تَعْليقاتٌ عَلى مُتونِ الْكُتُبِ الْعَرَبيَّةِ = 26
تَعْليقاتٌ عَلى مُتونِ الْكُتُبِ الْعَرَبيَّةِ = 26
مَنْهَجٌ فِي التَّأْليفِ بَيْنَ كُتُبِ الْعِلْمِ وَبَيْنَ طُلّابِها ، بِوَصْلِ حَياتِهِمْ بِحَياتِها
[تَعْليقَةٌ عَلى مَتْنِ "ديوانُ أَبي تَمّامٍ بِشَرْحِ الْخَطيبِ التِّبْريزيِّ"]
د. محمد جمال صقر
قالَ |
قُلْتُ |
خَرْقاءُ يَلْعَبُ بِالْعُقولِ حَبابُها كَتَلَعُّبِ الْأَفْعالِ بِالْأَسْماء الْخَرْقاءُ الَّتي لا تُحْسِنُ الْعَمَلَ مِنَ النِّساءِ ، فَاسْتَعارَ هذِهِ الْكَلِمَةَ لِلرّاحِ . وَلَعَلَّها ما وُصِفَتْ بِالْخُرْقِ مِنْ قَبْلِ الطّائيِّ . ثُمَّ ذَكَرَ مَعَ ذلِكَ أَنَّها تُحْسِنُ اللَّعِبَ بِعُقولِ الشَّرْبِ ، كَتَلَعُّبِ الْأَفْعالِ بِالْأَسْماءِ ، يُريدُ أَنَّها تُغَيِّرُها مِنْ حالٍ إِلى حالٍ ؛ فَتَرْفَعُها تارَةً ، وَتَنْصِبُها أُخْرى . |
فخُرْقُ الخمر من سوء عملها بالعقول ! |
لَمّا رَأَيْتُكَ قَدْ غَذَوْتَ مَوَدَّتي بِالْبِشْرِ وَاسْتَحْسَنْتَ وَجْهَ ثَنائي أَنْبَطْتَ في قَلْبي لِوَأْيِكَ مَشْرَعًا ظَلَّتْ تَحومُ عَلَيْهِ طَيْرُ رَجائي |
أجمع الآن بين شعري الطائيين ، قراءة في سبيل البحث عن اضطراب الوزن بينهما ، الذي أغراني به الآمدي في الموازنة ؛ فأجد أبا تمام شديد التنقير عن المعاني الغريبة الطريفة في عبارتها المناسبة لها ، شديد الحماسة لعمله ، على حين أجد البحتري خفيف النشاط ، قريبا ، طَيِّعًا ، لذيذا ! أنا مع أبي تمام خائف ، ومع البحتري آمن - ومع أبي تمام ثائر ، ومع البحتري هادئ - ومع أبي تمام قلق ، ومع البحتري قارّ ! |
حَتّى إِذا مَخَّضَ اللّهُ السِّنينَ لَها مَخْضَ الْبَخيلَةِ كانَتْ زُبْدَةَ الْحِقَب هذِهِ اسْتِعارَةٌ لَمْ تُسْتَعْمَلْ قَبْلَ الطّائيِّ . وَأَصْلُ الْمَخْضِ فِي اللَّبَنِ ؛ يُقالُ : مَخَضْتُ الْوَطْبَ مَخْضًا ، إِذا حَرَّكْتَه لِتُخْرِجَ زُبْدَه . وَجَعَلَه مَخْضَ الْبَخيلَةِ ، لِأَنَّها أَشَدُّ اجْتِهادًا مِنَ السَّمْحَةِ ؛ فَهِيَ تُطيلُ مُدَّةَ الْمَخْضِ (...) يَقولُ : جَمَعَ خَيْراتِها كَما يُجْمَعُ خَيْرُ ما فِي اللَّبَنِ بِالْمَخْضِ ! |
أنا أستحيي من العجز عن هذا التركيب ، الذي لا يقدر على مثله مجترئو المستقبليّين ، فضلا عن الحداثيين ! |
