تأويل الخطاب الشعري

إبراهيم أمين الزرزموني

محمد أحمد العزب "نموذجاً"

إبراهيم أمين الزرزموني

[email protected]

** المعلومات الأساسية:

* عنوان الكتاب: تأويل الخطاب الشعري .. النظرية والتطبيق .. محمد أحمد العزب ’’نموذجاً‘‘

* التقديم: الأستاذ الدكتور حسن البنا عز الدين

* المؤلف: د. إبراهيم أمين الزرزموني

* معلومات النشر: مكتبة الآداب بالقاهرة، 2010م، 265ص

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله أشرف الخلق أجمعين، وعلى آله وأصحابه والتابعين إلى يوم الدين.

موضوع هذه الكتاب: (الخطاب الشعري عند محمد أحمد العَزَب .. دراسة تأويلية). تناولتُ فيه إبداع الشاعر المصري المعاصر محمد أحمد العزب ساعياً إلى تأويل هذا الخطاب الشعري تأويلاً نقديّاً بعد الوقوف على ملامح هذا الخطاب الشعري وخصوصياته على خلفية حركة الشعر العربي المعاصر.

وقد اقتضت طبيعة الكتاب أن يٌقسم إلى تمهيد، وثلاثة فصول.

أما (التمهيد) فقسَّمْتُهُ إلى ثلاثة مباحث تتناول المفردات الأساسية التي تَضَمَّنَهَا عنوان الكتاب: (الشاعر العَزَب - الخطاب – التأويل). ففي المبحث الأول (الشاعر محمد أحمد العزب) تحدثتُ عن حياة الشاعر وأعماله الشعرية والنقدية، ثم تحدثتُ عن الدراسات السابقة التي تناولت شعره مبيناً طبيعتها وعناصرها، وما استفادته الدراسة الحالية منها.  وفي المبحث الثاني (الخطاب) عرضتُ لمفهوم الخطاب، ثم عناصره ووظائفه. وفي المبحث الثالث (التأويل) بيَّنتُ أصالة هذا المصطلح، وأهم قضاياه، وأوضحتُ أن ’التأويل‘ من أصلح المناهج للتعامل مع الشعر الحديث لما يشتمل عليه من غموض، ومتاهات، ومفارقات، وتكثيفٍ للغة، وتداخلٍ للأنواع - من أجل الوصول إلى المعنى العميق الذي ينطوي عليه الخطاب الشعري. وبينت منهجي في التعامل مع شعر العزب تأويلياً مستفيداً من المناهج الأخرى وبخاصة السيميائية والأسلوبية.

وفي الفصل الأول (الشاعر ورؤية العالم) أردتُ أنْ أُبرز أهمية تعانق عنصري الفكر والوجدان في العمل الأدبي؛ وذلك لاستجلاء النظرة الكلية عند الشاعر العزب، وبيان مدى وعيه بقضايا الإنسان والوطن، الأمر الذي يساعد على تأويل نصه الشعري.

وفي سبيل تحقيق ذلك قسمتُ هذا الفصل إلى مدخل وأربعة مباحث. وفي المدخل عرضتُ لمفهوم ’رؤية العالم‘، وبيَّنْتُ طبيعته، وأوضحتُ أن مفهوم ’رؤية العالم‘ يمد الباحث بالمدخل الأساسي للتعامل مع النص، ويعرفنا الظروف التي نشأ فيها العمل، ويخلصنا من القول بالانعكاس، ويبرز لنا النظرة الكلية الشاملة لدى المبدع. وقد تناولتُ رؤية العالم لدى الشاعر العَزَب من خلال: (المكان – الزمان – الأنا - الآخر).

وفي المبحث الأول تجلت علاقة الشاعر الحميمة بـ ’المكان‘ ابتداءً من ’البيت‘ الذي هو رمز يبرز سعة أفقه، ففيه انتهاك التابو، واجتماع الأضداد، وحرية الفكر والتعبير عن الرأي، ثم يأتي ’المكان القرية‘ الذي بدونه تصير الأرض – عند الشاعر – منفى، ثم بَيَّنْتُ كيف صار المكان رمزاً من خلال ’أنسنة المكان‘، ثم عرضتُ لفضاء النص، وكيف استفاد الشاعر من تلك التقنية الشعرية الحديثة.

