رواية "وراء الفردوس" وجحيم الواقع

رواية "وراء الفردوس" وجحيم الواقع

جميل السلحوت

[email protected]

لا أعرف لماذا ألحت على ذاكرتي فكرة أن الأديبة المصرية منصورة عز الدين هي نفسها سلمى رشيد بطلة روايتها"وراء الفردوس"مع أنني لا أعرف الروائية، ولا أعرف شيئا عن حياتها الشخصية، سوى أنها روائية وقاصة وتعمل محررة في مجلة"أخبار الأدب"المصرية، فمن المعروف أن الأديب يكتب شيئا من سيرته في ابداعاته، ومعروف أيضا أن الأديب هو ابن بيئته، وبالتأكيد فان الروائية منصورة عز الدين لم تكتب سيرة ذاتية، لكنها كتبت واقعا اجتماعيا عايشته أو عرفته، أو سمعت به في احدى قرى الريف المصري، وهو ليس بعيدا عن واقع الريف العربي في بلدان عربية أخرى، وقد جاء السرد الروائي يحمل في ثناياه قضايا متشابكة ومتنافرة ومتلاحمة، لكنا مرتبطة بخيط خفي لترسم لنا واقعنا المتناقض بمرارته وحلاوته، فهناك قصص تدمير الأراضي الزراعية لصالح معامل الطوب والتوسع العمراني، وما يصاحب ذلك من ثراء فردي وفقر جمعي وتخريب اقتصادي، وقصص الحياة والموت والطلاق والانتحار والاشاعة، وحتى الصراع داخل الأسرة نفسها، وبين الأم وابنتها، وبين الأشقاء، وحياة الفلاحين المزارعين، وبؤس الأطفال وشقاوتهم وحرمانهم، والعقم والانجاب، وتعدد الديانات والتعايش والتنافر بين أتباعها، والأفاعي والحشرات، والمتقلبون المتغيرون كالحرباء، وهجرة أبناء الريف الى المدينة أو انتقالهم للعمل فيها، وانعكاس ذلك على ثقافتهم، وانسحاب تأثيراته على قراهم، والحب والزواج والعلاقات الجنسية خارج الزواج وكيفية نظرة المجتمع اليها.

وتنبع أهمية رواية"وراء الفردوس" من كونها تتحدث عن الواقع الاجتماعي المحلي، فالأديبة التقطت أحداثا ووقائع محلية ورسمتها بصورة فنية لتعري المجتمع أمام ذاته، ولتقول للشعب هذا هو واقعك، وهي بهذا تطرح فلسفة الحياة لتجبر المتلقي على التفكير والتفكر وليخرج بالنتائج التي يتوصل اليها بنفسه.

اننا أمام رواية عميقة سهلة وصعبة، متعبة ومريحة في نفس الوقت ومن هنا تنبع أهميتها أيضا.
"
ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس"