بؤرة الروح
عرض ديوان شعر
د. حسن الربابعة
قسم اللغة العربية
جامعة مؤتة
بالطبعة الرابعة بفضل الله ومننه يصدر ديوان "بؤرة الروح "للشاعر علي فهيم الكيلاني " أبو العلاء "2012م ، تضمن ديوانه إهداء ومقدمة وموضوعات متنوعة من"62" ثنتين وستين قصيدة موزعة على سبعة محاور كالتالي هي:
(1) نفحات إيمانية وعددها ثلاث
(2) مشاعر إنسانية وعددها ثمان
(3) وشجون وطنية وعددها تسع
(4)و وجدانيات وغزل ونسيب وعددها ست عشرة قصيدة
(5)ورثاء وتعزية وعددها خمس قصائد
(6)و نقد وتصويب وعددها عشر
(7) و(نفثات ) وعددها إحدى عشرة قصيدة .
لقد قدم للديوان هذا الأستاذ إبراهيم العجلوني فقال فيه " إن أول ما يلامس النفس في ديوان "بؤرة الروح "هو الإحساس القوي بانتماء الشاعر الحميم إلى أمتيه العربية الإسلامية والى قيمها ومروءاتها وكمالاتها فحيث ذهبنا فيه نجد دلائل وإشارات إلى النسب الثقافي العريق الذي ينتهي إليه وجدان شاعرنا ، والى الايكة الحضارية الممتدة الظلال بين لدن نزول الوحي على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه اللحظة "( مقدمة ص10)
.وعرض له الأستاذ علي مصطفى الدلاهمة بعنوان "بين يدي ديوان بؤرة الروح "فرأى فيه خلاصة شعرية بما يعتمل فيها من أفكار عميقة ومعاني سامية وصور أخاذة وعبر وحكم وفيه تبرز روح إنسانية معذبة على أجنحة الشعر فيها هموم العالم وأحزانه ما تنوء به شمُّ الجبال"ص12"
أما الناقد ماجد المجالي فرأى في الديوان "انه روح نورانية تمردت على زنزانتها "الجسد الطيني "ببؤرتها الدفاقة التي خلفت نشوتها فجعلتها في هجرة دائمة إلى بارئها ، فلا جدود الزمان تحدها ولا قيود المكان تقيدها ، انها روح مؤمنة بأنها بعض دفق روح بارئها المتسامية أبدا على كل قيد وحد "الديوان ص14"
إما الأستاذ احمد جبر فرأى في قصائد الديوان نغما ينساب في لحن اغنٍّ وانه يرشف رحيقا في شهد مذاب وليس تهويما في الخيال بقدر ما هو فيض من الروح الأمينة على رسالتها في الحياة الصادقة مع أمتها دينا وتاريخا وتراثا خالدا ومستقبلا ترتسم عليه ملامح عزنها وخلودها "ص 16"
أما الأستاذ الدكتور محمد جمعة الوحش في لقاء إذاعي مع الشاعر يوم 1/11: 1993م فرأى أن من حق الشاعر الكيلاني أن يخرج من الظل إلى دائرة النور لما رأى مستوى إبداعه فقال "لا أتحرج وأنا اعرف به من القول إنني فوجئت بمستوى إبداعه الشعري وحجمه كما فوجئت بأنه من الجيل الذي أسس لحركة الشعر العربي الحديث منذ الخمسينيات وان كان أسلوبه يختلف في كثير من الأحيان عن أساليب رواد الشعر الأردني منذ أربعة عقود "ص 17"
وقد جاء ديوانه ب"230"صفحة من القطع الكبير ،
وها أنا اختار آخر قصيدة من ديوانه لأمثل عليها ، لأدلل على قدرة الشاعر الكيلاني على التصوير الساخر "الكريكاتيري " فيقول في قصيدة بعنوان :"دنياكم هذه"مع الاعتذار للإمام : 1996م ""ديوانه ص 229)
عفطت عنزة
فتناثر من عفطتها
عينان مغمضتان على هوان
أذنان بلا طبلة
انف مجدوع
ولسان مقطوع
في رأس مبهوت مخدوع
وعلى جسم
متخوم مختوم موسوم
يطَّامن حتى الأرض
يترنح سُكرا
لا يتحرك لا يدري أين ؟
لعل توظيف الشاعر للعنز يعادل به لون النفط بجامع السواد ، الذي انبجس منه مال وهوان ، وكأنه اغشي العينين المبصرتين أو اعشاهما فلم تعودا تبصران الأشياء كما هي ، وتشوهت الصورة البشرية؛ فالأذنان التي خصهما الله تعالى بالسمع بلا طبله فهم "صم " والعينات مغمضتان ، فلا رؤيا ولا رؤية ،"فهم عمي " والأنف رمز الكرامة مجدوع مهان ، واللسان مقطوع لا يدافع عن حق ولا يفيد تعبيرا ، والرأس مخدوع امتلأ بالأكاذيب ، والرأس فوق جسد متخم بالطعام ، مختوم بختم سيده شان ما تختم به الأنعام لتمييزها عن غيرها من الحظائر الأخرى ، والرأس بفعل المضارع "يطَّامن "مسنمر في الطأطأة "يطَّامن "بتشديد الطاء "تدليلا على الخنوع الشديد للأرض ،والجسد اليشري ثمل مترنح يتحرك دون وعي ولا يدري أين يذهب ولا يدري أين يروح ؟ وبإمكان من له القدرة على الرسم الكريكاتيري أن يترسم من القصيدة هذه الصورة وبهذا ينماز الشاعر الكيلاني بالرسم الكريكاتيري.
وهناك قصائد كثيرة نستحق العناية والدرس ولعل الله تعالى أن يقدر لي لأدرس انموذجات أخر من شعر أبي العلاء الكيلاني، وعسى أن ينسا له ليرى ثمار غرسه إن الله سميع مجيب الدعاء.