ديوان وليد الأعظمي
الأعمال الشعرية الكاملة
قراءة: مسعد خيري
1

لقد سطع في سماء أمتنا في عصرها الحديث عدد من الشعراء الذين تغنوا بآمالها وآلامها، وكانوا وقود المعركة من أجل نيل الحرية والتحرير من كل مستبد.
ويأتي وليد الأعظمي ابن العراق، بل ابن الأمة الإسلامية كلها على رأس هؤلاء، فاستحق بحق أن يكون شاعر الشعب وشاعر الإسلام: إنه شاعر الشعب الذي يشدو إذا فرح المسلمون ويبكي إذا بكوا ويزأر لهم إذا ظلموا، ويصرخ صراخ الحارس اليقظ إذا أهدرت حقوقهم أو ديس حماهم.
وهو شاعر الإسلام، والإسلام الذي آمن به شاعرنا هو الإسلام الحق، الإسلام الأصيل، الإسلام القوي لا الضعيف، الإسلام الذي لا يعرف الذل والانكسار لغير وجه الله تعالى.
2
يبدأ الكاتب بتقديم للمستشار عبد الله عقيل يعرض فيه لعلاقته بأبي خالد وليد الأعظمي، ويذكر أن أول معرفته بالشاعر كانت سنة 1947 1948م حين قدِم المستشار عقيل للدراسة في الثانوية الشرعية بالأعظمية مع إخوانه: يوسف العظم، وإبراهيم المدرس، ونعمان السامرائي، وحافظ سليمان وغيرهم وقد اجتمع المستشار العقيل مع شاعرنا من خلال الأنشطة التربوية الإخوانية من أسر وكتائب ورحلات ومخيمات ودروس ومحاضرات، وكانت كثيراً ما تجمعها مكتبة الإخوان المسلمين بالأعظمية، حيث تجري المناقشات الدعوية والمطارحات الشعرية والمساجلات الأدبية، فضلاً عن ممارسة الرياضة، خاصة السباحة على ضفاف نهر دجلة.
وأول ما يسجله المستشار العقيل عن شاعرنا وليد الأعظمي هو ذلك الحماس الشديد والعطاء المتدفق والعمل الدؤوب والغيرة الصادقة على الإسلام وحرماته، والحرص على جمع الشباب على منهج الإسلام، والتصدي لقوى الإلحاد والطغيان والإفساد الذي يمارسه الشيوعيون وأذناب الاستعمار.. كذلك فإن أول ما يسجله المستشار العقيل عن شعر وليد الأعظمي أنه انطلق من قلب مؤمن، وكان حبه لإخوانه العاملين في ركب كبرى الحركات الإسلامية المعاصرة هو الطابع الغالب على أشعاره، رغم حداثة سنه، فلم تكن تفوته مناسبة صغرت أو كبرت إلا وكان له سهم فيها.
وكان الأعظمي حريصاً على طلب العلم الشرعي، فكان يحضر مجالس العلماء ودروسهم، مما زاد في ثقافته الشرعية والتزامه .
بدأ الأعظمي نظم الشعر و هو ابن خمسة عشر عاما ً، و ساعده على ذلك محفوظاته للشعر العربي القديم والحديث، وكان لتوجيهات خاله الأستاذ مولود الصالح، والأستاذ المصري الإخواني محمود يوسف المدرس بدار المعلمين بالأعظمية الأثر الكبير في تسديده وتصحيح أوزان الشعر وضبط الكلمات.
وقد اشترك شاعرنا في التظاهرات الشعبية ضد معاهدة (بورت سموث) بقيادة الشيخ محمد محمود الصواف حتى سقطت حكومة صالح جبر التي عقدتها وألغيت المعاهدة.
وقد أولى الشيخ الصواف شاعرنا عناية فائقة، فكان يشجعه ويقدمه في المحافل العامة لينشد الشعر، وينشر له شعره في مجلة الأخوة الإسلامية، كما كان يصحبه في زيارة المدن العراقية.
وقد ذاع صيت شاعرنا وانتشرت قصائده وأشعاره في العالم العربي كله، وكان الشباب المسلم يترنم بها في كل مكان وينشدها في المناسبات.