وبخصوص ’الزمن‘  الذي تعرضتُ له في المبحث الثاني، فإنه - عند الشاعر العزب - ’زمن سلبي‘ ينعته دائماً بنعوت مُخّيِّبة، سواء في نظرته إلى الماضي، أو الحاضر، أو المستقبل. فهو زمن الموت والرداءة والانحناء والخوف والهزائم، وقَلَّمَا ينظر الشاعر إلى المستقبل بالأمل، أو التفاؤل. وكذلك عرضتُ – من خلال الزمن – للإيقاع الشعري ودوره في إبراز فكر الشاعر وعاطفته.

أما في المبحث الثالث فكان عن ’الأنا‘ التي هي الركن الركين للتجربة الشعرية، وقد حدد الشاعر محمد أحمد العزب لنفسه طريقاً لا يتخطاها، ألا وهي طريق الجد والكفاح ومقاومة الظلم، وفضح القبح. فهو يتمتع بحس إنساني عالٍ يعالج في شعره آلام الفقراء ومشكلاتهم، وهو ثائر أبداً لا يقبل الظلم، بل يهاجم الطغاة في غير مواربة.

وفي المبحث الرابع، ’الآخر‘، عرضتُ لوجهة نظر الشاعر العزب عن ’المرأة‘ وكيف تطورت نظرته عبر دواوينه، فقد كان – في ديوانه الأول ’أبعاد غائمة‘ - ينظر للمرأة نظرة رومانسية، ثم أصبح ينظر إليها – في شعره - نظرة حسية واقعية مهاجمة مقتحمة. كما أوضحتُ موقفه من الحُكَّام، فكان موقفه دائماً سلبياً، فهو يراهم أفَّاقين ولصوصاً جوفاً باعوا أوطانهم، وأذلوا شعوبهم.

وأما الفصل الثاني، ’’اللغة الشعرية وإشكالية التأويل‘‘، فجاء في ثلاثة مباحث:

* المبحث الأول: (سيمياء العنوان) وعالجتُ فيه مفهوم العنوان ودوره في تأويل النص الشعري الحديث، وتحدثتُ عن العنونة الخارجية (عناوين الدواوين) عند الشاعر العزب مبيناً خصائصها، وعلاقتها بالعناوين الداخلية من ناحية، وبنية النص الشعري من ناحية أخرى. ثم تحدثتُ عن العنونة الداخلية (عناوين القصائد) وبنيتها النحوية وإيحاءاتها، وعلاقتها بالنص الأساس. وفي النهاية عرضتُ لأهم وظائف العنوان في شعر العزب.

* المبحث الثاني: (المفارقة) التي هي جزء من طبيعة الحياة كلها، وليس الشعر فحسب، وبينتُ أن المفارقة علامة القصيدة الجيدة، وأنه لا شعر بلا مفارقة، وأن قضايا ’المفارقة‘، موجودة في تراثنا النقدي والبلاغي حتى وإن غابت التسمية نفسها. وتحدثتُ عن أنواع من المفارقات: المفارقة اللفظية: عن طريق التضاد، والمدح بما يشبه الذم، والذم بما يشبه المدح، والسخرية، والإنكار. كما تحدثتُ عن مفارقة الموقف بأقسامها: المفارقة الرومانسية، والدرامية، والتصويرية.

* المبحث الثالث: (شعرية الانزياح) وبينتُ فيه أن ’الانزياح‘ أحد الركائز الهامة التي تنبني عليها اللغة الشعرية، فهناك الانزياح الإسنادي، والانزياح الدلالي، والانزياح التركيبي مع بيان أقسامها، وتوضيح دور كل منها في إبراز ملامح الخطاب الشعري العَزَبي وتأويله.

وفي الفصل الثالث، ’’الصورة الفنية .. التشكيل والتأويل‘‘، تحدثتُ – خلال مقدمة وأربعة مباحث - عن تشكيل الصورة الفنية وتأويلها. ففي المقدمة بيّنتُ مفهوم الصورة، وأهميتها، وصعوبات الاقتراب منها، وجهود القدماء والمحدثين في النهوض بها. وفي المبحث الأول: تعرضتُ لـ (الصورة بين الحقيقة والخيال) وبينتُ أن الصورة ليست مرادفة للخيال، بل من الممكن أن تنهض على الحقيقة، وهذا يتطلب جهداً أكبر من الشاعر لإبراز أفكاره وعواطفه. كما تحدثتُ عن (الصورة الخيالية) مبيناً دور الخيال في رسم الصورة الشعرية موضحاً دور الأنواع البلاغية ’التشبيه، والاستعارة، والكناية‘ في تأويل الصورة.

