عبدالستار نور علي... وقفة تأمل!
حيدر الحدراوي
المتامل يتأمل في ما يعجبه , ولا يتأمل ما لا يعجبه , وهذا ما يميزه عن الناقد , كما وان للمتأمل نظرة فاحصة , وللناقد ادوات خاصة , معروفة لدى اصحاب الفن .
الشخصيات التي تجلب النظر للتأمل كثيرة , لذا ينبغي للمتأمل ان يختار الشخصية الانسب , والاكثر ايحاءا وتميزا , فكانت لنا هذه المرة وقفة مع الشاعر والناقد عبدالستار نور علي .
التأمل في نتاجاته يكون على عدة وجوه :
1- النقد : يمتاز نقده بعدة امور نذكر منها :
أ) نظرة ثاقبة .
ب) دقة الملاحظة .
ت) قدرة كبيرة وسريعة على تحليل الموضوع .
ث) انتباه شديد للغة العربية والاملاء ونقاط الضعف والقوة ومكامن الخلل .
ج) تقييم موضوعي .
2- الشعر : يمتاز شعره بعدة امور :
أ) حس وطني : ملحوظ بشكل واضح وجلي , قد يكون لعدة اسباب :
أ)1) الغربة : حيث يعيش ويسكن بعيدا عن الوطن .
أ)2) الازمات التي يمر بها الوطن , وسوء الاحوال المعيشية فيه .
أ)3) قد يكون هذا الاحساس نابع من ثقافة عالية وشعور بالمسئولية , او عواطف جياشة .
ب) شعور بالمسئولية : ملحوظا في نطاقين :
ب)1- تجاه اشخاص
ب)2- تجاه الوطن الكبير.
ت) الحكمة والايجاز : وذلك في محورين :
الاول ( حمال أوجه ): تمتاز اشعاره بمختصرات تحتمل عدة معاني في آن واحد , فيستشف القارئ معنى قد يكون مغايرا لما توصل اليه قارئ اخر , مع احتمال كبير انه ليس المعنى الذي يقصده الشاعر .
الثاني ( خير الكلام ما قل ودل ) : يتبنى الشاعر عبدالستار هذا الاسلوب في اغلب اشعاره , ويتخلص بطريقة ذكية من الكلام الزائد او مما لا داعي له ولا موجب .
ث) يغلب على اشعاره الزمن المضارع , قد يكون ذلك عمدا , او لعدة اسباب نذكر منها :
ث)1- شعور بقيمة الوقت .
ث)2- دلالة على ان الشاعر يتعايش مع كلماته ومضامينه .
3- المقالة : تتسم مقالاته بعدة سمات , نذكر منها على سبيل المثال , لا على سبيل الحصر :
أ) الحنين الى الماضي .
ب) الطابع السياسي .
ت) المسئولية القومية .
ث) الروح الثورية , التواقة للتغيير .
4- ترجمة : لم يكتف الشاعر عبدالستار من عرض نتاجاته , بل استثمر ثقافته ومعرفته بلغات غير لغته الأصلية , كي ينقل تراث شعراء من بلدان اخرى , اتماما لرسالته , واثراءا لمواهبه , وتلاقحا اكثر للافكار , وهنا لدينا اشكالين :
أ) عدم ذكر النصوص المترجمة الاصلية , وهذا مما يحصر القارئ في رأي واحد للنص المترجم , حبذا لو انه قد ذكر النصوص الاصلية ( اذا كان النص قصيرا ) , تاركا المجال مفتوحا لاشخاص اخرين يفهمون تلك اللغة , فيدلوا بأرائهم , فنحصل بالنتيجة على اكثر من راي للنص الواحد .
ب) لم اقف على تراجم للشاعر عبدالستار من العربية الى لغات اخرى , لا اعلم ان كانت موجودة ام لا .
5- امور عامة : نلاحظ عدة امور شخصية لدى الشاعر عبدالستار نور علي , يكمن ورائها سر النجاح والرقي وسمو الابداع , او الحقيقة الكامنة للتقدم نحو التكامل الابداعي , بعضها ينعكس في نتاجاته , والبعض الاخر يظهر في تعليقاته ومداخلاته على نتاجات الاخرين :
أ) التواضع : لا يخفى على المتتبع لهذه الشخصية مدى التواضع الذي يغلفها , ويحيط بها من كل الجوانب .
