قصة الحطاب والشجرة في ندوة اليوم السابع
من جمال غوشة
ناقشت ندوة اليوم السابع الدورية الاسبوعية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس قصة " الحطاب والشجرة " لخليل حسونة عام 2007 عن منشورات مركز بعثة الطفولة الفلسطينية – رام الله – فلسطين . وتقع القصة التي أبدع رسوماتها عصام عودة ، ومنتجها واشرف عليها فنيا مركز مرايا للدعاية والإعلان في 16 صفحة مفروزة بالألوان ، مشكولة الحروف
بدأ النقاش مشرف الندوة الأديب جميل السلحوت فقال:
بداية نحن بصدد حكاية شعبية معروفة ، وليست قصة ، ويكفي الكاتب انه رواها باللغة الفصحى ، بدلا من روايتها باللهجة العامية " المحكية " وهذا فضل له و" الحطاب والشجرة " حكاية خرافية مسلية للأطفال وللكبار . ومعروف أن الحكايات الشعبية هي أساس القص الحديث، بل إن القصص والفن القصصي تطور منطقي للحكايات الشعبية.
ونشر هكذا حكايات جدير أن يكون بمثابة دعوة إلى دور النشر والمراكز المعنية بالطفولة وأدب الأطفال لنشر ما يستطيعون من حكاياتنا الشعبية البعيدة عن الأساطير المرعبة كحكايات الجن والعفاريت والغول ، نظرا لما تحمله من قيم تربوية وتعليمية وأخلاقية ، إضافة إلى تنمية الخيال عند الأطفال . وهذه قضية سبقتنا إليها شعوب أخرى فحكايات " أندرسن " الدنمركي التي رواها قبل أكثر من قرن ، ترجمت إلى عشرات اللغات ، وحظيت باهتمام زائد من قبل الدارسين . وخيالنا الشرقي أبدع آلاف الحكايات التي تتناقلها الألسن ولم تحظ بالتدوين والنشر لأسباب عديدة لسنا في مجال ذكرها في هذه العجالة .
ملخص الحكاية :
تتحدث الحكاية عن رجل فقير كان يحطب في غاية لكسب قوت عياله ، وعندما حاول قطع شجرة خروب ضخمة معمرة ، أهدته طاحونة تزوده بما شاء من الطحين ، غير أن جارته احتالت على زوجته وسرقت الطاحونة ، فعاد إلى الشجرة التي قدمت له " صينية تقدم له ولأسرته ما لذ وطاب من الطعام ، فسرقتها الجارة كما سرقت الطاحونة ، وبعدها أعطته الشجرة عصا انهالت ضربا على زوجته وعندما حضرت الجارة السارقة انهالت عليها بالضرب هي الأخرى حتى أعادت الطاحونة والصينية المسروقتين .
القيم التربوية والتعليمية:
في الحكاية عدة قيم تربوية وتعليمية منها :
- الذي لا يتعب في تحصيل شيء ما، يسهل عليه التفريط به.
- حفظ الأسرار خصوصا أسرار البيت. فزوجة الحطاب كشفت سر الطاحونة والصينية إلى الجارة مع انه يفترض أن لا تفشي هذا السر.
- من جدّ وجد، فمواظبة الحطاب على جمع الحطب أوصله إلى رزق وفير.
- التحذير من جار السوء غير المؤتمن .
- هناك فرص خير تصادف الإنسان فعليه أن يستغلها..
اللغة والأسلوب :
اللغة جميلة انسيابية كما هو حال لغة الحكايات الشعبية ، غير أن الكاتب لم يوفق كثيرا في استعمال حروف العطف وتكرارها بصورة منفرة ،كما هو الحال في الصفحة رقم 10 في استعماله لحرف العطف "الفاء" على سبيل المثال حيث يقول عن الطاحونة : " فأنزلت الحبوب وطحنتها وحدها ، فكثرت عندهم الخيرات ، فأكلوا وشبعوا ، فأصبحوا يبيعون ما يفيض عن حاجتهم " وحرف "الفاء" يفيد المباشرة والتعقيب والترتيب . فهل أصبحت عندهم كل هذه الخيرات وقاموا ببيع الفائض منها مباشرة ؟؟ ولو استعمل الكاتب حرف العطف " الواو " الذي يفيد مطلق الجمع في الجملة الأخيرة هكذا " وأصبحوا يبيعون ما يفيض عن حاجتهم " لكان أفضل وأجمل.
الرسومات : الرسومات التي أبدعها عصام عودة جميلة ومعبرة ، لكنه يؤخذ عليها عدم مواكبتها للمضمون فمثلا ، الكاتب يقول واصفا شجرة الخروب صفحة 6 : قرر قطع شجرة خروب كبيرة وظليلة " وظليلة تعني أنها شجرة مورقة ، ومعروف أن الخروب دائم الخضرة ، غير أن رسم الشجرة بدءا من الغلاف ومرورا بالصفحات الداخلية اظهر الشجرة عارية من أوراقها بشكل كامل وكأنها مشلولة . وكذا شجر الغابة خصوصا في الصفحات 3 و 4 و 16 وكذلك رسومات أسرة الحطاب ، فالزوجة يظهر من لباسها أنها قروية ترتدي الثوب الفلاحي المطرز كما هو ظاهر في الصفحة 15 بينما يرتدي الزوج البنطال والقميص،مع أن الحكاية قديمة جدا .
الإخراج الفني : واضح أن مركز " مرايا للدعاية والإعلان " كان موفقا في منتجة كلمات الحكاية وترتيبها مع الرسومات بشكل لافت . كما أن فرز الألوان اسبغ جمالا واضحا على الكتيب .
وبعده قال موسى أبو دويح :
حكاية شعبية لخليل حسونة، بيّن من بدايتها أن السعادة لا علاقة لها بالفقر والغنى، فقد يكون الإنسان سعيدا وهو فقير، و قد يكون تعيسا وهو غني. و بين كذلك أن العمل الرتيب يمله الإنسان ويسأم منه، فالراحة في التغيير.
فالحطاب في هذه الحكاية و زوجته كانا سعيدين رغم فقرهما، إلا أن الحطاب مل وسئم من عمله الرتيب المتكرر كل يوم لاسيما بعد أن صار مردود العمل لا يغطي حاجات الأسرة. فترك العمل أياما إلى أن أقنعته زوجته بالعودة إلى العمل في الغابة.
لكنه بدل العودة إلى الاحتطاب من الغاية عمد إلى شجرة خروب وضربها بالفأس محاولا قطعها، فخاطبته الشجرة: "أتركني يا رجل، حرام عليك لماذا تضرب جذعي بفأسك؟!"
هكذا انطق الكاتب شجرة الخروب التي ترمز في مجتمعنا الفلسطيني إلى الوحدة و التكاتف، فشجرة الخروب الضخمة الوارقة الظلال، المكتظة بالأغصان والأوراق كانت مجتمع القرية، و مكان التقاء الرجال و بحث الأمور العامة، و لهذا لا يجوز قطعها ولاجعلها حطبا.
وتعالج القصة موضوع الحسد، والذي تمثل في نفس جارتهما التي سرقت الطاحونة والصينية السحريتين. وأن عاقبة الحسد وخيمة.
و تفيد القصة أن الإنسان عليه أن يستعين على قضاء حوائجه بالكتمان. ولا داعي لأن يطلع الآخرين على كل ما عنده، و كذلك تفيد القصة أن النساء عليهن أن لا يكثرن من الثرثرة، وأن يحافظن على الأسرار، وإلا فالعصا الغليظة لهن بالمرصاد.
الحكاية جميلة و لغتها واضحة سهلة بسيطة وباستطاعة الأطفال في أقل الأعمار فهمها و استيعابها.
و قال لؤي زعيتر:
جاءت الحكاية في 16 صفحة وتمحورت أحداثها حول ثلاث شخصيات وهم: الحطاب وامرأته والجارة.
الحكاية بسيطة المعاني سلسة المفردات إذ يمكن للطفل أن يستوعبها من مروره الأول أو القراءة الأولى.
إلا أن التركيبة الدرامية للحكاية كانت ضعيفة نوعا ما ولا تحفز القارئ الصغير على التفكير في الحدث القادم، ولا يكمن في طيات أوراقها عنصر المفاجأة والتشويق في توقع الحدث، ساعد على ذلك في رأيي ذهاب الحطاب للشجرة بصورة متكررة استمرت على طول القصة.
مرر كاتبنا لقارئنا الصغير فكرة ينطبق عليها قول (سيف ذو حدين) من خلال ذهاب الحطاب للشجرة طلبا للمساعدة في حل مشاكله، علما أن الحكاية كان عمود ارتكازها ذهاب الحطاب للشجرة بحيث أنها حملت ذلك العنوان.
الحد الأول: إن ما يأتي بدون تعب وكد يذهب بسرعة، إذ أن الجارة كانت في كل مرة تسرق ما تعطيه الشجرة للحطاب، ولم يكتشف الحطاب سارقه إلا عندما كشفت له ذلك الشجرة، وهل كاتبنا يدعو قارئنا الصغير إلى عدم التفكير من خلال طرحه للحدث بهذه الصورة، كذلك لم يحرص الحطاب على ما منحته اياه الشجرة، إذ أن ابني الي لم يتجاوز الخامية سألني لماذا لم يحافظ الحطاب على ما أخذه من الشجرة؟
الحد الثاني: الإتكالية في حل المشاكل على طرف مساعد يفرج الكرب برمشة عين وهذا المفهوم لا ينمي عند القارئ الصغير الاعتماد على الذات في حل المشاكل بالعمل وليس بالحلم والأمل والمعجزات كما جاء في الحكاية.
شوه كاتبنا من وجهة نظري صورة الجار في هذه الحكاية إذ وصف الجارة بالحسودة والشريرة وكان لون لباسها أسود أيضا.
نعم هنالك من الجيران من هم كذلك، ولكن لماذا نزرع في فكر قارئنا الصغير ما لم يجربه بعد، على الأقل كان عليه التنويه أن ليس كل الجيران سواسيةـ فالدنيا دائما يوجد فيها الخير والشر. في النهاية لا بد لي أن أذكر أن الرسومات كانت موفقة، وكانت واضحة ومتناسقة مع كل ما كتب حول الحدث في كل صفحة، وكانت وسيلة إيضاح جيدة لقارئنا الصغير.