من بين كهناء الشعر يدعونا يسوع الأقدار قاسم حداد
بروفايل (3)
من بين كهناء الشعر يدعونا يسوع الأقدار قاسم حداد،
إلى جلسة حميمية مع محراب حروفه المهجنة
هدلا القصار
شاعرة من لبنان
ومن جمهرة الشعر، يدعونا يسوع الأقدار الأديب والشاعر البحريني قاسم حداد، المقيم في ألمانيا، لنوقظ قدر العالم في جلسة حميمة مستقلة بأمواج تجربته، المعمدة من إبداع الشاعر الروماني "فرجيل" المتميز بالعذوبة والمرونة، والتدفق الصوري، واللغوي، المنسجمين مع معاني الحداد، الواضح الرؤى/ دافئ الكلم/ صادق المعنى/ المدرك لتركيباته الحسية / الوفيّ لأحزانه وأفراحه وما بينهما / لا يتهاون في ادخار زراعة أحلامه، وما خلف تصويره للأشياء/ كما في شراسة بحثه لحيثيات قضايا الإنسان وحالاته السيكولوجية/ مجتهداً في لغته الشعرية التي نطلب الوقوف عندها فيما بعد، لنجتهد البحث عن أصل بكارة لغته الشعرية التي ظهرت في جميع أعماله، لتناسب ترقية لغتنا الشرقية النهضوية مع الأدب المعاصر، الباحث عن الكمال الإنساني وحريته المكللة بالتقدم والاستقرار، كما في متطلبات شاعرنا العاطفية، المستنجدة بالحب الأزلي، "بما أن الحب هو سر الوجود، وقطرة الغيث الصادقة التي تنبت في قلوب الغرب والشرق "
يتجول الأديب والشاعر قاسم حداد، في مخيلة عقله وحضور روحه في الكلم، " أنه كالقصيدة اللحظية التي لم يتهيأ لضوئها المخبوء شاعر! " كقاسم حداد الكاشف عن أسرار الغموض وما وراء المعرفة في قاموس مخيلته، التي شهدت تحديد مستوياته الإبداعية الأساسية السيمولوجيا، المعولة على لغته الأدبية الشرقية المغربة، المكللة بأتيجة ملائكة الشعر الناضر في لمحاولته استحضار فردوس الزمن الملتحم بحاضر الشاعر، حيث يذهب إلى المتلقي ليقاسمه البحث عن صور صناديق تجربته، وأوتار منظوره الملموس، والمحسوس في سبر أغوار العواطف البشرية وانعكاساه الذي يجهش في صدره، وما عليه من مزيد في قيمته الإنسانية الممزوجة بأغراض تناقض المجتمع، وأقداره الهاربة من الظلمات، في بحثه عن مستقرات آمنه للإنسانية...، ولعلنا نصبو إلى فتح ما يبدو بعيدا وقريباً من الواقع حياة الأديب والشاعر قاسم حداد .
لربما كان هذا الحافز الأكبر الذي دفعنا البحث عن أفق تجربته التي تعد استكمالاً لخط شعراء عالم الغرب، مع احتفاظه بالموروثات الثقافية والحضارية العربية ... فالشاعر يدرك تماماً أن الشعر هو من أحد منابع التأمل في الذات الشاعرة التي تعيش داخل الحالات الإنسانية ومناخها الزمكاني، والطبيعي الممزوجين من سحر كلمه ولغته الأنيقة على مستوى ثقافة العالم، ليتوافق مع الفيلسوف الألماني "عمانوئيل كانط"، الذي صارع من اجل المبادئ الإنسانية ليحتمي برؤيته الفلسفية لعالم القيم .
