أنا.. ووطني .. وأمتي

مع كتاب آزاد:

محمد نادر فرج

ميرلاند - أمريكا

[email protected]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، المعلم الأول، والذي جعله الله تعالى لنا أسوة حسنة نقتدي به، ونهتدي بهداه.

حين رأيت هذا الكتاب ( أنا.. ووطني .. وأمتي ) لفت انتباهي هذا التعليق تحت العنوان ( مشاعر وهموم فتاة مراهقة ) جذبني بشدة، كيف تكون مشاعر هذه المراهقة، وما هي همومها.!؟

أعلم أن آزاد ليست كأترابها من بنات الثالثة أو الرابعة عشر، وقد قرأت لها في بعض المنتديات، ولعل أول ما كان من ذلك هي قصيدتها ( قالوا بلادي) ولم أكن متأكد تماما يومها أنها هي، وعلَّقت على القصيدة، وصدق ظني في صاحبتها، ومن  ذاك وأنا أترقب أن أرى لها وجودا باهرا في الساحة الأدبية، ليس فقط لما تملكه من ملكة الإبداع ، وموهبة العطاء فحسب، وإنما لما يرافق ذلك من معاناة ومعاينة عن قرب لهموم الأمة وآلامها، من خلال المرتع الذي ترعرعت فيه، والمعين الذي تنهل منه، فإن معايشتها للأحداث عن قرب- في بيت اختاره الله  تعالى ليكون نموذجا قياديا، يحمل راية الجهاد، ولواء العلم، ومنهج الكفاح، بكل عزيمة وصدق، لا يعرف إلا الجد والعزيمة- وبهذه النباهة القوية، والملاحظة الشديدة، والإحساس المرهف، والقلب الواعي، والعقل المدرك، مع ما أوتيت من بلاغة وبيان، سيكون لها شأن رفيع جدا، وسيكون لما تقدمه لهذه الأمة أهمية بالغة.

مشاعر وهموم مراهقة:! حين تقرأ هذا العنوان وأنت في القرن الواحد والعشرين، ما الذي يوحي به إليك.؟ هوس في متابعة الموضة والأزياء. جنون في محاولة تقليد الفنانين والفنانات، جري وراء ما يقال عنهم نجوم الفن، وهم بؤر الفساد، غناء، موسيقى ورقص، متابعة الأفلام، التحايل في جذب انتباه الشباب، تمرد على القيم والأعراف، ضياع وصياعة .... أليست هذه هموم المراهقات؟.

يا لها  من مراهقة.!

أين الفتيات الناضجات.؟ أين المربيات والموجهات.؟ أين الأمهات الواعيات من رؤية هذه المراهقة.؟

هل يكون البحث الأول: كيف تكونين ساحرة أو جذابة.؟ الطريق إلى النجومية.؟ كيف تحصلين على المتعة.؟

رحلة إلى الجنة

هذا هو العنوان الأول في المجموعة، هذا عنوان حياتها، هذا هو الهمُّ الذي يشغل بالها، كيف الوصول إلى الجنة.

ما أروعه من حلم، وما أسماها من أمنية.

لم يكن ذلك مفاجئا لي، وإنما زادني غبطة وسعادة. هكذا هي آزاد، وهذا ما نعوّل عليها به، أنموذج رائع، ومثال يعيد إلى أذهاننا أصحاب السير من المجاهدات السابقات: ذات النطاقين، وعائشة رضي الله عنهما.

صحبتها في هذه الرحلة، وتابعت إلى الوطن العجيب وطيوره المهاجرة، ثم إلى ذلك الحب الذي يهيج في قلب تلك الزهرة المفعمة بالأمل، الحب الخالد لرسول الله، : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)

إلى الشوق المتَّقد المفعم باللهفة إلى الوطن الحبيب، والأهل والأقارب، بكل ما يعبر عنه هذا القلب المخلص من آيات الوفاء والحب والصدق والإخلاص، بما يحمله من صور مشرقة، وأحلام نبيلة، وأمان صادقة.

إلى مناجاة قصر الحمراء الذي يرمز لعزة الإسلام وأمجاد المسلمين.

إلى قصة الحرية التي يسرح بها خيال فتاة شابة، بكل مشاعر الأخوة والشفقة والأسى لما تسمعه من معانات إخوتها في الله، من تعذيب وقهر، وما يرافق ذلك من ثبات ويقين من جانب، وربما خوف وخور من الجانب الآخر، يتبعه ندم ومشقة وعذاب، وتأنيب للضمير، وكل ذلك يقع بين البشر، فالعزائم متفاوتة، والمقدرات متباينة، والقلوب متنوعة.

إلى الصداقة الحقة، التي تبنى على المحبة الخالصة في الله، شعارها التعاون في ما يرضي الله تعالى، وسمتها التضحية والوفاء، كما رسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، وقوله: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه).

إلى صور الوفاء والعرفان في إهدائها إلى معلماتها.

إلى القبلة التي تطبعها على ربوع القدس، من خلال عجوز مفجوعة، وأمّ ضحت ببنيها، ونسائم فوق جدران الأقصى، ولوحة مرسومة في بلد عربي، ليس لها معنى، لأن ما تطلبه القدس قنبلة تمزق جسد الغاصبين، ترجع لها نضرة عينيها، وتذهب صفرة وجهها المرهق.

إلى : خاطرة الوداع، وأيها الراحلون

إلى قمة الوفاء والصفاء حين تتوجه إلى أهل الفضل، وبوابة الجنة، أبيها وأمها، بهذه الكلمات الندية المعبرة، بكل البراءة والصدق، وبكل الإعجاب والحب:

من فوقي حتى أذنيا

حبك يا أملي عنوان

نور في قلبي..عينياا

حبٌ، إعجابٌ، وفخارٌ

عشقٌ، بل ولهٌ ومحيّا

وتتصاعد النبضات، وتتزايد دقات القلب، وتهيج رياح الشوق والمحبة، إلى الأم الغالية:

نبضاتي تحمل أشواقي

حبك عنوان لحياتي

وسماء عطائك مدرار

وحنانك فاض بذراتي

إلى شجون وآمال على مشارف غزة التي تنشر عبق الموت، على بشائر النصر، ومظاهر الحياة، مع نجدة ليوث الليل، وصناع الظفر والأمجاد.

ثم وفي الختام إلى تلك الوقفات المتأنية على شاطئ الرحمة، بهذا القلب المفعم بالإيمان والحب والوفاء.

رحلة ممتعة بحق، كنت أنتشي بها كل ما تنقَّلت من واحة إلى واحة، وأنا أتخيَّل هذه الزهرة الزاهية الواعدة، بما تحمله للحياة من معان رائعة، وثمار يانعة، وقد نضجت وأينعت، فهي عطاء منهمر، وثراء متدفق، أدبا وبلاغة وفصاحة، بأحلام الكبار، ووعي القادة.

أتمنى لك يا ابنتي الغالية مزيدا من التألق، وغزيرا من العطاء، وإني لأدعو الله تعالى أن يحفظك، ويفتح عليك من فيضه وفضله، وأن يرزق جميع بنات المسلمين هذا الوعي، وهذا الصدق، وهذا الإخلاص، مع التحية الخالصة والإكبار والحب، إلى الأبوين الذين رعيا هذا الغرس اليانع، وتعهداه بالرعاية والعطاء.