إِنْسيَّةٌ إِنْ حُصِّلَتْ أَنْسابُها جِنّيَّةُ الْأَبَوَيْنِ ما لَمْ تُنْسَب يَقولُ : هذِهِ الْمَذْكورَةُ إِذا نُسِبَتْ عُلِمَ أَنَّها إِنْسيَّةٌ ، وَإِذا لَمْ تُعْرَفْ ظُنَّ أَنَّها جِنّيَّةٌ لِحُسْنِها ؛ وَذلِكَ أَنَّهُمْ كانوا إِذا رَأَوْا شَيْئًا يَروقُ في الْحُسْنِ نَسَبوهُ إِلَى الْجِنِّ ، وَكَذلِكَ إِذا رَأَوْا بِناءً مُحْكَمًا أَوْ فارِسًا شُجاعًا ، نَسَبوهُ إِلَى الْجِنِّ ؛ وَإِنَّما ذلِكَ لِعِظَمِ الْجِنِّ في نُفوسِهِمْ . وَالْمَلائِكَةُ تُسَمّيهِمُ الْعَرَبُ جِنًّا ، وَإِذا وَصَفُوا الرَّجُلَ السَّيِّدَ قالوا : هُوَ ابْنُ جِنّيَّةٍ ، يُريدونَ أَنَّ أُمَّه كَريمَةٌ مُخالِفَةٌ لِما عُهِدَ مِنَ النِّساءِ ! |
ومُتَبَذِّلوا صُنّاع القاهرة ، يصفون الرجل بـ" ابن جِنّية " كذلك ، متى كان شيطانا خبيثا داهيا منكرا لا يقارن له ، ولا يقدر عليه ! |
لا مُعَنًّى بِكُلِّ شَيْءٍ وَلا كُلُّ م عَجيبٍ في عَيْنِه بِعَجيب |
قد اطَّرَحْنا ميم المدور ، وانتهينا من قديم ، بكتابتنا البيت متصل الأجزاء ، من غير بياض بين شطريه ، على طريقة علمائنا القدماء ، وهي من تنبيهات أستاذنا محمود محمد شاكر ، رحمه الله ! |
لَوْ رَأَى اللّهُ أَنَّ لِلشَّيْبِ فَضْلًا جاوَرَتْهُ الْأَبْرارُ فِي الْخُلْدِ شيبا |
لا لا ، إلا مثل هذه الجرأة ! |
لَوْ تَقَصَّوْا أَمْرَ الْأَزارِقِ خالوا قَطَريًّا سَما لَهُمْ أَوْ شَبيبا |
هذا الذي قيل فيه : " ... وَمِنّا أَميرُ الْمُؤْمِنينَ شَبيب " ؛ حتى إذا أُحيط بالقائل حرفه إلى : " ... وَمِنّا - أَميرَ الْمُؤْمِنينَ - شَبيب " ! |
مَحاسِنُ مِنْ مَجْدٍ مَتى تَقْرِنوا بِها مَحاسِنَ أَقْوامٍ تَكُنْ كَالْمَعايِب |
من هذا الباب الأثر " حَسَناتُ الْأَبْرارِ سَيِّئاتُ الْمُقَرَّبينَ " . |
إِنّي لَذو ميسَمٍ يَلوحُ عَلى صَعودِ هذَا الْكَلامِ أَوْ صَبَبِهْ الصَّعودُ ما شَقَّ عَلَى النّاسِ مِنْ غَريبِ الْكَلامِ ، وَالصَّبَبُ ما سَهُلَ مِنْهُ - جَعَلَ الصَّعودَ وَالصَّبَبَ مَثَلًا - وَالْميسَمُ الْعَلامَةُ . |
ما أكثر ما تكلم الشيخ عن شعره وقصائده ومذهبه وأسلوبه ! هذا من آثار علمه . |
مُلِّئَتْكَ الْأَحْسابُ أَيُّ حَياءٍ وَحَيا أَزْمَةٍ وَحَيَّةِ واد |
جعلني اتحاد كتاب الإنترنت العرب ، خامس الاثنين والثلاثين المقبولين عند أول نشأته ، فأجبت شاكرا قائلا في العنوان : " حَيّاكُمُ اللّهُ ، وَأَحْيانا بِكُمْ ! " ، وكنت سعيدا بالتوفيق إلى هذا العنوان ! |
لا حَزْمَ عِنْدَ مُجَرِّبٍ فيها وَلا جَبّارُ قَوْمٍ عِنْدَها بِعَنيد |
أو كما قلتُ - وأحسنتُ ما شئتُ - : " ... لا تَنْجو طَريدَتُها ، وَلا يَشْقى بِها جاهِلْ " ! |
