عبد الخالق فريد شاعر الحب والجمال

كوثر جاسم

عبد الخالق فريد

شاعر الحب والجمال

كوثر جاسم

جاء في كتاب عبدالخالق فريد ، شاعر الحب والجمال ، لمؤلفه الدكتور أحمد مطلوب ، وهو من 197 صفحة ، حجم متوسط ، أن عبدالخالق فريد شاعر تغنى بالحب والجمال خمسين عاماً ، وما زال يغرد وهو في السبعين ، وله ستو عشر ديواناً هي قرة عين له ، وعيون محبيه من الشعراء الذين طارحوه القصائد ، والأدباء الذين بعثوا إليه بالرسائل ، أو كتبوا عنه المقالات .

وعبدالخالق يمثل اتجاهاً شعرياً واضحاً في النصف الثاني من القرن العشرين ، وهو تصوير ما في الوجدان من مشاعر وأحاسيس لم يجد إلى كبتها سبيلاً ، وهكذا كان هذا الشاعر الذي خفق قلبه بالحب وهو صغير ، وتملى ما في الكون من مواقف انغمس في بعضها ، ونأى عن بعضها الآخر ، لأنه خلق ليكون شاعر (الحب والجمال) وهما نعمتان من نعم الله .

وورد في هذا الكتاب أن عبدالخالق فريد كتب عنه الكثير فما من ديوان أصدره إلا وجد صدى عميقاً في نفوس عشاق الشعر الوجداني كأحمد رامي ، وصالح جودة ، وعبداللطيف السحرتي ، وهلال ناجي وغيرهم من المصنفين الذين لا يبخسون الناس أشياءهم ، وقد عبرت المقالات عن دواوينه كلما صدر واحداً منها ، ولم ينظر إلى شعره كله نظرة شاملة ، لأنه لا يزال يعزف على قيثارة الشعر الخالدة .

وما كان لمن عاصره ، وتابع شعره إلا أن ينظر في دواوينه كلها ، ويضم الأشباه والنظائر ليخرج بصورة قريبة من هواجسه ، فكان كتاب (عبدالخالق فريد شاعر الحب والجمال) ، للدكتور أحمد مطلوب ، والذي ضم خمسة فصول :

الفصل الأول : الشاعر ، وقد تعرض لملامح حياته ، وثقافته والشعراء الذين أعجب بهم ، وتسرب شيء من شعرهم إليه .

الفصل الثاني : الإيقاع ، وهو الوزن الذي التزم به كل الالتزام في قصائده ، والقافية التي لم يحطمها كما فعل بعضهم ، وإنما لونها كما فعل بعض الشعراء العظام ومنهم شاعر المهاجر .

الفصل الثالث : اللغة ، وقد تعرض لسمات شعره العامة ، من حيث الصياغة ، والألفاظ ، والصور التي تميز بها بين أقرانه من شعراء الوجدان .

الفصل الرابع : المرأة ، هي هاجسه الذي ظل وفياً له حتى الآن ، إلا فيما عرض له من شؤون الحياة .

الفصل الخامس : الشجون ، جمع شجن بفتح وسكون ـ وهو الشعبة والطريقة ـ ويراد بها في هذا الفصل الموضوعات المختلفة التي سكب فيها روحه ، وذوب قلبه ، فشكا بعد أن أحس بالغربة ، وطرب حينما تحرر العراق ، وتغنى ببغداد والقاهرة وعمان ، وأنشد لفلسطين والجزائر ، وحيا محبيه من الأدباء ، وبكى الراحلين .

عن حياته ، ورد في الكتاب :

بدأ عبدالخالق في سن مبكرة يتطلع إلى الكتب والمجلات ، وينهل منها ، ففي سنة 1944م وكان تلميذاً في المدرسة الشرقية الابتدائية في الحلة بدأ يمد يده إلى مكتبة أخيه أحمد المختار الذي رعاه بعد مقتل أبيه ، ويقرأ القصص والروايات (البوليسية) والمجلات الفكاهية ، ومنها (جريدة حبزبوز) ، وأول قصة أو مجموعة قصصية قرأها (البنادق المسروقة) لمعاون الشرطة صبري عبدالله ، وكان لدى أخيه مجموعة منها ليوزعها على أفراد الشرطة .

