عَرُوضُ سَمْرَؤُوتٍ
على نمطٍ واحدٍ ومئة نمط عروضي تَنَمَّطَتْ مثلثاتُ سمرؤوت الخمسُ والمئة -إذ خضعت أربعٌ منها لأنماطِ أربعٍ غيرها!- ثم من داخل الحادية والمئة المختلفة الأنماط وزنَ بيتٍ أو طولَ بيتٍ أو رويَّ قافيةٍ أو مَجرَى رَويِّ قافيةٍ (حركةً)، كاد ظاهرُ المثلثات الرابعة والعشرين، والثامنة والعشرين، والتاسعة والعشرين، والثانية والستين، والسابعة والستين، والسبعين، والثمانين، والحادية والثمانين، والخامسة والثمانين- يُخْضِعُها على الترتيب، لأنماط المثلثات الخامسة عشرة، والثانية عشرة، والثامنة، والعشرين، والثامنة (2)، والثانية، والثانية عشرة (2)، والثامنة عشرة، والثانية والثلاثين، لولا اختلاف قوافيها تجريدا وإردافا أو تأسيسا، الغائب عن بيانات بطاقاتها التحليلية السابقة.
وهذه هي الأنماط الأربعة التي خضعَت لمثلثاتها غيرُها:
· النمط السابع (ك/ت/م/ض)، وفيه خضعت المثلثةُ السادسة والتسعون "مُغْمِضُونَ":
"أُوتِيتُمُ الْأَبْصَارَ فَاسْتَعْمَيْتُمُ وَرَضِيتُ مِنْهَا مَا يَرَاهُ الْمُلْهَمُ
وَسَعَيْتُ فَاسْتَغْشَيْتُمُ أَعْذَارَكُمْ وَتَبِعْتُمُونِي رَيْثَما أَتَقَدَّمُ
مَا أَشْأَمَ الْمُتَجَبِّرِينَ عَلَى الرِّضَا ضَلَّتْ رُؤَايَ وَضَلَّ مَا أَتَنَسَّمُ"،
للمثلثةِ السابعة " أُسْتَاذ":
"طِفْلٌ يُعَلِّمُنَا فَهَلْ نَتَعَلَّمُ رُوحٌ مُحَلِّقَةٌ وَجِسْمٌ مُفْعَمُ
مَنْ يَنْتَظِرْ عَطْفَ الْحَنَاجِرِ يَنْتَظِرْ طَعْنَ الْخَنَاجِرِ وَالْمُصِيبَةُ أَعْظَمُ
بِاللهِ خُذْنَا عَنْ يَمِينِكَ نَحْتَرِفْ صَبْرَ الشَّوَارِعِ وَلْيلمْنَا اللُّوَّمُ"-
الكامليّةِ الأبيات التامة الصحيحة العروض والضرب، الميميّةِ القوافي المضمومة المجردة الموصولة بالواو.
· النمط العاشر (هـ/ج/ب/س)، وفيه خضعت المثلثةُ السادسة والثمانون "كُفُوف":
"هُمُ الطُّلَّابُ فِي الطُّلَّابْ إِلَى الطُّلَّابِ بِالطُّلَّابْ
شُعَاعُ الشَّمْسِ طَيْفُ الْهَمْسِ دِفْءُ النَّفْسِ وَالْأَعْصَابْ
طُيُورُ الْعِلْمِ عِلْمُ الْحُلْمِ حُلْمُ الثَّوْرَةِ الْخَلَّابْ"،
للمثلثةِ العاشرة "أَصْحَاب":
"وَمَاذَا يَرْهَبُ الْمَحْمِيُّ بِالْأَحْبَابِ وَالْأَصْحَابْ
إِذَا هَبَّتْ سَمُومُ الْبُغْضِ سَدُّوا دُونَهَا الْأَبْوَابْ
وَإِنْ خَفَّتْ وُفُودُ الْحُبِّ زَانُوا الْبَابَ بِالتَّرْحَابْ"-
الهَزجيّةِ الأبيات المجزوءة الصحيحة العروض والضرب، البائيّةِ القوافي الساكنة المردفة بالألف.
· النمط الخامس عشر (ث/ج/ت/ك)، وفيه خضعت المثلثةُ الخامسة والسبعون "قُبُلَات":
"حَيَاتُنَا خُذْ وَهَاتِ بِأَعْدَلِ الْقَسَمَاتِ
فَلَا يَصُدَّكَ كِبرٌ عَنْ دَوْرَةِ الصَّغَرَاتِ
أَعُوذُ بِالْمَوْتِ مِنْ تُرَّهَاتِ هَاتِي الْحَيَاةِ"،
للمثلثةِ الخامسة عشرة "بَاب":
"لَا تَقْلَقِي سَوْفَ يَاتِي بَأَعْجَلِ الْمُعْجِزَاتِ
لِيَشْرَعَ الْبَابَ أُفْقًا عَلَى سَمَاءِ الْحَيَاةِ
فَكُلُّ مَنْ صَدَّ عَنْهُ مَضَى بِعَهْدِ النَّجَاةِ"-
المُجتثيّةِ الأبيات المجزوءة الصحيحة العروض والضرب، التائيّةِ القوافي المكسورة المردفة بالألف الموصولة بالياء.
· النمط التاسع والأربعون (ب/و/د/ك)، وفيه خضعت المثلثةُ الخامسة والمئة "يَدَانِ":
"لَوْلَا يَدٌ كَيَدِي مَا اشْتَدَّ بِي كَمَدِي عَلَى الْهَوَى وَالْجَوَى وَالْعَهْدِ والْمَدَدِ
شَرَدْتُ فَاسْتَنْقَذَتْنِي كَيْ تُمَصِّصَنِي يَا لَيْتَها تَرَكَتْنِي طُعْمةَ الْأَسَدِ
وَأَيُّ عَارٍ عَلَى مَنْ ضَاعَ مُغْتَرِبًا مَا الْعَارُ إِلَّا عَلَى مَنْ ضَاعَ فِي الْبَلَدِ"،
للمثلثةِ التاسعة والأربعين "سُور":
"سُورُ الْحِجَارَةِ دُونِي وَالْحَصَى بِيَدِي مَا أَقْرَبَ الْفَرْقَ بَيْنَ الطَّرْدِ والطَّرَدِ
جَلَسْتُ أَعْصِرُ أَجْفَانِي فَمَا انْعَصَرَتْ وَلَا أَرِقْتُ لِذِكْرِ الْأَهْلِ وَالْبَلَدِ
وَقَدْ هَرِمْتُ وَلَمْ أَدْرُجْ وَلَا عَرَفَتْ مَشَاعِرِي خَطَرَاتِ الْبِنْتِ وَالْوَلَدِ"-
البَسيطيّةِ الأبيات الوافية المخبونة العروض والضرب، الداليّةِ القوافي المكسورة المجردة الموصولة بالياء.
لقد استولى بحر المجتث –وبيته مجزوء- على ثماني عشرة مثلثة (17.14%)، وبحر الكامل على أربع عشرة (13.33%)، وبحر البسيط على اثنتي عشرة (11.42%)، وبحر الطويل على إحدى عشرة (10.47%)، وبحر السريع على إحدى عشرة كذلك (10.47%)، وبحر الوافر على سبع (6.66%) ثلاث منهن مجزوءات الأبيات، وبحر المتقارب على سبع كذلك (6.66%) اثنتان منهن مجزوءتا الأبيات، وبحر الهزج –وبيته مجزوء- على ست (5.71%)، وبحر الرمل على ست كذلك (5.71%) أربع منهن مجزوءات الأبيات، وبحر المنسرح على ست كذلك (5.71%)، وبحر الخفيف على أربع (3.80%)، وبحر المديد –وبيته مجزوء- على واحدة (0.95%)، وبحر الرجز على واحدة كذلك (0.95%) مجزوءة الأبيات، وبحر المقتضب –وبيته مجزوء- على واحدة كذلك (0.95%)، ولم تُبقِ لبحرَي المضارع والمتدارك مِن شيءٍ!
واستولى حرف الراء على أروية قوافي ثماني عشرة مثلثة (17.14%)، وحرف اللام على أروية أربع عشرة (13.33%)، وحرف الدال على أروية إحدى عشرة (10.47%)، وحرف الباء على أروية عشر (9.52%)، وحرف التاء على أروية عشر كذلك (9.52%)، وحرف الميم على أروية تسع (8.57%)، وحرف النون على أروية سبع (6.66%)، وحرف الفاء على أروية أربع (3.80%)، وحرف الياء على أروية أربع كذلك (3.80%)، وحرف العين على أروية ثلاث (2.85%)، وحرف الكاف على أروية ثلاث كذلك (2.85%)، وحرف الهاء على أروية اثنتين (1.90%)، وحرف الحاء على أروية اثنتين كذلك (1.90%)، وحرف القاف على أروية اثنتين كذلك (1.90%)، وحرف الألف على أروية اثنتين كذلك (1.90%)، وحرف الذال على أروية واحدة (0.95%)، وحرف الزاء على أروية واحدة كذلك (0.95%)، وحرف السين على أروية واحدة كذلك (0.95%)، وحرف الواو على أروية واحدة كذلك(0.95%)، ولم تُبقِ من شيءٍ لحروف الهمزة والثاء والجيم والخاء والشين والصاد والضاد والطاء والظاء والغين!
