رواية "اكتشاف الشهوة"
رواية "اكتشاف الشهوة"
ودخول العولمة بجسد المرأة
جميل السلحوت
القدس:17كانون اول- ديسمبر- 2010 ناقشت ندوة اليوم السابع الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس رواية "اكتساف الشهوة" للكاتبة الجزائرية فضيلة الفاروق الصادرة عام 2006عن دار رياض الريس في بيروت ولندن.
بدأ الحديث جميل السلحوت فقال:
في روايتها"اكتشاف الشهوة"* تخرق الروائية الجزائرية فضيلة الفاروق كل"التابووات"-المحرمات- ظنا منها انها تدافع عن حقوق المرأة، مع أن اعطاء المرأة حقوقها واجب على كل شخص ذكرا كان أم أنثى، ووضع المرأة العربية والمسلمة غير مرض وغير مقبول في كافة الدول العربية والاسلامية، نتيجة للعقلية والتربية الذكورية والعادات القبلية والعشائرية.
والثقافة الجنسية العلمية والدينية الصحيحة، ما عادت من المحرمات، مثلما لم تكن هي كذلك في السابق، واللافت أن من كتب فيها سابقا هم في غالبيتهم رجال دين لتبيان الأحكام الشرعية في هذه القضية، لكن فضيلة الفاروق تعدت حدود الدين وحدود الثقافة في روايتها هذه، فقدمت لنا صورا جنسية فاضحة، مع أنها نفت في مقابلات صحفية منشورة معها أنها كاتبة جنس، واعترفت بأن عائلتها كادت تتبرأ منها لروايتها هذه، وأنها أعلنت توبتها عن الكتابة عن مسقط رأسها ومدينتها "قسنطينة" الجزائرية، ويبدو انها وجدت ضالتها في بيروت التي أقامت فيها بعد زواجها من لبناني. وروايتها اكتشاف الشهوة" يبدو أنها جاءت استجابة للدعوات الغربية التي تدعو الى عولمة الثقافة، وهذا فيه دعوة صريحة لفرض ثقافة الأقوى على الضعيف، أيّ فرض الثقافة الأمريكية والأوروبية على الشعوب الأخرى، مما يعني طمس ثقافة هذه الشعوب، ويبدو أن بعض الكاتبات والكتاب العرب، لم يأخذوا من العولمة سوى الانفتاح الجنسي ان لم نقل الاباحية الجنسية، أما العلوم والاختراعات بشتى أصنافها وأشكالها فليست واردة في حسابات البعض.
وتتجلى الاباحية في رواية "اكتشاف الشهوة" في أكثر من موقع، فالزواج عهر كما جاء على لسان بطلة الرواية ليلة زفافها:" بين ليلة وضحاها اصبح مطلوبا مني أن أكون عاهرة في الفراش، أن أمارس كما يمارس هو، أن أسمعه كل القذارات، أن أمنحه مؤخرتي ليخترقها بعضوه،....ولهذا تطلقت لاحقا"، وبما أن الزواج عهر، فان "الفضيلة" في الممارسة الجنسية مع أكثر من شخص خارج الحياة الزوجية، والعهر ليس حكرا على المرأة، بل يشاركها الرجل أيضا هذه الصفة، فالأزواج لا يجدون سعادتهم مع الجنس الآخر الا من خلال العاهرات والخمور والمخدرات، ومصيبة المصائب على الجنسين تقع من خلال عقد الزواج، فالمرأة الزوجة التي يعاشرها زوجها دون الانتباه لمتطلباتها الجسدية والغريزية تروي البطلة على لسانه عندما احتجت على ذلك:" قال انه يمارس الجنس حسب شرع الله، وهذا المطلوب منه لا اكثر"ص92 وتقول" في مجتمعنا من العيب ان تسأل امرأة متزوجة هل تحب زوجها أم لا؟.........الاعتراف بالحب شبهة، والشبهة تعني ضلالة، والضلالة-والعياذ بالله- تقود الى النار.ما أخطر الاعتراف بالحب! انه كالزنا، كاحدى الكبائر،أو كالقتل"ص99 ولا أعلم بناء على أي شيء اعتمدت الكاتبة في فتاويها هذه، التي فيها تشويه للحقائق وكذب وافتراء على الدين وعلى العادات، فلا الدين ولا العادات يمنعان المحبة بين الزوجين، بل أنهما يحضان على ذلك.
والكاتبة التي لم يرد في روايتها أيّ علاقة سوية بين زوجين، كانت علاقات الحب والجمال بين الزوجات ورجال متزوجين في باريس، بينما طمس شخصية المرأة واضطهادها وتزويجها، واغتصابها من قبل زوجها من نصيب مدينتها قسنطينة. فالنعيم في باريس والجحيم في الجزائر، ونعيم باريس يتأتى بالخيانة الزوجية، فالجزائر بلد الحريم، وباريس بلد الحرية والانطلاق.
