مناقشة رسالة ماجستير للطالب حسين البطوش في جامعة مؤتة

د. شفيق محمد الرقب

مناقشة رسالة ماجستير

للطالب حسين البطوش في جامعة مؤتة

إشراف الأستاذ الدكتور شفيق محمد الرقب

جرت بفضل الله وتوفيقه بتمام الساعة الواحدة من يوم الاثنين الموافق اليوم السادس عشر من شهر أيار 2011م . مناقشة رسالة ماجستير في اللغة العربية وآدابها في جامعة مؤتة موسومة "الصورة الفنية في شعر فتيان الشاغوري" من إعداد الطالب حسين عبد الكريم أحمد البطوش، بإشراف الأستاذ الدكتور شفيق محمد الرقب أستاذ الأدب العباسي ونقده، وعضوية كل من الأستاذ الدكتور محمد احمد المجالي أستاذ الأدب الحديث ونقده من جامعة الزيتونة الأردنية الخاصة، والدكتور حسن محمد الربابعة أستاذ الأدب العباسي ونقده المشارك في جامعة مؤتة، والدكتور احمد صالح الزعبي أستاذ الأدب الجاهلي المساعد في جامعة مؤتة.

وقد نهضت الرسالة على مقدمة وتمهيد وأربعة فصول ، وخاتمة متَّكئة على سبعة وسبعين مصدرا ومرجعا في (215) مائتين وخمس عشرة ورقة من القطع الكبير

أما المقدمة فعرضت إلى ابرز المؤلفين في مجالات الشاعر الشاغوري الدمشقي وعلى تقديره لمساعي الباحثين فلم يجد من تناول الصورة الفنية عنده مما حدا به إلى تناولها بحثا موسوما كما في أعلاه .

وأما التمهيد فتناول فيه نسب فتيان بن علي بن فتيان بن ثمَّال الأسدي وأما لقبه الشاغوري فلسكنه في حي"الشاغور " الشعبي في دمشق فنسب إليه ، وعرض إلى سنة ولادته (534هـ) في بلدة بانياس ، ولد في زمن الحروب الصليبية فبرز محور من شعره في الجهاد إلى أن توفاه تعالى سنة (615هـ) ودفن في مدينة دمشق. . وأما الفصل الأول فوسمه ب"موضوعات الصورة الفنية ومجالاتها في شعره وقسمه أربعة محاور الأول تناول الإنسان والطبيعة ثانيا والحياة اليومية ثالثا والمكان رابعا . أمَّا موضوعات الإنسان فبدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم، واستوقفته المطايا المعنقة لزيارة مسجده عليه الصلاة والسلام وقبره الشريف ، وذرف الدموع غزارا تشفعا به يوم الزحام ، وكم تمنَّى لو كان زاره راجلا، لا على رواحل طمعا بالأجر والمثوبة ،كما تمنى أن يمرغ خده عند قبره ، وهو يستنشق ضوع ضريحه صلى الله عليه وسلم 

وفي الفصل ذاته تعرض الباحث للشاعر نفسه في محوره فجلَّي ملامح من فقر الشاعر وشيبه وحكمته ، ثم عرض للقائد المسلم محورا ثالثا فجلى كرم الملك الأشرف وشجاعته في ميادين الجهاد ، واحتل صلاح الدين الأيوبي مساحات واسعة في إبراز الشاعر لجوانب من كرمه وشجاعته حتى ملأ ذعره قلوب أعدائه منهم برنس طاغية الكرك يومئذ ، 

و أما المرأة من محور رابع في مجالات الإنسان .فأدرجها من صفات جسدية بدءا بشعرها مرورا بخدها وأسنانها وفمها وشفتيها ورشاقتها واعتدال قدها ،ووظف من الطبيعة من أغصان شجر البان ومن كثبان النقا معادلا لها ومن الغزال حيوانا يعادل بعنقها الطويل ما يعادله بها ولها ،ويصف من بنات جرجس ما يخدش الحياء فجمع في صوره بين صور جسدية ونفسية .وأما الطبيعة فتناول منها غوطة دمشق وهو شاعرها في حينه ، ليسقط صفات جمالية على الإنسان منها فمنها الورد ورقص الغصون والغدران المتموجة وأنوار الربيع الباهرة والطيور الباغمات أنغاما على أغصانها كأنغام العيدان الشجية .

