أخرج الكتاب بعيدا عن الأسلوب الصحفي من حيث عرض الصور مترافقا مع مادة الكتابة.
وقالت مريم حمد:
تناولت الكاتبة سناء العطاري سيرة حياة الشاعرة أنيسة درويش في كتاب الشعر الحب الحياة وقامت بإلقاء الضوء على أعمال الشاعرة، والفترة الزمنية التي عايشتها الشاعرة أنيسة درويش، كقارئة للكتاب شعرت بالمتعة عندما قرأت السيرة الذاتية للشاعرة أنيسة درويش شعرت بقوة شخصيتها خاصة أنها عايشت فترة زمنية صعبة في حياة الشعب الفلسطيني، وقد سلطت الكاتبة الضّوء على هذا الجانب بطريقة بسيطة وواضحة.
حاولت الكاتبة إبراز جوانب قوّة الشاعرة رغم صعوبة الحياة التي عايشتها، وقد كانت الكاتبة موفقة باختيارها هذا؛ لأنه وكما ذكرت الكاتبة بأن العمل النسوي غالبا ما يهمّش خاصّة في تلك الفترة الزمنية، كانت موفقة أيضا باختيارها لشخصية نسوية؛ لأننا بحاجة لتسليط الضوء على نماذج لأعمال فلسطينيات.
بالنسبة للأسلوب تناولت الكاتبة المواضيع بطريقة سهلة وبسيطة وغير معقدة.
تمنيت لو أنها تعمقت أكثر في تحليل بعض الأمور؛ لتضفي لونا آخر على نصوص الشاعرة.
وكتبت هدى عثمان أبو غوش:
"من لم يعرف الشّاعرة أنيسة درويش،لم يستمتع يوما بشعر الغزل، ولم يعرف فنون النسيب وأحاديث الغرام، مثلما لم يذق يوما شهدا أو عسلا من كرمها الجبلي،لأنّها حكايّة الحياة الحب والشّعروالغرام"
إستوقفتني في بدايّة صفحات الكتاب تلك الجمل للشّاعر علي الجريري، بكلمات مبالغة جدا
في تقديمه للكتاب، كأنّه يهمس للقارئ بحجم الخسّارة التّي ستنتابه من فقدان لذّة الشّعر الغزليّ، في حال عدم قراءته لأنيسة درويش ،وكأنّه في تلك المبالغة، ربما يحرّض القارئ ويحثّه على الغوص والإبحار في غزليّات الشّاعرة، ويدعوه للقراءة، على الرّغم من أنّني كقارئة لم أشعر بالدهشة من تلك الغزليات. تطرقت الكاتبة في هذاالكتاب حول حياة أنيسة درويش، إهتمامها بالثقافة، جرأتها، شخصيتها، التحدي، ثقتها العالية بنفسها، نظرتها في الحبّ والعشق، علاقتها بالمرأة وأهمية الرجل في حياتها العاطفية.
تطرقت الكاتبة إلى قصائد أنيسة درويش في الغزل والشعر الشعبي والوطني المتعلّق بالطبيعة والتراث، وليس هموم الوطن السياسيّة وقهره وعذابه،وقد استشهدت بعدّة قصائد تبيّن معتقدات الشّاعرة من خلال القصيدة التّي ترى أنّ من حق الشّاعرة التغزّل بالرّجل، كما هو يتغزل بالمرأة، وعبّرت عن ذاتها ومشاعرها، وقد احتلّت العاطفة مساحة كبيرة في قصائدها، وبرّرت الشّاعرة الخطيئة بسبب الحب. وإنّني أتساءل هنا هل الحب يعطينا الحق في شرعية تحليل ما هو محرّم؟ إنتقدت الكاتبة في هذا الكتاب التهميش الأدبي في المجتمع تجاه الشاعرات والأديبات، وعدم منحهن الإهتمام مقارنة مع الرّجل في تلك الفترة التّي عايشتها الشّاعرة..
إعتمدت الكاتبة على الكثير من الإقتباسات المختلفة، وأكثرت من الإقتباس من سيرة الشّاعرة الذاتيّ ة"شمس على البنيّ"، وأطالت في عرض نصوص من الكتابة النثريّة ربما لتعريف القارئ بإنتاج الشّاعرة التّي لم تأخذ حقها في الشّهرة في المجتمع، وقد أسهبت في عرض بعض القصائد على حساب الشرح.
الأخراج الفنّي للكتاب جيّد، حيث شمل على الفهرس، المصادر والمراجع، الصور وغيره.
