صورة البوسنة والهرسك عند الشعراء المسلمين

*** بحث قدمته إلى مؤتمر الأدب الإسلامي المنعقد في جامعة آل البيت ـ المفرق ـ الأردن خلال الفترة الممتدة من 23الى 25 من شهر نيسان 2013م

*******

إعداد الأستاذ الدكتور حسن محمد الرَّبابعة ـ جامعة مؤتة

**********

 أبرز سبعة وعشرون شاعرا إسلاميا في ثلاث وأربعين قصيدة بين عمودية وحرة ، صورة البوسنة والهرسك خلال الأحداث التي وقعت عليها من الصرب والصليبين في الفترة الدموية الممتدة من أعوام 1992م إلى سنة 1995م .

 لقد جدولت أسماء الشعراء ، وعدد قصائد كل منهم، وأرقام القصائد، كما وردت في الديوان، ورقَّمت القصائد في الصفحات، وأبرزت جنسية كل شاعر، ووسمت كل شاعر بلقبه، كلما أتيح لي أن اعرِّف به ، وتبيَّن لي أنَّ الشعراء المصريين احتلوا المرتبة الأولى ب"ثمانية شعراء ثم الجنسية السورية، والفلسطينية بالمرتبة الثانية فكان لكل منهما ستة شعراء، وفي المرتبة الرابعة الجنسية السعودية، وعددهم أربعة شعراء ثم الجنسية المغربية ،وعددهم اثنان بالمرتبة الخامسة ،وانتهينا بالجنسية اليمنية بشاعر واحد وبالمرتبة السادسة الأخيرة .

 وقسمت البحث خمسة محاور هي"

 (1)صورة"سيراييفو" كما رسمها الشعراء

 (2) صور من ضحايا المسلمين

 (3) أسباب الفاجعة التي حلت ب"سيراييفو "

 (4) صور من التحدي

 (5) صور من استحضار رموز من الجهاد الإسلامي

 (1)

أما من صورة" سيراييفو" ، فالنار تأكلها ،وأهل الصليب تآمروا عليها ، ومزَّقوا أوصالها ،والصرب ذبحوها فهي شهيدة ، والعالم حولها في لغو قول ، وسيراييفو كادت تباد، وبها كانت تبقر البطون، وكان بعضهم يُحرََّّق، وذنبهم الوحيد أنهم ينطقون الشهادتين ، ويستمر البطش،فلم يتركوها إلا بعد أن اخرسوا التذكير والتكبير فيها ، واستوقفت بعضَهم القنابلُ التي كانت تعصف بملاجئ الأيتام ، وعاصفة من نار كانت تأكل الشجر والحجر ، وفي مشاهد تسرَّح خيالك لترى طفلة شقراء ،تصرخ بأمها المتفحمة أين دميتي أماه أين دميتي ؟ أين دميتك يا بنية لقد عبث المجرمون بها، فأحرقوها بين يديك. دميتي دميتي أماه تصرخ مذعورة أماه! كيف اخرج دميتي أماه من بين الأنقاض المتفحمة ؟

(2)

أما من صور ضحايا المسلمين المتعددة فهي سفك دماء المسلمين وذبحوا كالشياه وبقرت بطون الحوامل ، وطعن الصرب الأجنة ، وذبحوا الصبيان الرضع ، وهدموا المساجد التي يذكر فيها اسم الله ، وطغى الإرعاب الصليبي ، فعذبوا الأسرى ،وذبحوا الأطفال بالحراب ،وقُذف بجثثهم لذوات الظفر والناب ، ونبشوا القبور بلا شعور إنساني ، والحصار الاقتصادي أحدق بهم لتموت سيراييفو جوعا وبردا ، والصرب عاثوا جرادا فيها يأكلون الأخضر واليابس، والصرب باعوا الحرائر من النساء بالمزاد العلني ، والصرب ساقوا الحوامل كالشياه أمام جزاريها في موقف مهيب ، تتلامع سكاكينهم في شفق المغيب ، ورخصت أعراض العذارى المسلمات ، ونقشت رسومات الصليب على صدور الحرائر منهن، وأبيدت مدن ، ورسم على أطلالها صورة الوحش البدائي ، واستحال الصرب في فكي الوحش جنا كافرا ، وجماجم المسلمين شكلت سحبا من الدماء الداكنة ، وأشادوا بها مئذنة وقبَّة ، تمزقت ثياب "سيراييفو" ، وانثقبت حُدرانها ولا مغيث ، وترانيم الصليب علت أصواتها وبرزت بقايا مصحف ممزق ، ورفع الصليب ، واسكت الأذان.

 (3)

 أما من أسباب الفاجعة التي حلت بالبوسنة والهرسك فعزاها بعض الشعراء إلى الحقد الصليبي، وهو الحقد نفسه على القدس والفلبين ، ويعزى حقدهم لصوت الأذان خمس مرات يوميا مذكرا بواحد احد، وبرسول خاتم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعضهم عزاه لتعاون بلغراد و"زغرب" ضدَّ المسلمين وبعضهم يرى أن الجلادين فوق القانون وبعضهم يرى أن للأمن التام من العقوبات الدولية دورا في الفاجعة ، وبعضهم عزاه إلى موقف البابا المتعصب ضد المسلمين ،وبعضهم رأى أن المسلمين قصعة من ثريد تتداعى عليها الأمم ، وبعضهم يرى أن خيانة الكروات عهدها مع البوسنة، كانت من أسباب الفاجعة ، وبعضهم اتهم ولاة المسلمين الغُفاة على أسرتهم الذهبية ،كان سببا للفاجعة .

 (4)

 أما محور التحدي فقدمت "سيراييفو" شهداء أعادوا لها الحياة ، ولصبرها دور في التحدي، وصمودها يعادل فتوحات محمد الفاتح ، وبعضهم عدَّ الصحوة الإسلامية جانبا من محور التحدي ،وللمحاريب دور في انتفاضة الأمة الإسلامية.

 (5)

 أما استحضار رموز الجهاد الإسلامي فظاهرة بارزة في أشعارهم منها إطلالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبين يديه الشريفتين القرآن المجيد يتلو منه آيات الجهاد " ويطلُّ احمد في يديه الآي والذكر الحكيم، يلقي إلينا آيات الجهاد

 ومهم المعتصم العباسي صاحب عمورية ،وتناديه البوسنة، وصلاح الدين ومحمد الفاتح الثغور ، فالأمل معقود على النصر الإلهي القريب بإذن الله .لقد صور الشعراء صورة سيراييفو كما أشارت إليها وسائل الإعلام الشاهدة على فظاعة صليبية ذرت بقرونها الشيطانية في أنحاء المعمورة، ولكن الأمل والنصر معه قادم بحول الله بدليل نهوضها من جديد ولله الأمر من قبل ومن بعد وهو العزيز الحكيم والأرض كلها لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين .