محبرة الخليقة (36)
تحليل ديوان "المحبرة"
للمبدع الكبير "جوزف حرب"
د. حسين سرمك حسن
ملاحظة : حلقات من كتاب للكاتب سوف يصدر عن دار ضفاف (الشارقة/بغداد) قريباً .
ومن كل أرجاء المعمورة يأتيك الشاعر بطرق تعذيب موثقة ممهورة يفعل الشعر فعله في جعلها تخترق أعمق طبقات النفس ، لتخلق رعدة تجتاح كياننا كلّه ، ونحن نرى ما يفعله الإنسان حين يمتلك صلاحيات وإمكانات وموقع جلّاد ، ويصبح رفيقه الإنسان الأعزل البائس في موقع الضحية . فمن أجل القيصر يُربط المساجين إلى عجلات العربات وكأنهم إطارات عجلات إضافية .. يُلفّون مع العجلات ، ويقود القيصر العجلة ، فتتكسر عظام المساجين وتتفتت . وما سيحيرّك أكثر هو هتاف الناس المحايدين تحية للقيصر ، في الوقت الذي تبكي فيها حتى الخيول الرعناء :
( تجري خيلُ القيصرِ
كالمجنونهْ ،
تجري باكيةً ،
داميةَ الأنفاسْ ،
والناسُ :
"عاش القيصرْ
عاشَ القيصرْ . "
وعظامُ مساجينِ العجلاتِ المعجونينَ
كطينٍ
أحمرْ ،
تتكسّرْ . – ص 1010 و1011) .
أمّا في أرض بابل ، أرض الأحمر والاسود منذ فجر خليقتها ، فالتعذيب متفرّد فيها كالعادة ، حيث يحبس المتهم بين قاربين يُلصقان ويبرز منهما راسه وساعداه وساقاه ويدهنونه بالحليب والعسل لتأكله الدبابير والذباب والنحل والعقارب (نصّ "القارب البابلي" – ص 1013 – 1015) .
وفي كلّ طرق التعذيب هذه وغيرها مما يذكره الشاعر ، أو مما تستطيع مطالعته في موسوعات التعذيب (تصوّر صار الإنسان يُصدر موسوعات للتعذيب!) ، ستجد هذا القاسم المشترك المتمثل باللعب على أوتار الزمن . عدم منح الضحية اية فرصة للموت السريع . يستطيع الجلاد القاتل أن يقتل الضحية أو يعدمها فوراً ، لكنه يتفنن في تأخير تنفيذ الحكم وفي تجريعه مرارات كأس الموت ، وكأنه يضعه في حالة "طلق" مستمرة أو متناوبة بينها فترات استراحة قصيرة وموجزة تضمن استرداد الأنفاس وعدم موت الضحية . تصوّر أن بعض الأنظمة الشمولية كانت تستعين بطبيب يقوم بفحص الضحية ليحدد للجلاد حالتها ، ومتى يتوقّف عن تعذيبها خشية الموت ، ومتى يعود لتعذيبها بلياقة بدنية كافية . حتى ملائكة الرحمة ؟!