وفي المبحث الثاني: (الصورة والحواس) تحدثتُ عن علاقة الصورة بالحواس، وفصَّلتُ القول في الصور: البصرية، والسمعية، والشمية، واللمسية، والذوقية، واختتمت المبحث بالحديث عن تراسل الحواس.      

وفي المبحث الثالث: (الصورة والرمز الشعري) بينتُ معنى الرمز، وفصَّلتُ الحديث عن رمزين أساسيين عند الشاعر محمد أحمد العزب، وهما (النهد – الليل)، ثم تحدثتُ عن استدعاء الشخصيات، وعن رمزية الألوان في شعر العزب، وبينتُ دورهما في رسم الصورة وتأويلها. وفي المبحث الرابع والأخير (الصورة الدرامية) بينتُ مفهوم الدراما ومظاهرها في شعر العزب (الحوار – الصراع – تعدد الأصوات – الغنادرامية – القناع)، ودور هذه المظاهر في تشكيل الصورة وتأويلها.

وفي الخاتمة عرضتُ أهم نتائج الدراسة، وتوصياتها. كما قدمتُ ببليوجرافيا بأهم المراجع عن موضوع الكتاب.

الخاتمة والنتائج والتوصيات

موضوع هذا الكتاب (الخطاب الشعري عند محمد أحمد العزب .. دراسة تأويلية) وهدفه استجلاء ملامح الخطاب الشعري عند الشاعر المصري المعاصر ’محمد أحمد العزب‘ من زاوية المنهج التأويلي للوقوف على ملامحه وخصوصياته، وفي سبيل ذلك اتبع الباحث مجموعة من الإجراءات النقدية التي سوف تتضح فيما يأتي.

ففي (التمهيد)، عرض الباحث لحياة وأعمال الشاعر ’محمد أحمد العزب‘ الذي ولد في المنصورة 1932م، وأصدر ثمانية دواوين شعرية (أبعاد غائمة - مسافر في التاريخ - أسألكم عن معنى الأشياء - عن التعامد والانحناء في فصول الزمن الميت - فوق سلاسلي .. أَكتبُني - تجليات شتى لامرأة ملأى بالفراشات - الخروج على سُلطة السائد (تنويعات غنادرامية) - أتمادى تحت سقف الكناية).

وبيَّن الباحث الأسباب التي جعلته يختار شعر العزب موضوعاً لبحثه، وهي:

أ – تميز النتاج الشعري للعَزَب كيفاً وكماً.

ب – ثراء تجربة الشاعر وتنوعها.

ج – قلة الدراسات حول شعره.

د – امتلاكه رؤية خاصة في النظر لعصره وقضايا مجتمعه.

كما عرض الباحث مفهوم ’الخطاب discourse‘ وبيَّنَ أنه ينطوي على فكرة مراجعة الكلام بين مَن يتحاورون، وهذا معناه أن كل طرف من الأطراف المتحاورة يبذل جهده ليفهمه الآخرون، ويجنبهم سوء الفهم، ومن هنا كان الخطاب كل نطق يفترض متكلماً وسامعاً، ويفترض من المتكلم نية التأثير على الآخر.

ثم عرض الباحث لـ ’التأويل‘ باعتباره أحد أهم المداخل النقدية لإضاءة النص الشعري الحديث الذي صار فضاءً مثقلاً بالرموز والأساطير، والمفارقة، وتكثيف اللغة وتداخل الأنواع من أجل الوصول إلى المعنى العميق الذي ينطوي عليه الخطاب الشعري، والكشف عن الدلالات الأصيلة المتوارية في المكتوب المراد معالجته، مما يساهم بوعي في إنتاج وجهة النظر التي يتحملها الخطاب.

وفي الفصل الأول (الشاعر ورؤية العالم) أبرز الباحث أهمية تعانق عنصري الفكر والوجدان في العمل الأدبي؛ وذلك ليستجلي النظرة الكلية عند الشاعر العزب، وبيان مدى وعيه بقضايا الإنسان والوطن الأمر الذي يساعد على تأويل نصه الشعري. وقد عالج الباحث رؤية العالم لدى الشاعر العَزَب من خلال: (المكان – الزمان – الأنا - الآخر).

وتبيَّن للباحث:

أ – عمق رؤية الشاعر محمد أحمد العزب وخصوصيتها للنفس والكون.

ب – ارتباط الشاعر بالمكان (القرية – الوطن) على الرغم من غربته بعيداً عنهما.

ج – عداوة الشاعر للزمن ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.

د – يتمتع الشاعر بحس إنساني كبير جعله يتفاعل مع قضايا الإنسان في قريته، وفي وطنه، ثم في العالم كله.