ب) الانفتاح : يمتاز الشاعر عبدالستار بأنفتاحه على كافة الشخصيات ( الكتاب وغيرهم) , وعلى كافة المواضيع المختلفة , كضوء الشمعة ينطلق في كل الاتجاهات بدون استثناء , المهم لديه الكلمة الطيبة , والمضمون الابداعي والجمالي , غير عابئا بهوية الكاتب او الاديب , وهذا ما يدفع الشخص الموهوب لمواكبة العصر , والسير نحو الرقي والتقدم والتكامل .
ت) القلب الكبير : مما يميز الشاعر عبدالستار عن غيره , قلبه الكبير , وسعة صدره , وقدرة كبيرة على الاحتواء , لكن ان هذه الصورة لم تكتمل لديّ , الا من جانب واحد فقط , كوني لم اعثر على كلمات له ( ردود ) ضد مبغضيه وحاسديه .
ث) الترفع : ما يلفت النظر في نتاجات الشاعر عبدالستار , ترفعه عن كل ما يشين من كلمات او الفاظ ( سب – تجريح .. الخ ) , ويستغني عن ذلك بطريقة الاديب الاريب .
ج) الحيادية : لا ينحاز الى جهة او تيار محدد , ولا يقيد نفسه فيه , بل يعمل على استقطاب الجميع , بطريقة الباب المفتوح للجميع , لكن بشرط الاخلاق الحميدة والمضامين الواعية , والكلمة الصادقة الهادفة .
ح) موهبة : ليس كل صاحب موهبة يعلم انه موهوب , فالبعض يدرك انه موهوب بعد فوات الاوان , وبعضا اخر يدرك موهبته في الوقت المناسب , فيعمل على إنماءها وتطوريها بما يتناسب مع امكانياته , اما الشاعر عبدالستار ممن ادرك موهبته في الوقت المناسب , فنماها وطورها وامدها بما يناسبها من امور واحتياجات خاصة .
خ) ثقافة عالية : مما يطور الموهبة ويزيدها ابداعا و إشراقا , الثقافة وسعة الاطلاع , وهذا واضح في هذه الشخصية , وليس للمتأمل تقييمه او البت فيه ! .
هذا ليس كل شيء , بل هناك مما احجمنا عن ذكره , خوفا من الإساءة لهذه الشخصية ومحبيها , او تجنبا للاتهام ! .
لكي يتكامل الموضوع بشكل علمي او مقبول , نأتي الى ذكر بعضا من الهفوات او السلبيات , التي قد تبدو كذلك وربما هي غير ذلك :
1- كتابات الشاعر عبدالستار غالبا ما تسلط الضوء على الشخصيات البارزة , ذات الشأن في مجال الكلمة النبيلة , متناسيا او محجما عن تسليط الضوء على الكتاب الصغار او المبتدئين او حتى خاملي الذكر في هذا المضمار , باب الاشكال , الشاعر المخضرم او الكاتب الكبير بمثابة الاب لما دونه , او بمثابة الاخ و الاخ الاكبر لمن يقاربه او يعادله في الموهبة ( المنزلة ) , حيث ان رسالة الاب المنهجية ( التربوية ) تقتضي التركيز ونقل التجارب الشخصية لأولاده , كي يتعلموا منه وينهلوا من فيوض معرفته .
ملاحظة : اذا كانت هذه النقطة صدرت من الشاعر عبدالستار سهوا فهي سلبية , وان صدرت عمدا فهي ايجابية .
2- لدى تتبع نتاجات الشاعر عبدالستار نلاحظ تركيز مكثف على شعراء من غير العرب , ولم ينل شعراء العرب المخضرمين حظوة او نصيب , مع العلم ان امة العرب تزخر بشعراء لا ند لهم في غيرهم من الامم .
ملاحظة : سلبية او ايجابية هذه النقطة تعتمد على رأي الشاعر عبدالستار نفسه , ان كانت عمدا او سهوا , ام ان له رأي اخر .
ارجو ان اكون قد وفقت ! .