زار شاعرنا الكثير من الأقطار العربية مثل: الكويت وسوريا والأردن وفلسطين ومصر والجزائر والسعودية والإمارات واليمن وغيرها.
كما اهتم به الأدباء والشعراء والنقاد والدارسون في الجامعات الذين قدموا رسائل الماجستير عن حياته وشعره، كما رحبت به المجلات الهادفة، ونشرت له شعره وبحوثه في اللغة والنقد والتاريخ والفن.
ويعترف المستشار العقيل أنه مدين بكثير من الفضل لأخيه أبي خالد؛ فقد وجد في كتابه (السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني) ما أزال الغشاوة عن عينيه، فقد كان المستشار العقيل معجباً بهذا الكتاب ويعتبره من المراجع المعتمدة.
وعن دواوين شاعرنا الخمسة يقول المستشار العقيل:
"إن كل ديوان فيها يزخر بفيض من هذا الشعر الإسلامي الأصيل الذي يشحذ الهمم، ويقوي العزائم، ويستجيش العواطف، ويدفع للعمل الجاد، والجهاد المتواصل من أجل نصرة الإسلام والمسلمين والتصدي للطغاة والجبارين".
وعن صبر الشاعر وجهاده يقول المستشار العقيل:
"إن الأخ الشاعر وليد الأعظمي لم تزده الأحداث ولا تعاقب الأيام إلا إصراراً على التمسك بالحق والدعوة إلى الحق، والصبر على الأذى في سبيل الحق واحتساب ذلك عند الله (عز وجل).
وهو لم يتلون مع المتلونين، ولم يخضع للسلاطين، وظل شاهراً سيفه ينافح عن الإسلام ديناً والمسلمين أمة في أي صقع من أصقاع الأرض وجدوا، تؤرقه مشكلاتهم، ويتألم لمعاناتهم، ويستنهض الهمم لنجدتهم، والوقوف إلى جانبهم".
ثم يترجم الشاعر وليد الأعظمي لنفسه، فيذكر أنه وليد بن عبد الكريم بن إبراهيم بن مهدي بن صالح بن صافي عزو الأعظمي،وأنه ينتمي إلى قبيلة (العُبَيد) العربية القحطانية الحميرية،وأهل مدينة الأعظمية أغلبهم من أبناء هذه القبيلة، ومدينة الأعظمية أخذت اسمها نسبة إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان ابن ثابت المدفون فيها.
كانت ولادته أول سنة 1930م، وتعلم قراءة القرآن الكريم لدى الملا (عميد الكردي) في الأعظمية، انتسب إلى مدرسة الأعظمية الابتدائية الأولى وأكمل الدراسة الابتدائية سنة 1943م، وقد كانت نشأته في أسرة محافظة على التدين، فنشأ على التدين والمحافظة على أداء العبادات منذ الصغر، وكان معظم وقته يقضيه مع أصحابه في مسجد الإمام الأعظم، كما كان يلعب في مقبرة الخيزران التاريخية، وكانت تستهويه وتثير إعجابه تلك الخطوط الجميلة المحفورة بالمرمر على رقيم بعض قبور الولاة وبعض الموظفين الأتراك، وكان يحاول تقليد تلك الخطوط ، كما كان يحفظ الأشعار المخطوطة على رقيم بعض القبور، وقد كانت هذه النقوش وتلك الأشعار هما أول ما جذب شاعرنا نحو الخط وقرض الشعر.
وكان شاعرنا منذ الصغر محباً للسباحة، ولم ينقطع عن السباحة في نهر دجلة حتى بلغ اثنين وستين عاماً، وذلك بسبب انكسار عظم الحوض منه، وكان في شبابه يحضر دروس العلامة الشيخ " قاسم القيسي " (مفتي بغداد) في مسجد بشر الحنفي في الأعظمية، وكذلك دروس العلامة الشيخ الدكتور تقي الدين الهلالي في مسجد خطاب بالأعظمية، وهو الذي حبب إليه دراسة الحديث الشريف والتفسير والسيرة النبوية الشريفة، وكان حريصاً على حضور مجلس العلامة محمد القزلحي الكردي في مسجد بشر الحنفي ومجلس العلامة الشيخ عبد القادر الخطيب في مسجد الإمام الأعظم، ومسجد العلامة الحاج حمدي الأعظمي في منزله، وكذلك دروس العلامة الشيخ أمجد الزهاوي في مسجد الإمام الأعظم ومسجد الدهان بالأعظمية.
بدأ نظم الشعر وهو ابن خمسة عشر عاماً، وكان قبل ذلك ينظم الزجل والشعر الشعبي بلغة العوام، وكان خاله الأديب الأستاذ مولود أحمد الصالح يوجهه ويرعاه ويصحح له بعض الأوزان الشعرية، ويبدل بعض الكلمات، وكان يحفظ كثيراً من الشعر العربي القديم والحديث، وكان يتطارد بالأشعار مع بعض أصحابه لشحن الذاكرة وتنشيط الذهن للحفظ .
وفي سنة 1948 اشترك في التظاهرات الشعبية التي كان يقودها الشيخ محمد محمود الصواف، وألقى في التظاهرات عدة أبيات ومقطوعات شعرية.
وفي سنة 1950 انتسب إلى جمعية الأخوة الإسلامية، ثم انتسب إلى معهد الفنون الجميلة ببغداد قسم الخط العربي والزخرفة الإسلامية وتخرج فيه، وأتيح له أن يتعلم فن التركيب في الخط العربي على يد الخطاط التركي الشهير ماجد بك الزهدي.
تزوج من ابنة عمه سنة 1956م،وكان يوم عقده يوماً مشهوداً في الأعظمية،حيث حضر العقد مجموعة من العلماء على رأسهم المجاهد الشيخ محمد محمود الصواف،وألقى خطبة الزواج الشيخ محمد الكردي،ورزقه الله بأربعة أولاد وأربع بنات،استشهد أكبرهم الملازم خالد وبه يكنى في الحرب العراقية الإيرانية.
كان رئيساً لنادي التربية الرياضي في الأعظمية لمدة خمس سنوات، وقد فاز النادي ببطولة العراق في المصارعة.
نال إجازة في الخط العربي من العلامة الشيخ محمد طاهر الكردي المكي (خطاط مصحف مكة المكرمة).
ونال إجازة في فن الخط من الخطاط المصري الشهير محمد إبراهيم البرنس(خطاط المسجد الحرام بمكة المكرمة).
ونال إجازة في الخط العربي من الشيخ أمين البخاري (خطاط كسوة الكعبة المشرفة).
سافر إلى بيت الله الحرام ثماني مرات لأداء الحج والعمرة، وسافر ثلاث مرات لأداء العمرة وحدها.
كان عضواً مؤسساً في الحزب الإسلامي العراقي سنة 1960م وعضواً مؤسساً لجمعية المؤلفين والكتاب العراقيين، وعضواً مؤسساً لجمعية الخطاطين العراقيين، وعضواً مؤسساً لمنتدى الإمام أبي حنيفة في الأعظمية.
كان خبيراً في شؤون المصاحف في وزارة الأوقاف العراقية، وخبيراً في فن الخط العربي وتاريخه وآدابه في وزارة الإعلام والثقافة العراقية.
اشتغل خطاطاً في المجمع العلمي العراقي ومصححا في مطبعته لمدة عشرين سنة.
نشر كثيراً من القصائد والمقالات والبحوث في النقد الأدبي واللغة والتاريخ والفن في عدد من المجلات منها: مجلة الوعي الإسلامي في الكويت، ومجلة المجمع العلمي العراقي، ومجلة الرسالة الإسلامية ببغداد، ومجلة التربية الإسلامية ببغداد، وبعض الصحف اليومية ببغداد مثل: (الأيام، والبلد، والسجل، والجمهورية).
دواوين خمسة:
لشاعرنا خمسة دواوين؛ الأول منها بعنوان (شعاع)، قدم له فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي، وفيه يثني على الشاعر ومذهبه في الشعر، ويذكر أن هذا الديوان (الشعاع) له نصيب من اسمه " فله من الشعاع وضوحه وإشراقه، وله منه ضوؤه وحرارته، كما أن له منه طهره واستقامته.. ويوم تدلهم الدنيا بظلمات الباطل، يتراكم بعضها فوق بعض، تصبح في حاجة إلى (أشعة) هادية تنير الطريق، وتبدد الدياجير، وهذا الديوان شعاع من هذه الأشعة التي تبعث الهدى والنور والحرارة ".
