قراءة في كتاب : مواكب الأقلام ( قراءات وتعليقات في التاريخ الإسلامي ) بمكتبة الدكتور غيثان بن جريس العلمية
الحمدلله لله الذي خلق فسوى والذي قدّر فهدى ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمدٍ بن عبد الله الذي كان من هديه إنزال الناس منازلهم والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم ، أما بعد : فالمُطالع لكتاب ( مواكب الأقلام.. قراءات و تعليقات في التاريخ الإسلامي بمكتبة الدكتور غيثان بن علي بن جريس العلمية ) لـمؤلفه الأستاذ المبدع / محمد بن أحمد معَبِّر يعجب من محتواه الشامل الذي ضمّ ( ثـمانية ) أقسامٍ حافلةٍ بالمادة العلمية ، وأربعة ملاحق إضافية جاءت مجتمعةً في مجلدٍواحدٍ يبلغ عدد صفحاته ( 519 ) صفحة من القطع المتوسط ، ويُدرك تمام الإدراك مدى نجاح الأستاذ / محمد بن أحمد معبِّر في جمع مادة هذا الكتاب العلمية ، وتنسيقها ، بين دفتي كتابٍ واحدٍ يجمع شتاتها ، ويلم شعثها ،ويربط بين أجزائها في قالبٍ تأليفيٍ أنيقٍ ومتميزٍ في طرحه وإخراجه .وفيما يلي الماحةٌ يسيرةٌ عن هذا الكتاب الذي أجزم أنه دليلٌ قاطعٌ على وفاء كاتبه لعلمٍ بارزٍ من أعلام المنطقة ، ورمزٍ من رموزها العلمية التي – لا شك – أنها رموزٌ كثيرة العدد وتحتاج منّا جميعًا أن نفيها حقها بالكتابة الـمنصفة عنها ، والتعريف اللازم بها وبجهودها المتنوعة في خدمة مسيرة البناء والتقدُّم الحضاري والتنموي لبلادنا الغالية ، وأن نُسلط الضوء على مختلف الجوانب الثرية في حياة كل رمزٍ من تلك الرموزلنُسهم ولو بجهدٍ يسيرٍ في التعريف الوافي بهم للأجيال القادمة .أما طرحي لهذه الإلــماحة عن الكتاب فقدجعلته على شكل وقفاتٍ سريعةٍ مع محتواه ، وهو ما أشير إليه على النحو التالي :
١- الوقفة الأولى : وقفةٌ مع معنىً جميلٍ ورائعٍ من معاني الوفاء عندما جعل المؤلف بداية صفحات الكتاب إهداءً رائعًا في دلالته ومعناه إلى الأستاذ / محمد عمر رفيع ( رحمه الله تعالى وغفر له ) ، الذي يُعد رائدًا من روّاد الكتابة عن المنطقة من خلال ما كتبه في كتابه ( في ربوع عسير ) الذي يرجع تاريخ طباعته إلى سنة ( 1373هـ ) . وفي هذا الإهداء اعترافٌ بجهود من كتب عن تاريخ المنطقة الجنوبية السعودية وبخاصة منطقة عسير ، وإشارةٌ واضحةٌ إلى ضرورة العناية بذكراهم ، والاهتمام بنشر جهودهم والتعريف بها من خلال إعادة طباعة مؤلفاتهم ، والعناية بدراستها ، والحرص على الإفادة مما جاء فيها من المعلومات في شتى مجالات العلوم والمعارف والفنون .
٢- الوقفة الثانية : مع مقدمة الكاتب التي جاءت في (ثـماني صفحاتٍ ) اشتملت على إلماحةٍ يسيرةٍ عن بداية فكرة الكتاب ، وارتباطها بإعداد كتابٍ سابقٍ للمؤلف كان قد صدرت الطبعة الاولى عام (1433هـ ) يحمل اسم ( مؤرخ تهامة والسراة غيثان بن علي بن جريس ) ، والتي أوضحت أن مادة الكتاب الحالي ليست سوى جزءٍ من البقية الباقية لمجموع المادة العلمية التي توافرت عند المؤلفمن قبل ، ولأنه وجد فيها من الفوائد العلمية ما جعله يستأذن صاحبها ( غيثان بن جريس ) في أن يُخرجها في كتابٍ مستقل لما سيترتب على ذلك من حفظها وتعميم فائدتها بإذن الله تعالى .