أما من حياته اليومية فذكر الحروب ونتائجها من جرحى وقتلى وأسرى وانتصارات وهزائم ، واستوقفته بسالة المسلمين وهو يذودون عن بيضة الإسلام في جهادهم ، وذكر صنوفا من الأسلحة منها السيوف والرماح التي كانت توظف في ميادين الجهاد يومئذ ، معتمدا على صور من التجسيد والتشخيص فنرى في شعره جسوما واقفة حينا ثم ما تلبث إلا أن تقطَّ عنها رؤوسها ، وعليها خوذها وقوا نسها مبعثرة في ميدان المعارك . وعرض من الحياة اليومية مشاهد من الخمريات إذ ذكر معاقرته الخمر، وعرض للندامى في مجالس اللهو والغناء وذكر من السقاة صورا للغلمان والقبان ، كما ذكر من أدوات الخمرة الأباريق والقناديل المضيئة مجازا في الليل أو حقيقة من منظور نفسي ، وتعامل مع الخمرة من منظور جنسي فسماها عروسا على نحو مما سبقه إليه النواسي الحسن بن هانئ ، وأمَّا الغلمانيات فظهرت في شعره فأبرزه غلاما احور تركيا ، إذا ما أدار الخمرة على السقاة بهرهم بجماله وأصبى كماة الحروب لان في عينيه سهاما صائبات ، وأما الإخوانيات فوزعها الباحث على العلماء والقضاة والشعرا، فصدقت عاطفته فيهم لأنه لم يكن يرجو منهم نفعا ولا يخشى منهم ضرَّا . وأما المكان في فصله هذا فوزعه على دمشقـ و نهرها "بردى"وذكر ما يحدق بها من أماكن وجانس بين الحور العين وحين حور من أعمال دمشق، ولا غروى في توظيفه دمشق كثيرا، وهو شاعرها ،وعلى الزبداني وعدَّه جنته، ووظف دمشق جلَّقا باسمها العتيق واستحسن مصر، وقد شغل فصله هذا خمسا وستين ورقة من (8ـ 73).

أمَّا فصله الثاني فوسمه ب"مصادر الصورة الفنية في شعره "فقسمه ستة محاور كان القرآن الكريم أولا والإنسان ثانيا والطبيعة ثالثا والحياة اليومية رابعا منها الحروب وأدواتها وزينة المرأة وكانت الثقافة خامسا وانتهى سادسا بالحيوان وقد احتل فصله هذا إحدى وأربعين ورقة من (74ـ115)

وأفاد من القرآن الكريم وهو يستدعيه سوط عذاب يصبُّه ممدوحه على عدوه في ميدان الحرب والعقوبة ، ويسبُّ حاسد ممدوحه مستعينا بمعنى تبت يدا أبي لهب ، وبستدعي من جناس الصفا والمروة ليعادل بهما أهل المروءة والصفاء ، وقلوب الأعداء تصل إلى الحناجر أمام ممدوحه رعبا ، وذؤابة الغلام التركي تصيب في روعتها ما أصابت عصا موسى من قلوب فرعون وقومه وغير ذالك ، أما الإنسان وكل هذا كان عليه أن يكون مصدرا للصورة الفنية عنده ففيه تكرار لسابق فلو درسه في مكان واحد حتى تقصاه كان أفضل وهذا ما ننصحه به فقد ذكر في مادة الإنسان السهول والحزون، وخلط معه طيف الحبيب (ص84) وقد كان يقصد أن يوظف من معالم الطبيعة معادلا للإنسان كما استدعى من المكان حصونا عادل بها وقد فتحت نساء ، الفرنجة المتزوجات وقد طلقهن من الكفر وأدخلهن إلى الإسلام ، ووظف من النبات النرجس يعادل به العين الزرقاء والأقاحي يعادل بها ثغور الغيد الأماليد ، وأما الطبيعة عنده فكرر منها وقد كان الأجدى به أن يدرسها وحدة واحدة إلى أن ينتهي منها (صص90 ـ 97) وكان عليه أن بستقصي مادة الحروب ولا يعود يكررها أو كثيرا منها كما في بعض أوراق رسالته (انظر الحروب وأدواتها عنده ص 48 و وعاد يكررها 97 وما بعدها )وقد كرر الغلام الكردي ص(98)ويقال مثله عن المرآة ص 37 وزينة المرأة ص (99) وما بعدها ثم عاد إلى زينة المرأة ص 99ـــــ102وسبق أن أدرجها .