وقالت رفيقة عثمان:
اهتمت الكاتبة في توثيق حياة الشّاعرة الفلسطينيّة أنيسة درويش، فتُعتبر نصوص هذا الكتاب ضمن السّيرة الغيريّة لحياة شاعرة فلسطينيّة لم يكن لها الحظ من الشّهرة الكافية في حياتها؛ بسبب الأوضاع الاجتماعيّة الشّرقيّة المُتشدّدة، والتقيّد بالعادات والتقاليد التي تُحرّم على النّساء الكتابة والبوح بالمشاعر الذّاتيّة، مقارنة مع الرجل الشرقي الذي يملك السّلطة المتناهية والحريّة في التعبير عن النفس.
من جهة أخرى ممكن اعتبار هذا الكتاب دراسة بحثيّة بسيطة ضمن البحث الكيفي أو النوعي، حيث نهجت الكاتبة بعض خطوات البحث العلمي، لكنّها لم تستوفِ الشّروط اللازمة كلّها. كمقدّمة البحث التي خوّلت الشاعر علي الجريري بكتابتها، وعرض الكاتبة هدفها من الدراسة والبحث، ما الجديد الذي تهدف الباحثة إضافته عن الشخصيّة، وإقناع القارئ بدوافعها الخاصّة، وأهميّة الدراسة البحثيّة لجمهور القرّاء، وما هي الصّعوبات التي واجهت الباحثة. تفتقر الدراسة إلى تحليل عميق للأشعار والنصوص النثريّة، والتي تُظهِر بها الباحثة حيثيّات عمل الشاعرة الأدبي، مقارنة مع شاعرات وشعراء من فلسطين وخارجها. تحتاج الدّراسة إلى نتائج البحث وخلاصة توصّلت إليها الباحثة، هذا بالإضافة إلى قلّة المصادر المستعملة؛ للتوثيق الدّقيق عن حياة الشاعرة أنيسة درويش.
ممّا سبق ممكن القول بأنّ الكتاب يُصنّف ما بين السّيرة الغيريّة، والبحث العلمي النوعي؛ في كلا الحالتين بحاجة إلى إغناء معرفي، معتمدًا على لقاءات متعدّدة، واستنادّا على مصادر علميّة مختلفة؛ لإعطاء الموضوع حقّه.
اعتمدت الكاتبة بسردها للسّيرة الغيريّة على لقاءاتها ومقابلتها، مع الشّاعرة أنيسة درويش في بييتها الكائن في رام الله، بالإضافة للاستعانة مع بعض المصادر التي جمعتها من تأليف الشّاعرة نفسها.
ارفقت الكاتبة عددا من الصوّر المُنتقاة من الألبوم الشّخصي للشاعرة، والتي وثّقت حيازتها على جائزة القدس للثّقافة والإبداع عام 2016، كذلك صورة مماثلة أثناء تكريمها بدرع في حفل إطلاق كتابها "بوح عاشقة" ونصوص من المشهد الأخير عام 2016 في فلسطين.
وصفت الكاتبة بعض ملامح وصورالشّاعرة أنيسة، وفقًا لانطباعاتها الشّخصيّة أثناء اللقاء برفقة زميلها الشّاعر علي الجريري. عبّرت الكاتبة عن انبهارها بشخصيّة الشّاعرة، من حيث ثقافتها، وثقتها بنفسها، تتميّز روحها بروح الدعابة وابتسامتها لا تفارق شفتيها، ووصفت روحها بالتمرّد والعنفوان، وهي نموذج حرّ، صاحبة قناعات ومبائ خاصّة . وصفت الكاتبة بيتها الأنيق الذي يُعبّر عن الأصالة والانتماء والاهتمام بالتراث الشعبي الفلسطيني.
سردت الكاتبة عن طفولة الشّاعرة أنيسة، قبل النكبة وبعد الهجرة من قرية المالحة ولغاية الآن؛ لأنّها ما زالت على قيد الحياة، وتطرّقت بالكتابة عن أهميّة دور الرّجال في حياتها، ابتداءً من دور أبيها وأخيها وأخيرا زوجها، كلّهم كانوا نموذجا إيجابيّا في حياتها؛ ودعموها بمسيرتها الثقافيّة وفي كتاباتها الشعريّة والنثريّة أيضا. بينما مثّلت النّساء بالنسبة لها بالعِداء كما ورد صفحة 37 " المرأة تُحارب النّساء، والرّجل يجمع الغنائم" .
معظم صفحات الكتاب اعتمدت على التناص، أو توثيق النصوص الشّعريّة والنثريّة من إصدارات الشّاعرة أنيسة درويش نفسها.
قام الشّاعر علي الجريري بتقديم مقدّمة الكتاب، وخاض في سرد مواصفات الشّاعرة أنيسة، والتي شبّهها "بسندريلا"، فهي تُمثّل شعر الغزل والغرام والحب والحياة. شخصيّا أجد بأنّ إقحام الشاعر الجريري في تقديم المُقدّمة، ليس ضروريّا، طالما الكاتبة نفسها قامت بجمع المعطيات وسرد حياة الشّاعرة، لا ضرورة للتكرار وتمجيد الشاعرة بواسطة شعراء آخرين؛ لا بُدّ من كتابة الكاتبة نفسها للسيرة الذّاتيّة.