وهذا الديوان (الشعاع) هو أول ديوان طبع لوليد الأعظمي، وكان ذلك في بغداد، وقد صدر يوم1/1/1959م.
وقد أهدى الشاعر ديوانه "إلى الذي صبر فلم يجزع.. إلى الذي وفى بما وعد.. إلى الذي أيقظ المشاعر والهمم.. إلى الذي فتح العقول والقلوب".
وفي الديوان الثاني (الزوابع) كان الإهداء إلى الكاتب الإسلامي الكبير سيد قطب تقديراً وحباً من الشاعر له، وهذا الديوان هو أوسع دواوين الشاعر انتشاراً، فقد طبع عشر مرات، وانتشر في العالم العربي والإسلامي، ومثلت قصائده أناشيد حماسية يترنم بها الشباب في نواديهم واحتفالاتهم.
وكان التقديم هذه المرة من حظ الأستاذ نعمان عبد الرزاق السامرائي، وفيه يذكر أن شاعرنا قد قذف بزوابعه في وجه الحكام العرب الذين استعبدوا بني جلدتهم ووقفوا في وجه نهضة الأمة وحضارتها، فعن هؤلاء الحكام يقول شاعرنا:
إن الـطـغـاة ينابيع تفيض نـهـب وسلب وإعنات يضيق به ثـم يـدعو الأمة إلى الوقوف صفا سـنـحـطـم الأغلال عن أعناقنا فـالـديـن يـأبـى أن نكون أذلة | أذىتـاريـخـهـم كـله خزي صـدر الـحليم ولب المرء يحتار واحداً إزاء هؤلاء الظالمين، فيقول: ونـثـور كـالـبركان حين يثور إذ إن مـيـزة ديـنـنـا التحرير | وأقذار
أما الديوان الثالث (أغاني المعركة) فقدم له الأستاذ المحامي نور الدين الواعظ ، وهو يصف وليد الأعظمي بأنه شاعر الحقائق، فيقول:
"هو شاعر الحقائق وليس بشاعر الشباب، كما اشتهر لأنه يتناول الحقائق بأسلوبه الأدبي الخاص، فيهز المشاعر، ويفجر العواطف، ويحلق بها في أجواء الإيمان الرحيبة".
وأما ديوانه الرابع (نفحات قلب) فيقدم له الدكتور محسن عبد الحميد الذي يذكر أول معرفته بوليد الأعظمي، وذلك في أوائل الخمسينيات في حفل مشهود استمع فيه الدكتور محسن إلى قصيدة مأساوية بصوت وليد القوي الحزين، كان منها:
قـتـلوك يا نعم الإمام قـتـلوك لا نفعاً لمصر وإنما لينام أصحاب الكروش وينعموا | عشيةظـلـمـاً ليحيا كل نذل جان نـفـعاً للندن مصدر الطغيان مـا بـين غانية وعزف قيان |
ويذكر يوم وقف وليد الأعظمي في قاعة الشعب بمناسبة الاحتفال بمولد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، عندما وصل إلى قوله:
لا رأسمال الغرب ينفعنا ولا وسطاً نعيش كما يريد إلهنا | فـوضى شيوعي أجير لا نستعير مبادئاً لا تجتدي | أبلد
دخل عبد الكريم قاسم رئيس وزراء العراق على القاعة ، فرجع شاعرنا المؤمن الشجاع إلى البيتين فأعادهما يصك بهما على أذن الزعيم الأوحد الذي كان يمالئ الشيوعيين وقتها.
وعن مكانة وليد الأعظمي بين شعراء العصر الحديث يقول الدكتور محسن:
"ومن هنا فلا أبالغ إذا قلت بأنني أعد وليد الأعظمي أحد الشعراء الثلاثة في العصر الحديث: إقبال والأميري ووليد الذين انحازوا بشعرهم كله وبكيانهم كله إلى الحق والإسلام.. الأول من خلال شعر فلسفي ساطع، والثاني من منطلق خيال شعري رائع، والثالث من ومضات ألق عاطفي متأجج".
