المذكرات المجهولة لأسامة بن لادن

مصطفى محمود علي

هذا الكتاب (المذكرات المجهولة لأسامة بن لادن) هو آخر الإصدارات الفكرية عن مكتبة مدبولي الصغير بالقاهرة-  وهو يتناول الجانب الإنساني والعاطفي في حياة الشيخ/ أسامة بن لادن، فضلاً عن سيرته ومسيرته مع الجهاد منذ قرابة ثلاثة عقود من الزمان!

 كما احتوى هذا الكتاب على عدد من المقالات والقصائد الشعرية القديمة للشيخ أسامة. كما حوى على عدد من مقالاته المكتوبة باللغات الشرقية، مثل: الأردية، والبشتونية، والأوزبكية، والتركية.

وبالرغم من قلة عدد المقالات والقصائد التي احتواها الكتاب؛ إلا أنها كفيلة بأن تقدّم صورة -ولوْ أنها غير مكتملة- عن صاحبها، ومكانته الأدبية والفكرية. خاصة إذا أخذنا في الحسبان أن هذه المقالات والأشعار كُتِبت منذ عهد بعيد، والأرجح أن تكون في مقتبل حياته، بسبب النبرة الخطابية الواضحة، والحماس المتدفق منها!  

وبالنظر إلى المقالات؛ فإن بعضها يرجع إلى حقبة ماضية، لاسيما فيما يتعلق بالجهاد الأفغاني ضد الاحتلال السوفيتي في عقد الثمانينيات، وبدايات تدفق المجاهدين العرب إلى أفغانستان. والصور الفدائية النادرة التي قدموها في أرض المعارك!

وقد استشهد الشيخ/ أسامة بن لادن- في مقالاته بآراء علماء السعودية آنذاك للجهاد ضد الروس، ومن هؤلاء الفقهاء: الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين، والشيخ ابن جبرين، وغيرهم من كبار العلماء.

أمّا قصائد الديوان، وعددها تسعة .. فقد استطاع أن يوظف القيم والمعاني الإسلامية في ثناياها، وضمنها من المضامين القرآنية مما أعلى من قيمتها، وأضاف إليها أبعاداً فكرية بعيدة!

هذا، وقد جاءت أغلب القصائد في شبه لوحات أو مقطوعات قصيرة عالية الأداء، فاتسمت بعلو جرسها، ونبرتها العالية. وإنْ كانت لغة الشاعر تبدو أحياناً عادية، وتراكيبه شبه مألوفة! إلا أنها تنبئ بأن -صاحبها- يتمتع بموهبة حقيقية، تتضح من عناوين القصائد ومطالعها ونهاياتها. فضلاً عن أغراضها ومراميها.

لكن؛ لم يفاجئنا -الشاعر- بقصيدة متفردة، كما هو الحال عند كثير من الشعراء. فلم يخرج الشاعر عن اللون الإبداعي المألوف، الذي يتحدث عن مضامين دينية تقليدية، وأخرى سياسية مباشرة!

 فمثلاً، أعرب عن رفضه للهيمنة الاستعمارية، وبكائه على الحقوق العربية المغتصبة، وأسفه على خنوع موقف الحكومات والأنظمة العربية.

والملاحظ أن ثماني قصائد من قصائد الديوان قديمة أو ترجع إلى عهد بعيد، بينما كانت قصيدة واحدة حديثة العهد، وهي قصيدة "تحية إلى الأبطال"!

 جدير بالذكر، أن هناك عدداً من القصائد الأخرى التي آثرنا عدم إيرادها، لتفككها، وعدم الترابط فيما بينها، كما أن كثيراً من كلماتها قد سقط منها، مما أدى إلى اضطراب معانيها.

ونحن إذْ نقدّم هذا الكتاب؛ فليس بالضرورة أن نوافق صاحبه فيما ذهب إليه، فلسنا بصدد الحديث عن مدى صواب أو خطأ هذا التوجه الفكري، والتقلبات الفكرية والسياسية التي يمر بها، فليس هذا موضوعنا، إنما نحن بصدد عرض وتقديم لونٍ معين من الكتابة .. فلسنا طرفاً في هذه الصراعات الكلامية والمذهبية والسياسية التي تعيشها الفرق والجماعات الإسلامية سواء في الشرق أو في الغرب، فربما نختلفُ مع كثير من هؤلاء وهؤلاء في آرائهم وفلسفاتهم ومذاهبهم، كما لا نوافقهم في كثير من سلوكياتهم .. خاصة إذا علمنا أنهم غير راضين عن أنفسهم، ولا عن بعض مواقفهم. فكثيراً ما ينتقدون أنفسهم، ويعيدون حساباتهم، وكثير منهم راجعوا آراءهم وأيديولوجياتهم، بلْ وتخلوا عنها وندموا عليها .. وصدرت لهم مراجعات كثيرة في هذا الصدد!

إذنْ، فلا جناح علينا عندما ننقل كتاباتهم أو نستشهد ببعض آرائهم، وحسبنا القاعدة التي تقول: (ناقل الكفر ليس بكافر)!     

من الموضوعات التي احتواها الكتاب: قصة الصراع في أفغانستان، فتاوى الفقهاء في الجهاد، قصص المجاهدين العرب، كلمتي للمجاهدين، قصة أبكتْ بن لادن حتى أُغمي عليه، قضايا الشعر الأفغاني المعاصر. ومن القصائد التي احتواها الكتاب: تحية إلى الأبطال، أقسمتُ بالله، يا مساجد القدس، شكراً يارب، ربَّاه، فرعون الأمة، رسالة إلى أُمَّة، في موتي حياتي، ارقبوا الإسلام).