ركّزت الكاتبة على الشعر النبطي " المحكي" الذي أبدعت فيه شاعرتنا، وأعربت كاتبتنا عن إعجابها بهذا النوع من الشعر، كما ورد صفحة 70 " في قصائدها المحكيّة كنز أدبي تراثي، يستحق أن يتناوله الدارسون، وتستحق هذه القصائد أن تُدرّس لطلابنا في المناهج المدرسيّة..".
رأيي في هذا الموضوع مُغاير لرأي الكاتبة، ولا أوافقها تماما حول إدخال هذا النوع من الشعر في المنهج الدّراسي؛ نظرا لاستخدام اللغة العاميّة أو المحكيّة التي تساهم في تأخر اكتساب اللغة العربيّة الفصحى السّليمة. من الممكن استخدام هذه اللغة في الحياة الاجتماعيّة بالأعراس والأفراح الشعبيّة.
ذكرت الكاتبة صفحة 43 " تُعامل المرأة المُبدعة في الغالب "كحالة شاذّة" مخالفة للطبيعة الأنثويّة كما تصوّرها الثقافة التقليديّة السّائدة، " كذلك " في كثير من الأحيان تتّهم بأنها مأزومة وفاشلة في علاقاتها العاطفيّة والزوجيّة، فهي تكتب من منطلق الحقد على الرّجال وليس من منطلق الإبداع". وتُتّهم بأخلاقيّاتها، ودينها ووطنيّتها.
يبدو لي بأنّ هذه المقولة فيها تعميم، ولم تستند إلى معطيات علميّة تُذكر، ومن المحبّذ ذكر هذه المقولة، منسوبة لرأي الباحثة أو الكاتبة نفسها.
لغة الكتاب سهلة وبسيطة، فيه السرد والوصف التقريري.
وردت بعض الأخطاء اللغويّة القليلة:
خلاصة القول: كتاب " أنيسة درويش " ألقى الضّوء على حياة شاعرة فلسطينيّة لم تحظ باهتمام النقاد، رأت الكاتبة أهميّة إبراز شخصيّتها، وسرد سيرتها الذّاتيّة؛ لتعريف القرّاء في فلسطين وخارجها بها؛ لأهميّة شعرها النبطي " المحكي" الذي تناول الغزل والحب، والوطنيّىة والانتماء للوطن، وتخليد التّراث الشّعبي.
وقال عبدالله دعيس:
تهدف الكاتبة سناء عطاري في هذا الكتاب إلى إبراز سيرة وأعمال الشاعرة الفلسطينيّة أنيسة درويش، وتعرّف القارئ العربيّ بها وبأعمالها، وتسلّط الضوء على أعمال الشاعرات والكاتبات الفلسطينيّات، والدور الذي لعبنه خلال القرن الأخير، خاصة بعد النكبة الفلسطينيّة وبعد حرب عام 1967 بالتحديد.
المطالع لهذا الكتاب، يجد أنّ الكاتبة لجأت إلى أسلوب البحث العلمي أحيانا، لكنّه بشكل عام كان نقدا انطباعيّا لبعض أعمال أنيسة درويش، وسردا لسيرتها و لتجربة الكاتبة الخاصّة في التّعامل معها.
وصنّفت الكاتبة أعمال أنيسة درويش ضمن ما أسمته الأدب النسويّ، وميّزت بينه وبين ما أسمته أدبا ذكوريّا. لكن لم يكن واضحا للقارئ إن كان المقصود بالأدب النسويّ كل ما تكتبه النساء، أو ربما هو نوع من الأدب يُعنى بقضايا النّساء، خاصة الاجتماعيّة منها. وإن كان هناك أدب نسويّ، فلماذا يسمّى المقابل أدبا ذكوريا وليس رجوليّا؟ وهل المرأة تكتب للنساء أو عن النّساء فقط؟ وهل الرّجل يكتب للرجال أو عن الرّجال فقط؟ وإن كان المجتمع يضع حدّا فاصلا بين الرّجال والنّساء، فلماذا على الأدب أن يعزّز ذلك؟ وما الذي يجعل أدبا ما نسويّا أو ذكوريّا؟
تحاول الكاتبة أن تظهر النزعة الأنثويّة في سيرة أنيسة درويش، وأن تعكس من خلالها معاناة النسوة في المجتمع الشرقيّ. لكنّ النصوص الشعرية والنّثريّة التي أوردتها الكاتبة لم تكن تحمل هذا المعنى، وإنّما كانت تعكس مقدار الحبّ الذي تحمله الشاعرة لمن حولها من النّساء والرّجال، ومقدار الألم لفراق من تحبّ من الرجال قبل النّساء، فلم تكن نظرة الشاعرة في نصوصها أنثويّة، ولم تكن تحمل العداوة نحو عالم الرّجال، وإنّما كانت إنسانيّة بحتة تحمل الحبّ للجميع، وإن كانت تحمل بعض النّقد لقيم اجتماعيّة لم تعجب الشاعرة، فهي لم تشر إلى الرّجال دون النّساء.