ثم يأتي ديوانه الخامس (قصائد وبنود) لينهي به خماسيته الرائعة.
محاور رئيسية:
والناظر في دواوين وليد الأعظمي الخمسة يجد نفسه أمام شاعر مطبوع خلق ليكون شاعراً، ذي أحاسيس مرهفة ومشاعر جياشة، كما أن شعره تنتظمه عدة محاور يدور غالب شعره حول هذه المحاور، ومن أهمها:
أولاً مذهبه في الشعر:
صدّر وليد الأعظمي ديوانه الأول (شعاع) بقصيدة (هذا أنا)، وفيها يقول:
ولست الشاعر وخـير الشعر ما كان فـمـا ملت إلى ليلى ولـكـن حب إخواني | الرخوالـذي يـقنع صريح الغاي كالشمس ولا فـكرت في قيس قد استولى على حسي | بالهمس
ويبدو من الأبيات أن الشاعر قد نصب نفسه مدافعاً عن قضايا الإسلام والمسلمين، وهو لا يميل مع الشعراء حيث مالوا وإنما قد وقف نفسه وشعره على ما يرضي الله فيقول:
ما هزني ذكر (سلمى) للقريض ولا هـذا حـمـى الله ما جاوزته أبداً | (ريـم على القاع بين البان ولا رتـعـت حـوالـيه ولم أحم | والعلم)
ثانياً إسلاميته قلباً وقالباً:
ووليد الأعظمي شاعر مسلم بكل ما تحمله الكلمة من معان، فهو ملتزم بدينه في عقيدته وعباداته، وفي سلوكه وأخلاقه، وفي نظمه وأشعاره، وهو يرى الإسلام نظاماً عاماً شاملاً ينظم أمور الحياة كلها، وينعى على من لا يحسنون فهم الإسلام، حيث يقول:
إسـلامـنـا لا يـسـتقيم عموده إسـلامـنـا لا يـسـتقيم عموده إسـلامـنـا نور يضيء طريقنا وقـد عـاهـد الشاعر ربه على عقلي وقلبي وإخلاصي وتضحيتي | بـدعـاء شيخ في زوايا بـقـصـائـد تتلى لمدح محمد إسـلامـنـا نار على من يعتدي ألا يميل عن غير دين الله فيقول: لـلـه فـي أمـل عندي وفي ألم | المسجد
وشاعرنا قد هام حباً برسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويرى في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أعظم منة من الله (عز وجل)، فيقول:
الله أكرمنا بنور محمد فعن البصائر يا ظلام تبدد
وحب الشاعر للرسول هو حب عملي قائم على الاتباع، ويؤكد ذلك بقوله:
يا هذه الدنيا أصيخي واشهدي أنا بغير محمد لا نقتدي
كما ارتبط شاعرنا بكتاب الله (عز وجل)، ورأى فيه دستوراً يجب أن يسود فيقول في قصيدة (دستور):
إنا لنهتف والرسول زعيمنا وكتاب ربك عندنا دستور
كما يرى أن سعادة الأمة رهن بالسير على نهج هذا الكتاب الخالد:
قرآن ربك يا محمد عزنا ونظامنا الداعي لعيش أرغد
ثالثاً مع الحركة الإسلامية:
والأعظمي واحد من أبناء الحركة الإسلامية التي بعث نهضتها وأعاد بناءها الإمام الشهيد حسن البنا، ووليد عاش بدعوته ولدعوته فنراه في قصيدة (شهداء) يبكي إخوانه الذين حصدتهم أعواد المشانق، فيقول:
مـا ذنبهم، ماذا جنته باعوا النفوس لربها وتذوقوا فـازوا بـها فكأنها وكأنهم | أكفهموهم الدعاة لكل خلق راق طعم الشهادة وهو حلو مذاق (مشتاقة تسعى إلى مشتاق) | ؟
وقد تفاعل الأعظمي مع رموز التيار الإسلامي واحتفى بهم أيما احتفال مثل: الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، والشيخ سعيد حوى، والشيخ محمد محمود الصواف، واللواء محمود شيت خطاب، والأستاذ محمد أحمد الراشد، ولكن يبقى للإمام البنا في قلب وشعر شاعرنا حظ وافر، فيقول:
يـا مرشدي ذكراك مرت بيننا قد كنت يا حسن السريرة شعلة كالدرة البيضاء يسطع نورها | والـقلب من ذكراك في وقـادة بـالـنـور والإيمان فـيـبـدد الـظلماء باللمعان | خفقان
رابعاً هموم العالم الإسلامي:
وشاعرنا قد شغل بهموم أمته كلها فعاش لها، ونذر شعره لينافح عن قضايا أمته الإسلامية:
الله اكـبـر في الجزائر وهناك في مصر العزيزة مثلها والـرافـدان مع الشآم تعانقا | ثورةقـامـت على الآمال تـدعو لطرد الغاصب الظلام بـتـآلـف الأرواح والأجسام | والآلام
ولكن يبقى لفلسطين في شعر وليد الأعظمي النصيب الوافر، فقد ذكرها في ثنايا شعره كثيرا ً، ثم ما لبث أن أفرد لها قصيدة بعنوان (إيه فلسطين)، وفيها يقول:
فـتـلك أندلس ولت وقد أرحـمـة الله تـأتينا وقد غفلت عـودوا إلى الدين والتقوى فإنكم | لحقتبها فلسطين، ما للعُرب لم يثبوا ؟ عن ذكر ربي قلوب كلها ريب ؟ إن عـدتم عادت الأيام والحقب |
وواضح أن شاعرنا يرى أن حل مشكلاتنا يبدأ بالعودة إلى الله وحسن الصلة به تعالى.
خامساً الثورة على الظلم والظالمين:
لقد ضاق وليد الأعظمي ذرعاً بالظلم والظالمين، فسلط عليهم سياط قصائده لعلها تشفي بعض ما يعتصر قلوب المؤمنين من حزن وألم، ويؤخذ عليه أنه كان يزيد أحياناً في وصف الظالمين بما لا يليق، ولكن الحقيقة أن هؤلاء الظالمين قد بلغوا قمة السفه والطيش والصد عن ذكر الله ، ثم إن من سمع ليس كمن رأى، وفيهم يقول:
إن الـطغاة ينابيع تفيض سلب ونهب وإعنات يضيق به يقاد للسجن إن سُبَّ المليك وإن | أذىتـاريـخهم كله خزي صدر الحليم ولب المرء يحتار سُـبَّ الإله فإن الناس أحرار | وأقذار
وعن صبر الفئة المؤمنة في وجه هؤلاء الحكام الظالمين يقول وليد:
خـذونـا لـلسجن ودونـكـم الـقيود فكبلونا فـلـيس يزيدنا التنكيل إلا | وعذبونافليس يضيرنا بطش وخسف بـها وعن الرذائل لا تعِفوا صموداً ليس يبدو فيه حرف |
ويدعو الشاعر إلى الوقوف صفاً واحداً بغية الثورة على هؤلاء الظالمين، فيقول:
غداً سنعلنها شعواء دامية لا تمهلن الذي يدعو لإلحاد
الله أكبر تذكي نار ثورتنا فلا يصيب لظاها أي إخماد
سادساً المرأة في شعر الأعظمي:
وشاعرنا عرف من إسلامه قدر المرأة ومكانتها في المجتمع المسلم، وقد دعا إلى السير في طريق الإيمان وألا تعبأ بتلك الصيحات التي تريد لها أن تتنكب عن سبيل ربها ودينها.
فخاطبها بقوله:
بـنـتَ الـهدى أيتها سـيـر إعلى العزة في موكب رسـالـة الإسـلام لا غـيره | الراشدةلا زلت في درب الهدى صاعدة يـهـتـف بـالرسالة الخالدة مـن فـكـر أو نـظـم فاسدة |
ويختم قصيدته (تحية المرأة المسلمة) بقوله:
مـا آمـنت إلا عافت هواها لهوى دينها | بقرآنهاعـقـيدة خالصة خالدة راضـية شاكرة حامدة |
والمتتبع لشعر وليد الأعظمي لن يجد فيه غزلاً في امرأة ولا مدحاً لرجل، أو هجاءً شخصياً إلا ما كان يقذفه من حمم وزوابع في وجه الطغاة والظالمين والمتكبرين في الأرض.