والرجل الذي يمارس الجنس مع غير زوجته عاهر وخائن، والمرأة التي تخون زوجها متحررة وباحثة عن السعادة.
غير أن الكاتبة التي رأت بطلة روايتها سعادتها في تعدد العشاق- باستثناء الزوج طبعا في باريس، لم تتحدث عن الآفات الجنسية الناتجة عن الانفلات الجنسي في باريس وغيرها، والتي لا تقتصر على الايدز بل تتعداه الى أمراض أخرى، تقضي على حياة البشر، وتورثها لأطفال أبرياء لا ذنب لهم.
*فضيلة فاروق- رواية: اكتشاف الشهوة- منشورات رياض نجيب الريس-2006- بيروت.
وقالت نزهة ابو غوش، ورفيقة عثمان
اكتشاف الشهوة لفضيلة الفاروق، والأَدب الهابط
عنوان الرواية: لقد بدا واضحًا أَن عنوان الرواية هو ماركة عالمية كمن يضعها أَصحاب الشركات على بضاعتهم، من أَجل ترويجها وكسب أَكبر ربح ممكن. فقد اختارت الروائية فضيلة الفاروق أَسهل وأَقرب طريق من خلال وضعها كلمة "الشهوة" على الغلاف، وذلك –للأَسف الشديد - تمشيًا مع السوق الذي يتطلب مثل هذا الإنتاج من الأَدب الهابط.
الأُسلوب: بدا أسلوب الراوية واضحًا ومباشرًا غير منضبط بالدين، ولا المجتمع، ولا الثقافة العربية، ولا الأَخلاقية. يبدو أَن الراوية سقطت فريسة لبعض الفلسفات الغربية، التي تدعو إِلى الإِباحية، والحرية المريضة في التعبير، وأن الكاتبة تكتب من أَجل الغرب، حيث أَنها سعت إِلى تقليد بعض الأَدب الغربي تقليدًا أَعمى، ربما اعتبرت الراوية أَن أسلوبها هذا هو تطبيقُ لمبدأ "حرية الأَديب"، وهل حرية الأَدب تتطلب بأَن نعري أَجسادنا، وأَنفسنا فوق صفحات الكتب؟ هل تتطلب منا الحرية بأَن نخلق لأَدبنا العربي ذوقًا سقيمًا يبعد كل البعد عن الذوق السليم آلاف الأَميال؟ هل يتطلب منا الأَدب بأَن ننحرف به لغويًا وفكريًا؟ وهل يتطلب منا الأَدب بأَن نمرِّغ كتاباتنا بوحل الغريزة والإباحية المفرطة؟ أَعود وأَتساءل، ربما تفننت الراوية في كتاباتها تحت ظل " الحرية والحداثة"؟ وهل تتطلب منا الحداثة بأَن نبتعد عن الرشاد،ونقترب إِلى الغلو والشذوذ؟ وهل تتطلب الحداثة بأَن نهدم تراثنا العربي الأَصيل، بالخروج عن معاييره، وقيمه؟ هل لغة الكاتبة، وذوقها الأَدبي في رواية " اكتشاف الشهوة" هي أَفكار مستحدثة؟
الفكرة: لم تكن فكرة الراوية واضحة، هل هي وقوع الظلم على المرأَة العربية، أَم هي اختيار الخيانة الزوجية، من أَجل حياة جنسية أَفضل؟ أَم نبذ فكرة الزواج؟ أَم شيء آَخر؟ فهي بأَي حال من الأَحوال كلها أَفكار بالية، وموبوءة.
نأسف ونحزن على هذا النوع من الأَدب الهابط الذي يلاقي من يقفون وراءَه، ويكثرون من المدح والنفخ الزائدين؛ ونعتب على الذين يروِّجون لمثل ذلك الأَدب في معارضهم " معارض الكتب".
اللغة:
لغة الكاتبة سلسة وقوية، فيها قدرة واضحة على التعبير، والوصف، والصور البلاغية التي تصور الأَحداث بلغة ترتبط بالغريزة الجنسية بشكل فاضح.
اللغة كنز ثمين وهبة الله للإنسان، لتكون له وسيلة يعبر فيها عن احتياجاته ومشاعره ومكنوناته النفسية، فكيف لو كان هذا الإنسان أديبا؟ يفترض بالأَديب أَن يعبر عن عواطف ومشاعر الآخرين، ليجسد آمالهم وتطلعاتهم بأسلوب راقٍ ومؤثر، فالأَدب مسؤولية وأَمانة وفن وتفاعل مع قضايا المجتمع، يوصلها الأَديب للقارئ مع ما يحمله من مواقف، و فلسفته، ورؤيا خاصة به وحده خالقًا الإبداع الذي ندعوه أَدبًا. حبذا لو استخدمت الكاتبة أَو الروائية، الفاروق طاقتها الأدبية وقدرتها الإبداعية في كتابة الأَدب الملتزم، لتثبت للقارئ مدى وعيها، ومسؤوليتها وإِدراكها ويقظتها ، ولو فعلت ذلك لاستطاعت بأَن تحلق في آفاق رحبة ليس لها نهاية، تمامًا بعكس ما أَظهرت في روايتها - المتحررة- " اكتشاف الشهوة"؛ وخاصة في خضِّم الحياة التي نعيشها اليوم. الحياة التي تكثر فيها القيم المتضاربة المليئة بكل المتناقضات، والصراعات والتشوهات الحضارية، والتاريخية في ظل تغيرات سريعة، وغريبة.