كما يسعى الشاعر قاسم حداد، من خلال أعماله إلى إقامة السلام الدائم بين الشعوب عن طريق عدم اتخاذ الإنسان وسيلة أو غاية، في أعماله الإبداعية، وهو ما يعني احترام الكرامة الإنسانية، ولا شك أيضاً أن الشاعر يتقن الموهبة والقدرة على فك رموز معاني الكلم كما عرفناه من خلال مهارته العروضية التي ملكتها قريحته الإبداعية القادرة على توليد أشكال الرؤى الشعرية التي تهطل مع مواسم تنقله، ليروي عطش المتلقي من ثراء سرديات شاعريته، وصوره المأخوذة من الواقع الإنساني، وإرهاصات تفاعله مع الحياة الإنسانية في مسيرته التاريخية، وخصائصها، وجغرافيتها، وآثارها، والعالم وانتمائه، والوطن في أخيلته التي تمثل الجموع الواحد في فرادة نبؤئته، المسماة "بسيكولوجية الإبداع" كما في فكرة بوذا، عن الشعر المتمثل بالفهم السوي/ وإلا نتباه السوي/ والفكر السوي/ والقول السوي/ الفعل السوي/ والجهد السوي، والتركيز السوي، والتأمل في مفردات اللحظة، وما يلعب على تاريخ البشر في الأمكنة التي تحك جدران أقلامه وما يملك من أسئلة، وشكوى في وصفه المشجر من معراج قوله،وديباجيات أعماله ومرجعياته التي تعلو على الواقع الذي يمثل الخارج في جميع تجاربه وخبرات مواقفه، المتوغلة في الغيبيات وما وراء تشوهات الإنسان والطبيعة، وظروف المجتمع واضطراباته، ونمط إحساسه بالواقع وبالأشياء المعزوفة من أفكار المجتمعات في غرفه السرية .
نستخلص القول لمن لم يتطلع على موسوعة أعمال الأديب والشاعر قاسم حداد، العابث المتمرد الذي صنع نفسه المبدعة لتقاسمه دولة أحلامه وشخصياته التي تحيا بجوار العالم الواقعي، حيث يتحرك بمكارة أصابعه، لتستقر تجربته اللحظية في مؤسسة شاعريته ألمنهله مرايا أوراقه المختومة من حبر معجمه، ومهارة مخيلته اللزجة في تراكيب صوره، النابعة من لغة أنفاسه المستنشقة عبير روائع شعراء العالم، ولكي نسمع أجراس كلماتهم ومغزى مجمل إعمالهم وتأثيرهم على مخيلة قاسم حداد، المصنوعة من أوتار تفاعله الحسي، وهيمنة مشاركته الرؤيوية على رحلاته الحياتية المسيطرة على عباراته وأشرعة قصائده ومفهومه للثقافة الإبداعية التي تتطلب قدرة استنباطية للعلاقة الجوهرية المرتبطة بالحدس العلمي، لتصبح نظرياته قانونا بدرجة اليقين، لينتمي المجتمع بآليات تتناسب مع رغبة الذهاب إلى مستقبل ثقافة العالم، الذي يتمثل بموقف الشاعر الإيديولوجي، الممزوج بأوزان كلمه الموسيقي، المفتوح على جميع احتمالات الوعي لمجمل القضايا، حتى إذ طلبت أوردتنا الدفء، نقصد كينونة قصائد الشاعر قاسم حداد، ليطيب مجلسنا في مسكن حروفه، حيث الطاقة الشعرية السيسو ثقافية، في ذاتيته الإستراتيجية الآلهة المتأملة في العقبات والصعوبات التي يعيشها الإنسان المتواجد في تجربته أعماله المطلة من علياء إبداعاته، وعيشه بين أدباء مبدعين أمثال: الشاعر الفرنسي ألفريد/ دوفيني/ بودلير /و شيلر / لوكريشيس، المجاورين لحركة إبداع العالم المبحر من المحيط إلى الخليج، كما قال في قصيدة " الأقداح المعبوبة حتى الثمالات"
يتبع
وقفة تأمل مع الشاعر "دانتي" اللبناني
روبير غانم، وارتباطه الميتافيزيقي بالفكر والواقع
بقلم : الكاتبة والشاعرة هدلا القصار
نستلف عقل الشاعر والأديب اللبناني روبير غانم، لنقف وقفة تأمل أمام فلسفته المقارنة بعائلة فلاسفة العصر، ولنصل إلى ما وصلت إليه ثقافته المهجنة في تجربته، وقدرات عقله، وتلاشيه بين المسافة والفكرة، في تحويل الأدب العالمي إلى منهجه الشعري ومستوى أرائه الفيزيائية ومحاولته تغيير نظام العالم في حركته اللاهوتية الأسطورية، التي أدخلتنا اجتهاد شاعر الزمن والمعرفة روبير غانم غانم، الذي استحضر ثقافة العالمين في أعالمه التواصلية واختراقاته ثقافات الغرب بمخزونه الفكري، وطاقته الرؤيوية الموجه لصالح البشرية، محولا أعماله الفكرية، والمجتمعية، والثقافات التاريخية المتنوعة، إلى غايات تفعيليه، لإصلاح مستندات عالمنا المعاصر، المتداخل في تشكيل العقل الحديث، بكل أطيافه الطائفية والاجتماعية والسياسية والمذهبية...