وشعره هو صورة صادقة كما ألمحنا لآلام وآمال أمته الإسلامية، وعلى العموم فإن شعر وليد الأعظمي يمثل انتفاضة روح مؤمن راغب في الله ، وأشواق قلب طاهر غيور على عقيدته، غيور على دينه، غيور على امته، وألحان وفاءٍ لفكرة باعها نفسه ووقف عليها إحساساته ومشاعره.
الكتب المطبوعة للشاعر:
(1)الشعاع (شعر) 1959م بغداد.
(2)الزوابع (شعر) 1962م بغداد.
(3) أغاني المعركة (شعر) 1966م بيروت.
(4)نفحات قلب (شعر) 1998م بغداد.
(5)شاعر الإسلام (حسان بن ثابت) 1964م القاهرة.
(6)المعجزات المحمدية 1970م بيروت.
(7)ديوان العُشارى (تحقيق بالمشاركة) 1977م بغداد.
(8)تراجم خطاطي بغداد المعاصرين 1977م بيروت.
(9)الرسول في قلوب أصحابه 1979م بغداد.
(10)مدرسة الإمام أبي حنيفة: تاريخها ورجالها 1985م بغداد.
(11)ديوان الأخرس (تحقيق) 1985م بيروت.
(12)الخمينية 1987م عمان.
(13)السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني 1988م القاهرة.
(14)هجرة الخطاطين البغداديين (جزءان) 1989م بغداد.
(15)شعراء الرسول 1990م بغداد.
(16)تاريخ الأعظمية 1999م بغداد.
(17)ديوان عبد الرحمن السويدي (تحقيق بالمشاركة) 2000م بغداد.
(18)أعيان الزمان وجيران النعمان في مقبرة الخيزران 2001م بغداد.
(سلسلة أبطال من الأنصار)
(1)حسان بن ثابت 1979م بغداد.
(2)كعب بن مالك الأنصاري 1979م بغداد.
(3)عبد الله بن رواحة الأنصاري 1979م بغداد.
(4)عباد بن بشر الأنصاري 1979م بغداد.
(5)قتادة بن نعمان الأنصاري 1979م بغداد.
(6)أبو لبابة الأنصاري 1979م بغداد.
(7)سعد بن معاذ الأنصاري 1979م بغداد.
(8)أسيد بن حضير الأنصاري 1979م بغداد.
(9)أبو طلحة الأنصاري 1979م بغداد.
(10)حارثة بن النعمان الأنصاري 1979م بغداد.
(11)عقبة بن عامر الأنصاري 1979م بغداد.
(12)أبو دجانة الأنصاري 1979م بغداد.
(13)ذكريات ومواقف.
(الكتب المخطوطة)
(2)عقود الجمان في محاسن شعراء الزمان لابن الشعار الموصلي (تحقيق بالمشاركة) مخطوط، كتبه بقلمه الخطاط الشاعر وليد الأعظمي 20 من تموز 2000م.
(رسائل جامعية عن الشاعر)
(1)الشاب ناجي محمد ناجي السوري الأصل نال شهادة الماجستير من جامعة الجزيرة بالسودان برسالة عنوانها (وليد الأعظمي حياته وشعره) سنة 2002م.
(2)الشابة سحر عبد الجبار الشريفي نالت شهادة الماجستير من جامعة بغداد كلية العلوم الإسلامية برسالة عنوانها أيضاً (وليد الأعظمي حياته وشعره) سنة 2002م.
وفاته:
وفي مساء يوم السبت الأول من محرم 1425 ه الموافق 22 من فبراير 2004م انطفأ سراج وليد الأعظمي الذي طالما أنار الدنيا من حوله عن عمر يناهز أربعة وسبعين عاماً، وذلك بعد صراع مع المرض استمر أكثر من شهر عقب إصابته بجلطة، وصلّي عليه بمسجد الإمام أبي حنيفة بالأعظمية.
طبت حياً وميتاً أبا خالد، وتقبلك الله في الصالحين.