٣- الوقفة الثالثة : مع تلك الترجمة الحافلة التي أوردها المؤلف للاستاذ الدكتور / غيثان بعــنوان ( غـيثان .. ســــيرةٌ و مســيرة ) ، وقد تحدثت تلك الترجمة في
( 18 ) صفحةٍ عن مسيرته الحافلة ، ومحطات حياته العلمية والعملية بما فيها من أعمالٍ إداريةٍوعلميةٍ ،ومناشط ، ومُشاركاتٍ ،ومؤلفاتٍ ، وعضوياتٍ ،وإشرافٍ ، ومناقشاتٍ ، ونحو ذلك من المهام المتنوعةالتي مارسها وقام بها في كثيرٍ من الميادين التعليمية والوظيفية والبحثية .ومما يجدر التنويه عنها أن تلك ( الترجمةالغيثانية) تُظهرُ – بما لا يدع مجالاً للشك – ذلك العطاء المتدفق للأستاذ الدكتور / غيثان بن جريس من خلال مؤلفاته الغزيرة ، وعضويته العلمية في المجالس واللجان العلميةلمختلف الجامعات ،والمراكز ، والجمعيات العلمية والاتحادات،والمؤسسات المجتمعية الداخلية والخارجية ، يُضاف إلى ذلك حصوله على بعض الجوائز ، وتكريمه في بعض المناسبات الثقافية والوطنية ؛فهو بذلك جديرٌ بأن يتم تدوين سيرته والتعريف بجهوده ، وتسليط الضوء على ما قام به من جهودٍ مشكورةٍ وأعمالٍ مأجورةٍ بإذن الله تعالى .
٤- الوقفة الرابعة : مع محتوى الكتاب الذي جاء في ( ثـمانية ) أقسامٍ رئيسةٍ تم توزيعها على النحو التالي :
أ- القسم الأول : تهامة و السراة ( تعليقات على بعض ما كُتب عنهما ) : وليس بغريبٍ البدء بهذا القسم الذي يحتلُ مساحةً كبيرةً من اهتمام الدكتور / غيثان بن جريس في مُعظم انتاجه العلمي ؛ فقد أشار المؤلف إلى أن ( 70% ) من مجموع الانتاج العلمي للدكتور / غيثان كان معنيًا بتأريخ وتُراث هذا الجزء الغالي من بلادنا الحبيبة ، الأمر الذي أهله لحمل لقب ( مؤرخ تهامة والسراة ) بجدارة ، إضافةً إلى أن ذلك كان من الأسباب الرئيسة التي جعلت المؤلف لهذا الكتاب يختار من مجموع ذلك الإنتاج العلمي الغزير ( اثني عشر ) أُنموذجًا فقط ليُسلط الضوء عليها ، وعلى ما دونه الدكتور / غيثان حولها من الرؤى النقدية التاريخية التي يصفها المؤلف بالمحايدة .
ب - القسم الثاني : حقيبة المسافر ( اللقاءات والندوات العلمية ) : تحت هذا العنوان الرائع في دلالته يأتي هذا القسم الذي اشتمل على بعضٍ مما شارك به الدكتور / غيثان بن جريس من الأبحاث ، والدراسات ،والأوراق العلمية ، والمُشاركات المتنوعة في كثيرٍ من المؤتمرات ، واللقاءات ، والندوات العلمية على مدى سنواتٍ طويلةٍ من العمر قضاها متنقلاً بـ ( حقيبته العلمية ) الزاخرة بالجديد والمُفيد بين العديد منالمدن في الداخل والخارج ، فهو بذلك دائم التواصل مع مختلف المناسبات ذات العلاقة بتخصصه العلمي ، وهو صاحب حضورٍ مُتميزٍ فيها .
ج - القسم الثالث : حصاد التفرغ العلمي : في هذا القسم يُشير المؤلف إلى ذلك النتاج العلمي الذي قدّمه الدكتور / غيثان خلال حصوله على ما يُعرف في الوسط الجامعي بـ ( التفرغ العلمي ) ، حيث حصل الدكتور / غيثان عليه مرتين ، الأولى خلال العام الجامعي ( 1423هـ – 1424هـ ) ، وكان من حصاد سنة التفرغالعلمي الأولى صدور كتاب ( نجران : دراسةٌ تاريخيةٌ حضاريةٌ .. ق 1 – ق 4 هـ ) . وقد صدر عام 1425هـ في ( 531) صفحة
أما سنة التفرغ العلمي الثانية فكانت خلال العام الجامعي ( 1429هـ – 1430هـ ) ، وفيها رحل إلى اندونيسيا و ماليزيا ، وكان من حصادها أن أعّد كتابه ( الوجود الإسلامي في أرخبيل الملايو ، اندونيسيا ، وماليزيا أُنموذجًا ، ق 1 – ق 10 هـ )الذي صدر عام 1430هـ في ( 485 ) صفحة . وهنا لا بُد من الإشارة إلى أن نشاط الدكتور / غيثان لم يقتصر في هذين العامين على هذين الكتابين فقط ، فقد انتهز فرصة تفرغه العلمي لإخراج عدة كتبٍ وأبحاثٍ أُخرى .
د -القسم الرابع : موسوعة تاريخ العالم الإسلامي: يشتمل هذا القسم على دراسةٍ نقديةٍ أجراها الأستاذ الدكتور / غيثان للجزء ( التاسع عشر ) من ( موسوعة تاريخ العالم الإسلامي في مختلف العصور ) ، التي أُعدت برعايةٍ من صاحب السمو الأمير / سعود بن سلمان بن محمد آل سعود .
ولأن الجزء ( التاسع عشر ) من تلك الموسوعة كان يحمل عنوان : ( الأقليات الإسلامية في العالم في القرن العشرين ) فقد ضم مجموعةً من الأبحاث والمقالات التي تحدثت في مجموعها عن مناطق كثيرة من بُلدان العالم تعيش فيها أقلياتٍ إسلاميةٍ وعالجت كثيرًا من شؤونها وشجونها ، وإيجابياتهاوسلبياتها ، ونحو ذلك من القضايا المتنوعة الأمر الذي جعل القائمين على الموسوعة يرشحون الأستاذ الدكتور / غيثان – وهو الباحث المُتمكِّن في المجال التاريخي – لمُراجعة محتوى ذلك الجزء وإبداء ملحوظاته العلمية على محتواه ، وقد أعدّ الدكتور / غيثان دراسةً نقديةً لمحتوى ذلك الجزء مزودةً بالعديد من الملحوظات العلمية الدقيقة ، إضافةً إلى بعض التوصيات التي – لا شك – أنها ستُثري في مجموعها الجوانب العلمية والبحثية لذلك الجزء من الموسوعة
هـ -القسم الـخامس : كُرسي الملك خالد للبحث العلمي : يحوي هذا القسم عرضًا مختصرًا لما قام به الدكتور / غيثان أثناء توليه مهام منصب ( أستاذ كرسي ) الذي كان يُشرف من خلاله على ( كرسي الملك خالد للبحث العلمي ) بجامعة الملك خالد كأول مُشرفٍ على الكرسي منذ إنشائه عام
( 1426هـوحتى تاريخ 29 / 4 / 1428هـ ) ، وقد تطرق هذا القسم لذكر ما أشرف عليه الدكتور / غيثان خلال تلك الفترة من إنجازاتٍ شملت إصدار عددٍ من المؤلفات ، والترتيب لبعض المشاريع العلمية الأخرى وتنظيم المحاضرات ، والمشاركة في الندوات والمؤتمرات ، والقيام ببعض الزيارات العلمية والإدارية ، إضافةً إلى فعاليات اللقاء العلمي الأول لتاريخ الملك خالد بن عبد العزيز المنعقد بتاريخ ( 21 / 4 / 1428هـ ) في مقر الجامعة بمدينة أبها .