وأمّا سيرة أنيسة درويش التي تورد الكاتبة شذرات منها، فهي تعكس امرأة قويّة مثابرة، وزوجة محبّة، وأمّا حنونا. وتحلّل الكاتبة نصوص أنيسة درويش ضمن رؤية ذاتيّة للأمور فتخرجها عن سياقها. وعندما تورد بعضا من سيرتها تفسّره تفسيرا يخدم فكرتها تلك، فمثلا تقول الكاتبة أن الشاعرة أنيسة درويش استثنيت من أحد المؤتمرات فقط لأنّها كانت امرأة، وتقول أنّ المرحوم عزّت غزّاوي كان المنظّم لذاك المؤتمر، وفي موضع آخر تذكر أنّ عزّت غزّاوي كان أحد روّاد صالون أنيسة الأدبيّ!
لم تكن سيرة أنيسة درويش مشابهة لسيرة فدوى طوقان مثلا، فهي من مجتمع قرويّ، رغم كلّ عوراته، إلا أنّه لم يكن يحجر على المرأة ولا يقيّدها بالأغلال، والشاعرة نفسها لم تجد أيّ معيق من إكمال دراستها ونشر أعمالها الأدبيّة، بل وجدت التشجيع والمؤازرة من عائلتها ومن زوجها بعد ذلك.
لهذا الكتاب الأثر الكبير بالتعريف بالشاعرة أنيسة درويش، فهو عمل بلا شكّ مهمّ وضروريّ، لكن حبّذا لو اعتمدت الكاتبة أسلوب البحث العلميّ الموضوعيّ في كتابها، أو لو كتبت سيرة غيرية عن الشاعرة، أو مذكّرات ويوميات جمعتها بها، أو تقريرا صحفيّا عن أعمالها وإنجازاتها، لكنّ الدمج بين كلّ ذلك في كتاب واحد أربك المتلقي، وظهور شخصيّة الكاتبة بوضوح فيه غطّى نوعا ما على شخصيّة الشاعرة.
وكتب الدكتور عزالدين أبو ميزر:
لغة كاتب المقدمة سليمة وعالية لغويا حتى أنّك تشعر بالصنعة والتكلف في مواقع كثيرة، و تجاوز الحدود في المبالغة في مواقع أخرى، ولا لوم عليه في ذلك بل أصف ما شعرت به، وكثيرا ما تغلب المشاعر على الواقع والحقيقة.
أمّا كاتبتنا العزيزة فقد كتبت سيرة غيريّة بلغة أدبيّة راقية عن الأديبة أنيسة درويش، مزجت فيها الشعر مع الحب والحياة بصور غير مكتملة، بحيث أن القارىء لا يخرج بسيرة كاملة، ولكنه يستطيع أن يكون صورة مجملة عمّا أرادت الكتابة عنه، ربما لعدم توفر مادة الكتابة بين يديها، أو لأنها أدخلت الصور الفتوغرافية فأخذت حيّزا كبيرا من الكتاب، كما قال أخي الناقد والاديب إبراهيم جوهر، ورغم ذلك أغبطها على كتابتها عن بنت جنسها وانتصارها لها، ولا أستطيع فعلا أن أقيّم السيرة الغيريّة كما يقيّمها أهل الاختصاص في ذلك.
أمّا ما قرأته بين دفّتي الكتاب ممّا أطلق عليه تجاوزا الشعر العاميّ والفصيح بين دفّتي هذا الكتاب، وما هو بشعر، وإنّما هو نثر وإن كُتب على شكل شعر التفعيلة، لأنه يفتقر إلى الوزن الذي هو العمود الفقري للشعر العموديّ وشعر التفعيلة، وإن وجدت أشطار أبيات موزونة فيما قرأت، ولم أقرأ بيتا كاملا موزونا واحدا. ورأيي فيما يسمّى شعر النّثر مسجل ومعروف.
لا أنكر علي الكاتبة الصور البيانية الجميلة فيما قرأته، وسطّره قلمها الجميل، ولا يعطيني ذلك النزر القليل حق تقييمه، فلم يسجل تاريخ الكتابة زمانيا؛ لنرى مدي التغيّر بين زمان وآخر.
وسوم: العدد 854