تقديم كتاب الأعمال الشعرية الكاملة للأستاذ سيد قطب
تقديم كتاب الأعمال الشعرية الكاملة
للأستاذ سيد قطب
عمل إبداعي خالد
أ.د/
جابر قميحةمن الأعمال الإبداعية ما يولد ميتا ؛ لأن عوامل الإجهاض قد توافرت له بسخاء واضح .
ومن الأعمال الإبداعية ما يولد ليعيش حياة زمنية محدودة ، فهو لا يشد النظر ولا يشد العقول والشعور .
ومن الأعمال الإبداعية ما يولد حيا ينبض بالقدرة والشعور ، وكأنما كانت الحياة تنتظره ليفتح وجودها ويمضي بلا توقف ، ويسعى شامخا على مدى الزمن .
أقول هذا لأني عشت مع إبداع من هذا النوع الثالث ، يتمثل في الأعمال الإبداعية للأستاذ الكبير علي عبد الرحمن عطية ، وأقصد أن هذا الإبداع يتمثل في العطاء الضخم الذي يقدمه للعربية ، واستغرق منه قرابة ستة عشر عاما ، وهو معايشة سيد قطب شعرا وقصة ورواية ، ونقدا ، وكأنما قد بعث سيد قطب إلى الحياة من جديد .
ونكتفي في هذه العجالة بكلمات موجزة عن مجهوده في مجال شعر الشهيد سيد قطب : ونحن نعلم أن ديوانه الشاطئ المجهول نشر في أول يناير سنة 1935 م ، ولم يطبع مرة ثانية طوال 76 عاما . ولا يوجد منه إلا نسختان : إحداهما في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ، والثانية بجامعة لندن .
وللإنصاف أشار إلى هذه الحقيقة الدكتور عبد الباقي حسنين والدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي . وربما آخرون . ولكن الباحث الكريم الأستاذ علي بذل جهده وجهاده حتى عثر على خمس وخمسين قصيدة لسيد قطب لم يذكرها الباحثون الذين قدموا دراسات عنه . وهذه القصائد منها : " 14 قصيدة نشرت في جريدة الأهرام ، وقصيدتان في مجلة أبولو ، وقصيدة باسم الحرية نشرت في مجلة الإخوان المسلمين . وفي مقررات وزارة المعارف نشر 4 قصائد منها قصيدة مشتى حلوان وقصيدة الهرم وقصيدة المصيف . وإحدى عشرة قصيدة في كتاب الجديد في المحفوظات بأجزائه الأربعة ، طبع دار المعارف .
ولم يكتف الباحث بهذه القصائد بل أضاف إليها نقد الشعراء لديوان الشاطئ المجهول . ومن هؤلاء النقاد الشاعر محمود حسن اسماعيل في مجلة المقتطف ، والشاعر فايد العمروسي في المجلة نفسها ، والشاعر محمود الخفيف في مجلة الرسالة ، وقصيدة في مجلة النهضة النسائية .
وأضاف كذلك آراء بعض الباحثين في شعر سيد قطب وأدبه ، وهم الذين قاموا بدراسته في الدراسات العليا ، أو دراستهم في الجامعة مثل : الدكتور عبد الباقي حسنين ، والدكتور اسماعيل كشميري ، بل أضاف كذلك بعض قصائد الشعراء الذين امتدحوا إبداع سيد قطب بعد استشهاده ومنهم : شقيقته أمينة قطب ، والأستاذ الدكتور عبد الستار فتح الله ، والشاعر الكبير محمود أبو الوفا .
وبعد هذه الوقفة نرى أن ما قدمه الباحث الكبير الأستاذ على عبد الرحمن عن شعريات سيد قطب ـ رحمه الله ـ تبقى رؤيتنا لعمله هذا تتلخص فيما يأتي :
1- الشمولية : فقد كان تقديمه للعطاء الشعري القطبي محيطا بكل القصائد الظاهر منها والخافي الذي يجهله الكثيرون ، ويجهلون مواقعه .
2- العمق وقدرة الإحاطة ، فهو لم يكتف بالنظرة العجلى بل تعمق ـ لا في النصوص فحسب ـ بل ما يحيط بها كذلك ، مستولدا منها الحقائق الأدبية والنقدية والإنسانية .
3- ولا أغلو ، ولا أجامل إذا قلت أن هذا العمل ، وما سيأتي في مجلدات لاحقات استوعبت عمل سيد قطب كلها ... أقول لا أغلو ولا أجامل ولا أسرف إذا قلت إن أعمال هذا الباحث العظيم تدخل في نطاق الأعمال " الخالدة " في تاريخ العرب الأدبي والنقدي كله.
وفقه الله ، وآدام النفع به