هـ - شجاعة الشاعر وجرأته في مواجهة الظلم وأهله، وقدرته على التمرد واقعياً وفنياً.

و – حِسِّيّة الشاعر في تعامله مع المرأة، فلقد كان جريئاً يعرف ما يريد من الأنثى، ويصل إليه من أقرب الطرق.

ز – سلبية نظرته إلى الحُكَّام، فلم يرَ فيهم سوى أفاقين أذلوا شعوبهم، وهادنوا عدوهم.

وفي الفصل الثاني (اللغة الشعرية وإشكالية التأويل) تحدث الباحث عن ثلاثة مباحث:(سيمياء العنوان)، (بنية المفارقة)، (شعرية الانزياح) وتبين للباحث:

أ – وعي الشاعر العزب بأهمية العنوان باعتباره ’عتبة‘ أولى لولوج النص، فلم تأتِ عناوينه اعتباطياً، بل تشكلت عن وعي واقتدار.

ب – نوَّع الشاعر عناوينه بين الجملة الاسمية والجملة الفعلية، وقد غلب عليه – مثل معظم الشعراء – استخدام العناوين الاسمية.

ج – لم يستغل الشاعر العتبات النصية الأخرى بشكل فاعل، ومنها: الإهداء، العناوين الفرعية، والحواشي.

د – أجاد الشاعر استخدام المفارقة، وأبدع في تشكيلها، وبخاصة مفارقة الموقف والسخرية والمفارقة الدرامية.

هـ - نجح الشاعر في تحقيق أكبر قدر ممكن من ’الشعرية‘ لنصه، وذلك بحسن استغلال ما أتاحته له الشعرية من انزياحات في الإسناد، والدلالة، والتركيب.

وفي الفصل الثالث: (الصورة الفنية ... التشكيل والتأويل) تحدث الباحث عن مصطلح ’الصورة‘ مبيناً مفهومها وصعوبات الاقتراب منها وأهميتها، وتعرض الباحث إلى (الصورة والحقيقة – الصورة والخيال – الأنواع البلاغية ’التشبيه – الاستعارة – الكناية‘ – تراسل الحواس – الرمز – شعرية الألوان – الدراما – استدعاء الشخصيات – القناع).

وتبين للباحث:

أ – انعكاس عمق رؤية الشاعر العزب للكون على صوره الفنية، فاتصفت بالعمق والاستقصاء.

ب – انعكاس ثقافته النقدية العميقة على قدرته على تشكيل الصورة، فاستفاد من التقنيات الشعرية الحديثة: تراسل الحواس، الصور الدرامية، الرموز، الأقنعة، وغيرها.

ج – قوة وصدق عاطفته التي منحت الصورة حيويتها وحرارتها وحسن تأثيرها في المتلقي.

ثم جاءت أهم النتائج العامة للدراسة، ويوجزها الباحث في:

أ – فاعلية القراءة التأويلية في استبطان الخطاب الشعري الحداثي.

ب – عمق رؤية الشاعر محمد أحمد العزب للنفس وللكون، والتزامه بنصرة الحق ومقاومة الطغيان، مما أدى لبروز الجانب الإنساني في شعره.

ج – استفادة الشاعر العزب من ثقافته النقدية، ومن إلمامه بالتراث، وظهور أثر ذلك في شعره.

د – قدرة الشاعر على التصوير الشعري، ووضوح الجانب الدرامي فيه.

هـ - يظهر كل من الرفض والسخرية بوضوح في شعره، ويلعبان دورهما في تشكيل المفارقة الشعرية.

أما عن (توصيات الدراسة)، فيقترح الباحث أن ينظر زملاؤه الباحثون بعين الاهتمام إلى الموضوعات الآتية:

أ – القيام بدراسة عن (الدراما في شعر العزب)؛ وذلك لوضوح الجانب الدرامي في شعره من القناع وتعدد الأصوات والصراع والرمز والحوار.

ب – القيام بدارسة مقارنة عن (الرفض / التمرد في شعر العَزَب) ومقارنة ذلك بشعراء الرفض الآخرين، وعلى رأسهم أمل دنقل ونزار قباني على سبيل المثال.

ج – القيام بدراسة عن (صورة المرأة) في شعر العزب؛ لأنها احتلت مكانة كبرى في شعره.

د – القيام بدراسة مقارنة عن (محمد أحمد العزب بين نقده وإبداعه).

هـ - تجريب المنهج التأويلي على شعراء آخرين، وكذلك تجريبه في مجال السرد.

والله ولي التوفيق