مقال التاريخ
10كانون12005
مبارك بوبشيت
مقال التاريخ
مبارك بوبشيت
طبيب مسكونٌ بعذابات الأمة وآلامها، وربما اقترن الطب بالحكمة والرحمة، بل هذا هو المفترض، فالحكمة هي المسؤولة عن تشخيص المرض بدقة وشفافية، والرحمة هي التي تدفع الطبيب إلى وصف العلاج وتوفيره مهما كان نادراً، وربما تجعل الطبيب يعمد إلى ممارسة العلاج حتى ولو كان ذلك العلاج بالمبضع (فالمرء قد يقسو على من يرحم).
والمتابع لنتاج قريحة الدكتور الطبيب محمد إياد العكاري ومــا تفرزه من قصائد ومقطوعات شعرية وجدانية يجد هموم الأمتين العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام،
هذه الهموم والشجون والأوجاع والآلام تطفو فوق شاعرية الشاعر الدكتور محمد نثراً كانت أو نظماً،والثمرة الأخيرة من حديقة شاعرنا محمد هي(ومقال التاريخ:الله أكبر) ديوان شعر حشد فيه النظم والشعر والنثر، مزج فيه العاطفة بالحكمة والوجدان بالعقل ،والفرد بالأمة، والخاص بالعام، فجاء هذا السفر النابض بالأمل، والألم ينكأ الجراح وينزف راعـفاً ويقطر ألماً وحسرةً مما تعانيه الأمة بعد أن تمادى الأعداء وتكالبت عليها الأمم ووصل حالها إلى ما وصل إليه من تمزقٍ وشتاتٍ وفرقةٍ وضياعٍ بعد أن عاشت عقوداً عديدةً من الزمان في تغريبٍ عن مبادئها وحضارتها وإبعاد لها عن تاريخها وتراثها..إلا بقيةً باقيةً من نخوةٍ وكرامةٍ (ومقال التاريخ:الله أكبر)عنوان قصيدة في الديوان سمي الديوان باسمها. رصد فيها الشاعر شيئاً من حياة الأمة ومأساتها.
عـَــظُـــمَ الــخــطــبُ والــمـصـابُ تــجــذَّرْ
وطـــغـى الـــهــولُ والــمـنـايــا تُــســـعَّـــرْ
وعــيونُ البــلـــدانِ تــــبـــكــــي عُـصوراً
راعــهــا دُرَّةَ الــــــــــزَّمــــانِ تُــدَمَّــــــــرْ
درَّةُ الزَّمان هي العراق...
العراق.. هذا الوطن الذي احتضن التاريخ واحتضنه التاريخ وقع الآن بين براثن الطغاة، طغاة الطائفية، والأممية، وأعداء العرب والإسلام.. لذلك نجد شاعرنا يناشد الأمة ويهيب بها في ألمٍ مفجعٍ وأملٍ إيمانيٍ حكيمٍ يظهر ذلك في آخر بيتٍ في القصيدة..
ســيـزول الــطـُّـغــيـان والــلــيـل يـمـضـي
ومــــقــــالُ الـــــتــــَّاريــــــــخ الــَّلــهُ أكـبــرْ
خبرٌ يحمل في طياته الأمل والرجاء..
( الله أكـبر ) كلمةٌ فتحت بها الأمة بلدان العالم ولا تزال سلاحاً إسلاميا لا يهزم.
- الديوان به من القصائد المتوهجة ما يشحن قلب المؤمن ونفسه بروح إيمانية نشطة وبه من النثر الوجداني الرومانسي الرائع ما يجعل نثره- أحيانا- ينوف على نظمه لما فيه من الشاعرية المحلقة والروحانية المؤمنة.
لقد حظيت العراق أو حظي العراق وحظيت فلسطين بجل أو بكل هذا الديوان فتراه من خلال رثاء أو تأبين الشيخ أحمد يا سين والدكتور الرنتيسي يشيد بجهادهما، ويرصد شيئا من سيرتهما التي قد لا يعلمها كثير من أبناء الأمة وهذه نقطة مهمة تسجل للدكتور محمد.
لقد سجل الدكتور محمد تاريخاً مهماً في فترةٍ مهمةٍ من هذا الزمان، تاريخ العراق وتاريخ فلسطين بأحداثٍ دقيقةٍ شعراً ونثراً مما يجعل مثل هذا الكتاب المهم مرجعاً له شأن في المستقبل.