وتوسعت مطالعاته عندما شبّ عن الطوق ، فقرأ لسلامة موسى ، وطه حسين ، وتوفيق الحكيم ، ونجيب محفوظ ، وعلي أدهم ، وعلي محمود طه ، وبشارة الخوري (الأخطل الصغير) ومحمود حسن اسماعيل ، وإبراهيم ناجي ، وأحمد رامي ، وصالح جودة ، وإلياس أبي شبكة ، وتأثر بهؤلاء الشعراء الكبار ، وبمن سبقوهم كالمتنبي قديماً ، وأحمد شوقي ، وأحمد شوقي ، وإسماعيل صبري ، وحافظ إبراهيم من المعاصرين .

كان لهذه المطالعات المتنوعة أثر في ميله إلى الشعر الذي بدأ مبكراً ، وكان يحفظ المقطوعات الشعرية المدرسية ، ويرددها مع نفسه ، ويعجب بقصيدة (العندليب) لمعروف الرصافي :

سمعت شعراً للعندليب تلاه فوق الغصن الرطيب

ونشيد حبيب العبيدي :

لحصاها فضل على الشهب وثراها خير من الذهب

الذي ظل ينشد سنوات في الأربعينيات .

وجاء في الكتاب أيضاً أن مدينة الحلة الفيحاء مهدت لإذكاء شاعريته ، ببينتها الجميلة التي تتمثل بهوائها النقي ، ونظافة شوارعها ، وكثرة بساتينها وحدائقها ، التي كانت تمتد على شاطئ الفرات الذي يقبل أطرافها الحانية وينساب معها رقيقاً في أغنية رائعة رددها الزمان قروناً .

في هذه المدينة الحالمة لامس الحب قلبه أول مرة وعزف عليه لحنه الخالد ، وكانت فاتنته طفلة تصغره بثلاث سنوات يسكن أهلها مقابل بيتهم .

تحرك الشعر في قلبه وفي عام 1949م نظم أول قصيدة من الشعر الحر بعنوان (وادي العبيد) وأرسلها إلى الملحق الأدبي لجريدة (الأهالي) ولم تنشرها ، ولم تشر إليها .

خطا عبدالخالق بصدور ديوانه (نداء الأعماق) أولى خطواته في الأفق الشعري ، وقد تناوله النقاد والأدباء بالتنويه والدراسة .

وكانت الانطلاقة الكبرى في مسيرته الشعرية حين سافر إلى القاهرة في نيسان 1964م عن طريق بيروت التي أمضى فيها عدة أيام التقى فيها بعض الأدباء والشعراء الكبار .

ونشرت (مجلة الهلال) القاهرية في عدد شباط 2011م عن الكتاب ما يأتي :

الشاعر العراقي (عبدالخالق فريد) أحد أبرز شعراء الرومانسية العرب المعاصرين وقد أصدر العديد من دواوين الشعر التي اتسمت بالعذوبة والرقة والأصالة ، تغنى فيها ببدائع الحسن وروائع الجمال بصورة تذكرنا بأقطاب هذا اللون مثل علي محمود طه وإبراهيم ناجي وصالح جودت وحافظ جميل وغيرهم .

ويجيء هذا الكتاب للناقد الكبير أحمد مطلوب عضو المجمع العملي العراقي والأمين العام ليقدم لنا في دراسة موضوعية جادة سيرة شاعرنا وملامح شعره الوجداني من خلال خمسة فصول تناول فيها ملامح سيرته وثقافته وسمات شعره وكيف أوقف شعره على التغني بجمال المرأة وما سادها من شجون ولكن ذلك لم يمنعه من أن يتفاعل مع قضايا وطنه العراقي وقضايا الأمة العربية ، ومدى ما يتمتع به من وفاء لأصدقائه ومحبيه ، إنه كتاب جيد لناقد كبير عن شاعر عربي حساس يستحق المزيد من التكريم والدراسات النقدية لسيرته وشعره الأصيل.

               

* من كتاب : رفيق عمري للدكتورة خديجة الحديثي