ما يعني أن كل شاعر يستطيع أن يحدد علاقته بالعالم المحيط به، وأن يبدع في ثقافته الشرقية خارج الوطن او داخله، بالبديهة/ والخيال/ والإلهام/ بالإضافة إلى أساليب نزعته الذاتية في تصويره للعالمين كوسيلة للمعرفة، لنرى فيه "دانتي" الذي يتحدث عن الشكل الخالص للنور الإلهي الذي يحمل الطاعة المطلقة في إفراز نبوءات الأديان، ورؤياه في تجاربه المتجلية على قصائده الشرقية السميولوجيا، ذات الوجه السيميائي الذي يربط بين التصور والصورة السمعية، وبين الدال والمدلول وما بينهما، لنلملم شظايا الشاعر المتصوف، و دوره الاستراتيجي، وسر قدستيه الساعية إلى الاعتناق ومعانقة المطلق، وما ورد من تطلعات الشاعر الذي يبحث عن الخلود عن طريق الفلسفة الروحانية المعتمدة على البساطة، والعيش مع طبيعة الإنسان، بالاتحاد مع نغمات الكون الأزلي.. ..
هذا هو الفيلسوف والشاعر اللبناني روبير غانم، المغاير في تطلعات توغله المستلهم شتى أنواع الاستطرادات الفلسفية، واكتشافاته المعرفية، في مجهودات أعماله الإبداعية الوجدانية الموجهة لمخاطبة شعـوب العالم من فوق أرضه . بمذاقات شعرية عربية مختلفة تسعى لتنوير المجتمعات بأفكاره النقدية وأطروحاته اللاهوتية في ثراء تجربته الخصبة التي تعكس أشكال حياة الفرد الغالب على الأماكن والثقافات المسافرة عبر المكان والزمان بمواد وهويات متنوعة... ما يدل على علوم ومعرفة الشاعر بالفلسفة الواسعة من الأمكنة والثقافات، ومضمونهما الروحي، والحرفي في أدوات العقل والحواس، كما اقترح الفيلسوف المحب للحكمة الروحية "هنريك سكوليموفسكي"في رؤيته الإيكولوجية، التي قد يكون من شأنها أن تقدم رداً إيجابياً على متطلبات وقتنا عبر المفهوم الشرعي العلماني، لتقترب الإنسانية من الإنسان، من خلال رؤية روبير غانم، وأفكاره المرتبطة بمبدأ تأمل ولادة جديدة للإنسان، وتطور المفهوم الإنساني المليء بالمفردات المعلنة حرية الإنسان أينما وجد في بقاع الأرض .