نعم .. حتى ملائكة الرحمة :
( سلّم اللواء "عبيد حامد مهاوش" نفسه طوعيا إلى السلطات العسكرية الأمريكية في بغداد ؛ إلا أنه توفي بعد ستة عشر يوما نتيجة التعذيب ، في السادس والعشرين من تشرين الثاني 2003 . الرقيب "برنارد بري" القائد المسؤول عن الطاقم الطبي في سجن أبي غريب والطبيبة "آن روسينغول" شهدا بأنه عند قبول اللواء مهاوش أجريت له مقابلة طبية سريعة وغير مسجلة في الوثائق من قبل مختص طبي . شهادة المحكمة تقول إنه قد تعرض بشكل متكرر للضرب بالقبضات ، والخراطيم والعصي وأعقاب البنادق وتحت إشراف وكالة الاستخبارات الأمريكية والقوات الخاصة والجيش . كُسرت ستة أضلاع فيه . بعد ذلك وُضع مهاوش ورأسه للأسفل في كيس نوم ولُف بسلك كهربائي يبلغ طوله ستة أمتار . جثم جندي فوق صدر مهاوش ووضع يديه على رأس مهاوش ومن ثم نهض . بعد عدة دقائق ، وجد مهاوش ميتا . استدعي الرقيب بيري إلى غرفة الاستجواب وشارك لفترة قصيرة بقية الطاقم في محاولة الإنعاش . شهدت الطبيبة روسينغول بأنها هي والأطباء قاموا بإنعاش الضحية لما يقارب الساعة . ضابط الصف المسؤول عن التحقيق أخبر الطبيبة بأن مهاوش كان يُستجوب ، فقد السيطرة على بوله وانهار عند محاكمته أمام الجنود ، لم تُسأل الطبيبة هل رأت الكدمات المنتشرة على ذراعيه وساقيه ورأسه ورقبته وحوضه والمنطقة الأمامية والخلفية من جذعه ، أو الإحمرار الوجهي المشير إلى الاختناق ، والتي كانت جميعها واضحة بسهولة أمام المحققين الموجودين في موقع الحدث ، ولطبيب التشريح المرضي الشرعي ، الدكتور مايكل سمث ، الذي قام بفحص الجثة . رأي الدكتورة روسينغول هو : (قال مهاوش بأنه لا يشعر بأنه على ما يرام وبعد ذلك فقد وعيه . لاحظ الجنود الذين يحققون معه غياب النبض ، ثم قاموا بتطبيق الإنعاش واستدعوا السلطات الطبية . حسب رأي جرّاح في موقع الحدث ، يبدو أن مهاوش توفي لأسباب طبيعية ) .
بعد أسبوع من وفاته ، وجد تشريح الجثة كدمات واسعة الإنتشار ، وتوصّل الأطباء إلى أن مهاوش قد توفي نتيجة اختناق بسبب الغطاء والانضغاط الصدري . أوقف مكتب الفحص الطبي للقوات المسلحة شهادة الوفاة حتى آيار 2004 ، وتم إعلان نتائج التشريح في نيسان 2005 !! . هذا التسلسل الذي يتضمن إعلان البنتاغون الكاذب " بالموت لأسباب طبيعية " ، والإذعان الصامت من قبل مكتب الفحص الطبي للقوات المسلحة ، وتأخير تحرير شهادات الوفاة ، يُظهر بأن جريمة القتل ربما هي مستمرة لتشمل حالات أخرى . على هذا المنوال الوثائقي والعملي التفصيلي يكشف الدكتور " ستيفن هـ . مايلز " في كتابه : " خيانة القسم : التعذيب والتواطؤ الطبي والحرب على الإرهاب " والذي ترجمته " فايزة المنجد " وأصدرته الدار العربية للعلوم – ناشرون ، حقائق دامغة تكشف كذب الإدارة الأمريكية بأكملها من رئيسها بوش ونائبه ووزير دفاعه رامسفيلد والبنتاغون والكونغرس ووزارة الدفاع ... إلخ حول ما أعلنوه من أن التعذيب الوحشي في أبي غريب ارتكبته بعض "التفاحات الفاسدة" التي لا تخلو منها أية سلّة . يثبت الدكتور مايلز أن أوامر التعذيب جاءت من بوش ورامسفيلد وقادة القوات الأمريكية في العراق مثل ريكاردو سانشيز ( الذي يقول : لماذا نعتقل هؤلاء الأشخاص ؟ يجب علينا قتلهم ) ، وكذلك الآتي من غوانتنامو ليصوغ أبو غريب على منوال الأول " جيفري ميللر " الذي قال للجنرال كاربنسكي حين وصوله : ( يتوجب عليك معاملة هؤلاء المعتقلين كالكلاب ! ) . حتى وزير الدفاع السابق " شليسنجر " يكلف بالتحقيق في فاجعة أبي غريب فيكتب تقريرا كاذبا ومضللا بلا حياء . حتى البنتاغون يكتب (95) عضوا منه رسالة تأييد للمقدم "ويست" الذي عذّب السجين العراقي "يحيى حمودي" وقتله ، برغم ثبوت جريمته وتسريحه من الخدمة ويقيمون دعوات العشاء له !! . مؤسسة وحشية وفاسدة يحاول ، وللأسف بعض الكتاب العراقيين والعرب تلميع صورتها والإدعاء بأن الجيش الأمريكي لا يُعذّب . صور وأسماء ووثائق وشهادات وفاة ووقائع تثبت ليس وحشية العسكريين الأمريكيين في تعذيب المعتقلين حسب ، ولكن خيانة أفراد الطاقم الطبي الأمريكي لشرف قسمهم الطبي . يقول الكاتب : ( لقد تعاون الإخصائيون الطبيون الأمريكيون مع جميع مراحل الاستجواب الإجباري في العراق وغوانتنامو وأفغانستان . قدم البعض منهم معلومات من السجلات الطبية والمقابلات السريرية ، والفحوصات الطبية للمحققين لاستخدامها في وضع خطط للاستجواب . عمل بعضهم مع أو ضمن الفرق الاستشارية لعلماء السلوك والتي توصي بتحطيم السجناء . راقب بعض الأطباء التحقيقات للسيطرة على التقنيات ذات الخطر الكبير على الصحة ) (67) .
عودة :
وفي روما أيضاً يُشوى فتىً حيّاً ، ارتاد دار بغاء ، وأعطى البغي قطعة نقدٍ عليها صورة القيصر (نصّ"روما" – ص 1017 و1019) (ولاحظ أن بعض البلدان العربية الشمولية المسلمة تعاقب المواطن الذي يشتم الرئيس أو الملك بعقوبة أقسى من عقوبة الكفر بالله !) .. وفي الجيش التركي وقت مذابح الأرمن الشنيعة ، كان الجندي التركي يصنع مسبحة له طويلة حمراء :
( يُخرجُ من صدرِ النساءِ الأرمنيّاتِ
النهودَ ، ثمّ حين يرتوي منها ،
وتغدو
ورِمهْ ،
يقطعُ
منها الحلَمَهْ . – ص 1023) (نصّ "سبحة") .
أمّا طريقة التعذيب في قصيدة "الصندوق" (ص 1025 – 1027) التي يوضع فيها الضحيّة على خازوق بوضع القرفصاء ويغلق عليه صندوق حديدي تحاصره فيه المسامير الطويلة من جهاته الست ، فتذكرني بطريقة استخدمها قسس محاكم التفتيش ضد العرب المسلمين في الأندلس . وهي حسب شهادة ضابط فرنسي عثر عليها وثبتها في مذكراته :
(وعثرنا على آلة تعذيب ثالثة تُسمى "السيدة الجميلة" ، وهي عبارة عن تابوت تنام فيه صورة امرأة جميلة مرسومة على هيئة الإستعداد لعناق من ينام معها ، وقد برزت من جوانبها عدة سكاكين حادة ، وكانوا يطرحون المعذَّب الشاب فوق هذه الصورة ، ويُطبقون عليه باب التابوت بسكاكينه – بعنف – فتمزّق السكاكين جسم الشاب وتقطّعه إربا إربا) (68) .
وهكذا يتفنّن الإنسان في ابتكار الوسائل والطرق والأدوات التي يعذّب فيها وبها أخاه الإنسان .. من هولندا (نصّ "سكرٌ ونبيذ" – ص 1029 – 1031) حيث يجلد الضحية بسياط مسننة ثم يرش الملح على جراحه .. فبولندا (نصّ "سلّة الفاكهة" – ص 1033 – 1035) حيث يُسلخ طفلٌ حيّاً ويُقطّع وتقدّم أعضاؤه الطريّة الغضّة في سلّة فاكهة للمدعوّين . ولاحظ هنا الوصق "الجمالي" لعمليّة تقطيع جسد الطفل ونتائجها :
( ويُقطّع :
ساعدهُ موز . أطرافُ أصابعهِ
عنبٌ . قدماهُ إجاص . عيناهُ الكرزُ
الأسودُ . أمّا الرأسُ
فكوزٌ
من رمّانْ . – ص 1034) .
.. ثم روما ثالثة – والقياصرة في كل مكان – (نصّ "دخل القيصر" – ص 1037- 1039) .. فزنازين محاكم التفتيش في الكثير من البلدان الأوروبية حيث يتم التعذيب بـ "أدوات الله" (نصّ "أدوات الله" – ص 1045 – 1047) حيث يشرف على تعذيب الضحايا "كهّان" الرحمة .
لكن لا بدّ من رجفةِ روح يستنهضها الأمل حتى ولو عن طريق القلق على المصير الشخصي للشاعر . يتدخل الشاعر في نصّ "غمامة المحبرة" الذي أشرتُ إليه سابقاً عن الضحية الصينية التي قلتُ أنهم قطّعوها بسبب تهمة نبيلة مشرّفة .. فالضحية "شاعر" مقاوم قطع الجلّادون يده اليمنى ، ثم خافوا أن يكتب باليسرى ، فقطعوها ايضاً .. ثم بدأو بتقطيع كل عضوٍ من جسمه يمكن أن يستخدمه لـ "توصيل" رسالة شعره . وعلى الرغم من مجزرة التقطيع البشعة هذه شعروا بالمأزق الذي لا يُحلّ مع الشاعر : (قالوا : "لن نعرفَ رَغمَ التعذيبِ بماذا سيفكّرْ . ") . وهذا مأزق الجلّادين في محاولتهم تقطيع جسد الإبداع ، وهذا سرّ كرههم للإبداع ، بل خشيتهم من المبدعين – عندنا لا يدرك المبدع أنه يخيف ! - هذه الخشية التي يضطلع جوزف حرب بالتذكير بها في ملحمته هذه . إنها الخشية التي رحلت في ثقافتنا العربية ، وصار الجلادون من رؤساء وملوك ومدراء أمن ورؤساء مخابرات قتلة يعقدون الصداقات مع أكثر الشعراء نضالية وروحا مقاومة ، ويضعون دواوين شعر مظفر النواب وأمل دنقل وأحمد مطر قرب أسرّة نومهم كي يقرأوا شيئا منها قبل النوم كما يقول أحد النقّاد ، وهي حقيقة !! والمفارقة الكبرى هي أن الجلادين أنفسهم بدأوا بكتابة الشعر . ما الذي يجري في هذه الدنيا ؟! تصوّر جلّاداً خنزيرا مثل "رامسفيلد" حارق بغداد وسفّاح أبي غريب ، شاعر ، ولديه مجموعة شعرية !! لكن جوزف حرب يذكّر ، وستنفع الذكرى حتماً . على الأقل في تعزيز الغلّ المشروع ، وتأجيج الحقد المقدّس ضد الطغاة والجلادين . إقرأ هذه الحادثة التي صوّرها في قصيدته ، وهي "منثورة" في كتاب عن التعذيب أو التاريخ ، وقارنها بترجمة جوزف وصياغته لها شعرا ، والأهم ما أضافه إليها من روحه ، ستجد فارق التأثير شاسعاً . هناك ، يقول لك "الخبر/ الحكاية" أن السلطات ألقت القبض على شاعر مطارد وعذّبته ببشاعة فقطعت يديه ورجليه وسملت عينيه ، وثقبت أذنيه .. ثم أحرقته . وهو خبر فاجع ومؤثّر جدّاً ، لكنه لا يهتمّ بـ "الجزئيات" ، وهي روح الشعر ، وأخطر ما في عملية تأثيره في النفس البشرية . تصوير انفعالات الجلّاد والضحية في عملية التعذيب وبعد الحرق . كتابة حياة أخرى بعد الموت وهذا ما أدركه جوزف حرب بقوة حتى أنه أهدى ملحمته كلّها إلى الموت . الخبر/ الحكاية يكتفي بالعلاقة المتقلّبة "الميكانيكية" بين الطرفين ، عدوان الجلاد وقسوته ، وآلام الضحية وعذاباتها المتوقّعة في أي علاقة من هذا النوع . ليس من مسؤوليتها مستقبل المصائر بعد الموت ، ولا كيف سيفكّر القاتل أو هل ستراوده الكوابيس حين ينام ، ولا ردّة فعل أمّ الضحية أو حبيبته أو أبنائه ، ولا – وهذا هو الأهم – ما يجري في عوالمهم الباطنية ، وبهذا تتحرّش الرواية بالشعر . والشاعر المقطّع الجسد ، صورة الإله دموزي الإين القتيل الذي تُقطّع الخنازير جسده ، ويتكرّر في كل العصور والحضارات ، يتحوّل إلى "رحم" كلمات ناقمة .. إلى رحم رؤيا .. إلى "محبرة" ، تصبح غيمة ، تبرق ، وترعد ، وتمطر شرراً يحرق الجلّادين :
( لكنْ
لمّا وقدوهْ ،
طار به دمُهُ . طافوا الأرضَ
عدا ما فيها من حبرٍ ،
ولهذا ،
لم يجدوهْ .