حبَّذا لو أن الروائية فضيلة الفاروق تفاجئنا برواية جديدة، تحمل بين ثناياها صورة نظيفة نقية للمرأة، بعيدة عن الشبهات، صورة مشرِّفة تحمل كل كرامات البشرية فوق رأسها.
وأَخيرًا نتمنى على كل الأُدباء والأَديبات العرب أَن يأخذوا بيد القارئ إِلى ما يسمو بروحه، وعقله، وخلقه ودينه.
وقال موسى ابو دويح:
فضيلة الفاروق مؤلفة الرواية جزائريّة، والجزائر وقعت تحت الاستعمار الفرنسيّ سنة1830-سنة 1962، وأستطيع القول إنّ الاستعمار الفرنسيّ هو أسوأ أنواع الاستعمار، حيث عملت فرنسا على فرنسة الجزائر، وذلك بحرمان أهلها من لغتهم العربيّة، وفرضت عليهم اللغة الفرنسيّة في جميع مجالات الحياة، فصارت الجزائر كأنّها قطعة من فرنسا وعلى الأخصّ في سوء الأخلاق. حيث كانت الفاحشة على قارعة الطريق كما جاء في الرواية صفحة 55.
وأيضًا حرم أهل الجزائر، من فهم دينهم، حتى في الأمور المتعلّقة بالأحوال الشّخصيّة من خطبة وزواج وطلاق، وكلّ علاقة بين الرجل والمرأة. ولو كان لديهم علم بالأحكام الشّرعيّة، لوجدوا حلولا لكلّ المشاكل الّتي تحدّثت عنها الكاتبة، ففي الإسلام لا تجبر المرأة على أن تتزوّج مّمن لا تريد. بل باستطاعتها أن ترفض أيّ خاطب لا يعجبها، ولا يملك أحد -حتى أبوها- أن يجبرها على الزّواج. فعَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ، (أَنَّ أَبَاهَا، زَوَّجَهَا وهْىَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ نِكَاحَهُ). وفي الإسلام يقول عليه السلام: (إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه)، ومفهومه أنّه إذا جاءكم من لا ترضون خلقه ودينه فلا تزوّجوه.
اما ضياع الكاتبة فيظهر واضحاً جلياً في وصف حالها مع زوجها في باريس في أيام رمضان في صفحة 64 و65 و66 و67:
(في رمضان، الأيام تتحول إلى ألم متسلسل، أتسحر وأفطر لوحدي، وأصلي أغلب الوقت، وأقرأ القرآن.
أمام الله أشعر بنجاستي، اذ أسترجع قبلي المختلسة مع "شرف"، ومع "إيس".
أحار، تراني عاهرة صغيرة أو مشروع عاهرة، أم أنني أشبه كل الناس وما يحدث لي طبيعي وعادي؟ أتساءل لمَ لا أنهي علاقاتي الرجالية المختلسة؟
لمَ لا أكون إمرأة مفرغة من الشهوة؟!
لمَ لا أكون كائناً متفرغاً للتعبد؟!
لمَ لا أكون ملاكاً؟).
وأختم مقالتي بهذه القصة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو يتفقد الرعية ليلاً إذ سمع إمرأة تقول:
"تطاول هذا الليل واخضّل جانبه وأرّقني إذ لا خليل ألاعبه
فلولا حذار الله لا شيء مثله لزعزع من هذا السرير جوانبه
فقال عمر: فما لك؟
قالت: أغربت زوجي منذ أربعة أشهر وقد اشتقت إليه.
فقال: أردت سوءا؟
قالت: معاذ الله.
قال: فأملكي على نفسك، فإنما هو البريد إليه. فبعث إليه.
ثم دخل على حفصة فقال: إني سائلك عن أمر قد أهمني، فأفرجيه عني، كم تشتاق المرأة إلى زوجها؟ فخفضت رأسها فاستحيت.
فقال: فإن الله لا يستحيي من الحق. فأشارت ثلاثة أشهر وإلا فأربعة.
فكتب عمر ألا تحبس الجيوش فوق أربعة أشهر".
فهذا عمر رضي الله عنه يأمر بأن يعود كل غاز ٍفي سبيل الله الى زوجه بعد أربعة أشهر.
ثم جرى نقاش طويل شارك فيه كل من: نبيل الجولاني، حذام العربي، د.اسراء ابو عياش، محمد عليان، ابراهيم جوهر، سمير الجندي، صقر السلايمة، وسامي الجندي.