و - القسم السادس : دراسات في التاريخ الإسلامي ( قراءات ومتابعات ) : وقع اختيار المؤلف في هذا القسم على ( عشرة ) نماذج مما قام بكتابته في نقد بعض الكتب لعددٍ من المؤلفين ، إضافةً إلى ملحوظاته العلمية عند مناقشته لبعض الرسائل العلمية وتعليقاته على عددٍ من الأبحاث والدراسات والموضوعات العلمية في المجال التاريخي .ويأتي هذا الاختيار انطلاقًا من ذلك الكم الكبير من الحضور العلمي الفاعل للدكتور غيثان في المجال البحثي العلمي على مدى سنواتٍ طويلةٍ من العمر ، أسهم خلالها بالكثير من الرؤى النقدية والملحوظات العلمية والمداخلات التي تكشف في مجموعها عن تمكنه العلمي في مجال تخصصه ، ومهاراته البحثية التي أكسبتها له سنوات الدراسة والعمل البحثي المستمر ؛ الأمر الذي يجعله – في الغالب – ممن يُثري الكثير من الأعمال العلمية ، ويُسهم برؤاه وطروحاته في استكمال نواقصها .
ز - القسم السابع : معرض الكتاب و الوثائق ( 1419هـ – أبها ) : ضم هذا القسم إلماحةً يسيرةً عن الـمُشاركة الفاعلة والإيجابية لـلأستاذ الدكتور / غيثان بن جريس في المعرض الذي أُقيم في مدينة أبها بتاريخ ( 9 شوال 1419هـ ) ، بمناسبة مرور مئة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية ، حيث كان له إسهامٌ فاعل وحضور إيجابي فيه ، وقد تمثل ذلك في تقديمه لبعض محتويات مكتبته الخاصة ومشاركته في المعرض بما يلي :
١- ( 46 ) وثيقةً تاريخية عن جنوبي البلاد السعودية خاصة ، وعن المملكة العربية السعودية عامة .
٢- (11 ) كتابًا من مؤلفاته .
٣ – ( 36 ) بحثًا من مجموع الأبحاث التي كان قد نشرها في مجلاتٍ علميةٍ مُحكَّمةٍ سواءً من داخل المملكة أو خارجها .
وهنا يُمكن القول بأن تلك المشاركة الفاعلة ، وذلك الإسهام الإيجابي للدكتورغيثان بن جريس قد أسهما إلى حدٍ كبيرٍ في إنجاح فكرة المعرض، وتحقيق الأهداف التي كانت مرجوة من تنظيمه .
ح - القسم الثامن : افتتاحيات ( بيادر ) : اشتمل هذا القسم على ما مجموعه
( عشر ) افتتاحيات كان قد كتبها الأستاذ الدكتور / غيثان بن جريس لكل عددٍ من أعداد ( ملف بيادر الثقافي الإبداعي ) الصادر عن نادي أبها الأدبي خلال توليه ( رئاسة تحرير ) هذا الملف اعتبارًا من العدد ( الخامس عشر ) الصادر في شهر ربيع الثاني من عام ( 1416هـ إلى العدد ( الرابع والعشرين ) الصادر في شهر ربيع الثاني من عام 1419هـ ) .وعلى الرغم من تفاوت طول هذه الافتتاحيات من عددٍ إلى آخر ؛ واختلاف موضوعاتها وكيفية طرحها ؛ إلاّ أنها تشترك جميعها في كونها كُتبت بطريقةٍ متميزة في تناولها ومعالجتها لبعض القضايا الثقافية والاجتماعية المتنوعة التي كان رئيس التحرير يُسلط من خلالها الضوء على محتوى كل عددٍ من تلك الأعداد .
٤ - الوقفة الخامسة : مع الملاحق الأربعة التي أعدها عددٌ من الأساتذة والكتاب الذين كانت لهم تعليقاتٌ على بعضٍ من نتاج وعطاء الدكتور / غيثان وما كُتب عنه ، حيث تناول اثنان منهم التعليق على كتاب ( مؤرخ تهامة والسراة ) لمؤلفه الأستاذ / محمد بن أحمد معبِّر .
وسوم: العدد 1123