يحيى السماوي... وقفة تأمل!

يحيى السماوي... وقفة تأمل!

يحيى السَّماوي

yahia.alsamawy@gmail.com

حيدر الحدراوي

كولد يصطحبه والده الى مكان عمله , فيتأمل الولد ابيه , يمعن النظر في ادواته , ويراقب حركاته , حتى يرى ثمرة اخر جهوده , يتفحصها , فتنال إعجابه , من ذلك المنطلق أتأمل في نتاج الشاعر يحيى السماوي :

1-    يلتفت المتتبع لقصائد الشاعر يحيى السماوي , انه يستعمل الفعل الماضي في قصائده , وبشكل ملفت للنظر , قد تكون لذلك عدة اسباب , نذكر منها : -

أ‌)       ( الزمن كالسيف , ان لم تقطعه قطعك ) : غالبا ما يكون الشاعر او الاديب صاحب رسالة , او لديه اهداف يروم أن يوصلها بفنه الى المتلقي , فيعمل جاهدا على ذلك , لكن قد تعترضه ارهاصات معينة , كالتقدم في السن , او علة ما , فيرى ان الزمن يمضي , ولم يحقق ما يصبو اليه , بالشكل الذي يريد , وبالصورة التي يرسمها في مخيلته , فيشعر انه في صراع مع الزمن , فتتداعى عنده الأزمان , فيغلب احدها أو يطغى على نتاجه , وكان الزمن الماضي هو الغالب .

ب‌)  ( اذا ضجت , تذكر ايام عرسك ) : يضرب هذا المثل الدارج لحالة الملل او الضجر التي تنتاب البعض احيانا , ففي هذه الحالة ( حالة الضجر ) تذكر الايام الجميلة التي مررت بها , وليس بالتحديد ايام ( العرس ) , بل كل ايام الماضي جميلة , فيعبر الشاعر عن عدم رضاه عن الواقع الذي يعيشه , فتعود به عواطفه وأحاسيسه الى الماضي , فيصيغها بفنه بما يلائم الزمن الحاضر وقد تتوغل في غيبيات المستقبل ! .         

2-    ما يلفت النظر ايضا , تمكن الشاعر من اللغة والمفردة , فيطوعها تطويع مقتدر , متمكن , كما يطوع الخياط القماش , فيصنع منه الثوب المتناسق القياس لصاحبه , بلا زيادة او نقصان , او كما يذيب الحداد المعدن , فيصبه في قوالب , لا تزيد ولا تنقص , هكذا يذيب الشاعر لغته , يصبها في قالب افكاره , فلا تزيد او تنقص الفكرة على اللغة والمفردة المستعملة , ولا تفيض المادة اللغوية والمفردة على الفكرة وموضوعها .

3-    الكثير من اصحاب هذا الفن , ينتابهم شعور عدم الرضا عن نتاجاتهم , بالرغم من ان تلك النتاجات يشار اليها بالبنان , ففي خلال تأملاتي في كتابات الشاعر السماوي , لاحظت هذا الشعور ضيئلا في بعضها , وكثيرا في البعض الاخر .

4-    العجلة في الكتابة من الصفات الذميمة , التي تفقد النص كثيرا من مضامينه القيمة , فيبدو ان الشاعر السماوي يتأنى كثيرا في الكتابة , كي لا يفقد النص مضمونه وصورته االجمالية , وقيمته المعنوية .

5-    جمال الصورة الشعرية : طالما وان قياسات اللغة والفكرة والمشاعر و الاحاسيس متناسقة , فتمتلك القصائد نوعين من الجمال :

أ‌)       جمال ظاهري : من حيث الطول ( عدد الابيات ) والعرض ( عدد الكلمات والحروف في البيت الواحد )  والعمق ( المعنى المطلوب ) . 

ب‌)  جمال ضمني : من حيث الصورة الضمنية للقصيدة .

6-    الهموم : يلف الشاعر بين طيات ابياته الكثير من هموم مجتمعه , حيث يصفها بعدد قليل جدا من الحروف والكلمات , وفي ذلك امتياز وتألق , من باب ( خير الكلام ما قل ودل ) .

7-    الموسيقى الشعرية : تناغم الابيات في القصيدة الواحدة , يشكل ايقاعا موسيقيا خفيفا يطرب الاسماع بجودة العزف , حيث يشعر القارئ انه امام موسيقارا للكلمات والحروف .    

الشاعر انسان مهما بلغ من الثقافة والجودة الفكرية والمهنية , والانسان لابد له من هفوات , قد تحدث سهوا , او يتعمدها الشاعر , فيفهم البعض شيئا يختلف عن المقصد المطلوب , مبتعدا عن المعنى المنشود , وكما يلي :

1-  الاسلوب : اسلوب الشاعر السماوي متاحا لذوي الثقافة العالية وذوي الممارسات الشعرية ( شعراء – هواة الشعر – اصحاب الذوق الشعري ) , اما ذوي الثقافة البسيطة , لا يمكنهم استيعاب الفكرة اوالمضمون من القصيدة , وبعبارة اخرى , لا يفهموها , كما انهم ليس لهم نصيب واف من نتاجات الشاعر السماوي , رأيي الشخصي ( ان قبل لا بأس , وان لم يقبل يرد عليّ ) ان في ذلك ابتعادا عن هذه الفئة , التي تشكل الاغلبية , فرسالة الاديب لابد ان تصل وتستقطب الجميع .

2-  الشعر مجال مترامي الاطراف , كبحر واسع متلاطم الامواج , للشاعر ان يسبح مع أي موجة يختار ,  فيقترب تارة من الساحل , ويبتعد تارة اخرى , يغوص الى الاعماق , ويطفو الى السطح متى ما يشاء , اما شاعرنا السماوي , فيبدو انه يغوص ويغوص لا يفكر في العودة , ولا يخشى الغرق , لانه سباح ماهر ,  طالما وان هناك من يفهمه , ويستفيد من تجربته , حيث ان هذا الحال يحصر الشاعر في نطاق ذوي الخبرة , فيكتفي بهذا الحد والعدد من المتابعين له , ولا يفكر بالعودة الى السطح , كي يستقطب اخرين , ويجرهم الى النهل من تجاربه الشخصية في هذا الميدان .

هذا ليس كل شيء , من الممكن ان يقال في هذه الشخصية , فهناك الكثير , مما لا يسعني ذكره وفهمه , حيث اني اجهل الشعر ودهاليزه , كما اني لا اقرأ الشعر , وغالبا لا افهمه كما ينبغي , الا ان بعض الشعراء تستهويني بعضا من كتاباتهم اخص منهم بالذكر ( سامي العامري – عبدالفتاح المطلبي – والطالبي ... واخرين ) , فكتبت ما توصلت اليه من خلال جولاتي التأملية بين ابيات الشاعر يحيى السماوي .

اعتذر عن امرين :

1-  عدم ذكر الامثلة .

2-  ان كنت قد أسأت للشاعر من خلال تطفلي على نتاجاته القيمة.