عادوا .
فراوا في الأفقِ غمامةَ
محبرةٍ ، لمع البرقُ فصاروا عُمياناً ،
وارتجّ الرعدُ
فما
نطقوا .
لمّا
أمطرتِ المحبرةُ
احترقوا . – ص 998 و999) .
ولا يستطيع أي مؤرّخ ، وليس من واجباته ولا إمكاناته ، أن يصوّر انفعال الحاكم المستبد الداخلي ، وهو يشاهد تقطيع جسد ضحيّنه على أيدي جلّاديه المسعورين ، ولا يمكن أن يمتلك القدرة على الغوص في نفس الطاغية للإمساك بتداعياتها التي تثيرها عمليات بتر أعضاء الفرد المقاوم أمام عينيه ، ساخراً من مصيره ، ومرتعداً من صبره . هذه القدرة الكلّية للفكر والرغبة من خصائص روح الشاعر وإمكاناتها السحريّة . ما أقصده هنا هو قصيدة (يا "بابك") التي وضعها جوزف ضمن قسم "الحرب" ، وهي نص أصيل في التعذيب . فقد ألقى الأفشين قائد جيش المعتصم القبض على بابك الخرمي بعد عشرين عاماً من الثورة والتمرّد ، وأرسله إلى المعتصم الذي طلب من سيّاف بابك نفسه أن يقطع يديه ثم رجليه ويشق بطنه ثم يقطع رأسه ، ويصلب جسده في سامراء . يا أخي لماذا لا يقتله مرة واحدة وينهي الأمر ؟
جعل الشاعرُ الخليفةَ الجلّادَ يشهد تقطيع أعضاء بابك ويلاحظ تحمّله ، وكيف أن كل علامة من علامات شموخ بابك ومقاومته كانت تتهاوى تحت ضربات السيّاف . كان يرفض أن يركع فقطع السياف قدميه .. فركع . الخليفة الجلاد يراقب تحطّم صخرة صبر الضحية ، ولكنه من دون أن يدري تفلت منه "زلّة" وصف تشي برعبه وانخذاله أمام صبر الضحية "المذهل" :
( ولتخفي صفرةَ وجهكَ ، رحتَ تمسّحُ
وجهكَ بالدمِ . إنّي أتأملُ كيفَ تخورُ قواكَ .
واضحكُ ،
اضحكُ ،
حتى
تُكملْ
في موتكَ
هذا الصبرَ المذهلْ . "المتوكّل" . – ص 937 ) .
معلومة تاريخية خاطئة :
ومن المعروف تأريخياً أنّ بابك الخرمي قد أنشب ثورته في وقت المأمون ، ثم صلب على يدي المعتصم ، وليس على يدي "المتوكّل" كما أشار الشاعر .
مفارقات تاريخية وإبداعية :
مدح أبو تمام الشاعر المعتصم على قتله لبابك .. فهل شهد طريقة تقطيع أطرافه وشقّ بطنه وقطع رأسه وصلبه ؟ .. يا لقلوب هؤلاء الشعراء ! .. أليس من حقّنا أن نطالب جوزف حرب أن يتحدّث عن بعض الشعراء "التافهين" على غرار الفلاسفة والعلماء "التافهين" الذين تحدّث عنهم في قسم "الحرب" ممن زيّفوا قيم الحياة النبيلة وخربوا طبيعتها ؟
صار إبن بابك الخرمي (أبو القاسم) بع صلب أبيه ، شاعراً يمدح الخلفاء والأمراء .. وله ديوان شعر .
الأفشين ، الذي أنقذ الخلافة العباسية من ثورة بابك وأسَرَه ، صلبه المعتصم كما صلب بابك.