واستولت حركة الكسرة على مجاري قوافي ثلاث وثلاثين مثلثة (31.42%)، وحركة الفتحة على مجاري أربع وعشرين (22.85%)، وحركة الضمة على مجاري أربع وعشرين كذلك (22.85%)، واستقل التَّسْكين بقوافي اثنتين وعشرين (20.95%)، والقَصْر بقوافي اثنتين (1.90%)، ولا شيءَ وراء ذلك لشيءٍ!
ومن ثم ينبغي ألا يُستنكر على النمطين الخامس عشر، والتاسع والأربعين، تأثيرُهما المتجاوزُ مثلثتيهما إلى غيرهما –وليس أدلَّ على قوتهما من هذا التأثير- فعناصرُ كل منهما مستمدة من أوائل الأوزان والقوافي المستولية على المثلثات. أما النمطان السابع والعاشر فعلى رغم اشتمالهما على بعض تلك العناصر دون بعض، تجاوزا مثلثتيهما إلى غيرهما، وكأنهما ينبهان الشعراء والمتلقين جميعا على أن عناصر الأنماط العروضية القوية المؤثرة أغمض أحيانًا من أن تُتوقَّع!
إن ظهور حركة الكسرة على غيرها في موضع المجرى من قوافي المثلثات، غير منقطع من ظهورها العام على غيرها في سائر الكلام من قديم إلى حديث. وكذلك ظهور حرف الراء على غيره في موضع الروي من قوافي المثلثات، ولاسيما أنه أعلق منها بالإيقاع من حيث يختص دونها بصفة التكرار أصل حدوث الإيقاع. أما ظهور بحر المجتث على غيره من أوزان المثلثات فهو ما لا عهد للشعر العربي به من قبل، ولا يخلو من أثر قِصَره وتَركُّبه كليهما معا.
إن المثلثة نص مقصود القصر، ولا عجب مع هذا القصد أن تستولي الأوزان القصيرة على ست وثلاثين من مثلثات كتاب سمرؤوت الخمس والمئة (34.28%)، بل العجب أن تستولي الأوزان الطويلة على التسع والستين (65.71%)، ولعلها في سبيل النزول لها عنها!
وهذه هي الأوزان القصيرة مرتبة بمقادير ما استولت عليه:
1 المجتث المجزوء (28 حرفا)، ثماني عشرة مرة:
دن دن ددن/ دن ددن دن/ دن دن ددن/ دن ددن دن
مستفع لن فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن
2 الهزج المجزوء (28 حرفا)، ست مرات:
ددن دن دن/ ددن دن دن/ ددن دن دن/ ددن دن دن
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
3 مجزوء الرمل (28 حرفا)، أربع مرات:
دن ددن دن/ دن ددن دن/ دن ددن دن/ دن ددن دن
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
4 مجزوء الوافر (28 حرفا)، ثلاث مرات:
ددن دددن/ ددن دددن/ ددن دددن/ ددن دددن
مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن
5 مجزوء المتقارب (30 حرفا)، مرتين:
ددن دن/ ددن دن/ ددن دن/ ددن دن/ ددن دن/ ددن دن
فعولن فعولن فعولن فعولن فعولن فعولن
6 المديد المجزوء (38 حرفا)، مرة واحدة:
دن ددن دن/ دن ددن/ دن ددن دن/ دن ددن دن/ دن ددن/ دن ددن دن
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
7 مجزوء الرجز (28 حرفا)، مرة واحدة:
دن دن ددن/ دن دن ددن/ دن دن ددن/ دن دن ددن
مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن
8 المقتضب المجزوء (28 حرفا)، مرة واحدة:
دن دن دن د/ دن دن ددن/ دن دن دن د/ دن دن ددن
مفعولات مستفعلن مفعولات مستفعلن
وهي قسمان: الأول ستة أوزان (1-4، و7، و8)، والثاني وزنان (5، و6). أما الثاني فقد أبعده عن الصدارة زيادة طول وزنيه (30 حرفا، و38 حرفا). وأما الأول فأطوال أوزانه الستة سواء (28 حرفا)، ولكن أربعة منها (2-4، و7)، مفردة التفعيلة، ربما أخلت برغبة المقصر في تعويض الاستسهال بما يتيسر من التركيب. أما الوزن الثامن الباقي فهو الذي كان جديرا بمنافسة الأول على الصدارة، لأنه هو نفسه غير أنه أخذ من آخره سببه الخفيف، فجعله في أوله، فثقل بتوالي ثلاثة مقاطع طويلة، وتوحَّش بقلة الاستعمال؛ إذ يأتي في الاستعمال العام خامس عشر، على حين يأتي قرينه المتصدر حادي عشر، على طرافة هذه الصدارة!
وسوم: العدد 884