أما فصله الثالث فوسمه ب" أنماط الصورة الحسية في شعر فتيان الشاغوري " واحتل مساحة من رسالته من (117ـ )وأداره على الصورة والحواس فدرس صورا حسية منها البصرية والسمعية والشمية واللمسية والذوقية ،وقسم البصرية ثلاثا هي البصرية المتحركة، والصورة اللونية ،والبصرية الساكنة ، وعلى جودة عمله إلا انه خلط الصورة البصرية في تراسلية حوا، ولو اجَّلها لصورته في تراسل الحواس لكان أفضل أو اشمل فها هو في ورقة (120 )يعرض أنموذجا من صورة متحركة بصرية فترى الربيع ثملا يتمايل بهبوب الريح، مستعينا بصورة رياح لمسيَّة وفي مشهده أنفاس تعبق برائحة التفاح في صورة شمية وحركية، أيضا وتصيخ بمسمعيك، فتتسمع تغريد الطيور بين صادحة ونائحة، وكل هذا في إطار صورة متحركة بصرية ، ويستوقفه الثلج يعادل به القطن، والجو ندَّاف وقوس قزح يرسم في الفضاء صورته ، (121) وكنت أتمنى لو صحَّح للشاعر قوس المطر بدلا من قوس قزح لأنه من أسماء الشيطان، ولعل اسمه في الانجليزية اصحُّ من تسمية الشاعر ( rain bow) .وكان عليه أن يرصد سفينة الجودي على الجودي (122) في مجالات مصادره من القرآن الكريم ، ووظف من الحروب صورا متحركة ، لو وضعها في مكانها في صورة الحرب كان أولى ،وثمة صفحة عن الحيوان (124) يمكنه الاستغناء عنها أو يكثفها بسطر أو اثنين إذ استدعى آيات من القرآن لم يوظفها الشاعر لان صنوف الحيوان الذي عرضه تعدد بدلالات عادل بها الإنسان بشجاعته فوظف الأسد يعادل به ممدوحه والغزال يعادل به الغيد الأماليد، وخيول الصبا الدهم يعادل بها أيام شبابه وزهوه بشعره الأسود (127)ووزع الألوان على الزمان فالأبيض رومي والأسود زنجي وعاد إلى الحرب؛ موظفا ظلامة لليل ولون الزنجي معادلا للهزيمة أمام سيف ممدوحه البطل ،وتستبدل العجاجة السوداء بالروضة البيضاء في يوم الكريهة (129).

أما فصله الرابع الموسوم ب"التشكيل الفني عند فتيان الشاغوري "فقسمه قسمين صورة فنية لفظية أولا ، وصورة فنية من حيث الحجم ثانيا أما الصورة اللفظية فوزعها على الصورالإشارية والتشبيهية والاستعارية ، وقد احتلَّ فصله هذا أوراقا من (166ـ206)، وفد مثل على الصورة اللفظية بجمع المذكر السالم لممدوحه في حين أن أعداءه جمع تكسير، وممدوحه كبير أما عدوه فمصغر صغير (169)، وعاد مرة أخرى يوظف الأمثال العربية في صوره وان كان من حقها أن تكون مصدرا من مصادر شعر ه في غير هذا المكان (169) أما الصورة الاشارية فاختلطت عنده بالصوتية ، واختلطت الألوان عنده منها شواحب الإبل بالأبيض والأسود ، يمكن أن توضع في تراسلية الألوان وهو الأفضل (171) أما المرأة التي وظفها في الصورة الإشارية فيمكن أن تنقل إلى عنصر الزمن بل إلى شيخوخة الشاعر من قبل (173) ويعود يوظف القط من الحيوان معادلا بها امرأة شبقة (174) في حين انه لو درسها في محور الحيوان كان أولى .أما التشبيهات التي ذكرها فاختلطت في دراسته وعليه فنصحته بجدول يبين مسمياتها ثم يدرسها بشكك جاد في رسالته (176ـ 181)، وكما قلت عن التشبيهات كرره على الاستعارات لتعريفها وضرب أمثلة كافية عليها ثم التطبيق عليها في دراساته فكانت استعاراته على عجل وغير ناضجة أحيانا وكان يمكنه توظيف الأمثال مع الاستعارات التمثيلية ،أما ثانيا الصور من حيث الحجم فدرسها مفردة حينا (187)ومركبة حينا آخر، ولو تناولها كعناقيد صور مستفيدا من المصطلحات البلاغية كان أولى، وقد مثَّل على الصور المركبة بأبيات ينشجها في رحلة الناقة إلى ديار الرسول الكريم ومسجده وقبره صلى الله عليه وسلم، ثم يعرض صورا مركبة كما يقول في قصيدة لممدوحه في (195) تبين موسوعية ممدوحه في علوم شتى . ودرس صورا طويلة كان في قصيدة كاملة وكان بإمكانه أن يدع هذا المصطلح ليستبدله ب "تحليل قصيدة "كاملة يبين فيها طاقة اللغة من نحو وصرف وموسيقا وتخطيط وزني لها ونحوي ومعجمي للتفاعل هذه المستويات جميعا لإبراز الصورة الفنية النفسية وتجليتها وعندها يكون أوفى واشمل.