قالَ يَمْدَحُ عَليَّ بْنَ الْجَهْمِ الْقُرَشيَّ الشّاعِرَ ، وَقَدْ جاءَه يُوَدِّعُه لِسَفَرٍ أَرادَه ، وَكانَ أَصْدَقَ النّاسِ لَه : هِيَ فُرْقَةٌ مِنْ صاحِبٍ لَكَ ماجِد فَغَدًا إِذابَةُ كُلِّ دَمْعٍ جامِد فَافْزَعْ إِلى ذُخْرِ الشُّؤونِ وَغَرْبِه فَالدَّمْعُ يُذْهِبُ بَعْضَ جَهْدِ الْجاهِد وَإِذا فَقَدْتَ أَخًا وَلَمْ تَفْقِدْ لَه دَمعًا وَلا صَبْرًا فَلَسْتَ بِفاقِد أَعَليُّ يا ابْنَ الْجَهْمِ إِنَّكَ دُفْتَ لي سَمًّا وَخَمْرًا فِي الزُّلالِ الْبارِد لا تَبْعَدَنْ أَبَدًا وَلا تَبْعُدْ فَما أَخْلاقُكَ الْخُضْرُ الرُّبا بِأَباعِد إِنْ يُكْدُ مُطَّرَفُ الْإِخاءِ فَإِنَّنا نَغْدو وَنَسْري في إِخاءٍ تالِد أَوْ يَخْتَلِفْ ماءُ الْوِصالِ فَماؤُنا عَذْبٌ تَحَدَّرَ مِنْ غَمامٍ واحِد أَو يَفْتَرِقْ نَسَبٌ يُؤَلِّفُ بَيْنَنا أَدَبٌ أَقَمْناهُ مُقامَ الْوالِد لَوْ كُنْتَ طِرْفًا كُنْتَ غَيْرَ مُدافَعٍ لِلْأَشْقَرِ الْجَعْديِّ أَوْ لِلذّائِد أَوْ قَدَّمَتْكَ السِّنُّ خِلْتُ بِأَنَّه مِنْ لَفْظِكَ اشْتُقَّتْ بَلاغَةُ خالِد أَوْ كُنْتُ يَومًا بِالنُّجومِ مُصَدِّقًا لَزَعَمْتُ أَنَّكَ أَنْتَ بِكْرُ عُطارِد صَعْبٌ فَإِنْ سومِحْتَ كُنْتَ مُسامِحًا سَلِسًا جَريرُكَ في يَمينِ الْقائِد أُلْبِسْتَ فَوْقَ بَياضِ مَجْدِكَ نِعْمَةً بَيْضاءَ حَلَّتْ في سَوادِ الْحاسِد وَمَوَدَّةً لا زَهَّدَتْ في راغِبٍ يَوْمًا وَلا هِيَ رَغَّبَتْ في زاهِد غَنّاءُ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ أَنْ يَغتَدي في رَوْضِها الرّاعي أَمامَ الرّائِد ما أَدَّعي لَكَ جانِبًا مِنْ سُؤدُدٍ إِلّا وَأَنتَ عَلَيْهِ أَعْدَلُ شاهِد |
هذه المذهبة ، المعلمة ، سمط الدهر ؛ فمن شاء فليحفظ ! ثم من أسماء الإناث الحديثة الاستعمال ، " وصال " ، بأثر اسم بعض شخوص بعض المسلسلات الشهيرة ، وكان حسنا ! ثم ينبغي أن يكون قال كلمة " مقام " ، بفتح الميم ، لا ضمها ، لأنه أراد بها المكانة لا الإقامة ! |
دِمَنٌ كَأَنَّ الْبَيْنَ أَصْبَحَ طالِبًا دِمَنًا لِدى آرامِها وَحُقودا الدِّمَنُ الْأَوَّلُ جَمْعُ دِمْنَةٍ ، وَهِيَ آثارُ الْقَوْمِ فِي الدِّيارِ ، ثُمَّ يُسَمَّى الْمَنْزِلُ دِمْنَةً لِكَوْنِ الدِّمْنَةِ فيهِ . وَالدِّمَنُ الثّاني جَمْعُ دِمْنَةٍ ، وَهِيَ الْحِقْدُ وَبَقيَّتُه فِي الْقَلْبِ ، وَعَنى بِالْآرامِ النِّساءَ ، شَبَّهَها بِالظِّباءِ الْبيضِ . يَقولُ : كَأَنَّ الْفِراقَ طَلَبَ عِنْدَ ظِباءِ هذه الدمن ، أثآرا . |
كأنه إنما أضاف واستدعى كلمة القافية " حُقودا " ، بيانا لكلمة الجناس ! |