علما أن مثل هذا العلم وهذه الثقافة، سبق وهزت عرش آدم، وأنزلته من السماء، كما تسببت بطرده من الجنة، لاختراقه معرفة معنى الحياة والعلم . هذا العلم الذي حمل الشاعر والفيلسوف اللبناني روبير غانم، عبق المرحلة المليئة بمضامين الإنسان، ومعانقة روح الفرد، بأجناس إبداعه الأدبي المعاصر، الذي اخترق الحجب، وتجاوز المألوف, ليخطف عقل القارئ إلى ما وراء رؤاه في صيغ بياناته التي سبق ومستها فلاسفة الحداثة فيما مضى، منهم نيتشه/ رينيه ديكارت/ ومارتن هيدغر/ وهيجل/ وهاملتون، وتأثيرهم على الشاعر روبير، الذي يفيض استشراقه من مصدر إلهامه، حيث اضاف الى فلسفة سرديات معلوماته، المنتمية إلى شعراء العالم، من خلال تأمله، وتطلعات تعمقه المرتبط بفلسفته الإنسانية اللاهوتية، والاجتماعية في كينونته الفكرية، التي جعلتنا نكتشف القواعد الكونية الثابتة لدي الشاعر، ونزعته الإنسانية "الهيمونية" في عيون الأديب الفيلسوف، والشاعر روبير غانم، وتمازجه بين الروح والعقل الذي لا يعترف بحدود الإبداع في طبيعة أعماله الأدبية " الشعرية الدينية " الحديثة، ومضامين فلسفته الجميلة التي تنم عن معنى دفين يعلن عن أشياء عظيمة في قوانينه ومجاميعه الفلسفية:التي تنادي أصحاب هذا الاتجاه للتأكيد على الدلالات الدينية، والأخلاقية الكامنة وراء القوى الميتافيزيقية، والشعر هو خير أداة للتعبير عن هذه الدلالات، خاصة إذا كانت بأسلوب الشاعر وتعبيره الجميل، وإن أدى أحيانا إلى المبالغة في شاعريته الصوفية التي تدعونا إلى وحدة الوجود و الحب الإلهي الذي يسمو على الحب المادي الذي ينتهي بحدود الزمان والمكان، حيث منبع القيم الإنسانية ومفاهيم العالم في فلسفة الاديب والشاعر روبير غانم، الساعي لارتقاء مصير الفرد في قدره، كما في " تراجيديا "سوفوكليس"، الذي سعى لتسوية الإنسانية والحرية والعدالة في صرخة الإنسان الأولى الغامض، إلى أن يخلق تجانس بين الأناء والأخر في مشروع يكشف عن الذوات المنفردة في رؤية العالم المتعدد المناهل والتجارب... في البحث عن الإله في الذات الإنسانية ...
حيث قدرته الإبداعية، الباحثة عن الأحداث المرتبطة بمكونات الفرد داخل صوره الدينامكية، ومميزاته "السيميولوجية الدلالية" وفق إنشاء حداثي يحقق المزيد من اكتشافات عصر البشرية في منهجه الإيديولوجي المثالي الذي استهدف أمنيات الشاعر الكوني، كما لو انه (في حضرة " ليلة الغطاس" المعروفة يخصبها القائم في ليلة من كل عام، وهي ذكرى حلول الروح المقدسة التي تلد فيها طموحات الفكر، وتلقيح العقول، والإلهام، والوحي، وتحقيق الأمنيات، والرغبات، والمعجزات على اختلافها) كما في استعراضات الأديب روبير، الملح على إصلاح العقول وما تستدعيه الرغبة الكامنة بمكتسبات منظوره الديني، واللاهوتي، والأخلاقي، والاجتماعي الإنساني، الذي يمثل الخير للمجتمع وما يلاءم وصول المتلقي إلى ابتكاراته الحرة، في رسائل الغفران لفلسفته المغايرة لواقع الحياة والمعرفة، في خصوصية لغوية لا نعرفها عند الكثير من الشعراء... الذين يمثلون توجهات الشاعر روبير، وأفكاره التي تشبه أفكار الفيلسوف الفرنسي ألبير كآمي، الذي تمرد على جميع أشكال العبودية، في سبيل الحياة التي هي أفضل ما وهب الله للإنسان على وجه الأرض، حتى نليق بالحياة ونمشي على درب التكافؤ والتكاتف الإنساني من مكانه الذي لم يهجره بعيداً سوى بتطلعاته على كتابات ونظريات عباقرة وفلاسفة الغرب، وإستراتيجيهم التواصلية، وآفاقهم المتعلق بأفعال كينونة الحداثة، التي تمثل مجد الإنسان المشبع بالروحانية، في لغة الشاعر ومنهجه الموثق بمركبات التفاعل والتلاحم، لينتج جيلاً مستحدثاً متميزاً عن أجيال العصور السابقة، بالإضافة إلى أطروحاته التي لم تهدأ في قلب الشاعر والأديب فكرة، مما فتح شهيتنا إلى التعمق أكثر في تجربته التي تحتاج وقتاً بعيداً للدفاع عن قيمة الإنسان وحريته، وتنوع حضارته الجامعة جميع الكتب الإلهية والكونية والإنسانية والحياتية كما قال في قصيده " السماء" .
يتبع