وأخيرا فان هذه الرسالة على أهميتها والجهود المبذولة إشرافا وإعدادا فلا تخلو من بعض الملحظات منها المنهجية في المحتويات إذ عليه أن يرقم تفرعات الإنسان إلى (ح) بدل التاء في القائد السلم ، والثاء إلى (د) في المرأة .وان يدرس المرأة في وحدة تامة ومثله الإنسان محاربا في جميع ما ورد في رسالته، لان التكرار بدأ واضحا في أجزاء الرسالة . كما برز فيها أخطاء إملائية ولغوية وعروضية أدرجت على حواشي الرسالة فمن الإملائية (ص2،و4، 5 و9 تبلر ، والآخ(10) وقد تكررت خطأ مرات ، ومنها خلطه بين همزتي الوصل والقطع ، ص15،18و19 بُرّ، ومت ،وص34 اسم ،و انظر(36( وقد تكررت غير مرة في الحواشي ، واثنان(37) ونصب الأفعال الخمسة من غير حروف النصب ص19 ، و23 ،ومنه الصبى والصواب بالألف القائمة "الصبا "22،و24 ، ومحي الصواب محيي وقد وردت في قائمة المصادر غير مرة

ومنها أخطاء لغوية ولغة ركيكة (ص 14 ، 21)واجراس سلاح الرواد والأفضل قعقعة ص35، وجمعه فعلاء على غير فعل ص(38) وهناك أخطاء متعددة صوبت في الهوامش والحواشي .

ومنها توثيقية نحو (ص14) منها اعتماده على حواشي المراجع لا على الرجوع إلى المعاجم ض(14 )، ومنها مراجعة المصدر ص(20 ) والحاجة ماسة للتعريف بالطغرائي (26) والملك الاشرف ص(30) ولا يرجع إلى المصدر أحيانا ليوثق شعره انظر (39 ) الحاشية وهناك غيرها في الرسالة صوبت في حواشيها .

ومنها أخطاء في ضبط النصوص الشعرية ص 16 غدا بالكسر والصحيح فتحها ، وتحسبن في نص شعري لا بتشديد النون الثقيلة (27) و(28) وعدم تنبهه إلى أخطاء الشاعر كصرفه سواهم ص(16،) وزاد جيحون لفظا في نص شعري من حيث يجب حذفه (34) وحذفت آلاء من نص شعري (35)

وهناك حاجة لتنسيق الشعر انظر (26)

وفي توثيق المصادر تاريخ الطبعة بعد المؤلف ( انظر قائمة المصادر والمراجع )

وهناك أخطاء كثر تجدها في الرسالة انصح بتصحيحها حرصا على رسالة من هذا الصنو المتميز ، إذ فيها جهد كبير ودراسة واعية لمجالات الصورة الفنية وان كنا نطمح في تعريفها في البداية، لتزكى هذه الرسالة الكبيرة تزكية أفضل ، وعلى ذلك أتمنى أن تزال هذه الهنات جميعا من هذه الرسالة، لتكون مرجعا للطلبة الراغبين في الإبداع والأصالة . والله من وراء القصد وقد أجيزت الرسالة دون تعديل على أن يصوب ما وقع فيها لمصلحة هذه الرسالة وصاحبها " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا "ربنا واجعل كلمة الحق ديدننا ومنهجنا ولا تأخذنا في الحق لومة لائم، خشية أن تكون نفسي اللوامة تقع بما حذرت منه، إذ العلم الكامل لله رب العالمين والحمد لله أولا وآخرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.